• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : حوار هادئ مع السيد عمار الحكيم .
                          • الكاتب : اياد السماوي .

حوار هادئ مع السيد عمار الحكيم

 في خطبته لصلاة العيد أعرب السيد عمار الحكيم رئيس المجلس الأعلى الإسلامي عن ترحيبه بحكومة الأغلبية السياسية التي تمثل جميع المكونات الاجتماعية في البلد , كذلك تأيده لتعديل الدستور ضمن السياقات الدستورية .

وقبل الدخول في هذا الحوار مع السيد عمار الحكيم لا بدّ من توضيح مفهوم المكونات الاجتماعية , فهذا المفهوم لم يكن متداولا في الحياة السياسية قبل سقوط النظام الديكتاتوري في العراق , وقد برز هذا المفهوم بقوة بعد سقوط هذا النظام كرد فعل لسياسة التمييز الطائفي التي مارستها الحكومات التي تعاقبت على حكم العراق منذ تأسيس الدولة العراقية الحديثة وحتى سقوط نظام البعث الفاشي وذلك من خلال مبدأ الدولة المتمذهبة التي قامت عليه الدولة العراقية الحديثة .
وقد لعبت الأحزاب الإسلامية الشيعية والأحزاب القومية الكردية دورا كبيرا في تكريس و ترسيخ هذا المفهوم بعد سقوط النظام البعثي في العراق , وأصبح الشعب العراقي وفق هذا المفهوم الجديد مقسما إلى ثلاث مكونات اجتماعية رئيسية هم الشيعة والسنة والأكراد .
وعلى ضوء هذا التقسيم الجديد للشعب العراقي تمّت كتابة الدستور العراقي الجديد الذي كرّس هذا التقسيم , وعلى أساس هذا الدستور تمّ بناء العملية السياسية الجارية في البلد والقائمة على أساس المحاصصات بين هذه المكونات القومية والطائفية . 
لكن العملية السياسية التي قامت على هذه المحاصصات فشلت فشلا ذريعا في بناء دولة القانون والمؤسسات وفشل معها هذا الدستور الذي أريد له أن يكون غطاءا لهذه المحاصصات , في أن يكون دستورا يجمع العراقيين ويوحدهم لبناء نظامهم الديمقراطي الجديد . 
فالمحاصصات القومية والطائفية مزّقت النسيج الاجتماعي العراقي وباعدت بين مكوناته الاجتماعية وأرست أسسا جديدة للحكم لم يألفها الشعب العراقي من قبل و ساعدت على تنامي روح الإنفصال لدى شعبنا الكردي وذلك من خلال الممارسات التي تمارسها حكومة إقليم كردستان والأحزاب القومية الكردية الإنقصالية , وساعدت ايضا على تفشي الفساد المالي والإداري في أجهزة الدولة ومؤسساتها , وساهمت بشكل مباشر قي سرقة وتبديد موارد البلد .
فلا غرابة أن يعترف رئيس الحكومة نوري المالكي بهذه الحقيقة عندما قال (( إن الحكومة الحالية والدستور العراقي قد بنيا على اساس قومي وطائفي وإن الدستور قد تضمن ألغاما وليس حقوقا )) . 
والملفت للأمر أن جميع الأحزاب والقوى السياسية الحاكمة قد أقرّت بعجز وفشل حكومة الوحدة الوطنية السابقة والتي هي التجسيد العملي لمبدأ المحاصصات القومية والطائفية , وتعهدت في برامجها الانتخابية الماضية بعدم العودة لهذه المحاصصات تحت أي ظرف . 
ولكن هذه التعهدات التي قطعتها هذه القوى السياسية على نفسها ذهبت أدراج الرياح بعد ظهور نتائج الانتخابات البرلمانية الأخيرة وبدأت تعزف على نغمة أهمية وضرورة الشراكة الوطنية لمكونات الشعب العراقي  في الحكم , أي ضرورة العودة لنظام المحاصصات سيء الذكر باعتباره ضرورة لا مناص منها في هذا الظرف , حيث كان السيد عمار الحكيم أول من دعى لهذه الشراكة واول من نظرّ إليها , والحقيقة أن دعوة السيد عمار الحكيم لهذه الشراكة لم تكن نابعة من ضرورات المصلحة الوطنية , وإنما بسبب فشلة في إقصاء نوري المالكي بتشكيل الحكومة القادمة وعدم تمكن حزبه من تحقيق نتائج في الانتخابات البرلمانية تمكنه من أن يلعب دورا اساسيا ومحوريا في تشكيل هذه الحكومة . 
وفي الوقت الذي كانت فيه رغبة العراقيين تتجه لتشكيل حكومة أغلبية سياسية تضع حدا للمحاصصات والفساد , نجح السيد عمار الحكيم في تشتيت هذه الرغبة والعودة إلى المربع الأول مربع المحاصصات القومية والطائفية التي أقرّ بها رئيس الحكومة نوري المالكي . 
واليوم يعترف السيد عمار الحكيم بفشل حكومة الشراكة الوطنية التي نظرّ إليها ويدعوا إلى حكومة أغلبية سياسية , لكن دعوته هذه جاءت مشوشة ومبهمة , فهو من جانب يدعو لحكومة أغلبية سياسية ومن جانب آخر يدعو إلى أن تكون هذه الحكومة تمثل كل المكونات الاجتماعيىة بمعنى العودة إلى نظرية تمثيل المكونات في الحكم . 
ونحن نقول للسيد عمار الحكيم إن الذي يدعو لحكومة أغلبية سياسية عليه أولا أن يتخلى عن نظرية تمثيل المكونات في الحكم وأن يؤمن بأن الشعب العراقي هو نسيج واحد وجسد واحد بكل مكوناته الأثنية والقومية والحكم فيه لمن يحصل على ثقة هذا الشعب بغض النظر عن قوميته ودينه ومذهبه . 
إن دعوة السيد عمار الحكيم لتعديل الدستور وفق السياقات الدستورية هي دعوة شبه مستحيلة إن لم تكن مستحيلة , فالسيد عمار يعي أكثر من غيره هذه الحقيقة والألغام التي تمّ زرعها في هذا الدستور لا يمكن إزالتها وفق هذه السياقات الدستورية , والدعوة الوحيدة الممكنة للخلاص من هذا الدستور المملوء بالإلغام هي دعوة الشعب العراقي للمطالبة بإلغاء هذا الدستور وإعادة كتابته من جديد بما يضمن صيانة وحدة هذا البلد أرضا وشعبا ويضمن للشعب العراقي حريته وكرامته . 
والذي يطالب باحترام هذا الدستور الكارثة لا يمكن أن يكون جادا وصادقا في دعوته لتدارك هذا البلاء الذي زرع في هذا الدستور , وعلى السيد عمار أن يدرك إن التعديل الذي يطالب به هو أمرا مستحيلا وعليه أن يكون شجاعا كالسيد المالكي ويعترف بالكارثة التي تسببت بها أحزابهم الإسلامية . 
الدنمارك 
aiad.alsamawi@gmail.com 

كافة التعليقات (عدد : 1)


• (1) - كتب : طالب رضا ال محمد من : العراق ، بعنوان : القران واحد في 2011/09/02 .

بسم الله الرحمن الرحيم
الصلاة والسلام على محمد واله الطاهرين
عزيزي السماوي
الدستور العراقي وغيره ليس قرانا حتى يكون خاليا من الاخطاء او (الالغام)
وهذا دليل على فشل البشر عندما يحاولون ان يضعوا دستورا غير القران دستور الله تعالى فهو الخالق وهو اعرف بالانسان ووووو...الخ
والاحزاب هذه ليست اسلامية بالمعنى بل هي تدعي ذلك وربما حتى هي بالظاهر بعيدة عن الاسلام.
فهي تحكم مصالحها الحزبية (وكل حزب بما لديهم فرحون) وكان البلد ملك لحزبهم وافراده.
وحتى هذا الدستور هم اول من ضربه عرض الحائط وخالفه, ولاننسى سماحة
السيد المالكي ومخالفته العلنية لهذا الدستور لعدة مرات فالرجل هو القائد الضرورة اليوم.





  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=9224
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2011 / 09 / 01
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29