من غير الممكن أن يستغيث السارق والمسروق بالله ,ويصرخ القاتل والمقتول يا الله ,ويقول الفاسد والنزيه يا الله ,والمفسد والمصلح كل منهم له رؤيته لرسالته التي يحملها في تصحيح المسار لأمته بأسم الله ,الجاني والمجني عليه يطلبون عون الله ,البريء والمذنب يوكلون أمورهم لله ,والمحسن والمسيء أجرهم على الله ,الكذاب والصادق يحلفون بالله ,والمثابر المجتهد بعمله والمتقاعس المتململ أيضاً يقولون يا الله ,والذي يحمي حرمات الناس من الانتهاك ويسهر على حماية الأرواح ويقدم الدماء لأنه مؤمن بأن الله سيجزيه خيراً على ما قدمه ,وهنالك من يسلب وينتهك الأعراض ويقتل على الشبهة والظن ويأخذ النساء والأطفال سبايا يبيعهن بسوق النخاسة وهو مؤمن بأن هذه الأفعال المشينة الحقيرة الوحشية والتي هي في نظره أعمال حسنة تقربه الى الله ولرسوله ,وهناك من يفتي بعدم قتل النفس التي حرمها الله والالتزام بوصايا الرسول (ص) في المعارك هو لديه الحجة بأن الخالق خلق الإنسان وكرمه عن سائر المخلوقات ,وهناك من يفتي بأن القتل وإباحة الدماء والتمثيل بالمقتول وسيلة مثلى للتقرب لله والفوز بالجنة وحور العين .
فيقول لي أحدهم : الله كريم .
فقلت له : كلامكم غير دقيق وخطأ ,لأن الله جل جلاله كريم مع كرماء النفس الطاهرة ,ومع الحق والصدق والعدل المتحقق في حفظ كرامة الإنسان ,الله مع كل فعلٍ فيه الصلاح والإصلاح وتحقيق النجاح بما يؤمن حياة كريمة تتناسب مع قيمة الإنسان,ومع نوايا السرائر الحسنة الصادقة التي تبتغي وجهه الكريم ,أن في خلط المفاهيم عشوائية للأفكار ووضع الناس في خانة تلاطم أمواج رؤاهم ,الله ارحم من قلب الأم الحنونة بعباده إذا كانت عباده تقوم بالرحمة فيما بينهم فأنه بلا شك سيضفي علينا ألطافه الكريمة بأن تحرسنا ,وتسدد خطانا,فالجنة مكان لا يمكن أن يضم فاسداً ونزيهاً وقاتلاً ومقتولاً ,أنها مكان للذين صدقوا مع الله ومع أنفسهم ,أنها الوطن الجميل الذي يسعى اليه المرء من خلال رصيد أفعاله وسلوكه الحسنة المتجسدة على أرض الواقع بالمنفعة للناس وتقديم العون والمساعدة لهم وبما يشعر ويحس بأن أي فعلٍ هو فيه خيراً يقدم الخير للإنسانية .
يُحكي أن رجلٍ فقير طلب من أحد الأنبياء أن يدعو له عن الله بالرزق فدعا اليه عند الباري بأن يرزقه من رزقه ,فأخبره الله : أن هنالك (15) سنة رزق له ,و(15) سنة قحط ,وعليه الاختيار من بينهما ,فطلب الرجل (15) سنة الرزق ,فرزقه وأفاض الباري عليه من بركاته ,فقام الرجل بفتح مضيف وفيه باب للسائلين عن حوائجهم لقضائها ثم توسع المضيف لكثرة مجيء الفقراء والضعفاء اليه ,ثم فتح له باب آخر الجائعين ,وتوسع أكثر ثم فتح باب آخر لمن لديه مظلمة يقضيها له بأمواله ,بعدها أنقضت سنوات الرزق وجاءت سنوات القحط ,ولم يمسه سوء ومكروه من القحط بل زاد الخير والعطاء عليه من أوسع الأبواب ,فسأل النبي ربه متسائلاً قائلاً :الهي انقضت سنوات رزقه ولم يمسه قحطك .
فكان جواب الخالق :لقد فتحت له باب للخير ,ففتح لي ثلاث أبواب خيراً للناس ,فكيف بي وأنا أكرم الأكرمين وأرحم الراحمين .