• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : مشهديّة تتجلَّى طبقًا إبداعيًّا! .
                          • الكاتب : عماد يونس فغالي .

مشهديّة تتجلَّى طبقًا إبداعيًّا!

لفتت صاحبَ المقدّمة كتابةُ الرواية بشخصيّتين فقط، شدّت القارئ تشويقًا حتى آخر كلمة من النصّ دون تمكّن من توقّف! وقرأ صاحب المقدّمة، هذا الناقد الأدبيّ الكبير، ما يلقاه كلّ قارئٍ كاتبنا في "الدرس الأخير". شخصيّتان، بطلتان. لكنّ السياق لا يخلو من أشخاصٍ لم يعودوا ههنا، يحضرون في المشهديّة على امتداد النصّ، يُشعركَ التتابع السرديّ أنّهم لا فاعلون وحسب، بل حاضرون في زمن الأحداث!

شخصيّتان، ومشهديّة حواريّة. هكذا أسمى الكاتب نصّه. طبعًا، فليس التتابع حوارًا كلاميًّا، بقدر ما هو تفاعلٌ حيّ، بين أشخاصٍ وإيديولوجيّات، تنتقل من نمط تفكيرٍ إلى آخر. فالفكر الفلسفيّ كامنٌ على كلّ المستويات، الإيمانيّ والملحد. السالك في الأدبيّات الأخلاقيّة والمنحرف... 

أمّا الأمانة فطاغيةٌ حاسمة. الأمانة للإنسان الذي طبع الشخصيّة المؤمنة، المتعلّقة بالقيم الدينيّة والأخلاقيَّة والتربويّة. أمانة تتخطّى الزمن تصل إلى التواصل المستمرّ مع العابرين ههنا إلى ما استطاع الكاتب إثباته عالم خلود. ومن تلك الكائنات التي طبعت، يستقي بطلا الرواية على مرّ الحياة، هواءَ بقائهما المعتقديّ. ويشهدان له!

يميل الكاتب إلى إظهار ستيڤن بطلاً يطغى على كاتالينا. لكأنّه يعكسُ غلبةَ شخصه المؤمن على ما تظهره شخصيّة كاتالينا الهازئة بوجود الله والمناهج القيميّة في المجتمع... وعلى أنّ هذه الأخيرة تمثّل شريحةً من الناس، رجالاً ونساءً، تهيمن اليوم على مجتمعاتنا وتكوّن قناعةً تجد لها مكانًا رحبًا بين الناس، فإنّ السياق يصوّرها ضعيفةً، غَيْرَ مقنعة. جلّ ما يظهر منها لوحةٌ باهتةُ الألوان من درْكٍ باتَ مبتذلاً...

في الواقع، لا تملّ من سياقٍ مختلف. سمْعته لو أخبرتَ، تقلقكَ... ظنًّا أنّ الحوار لا يشدّك! أمّا حال الشخصيّتين والمضمون فتقليديّان. مؤمنٌ ومتفلّتة، يتحاوران في مسلكهما الحياتيّ، ويحاول الواحد جذبَ الآخر إليه... 

 وَلَكِنْ أين أنتَ من ملل؟ تنساق مع البطلين انسيابًا حتى الاسترخاء في المطالعة، لتطالعكَ تبنّياتُ موقفٍ تتخذه لَكَ! قد تكون في صفّ واحد، دونما معاداة الآخر. وهذا سرّ السرد الداخل في الحوار تزواجًا نمطيًّا شائقًا!

ويبقى سؤالٌ: ما كان الدرس الأخير؟ ولَكَ في اتّباع المشهديّة الحواريّة ههنا، أن تجيبَ وفقَ تفاعلاتكَ مع النصّ. ويكون الدرسُ لَكَ أمثولةً تتخذها إذا أردت. وإلاّ لَكَ مطلق اختيار! ذَلِكَ أنّكَ تجد نفسكَ مقحَمًا بين الشخصيّات كلّها، واحدًا منها، لَكَ رأيٌ تبديه وموقفٌ تطرحه... حتى تخال نفسكَ في مكان، تلقِّن أنتَ الدرسَ الأخير...

أَيُّهَا الكاتب المميّز، يا فغاليًّا لَكَ مع الكلمة علاقة الإنسان، ما أحيلاكَ تقدّم لنا طبقًا حلوَ المذاق من راقي التواصل الاجتماعيّ والشخصيّ، والتفاعل القيميّ على اختلافاته... فنغتذي من خبرةٍ تتجلَّى إبداعًا أدبيًّا ما أطيبه!




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=92335
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2017 / 04 / 17
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 20