• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : التعددية الدينية عند السيد السيستاني .
                          • الكاتب : الشيخ ليث الكربلائي .

التعددية الدينية عند السيد السيستاني

التنوع والتعددية سنة إلهية لا تستمد وجودها من اعتراف الانسان او عدمه او من تشاؤمه حيالها او ايجابيته بل ان قَبِلها منحته سلاما وكانت اداة طيعة يمكنه توظيفها في رحلة تكامله والا منحته صراعا و كانت كابوسا مرعبا يحصد ارواح بني نوعه وفي التاريخ عبرة لمعتبر .

معظم مشاكل عصرنا من تهميش وعزل واقصاء جاءت نتيجة عدم اذعان انسان القرن الحادي والعشرين بهذا التنوع والتعددية ؛فإنسان هذا القرن سواء كان متدينا ام لا في حقيقته كائن غارق بالعقائديات بغض النظر عن نوعها : دينية ، اجتماعية ، اقتصادية ، سياسية ... ومشكلة الخطاب العقائدي انه في الغالب يستند الى جدار صلب من الاقصاء . من هنا ازدادت الحاجة الى بحث هذا التنوع والوقوف على مدياته والحد الضروري منه والأهم من ذلك ان يُدرس لأجل تقنين الصور الملائمة للتعبير عنه .

  • التعددية الدينية:

هي واحدة من مظاهر التنوع ومن مباحث فلسفة الدين المهمة لما يترتب عليها من آثار عملية جسيمة ويُراد بها  قبول الأديان المختلفة وتناغمها في مجتمع واحد والتعددية تُلْحظ بعدة حيثيات فتنقسم الى دينية وسياسية واجتماعية وعرقية وغيرها والدينية منها على قسمين  معيارية اخلاقية بمعنى احترام ابناء كل دين لابناء الاديان الاخرى وتعددية خلاصية تبحث في اشكالية الخلاص وكلامنا عن القسم الاول فقط اما الثاني فمعالج في محله من علمي الكلام وفلسفة الدين

  • التعددية الدينية عند السيد السيستاني:

الذي ميز هذا الرجل وجعله جدارا اخلاقيا يلوذ به الجميع ومن كل الفرق والطوائف وشتى الانتماءات هو نزعته العملانية (البراغماتيه) التي ميزته عن غيره فهو الزعيم الوحيد في هذا البلد لن تسمع منه اكثر مما ترى من فعاله ،بالإضافة الى روحه الأبوية التي اغترف منها الجميع فربما تمكن خصومه من التنكر لفضائله والمزايدة على انجازاته لكن لم يسعهم يوما انكار دوره الريادي والرئيس في اذابة  الاحتقان و الكراهية وتجنيب البلد حربا اهلية طالما كانت وشيكة .

يرى السيد السيستاني ان السعي لتحقيق " التعايش السلمي – الذي هو - فلسفة سسيولوجية تسمح بوجود الآخر وتحافظ على هويته وتمنحه مساحة للحياة " واجبا على الجميع سيما الزعامات الدينية فيصدح في احد بياناته قائلا : " يجب ان يسعى الجميع ولاسيما الزعامات الدينية والروحية لتثبيت قيم المحبة والتعايش السلمي المبني على رعاية الحقوق والاحترام المتبادل بين اتباع مختلف الاديان والاتجاهات الفكرية " في هذا النص ملاحظة جديرة بالاهتمام فأمعن النظر في قوله (والاتجاهات الفكرية) فكل فكر يجب ان يَحترم و يُحترم وليس الامر حكرا على الاديان فحسب .

لذا تجده يكرر في لقاءاته مع وفود الاديان والمذاهب : " ان الخير وسعادة البلدان والشعوب في الحوار وليس في التطرف والتعصب وغلق باب الانفتاح على الاخر " (1)

هذه الروح المنفتحة هي التي حولت السيد السيستاني "من رمز شيعي الى رمز وطني في الوجدان الشعبي العراقي " بل صار رمزا عالميا كما ستوافيك بعض التصريحات والاعترافات.

بعيدا عن صراع التنظير و الشكليات غير المنتجة تمكن السيد السيستاني من ملامسة مضمون (جوهر) التعددية من خلال التأصيل لها عمليا ونلقي الضوء في هذا المقال على عدة محاور بشكل مقتضب وساتجنب  المحاور التي تصب في اطار التعددية الدينية المذهبية مكتفيا بموقفه من الاديان الاخرى كما سأتناول في كل محور بضعة مصاديق فقط روماً للاختصار وإن غلب على هذا المقال التوثيق والسرد التاريخي فذلك لاجل ايضاح البعد العملي الذي منحه السيد السيستاني لرؤيته في التعددية الدينية والكلام في محاور  :

المحور الأول: طبيعة نظرته لأبناء الأديان الأخرى :

  1. اذا كان السيد السيستاني يطلق على ابناء السنة (انفسنا) فان موقفه مع ابناء الديانات الاخرى لا يختلف عن ذلك بشيء فخلال زيارة وفد الديانات المسيحية والآيزيدية والصابئة والمندائيين الى المرجع السيستاني وكان الوفد برئاسة البطريك مارليوس روفائيل ساكو رئيس طائفة الكلدان في العراق قال الاخير في تصريح للإعلام ان السيد السيستاني قال لهم بالنص " أنتم منا ونحن جزء منكم وأنتم في قلبنا ونحن متألمون لما يحصل لكم وللسنة والشيعة لأن الكل مستهدفون وقال ساكو : ان المرجع الديني الاعلى مهتم بكل المكونات العراقية ليس فقط للشيعة بل لكل العراقيين .. " (2)
  2. " الايزيديون امانة في اعناقنا " جاء في المؤتمر الصحفي الذي عقده ممثلو الطائفة الايزيدية بعد لقائهم بالسيد السيستاني بتاريخ 10/9/2014 " "السيد السيستاني موقفه كان قمة في الانسانية ولم نتصور كل هذا التعاطف والتعاطي مع ماساتنا فقد كان مطلعا على حجم المأساة وهذا ما اثلج صدورنا ونحن نشعر اننا في امان الان لانه قال (ان اليزيديين امانة في اعناقنا ) وهذه الكلمات اشعرتنا اننا في بلد ليس فيه فرق بين مسيحي ومسلم ويزيدي ، الاف اليزديين يحضرون انفسهم الى السفر الى اوربا وترك البلد ولكن كلمات سماحة السيد السيستاني ستكون خارطة طريقة لنا للبقاء في هذا البلد "(3)
  3. يرى السيد السيستاني ان ابناء الاديان الاخرى يمثلون مكونا مهما من مكونات الشعب العراقي لذا تجده يشدد بين الفينة والاخرى على ضرورة التشبث بارضهم وعدم ترك العراق (4) .

المحور الثاني : الدعوة الى الدولة المدنية

بعد سقوط النظام المقبور كان بامكان السيد السيستاني الدعوة الى قيام دولة دينية في العراق وعندها كان سيجد جمهورا عريضا يقف خلفه لتحقيق هذا المطلب الامر الذي ادى الى تصاعد مخاوف البعض :

  1. جاء في اسئلة مجلة " دير شبيغل " الألمانية لمكتب السيد : س7 : هناك من يتخوف من اقامة حكم ديني يحرم الأقليات من حقوقها في ضوء تصريحات متطرفة من قبل البعض .. فهل هناك ما يبرر تلك المخاوف .. ؟

فأجاب المكتب : " إن القوى السياسية والاجتماعية الرئيسة في العراق لا تدعو إلى قيام حكومة دينية ، بل إلى قيام نظام يحترم الثوابت الدينية للعراقيين ويعتمد مبدأ التعددية والعدالة والمساواة كما مرّ ، وقد سبق للمرجعية الدينية أن أوضحت أنها ليست معنية بتصدي الحوزة العلمية لممارسة العمل السياسي وأنها ترتأي لعلماء الدين أن ينأوا بأنفسهم عن تسلّم المناصب الحكومية ." (5) .

  1. وفي اسئلة ذات المجلة جاء في السؤال السادس " ما هي الأسس التي يجب ان يقوم عليها عراق المستقبل ؟

فكان الجواب : " مبدأ الشورى والتعددية والتداول السلمي للسلطة في جنب مبدأ العدالة والمساواة بين أبناء البلد في الحقوق والواجبات، وحيث أن أغلبية الشعب العراقي من المسلمين فمن المؤكد أنهم سيختارون نظاما ً يحترم ثوابت الشريعة الإسلامية مع حماية الأقليات الدينية ". (6)

فمع ان بخس حقوق الاقليات امر غير وارد في الفقه السلطاني عند الامامية بل العكس تماما كما سنوافيك في اخر المقال مع ذلك دفعا لمخاوف الكثيرين واذعان بالنسيج المتعدد في هذا البلد ولأسباب اخرى تجنب السيد الدولة الدينية .

المحور الثالث : موقفه من اضطهاد الاديان الاخرى

  1. جاء في اجوبة مكتب السيد على اسئلة احدى المجلات " وأما ما يقع أحيانا ً من بعض الاعتداءات على غير المسلمين فهو أمر مرفوض تماما ً وسيتم القضاء عليها بعد تمكين قوات الشرطة والمحاكم من أداء مهامها بصورة كاملة . " (7)

فلاحظ في هذا النص انه لم يكتف بالرفض والاستنكار بل منح الأمر بعدا عمليا من خلال مطالبة القوات الامنية بردع المعتدي .

  1. في 15/5/1425هـ اصدر مكتب السيد بيانا خاصا لإدانة تفجيرات اجرامية طالت كنائس بغداد والموصل ومما جاء فيه "... ونرى ضرورة تضافر الجهود وتعاون الجميع - حكومة وشعباً - في سبيل وضع حدّ للاعتداء على العراقيين وقطع دابر المعتدين نؤكّد على وجوب احترام حقوق المواطنين المسيحيين وغيرهم من الاقليات الدينية ومنها حقهم في العيش في وطنهم العراق في أمن وسلام ... " (8)

المحور الرابع : تواصله مع زعامات وابناء الاديان الاخرى .

  1. في 25/2/1426هـ بعث السيد رسالة  لغبطة الكاردينال انجلو أمين سر الفاتيكان معزيا اياه وسائر اتباع الكنيسة الكاثوليكية برحيل بابا الفاتيكان يوحنا بولس الثاني الذي وصفته الرسالة بانه " ادى دورا متميزا في خدمة قضايا السلام والتسامح الديني " وحثت الرسالة الكنيسة على مواصلة نهجه في ذلك وفي الختام تمنى السيد للمسيحيين في كل العالم الخير والسلام . (9)
  2. في 1/2014 زار وفد من جمعية  سانت ايجيديو المرتبطة بالكنيسة المسيحية الكاثوليك في الفاتيكان السيد السيستاني ومن جملة وصايا السيد التي بعثها معهم لبابا الفاتيكان ان : " لا سلام بلا حوار وعلى المسيحيين عدم ترك العراق " (10)

وغيرها الكثير من الزيارات واللقاءات الودية التي لا تخفى على المتتبع

المحور الخامس : مؤازرة ابناء الاديان الاخرى في محنة داعش :

  1. عندما زار بان كي مون السيد السيستاني عام 2014 أبلغه السيد بعدة امور منها : " إن ما قام به الأرهابيون من تهجير الأقليات من التركمان الشيعة و المسيحيين و الشبك مدان و مستنكر وقد عملنا ما في وسعنا في مساعدة النازحين و المهجرين و كذلك عملت العتبات المقدسة بكل طاقاتها في هذا المجال " (11)

 والذي يتابع الاحداث لاشك شاهد المئات من قوافل المساعدات التي وصلت من مكتب السيد الى تلك المناطق فضلا عن تلك التي وصلت لمن استقر في محافظات الوسط والجنوب

  1. جاء في المؤتمر الصحفي لممثلي الطائفة الايزيدية بعد زيارتهم للسيد بتاريخ 10/9/2014 : " نقلنا تحيات وشكر ابناء الطائفة الايزيدية – للسيد - لتضامنه وصدق مواقفه ووقوفه معنا في المأساة التي تعرض لها ابناء الطائفة الايزيدية من احداث سنجار وما صاحبها من احداث خطف وقتل وسبي ونقلنا له تحيات جميع الايزيدية وكان سماحته متجاوب معنا في الكثير من الافكار وكان له معرفة تامة وشاملة بما تعرضه له ابناء الطائفة الايزيدية وكذلك ابدى تحمسه وتعاطفه وحزنه لما تعرض له أبناء الطائفة " (12)

المحور السادس : عدم رد الاساءة للاسلام من قبل الاديان الاخرى بالمثل :

  1. جاء في جواب المكتب على سؤال عن زيادة التوتر بين اتباع الديانات التوحيدية ورؤية السيد في مواجهته وهو من جملة  اسئلة مجلة "فور سايت" اليابانية :

" يجب أن يسعى الجميع _ ولا سيما الزعامات الدينية والروحية _ لتثبيت قيم المحبة والتعايش السلمي المبني على رعاية الحقوق والاحترام المتبادل بين أتباع مختلف الأديان والاتجاهات الفكرية، ولكن المؤسف أن ما صدر أخيراً من تصريحات لبابا الفاتيكان ومن قبلها قضية الرسوم الكاريكاتورية قد أضرّت كثيراً بفرص تكريس السلام والتسامح الديني بين المسلمين والمسيحيين ولا بد من تصحيح المواقف واتخاذ تدابير مناسبة لتدارك ما وقع.(13)

والاساءة المذكورة هي تصريحات البابا بنديكت السادس عشر في 8/1427 – 9/2006 المسيئة للاسلام ولشخصية النبي محمد ص وكذلك الرسوم الكاريكاتورية المسيئة لشخصية النبي ص المنشورة في المجلات الدنماركية في نفس العام . واللافت للنظر انك تجد السيد في النص يبحث عن السبل الكفيلة بتدارك الشرخ الذي ولدته الاساءة بدلا من البحث عن سبل الرد !

  1. عندما اعلن قس امريكي في كنيسة في فلوريدا انه سيحرق نسخا من القرآن امام الملأ في يوم 11/9/2010 اصدر السيد بيانا ارى من المناسب ايراده بتمامه هنا اذ جاء فيه : " تتناقل وسائل الاعلام عن قسيس امريكي اصراره على حرق نسخ من القرآن الكريم تعبيرا عن كرهه للدين الاسلامي الحنيف . ان هذا التصرف المشين لا ينسجم مع ما هو وظيفة القيادات الدينية والروحية من تثبيت قيم المحبة والتعايش السلمي المبني على رعاية الحقوق والاحترام المتبادل بين اتباع مختلف الاديان والمناهج الفكرية . ان الجهات المعنية في الولايات المتحدة مدعوة إلى العمل على منع وقوع هذا الفعل الفظيع الذي لو وقع فستكون له عواقب غير محمودة وربما تداعيات خطيرة . ان احترام حرية التعبير عن الرأي لا يبرر السماح بمثل هذه التصرفات المخزية التي تمثل اعتداءا صارخا على معتقدات الآخرين ومقدساتهم وتؤدي إلى خلق بيئة مناسبة لمزيد من التوتر والصراع والعنف . ان المرجعية الدينية في الوقت الذي تستنكر بشدة الاعتداء على القرآن، تؤكد على ضرورة المنع من وقوعه، وتشدد على المسلمين أينما كانوا أن يتحلوا بأقصى درجات ضبط النفس ولا يبدر منهم ما يسيء إلى أتباع الكنائس المسيحية مستذكرين قوله تعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ لِلّهِ شُهَدَاء بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ } " (14)

فها هو يدعو المسلمين الى ضبط النفس وعدم رد الاساءة بالمثل واجمل ما في البيان ان السيد يستدل على هذا الانفتاح والخلق الفاضل بنفس القرآن الذي يريد القس احراقه بدعوى انه كتاب يدعو للتطرف !

المحور السابع : التعددية الدينية عند السيد على صعيد الفتوى :

ثمة جملة من الفتاوى للسيد السيستاني وغيره من فقهاء الامامية  التي تفيد بمشروعية اقامة علاقات مع غير المسلمين على اساس الاحترام والمحبة المتبادلة ومن فتاوى السيد في ذلك :

  1. (س : هل يجوز تبادل الود والمحبة مع غير المسلم ، إذا كان جارا ، أو شريكا في عمل ، أو ما شابه ذلك ؟ ج :  إذا لم يظهر المعاداة للإسلام والمسلمين بقول أو فعل ، فلا بأس بالقيام بما يقتضيه الود والمحبة من البر والإحسان إليه ، قال تعالى : (لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين)  (15)
  2. (يحق للمسلم أن يتخذ معارف وأصدقاء من غير المسلمين ، يخلص لهم ويخلصون له ، ويستعين بهم ويستعينون به على قضاء حوائج هذه الدنيا ، فقد قال الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم : ( لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين).  (16)

وغيرها الكثير من الفتاوى في هذا الخصوص  .

وهناك محاور اخرى يمكن تتبعها في هذا الشأن منها :

  1. تعميم خطاباته لجميع العراقيين وعدم قصرها على
  2. فتوى الجهاد الكفائي التي جاءت للدفاع عن العراق بكل مكوناته واطيافه .
  3. عدم تبنيه لحزب اسلامي بعينه . بل ورفضه لأدلجة الدولة تحت عناوين اسلامية حزبية تعتاش عليها بعض الاحزاب .
  4. الدعوة للإندماج الوطني في الدول والمجتمعات بصرف النظر عن ديانتها او عرقها او..
  5. الترفع عن تولي مناصب تنفيدذية في الدولة سواء بنفسه او من قبل طلاب واساتذة المؤسسة الدينية

وغيرها من المحاور التي لا تخفى على المتتبع .

التأصيل للتعددية عند السيد السيستاني :

 يبقى التساؤل عن مدى امكانية تأصيل مثل هذه الرؤية من خلال استنباطها من النص الديني ؟ والجواب خلافا لما يروج له بعض المتحذلقين : ان هذه الرؤية تمثل صميم توجه النص الديني في الكتاب الكريم والتراث الاسلامي الامامي وهي الرؤية الفقهية السائدة بين فقهائنا الا ما ندر والجدير بالذكر ان النصوص الصادرة عن السيد السيستاني لم تغفل الجانب التأصيلي وذلك لتكون اشد وقعا في نفوس متلقيها فتجده مرة يستدل بالقرآن واخرى بالسنة ومن نصوصه في ذلك :

  1. استدلاله بالقرآن " (س : هل يجوز تبادل الود والمحبة مع غير المسلم ، إذا كان جارا ، أو شريكا في عمل ، أو ما شابه ذلك ؟ ج :  إذا لم يظهر المعاداة للإسلام والمسلمين بقول أو فعل ، فلا بأس بالقيام بما يقتضيه الود والمحبة من البر والإحسان إليه ، قال تعالى : ( لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين ) (17)
  2. استدلاله بسيرة امير الانسانية علي بن ابي طالب عليه السلام فيقول السيد في احد بياناته " أقول لمن يتعرضون بالسوء والأذى للمواطنين غير المسلمين من المسيحيين والصابئة وغيرهم أما سمعتم أن امرأة غير مسلمة تعرض لها بعض من يدعون الاسلام وأرادوا انتزاع حليها فقال – الامام علي- عليه السلام : " لو أن امرءا مسلما مات من بعد هذا اسفا ما كان به ملوما بل كان عندي جديرا " فلماذا تسيئون الى إخوانكم في الإنسانية وشركائكم في الوطن " هذا جزء من رسالة وجهها السيد للشعب العراقي بتاريخ 22/6/1427هـ (18)

مواقف وآراء حول التعددية الدينية عند السيد السيستاني :

  1. الامين العام للامم المتحدة السابق بان كي مون : "سماحة السيد يدعو دائما الى السلام و المحبة و الوحدة بين كافة المكونات و انا اناشد كافة القيادات الدينية اتباع سماحة السيد بدعوته الى التسامح و الحوار و الاحترام المتبادل و عدم اللجوء الى العنف و هذه الدعوات يمكن ان تسكت الاصوات الداعية الى التفرقة و تدعم الوحدة بين كافة المكونات " (19)
  2. من رسالة سمو الامير تحسين علي بكر امير الديانة الايزيدية في العراق والعالم رئيس المجلس الروحاني الاعلى الايزيدي : " "رسالتنا تقديم الشكر لسماحة السيد السيستاني للبيانات والخطابات والمواقف والفتاوى التي أصدرت وحرمة فيها الدم العراقي لكل الطوائف والقوميات ومنها حرمة دم الانسان الآزيدي التي شعر بها المواطنين الايزيديين بالطمانينة بوجود اناس شرفاء بامكانهم حماية اليزديين والتعاطف معهم"(20)
  3. الكاردينال ثيودور ماك كاريك كاردينال الروم الكاثوليك ورئيس الأساقفة الخامس عندما زار ممثل المرجعية السيد احمد الصافي على هامش مهرجان ربيع الشهادة في كربلاء 1438هـ قال الكاردينال : " أنا أؤكّد لك أنّ سماحة السيد السيستاني محترمٌ ومحبوبٌ ومكانته عالية جدّاً ليس فقط في المجتمع أو في العراق، وإنّما في الكنيسة ومن قبل قداسة البابا خاصّة .. مسيحيّو العراق بجميع طوائفهم خلال لقائنا معهم بيّنوا أنّ لديهم أملاً كبيراً ومعقوداً بشخصيّة عظيمة، وهي شخصيّة السيد السيستاني ... نحن متفهّمون دوره الأبويّ للعراق بمختلف طوائفه ومدى تألّمه لما يحصل ويجري على العراقيّين ومن ضمنهم المسيحيّون " (21)

وغيرها الكثير من المواقف والاراء لزعماء طوائف متعددة لا تخفى على المتتبع

وختاما اعود للتذكير بان المحاور التي تناولها المقال مجرد نماذج مختارة يمكن تتبع غيرها كما ان المصاديق التي ذكرتها لكل محور مجرد قيض من فيض فيمكن للمتتبع الوقوف على العشرات من المصاديق الاخرى لكل محور .

الهوامش :

__________

  1. ظ: الموقع الرسمي لمكتب السيد https://goo.gl/v9aJTL
  2. ظ: حيدر نزار السيد سلمان، سلطة النص الديني، ص 149 – 150
  3. وكالة انباء المستقبل  https://goo.gl/R2bEXD
  4. ظ: مثلا هذا التصريح على وكالة شفق نيوز https://goo.gl/v9aJTL وهذا الآخر على وكالة نون https://goo.gl/PJYd46
  5. حامد الخفاف، النصوص الصادرة ، الوثيقة رقم 53
  6. النصوص ، الوثيقة رقم ، 53 .
  7. المصدر نفسه .
  8. النصوص، وثيقة رقم 68
  9. النصوص الصادرة وثيقة رقم 79
  10. ظ: التفاصيل على هذا الرابط https://goo.gl/v9aJTL
  11. وكالة شفقنا https://goo.gl/XXSkB3
  12. وكالة انباء المستقبل https://goo.gl/R2bEXD
  13. النصوص وثيقة رقم 96 جواب رقم 5
  14. ظ موقع مكتب السيد السيستاني https://goo.gl/gGhdSg
  15. فقه الحضارة – السيد السيستاني – ص 174- 175.
  16. فقه المغتربين – السيد السيستاني – ص 207 – 208
  17. فقه الحضارة – السيد السيستاني – ص 174- 175.
  18. النصوص وثيقة رقم 92
  19. وكالة نون https://goo.gl/OM46ot
  20. وكالة انباء المستقبل https://goo.gl/R2bEXD
  21. وكالة شفقنا : https://goo.gl/P52Bd9

 




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=94106
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2017 / 05 / 16
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 16