• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : ثقافات .
              • القسم الفرعي : ثقافات .
                    • الموضوع : تاملات في القرآن الكريم ح11 .
                          • الكاتب : حيدر الحد راوي .

تاملات في القرآن الكريم ح11

سورة البقرة

وَقَالُواْ لَن يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلاَّ مَن كَانَ هُوداً أَوْ نَصَارَى تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ قُلْ هَاتُواْ بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ{111} بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِندَ رَبِّهِ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ{112} وَقَالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَى عَلَىَ شَيْءٍ وَقَالَتِ النَّصَارَى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتَابَ كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ مِثْلَ قَوْلِهِمْ فَاللّهُ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُواْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ{113} وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن مَّنَعَ مَسَاجِدَ اللّهِ أَن يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا أُوْلَـئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَن يَدْخُلُوهَا إِلاَّ خَآئِفِينَ لهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ{114} وَلِلّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّواْ فَثَمَّ وَجْهُ اللّهِ إِنَّ اللّهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ{115} وَقَالُواْ اتَّخَذَ اللّهُ وَلَداً سُبْحَانَهُ بَل لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ كُلٌّ لَّهُ قَانِتُونَ{116} بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَإِذَا قَضَى أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ{117}
زعم اليهود , ان لا يدخل الجنة الا من كان يهوديا , وردا عليهم , زعم النصارى , ان لا يدخل الجنة الا من كان نصرانيا , كل منهما يفضل قومه , ويميزهم عن غيرهم , فيرد عليهم الله عز وجل بلسان نبيه (ص واله) , ان كنتم صادقين فيما تذهبون اليه , فأين ادلتكم على ذلك ؟ . 
بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِندَ رَبِّهِ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ{112}
لم يجيبوا على سؤال النبي محمد (ص واله) , فيجيبهم الله عز وجل , جوابا قاصما لهم , شافيا لقلوب المؤمنين .
ان من يدخل الجنة من آمن بالله وبرسوله , واخلص عمله , فله الثواب والاجر عند ربه , ولا خوف عليه , من اهوال يوم القيامة , ولا يحزن لا في الدنيا ولا في الاخرة .  
وَقَالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَى عَلَىَ شَيْءٍ وَقَالَتِ النَّصَارَى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتَابَ كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ مِثْلَ قَوْلِهِمْ فَاللّهُ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُواْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ{113}
زعم اليهود ايضا , ان النصارى ليسوا على حق , ودينهم باطل , لا يجوز التعبد فيه , ورفضوا نبوة الانبياء و رسالات الرسل الذين امنت بهم النصارى , جملة وتفصيلا , فكان رد النصارى على اليهود بالمثل , فزعموا ايضا ان اليهود على غير الحق ..... الخ , كلا الفريقين لديهم انبياء ورسل وكتب منزلة من الله تعالى , فكفر كل فريق بكتب ورسل وانبياء الفريق الاخر . 
حذا مشركي العرب حذوهم , فأتهموا المسلمين انهم على باطل , وان كل ما يؤمنوا به ليس الا اوهاما , ليست من عند الله , بل هي اشياء اخترعها محمد (ص واله) . 
يمهلهم الله عز وجل , حتى يوم القيامة , فيحكم بينهم , يبين لهم الحقائق , وسيعرفون من كان على هدى ؟ , ومن كان في ضلال بعيد ؟ .
وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن مَّنَعَ مَسَاجِدَ اللّهِ أَن يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا أُوْلَـئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَن يَدْخُلُوهَا إِلاَّ خَآئِفِينَ لهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ{114} 
هناك اراء مختلفة في سبب نزول هذه الاية الكريمة , وعلى من نزلت , هي من شأن المفسرين والراسخون في العلم , علما ان الاطلاع عليها يفيد المتأمل . 
مهما يكن الحال , فأن المساجد هي بيوت الله في ارضه , ومنعها عن المصلين , ووضع العراقيل بطريقهم اليها , لا شك ان في ذلك جريمة كبرى . 
اليوم نشهد منعا للمصلين , وتخريبا للمساجد , ليس بالطرق المتعارف عليها , بل بأنتشار الغناء والفسق والفجور , فالغناء ينتشر اسرع من النار في الهشيم , ويطرب له الطفل الصغير والشيخ الكبير , مما يمنع الصلاة معنويا , ويقل رواد المساجد تدريجيا , فتترك المساجد وكأنها مهجورة , او كأنها اماكن تاريخية يقصدها السواح للاطلاع فقط ! . 
امر اخر , ان تزيين المساجد بالألوان الزاهية , والزخارف والنقوش الجميلة , يحط من هيبتها , ويحرف الغرض الذي بنيت من اجله , كما وان تلك الألوان الصارخة والزخارف المعقدة , تجذب المصلي اليها , وتسلبه الخشوع لله رب العالين . 
اعتقد ان في ذلك تخريبا للمساجد , تخريب معنوي , كما وان صلاة المصلي تكون فاقدة لاهم شروط الصلاة , وهو حضور القلب والخشوع , فيخشع قلب المصلي لتلك الالوان والزخارف وتقع في قلبه هيبتها , مما يسلخه من الخشوع لله ووقوفه بين يديه . 
فيدخل في قلب المصلي , تلك الطريقة الهندسية الجميلة التي بني عليها المسجد , وضخامة المسجد , وحجم البناء , وتلك التصاميم الجميلة , بدلا من ان تدخله هيبة الله والايمان به .
فأصبحت المساجد كأنها تحف فنية , يقصدها السواح , بدلا من ان تكون دور عبادة , يقصدها المصلين والمتعبدين , وفي ذلك تعطيل ومنع لدور المسجد في التوجه لله جل جلاله . 
وَلِلّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّواْ فَثَمَّ وَجْهُ اللّهِ إِنَّ اللّهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ{115}
طعن اليهود بأمر تبديل القبلة , وشنعوا ذلك على المسلمين , وحاولوا الطعن بالاسلام , مستغلين هذه الفرصة , كعادتهم في التربص مع المتربصين , فيأتي الرد عليهم , ردا حازما جازما , كالعادة , (وَلِلّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ ) , (فَأَيْنَمَا تُوَلُّواْ فَثَمَّ وَجْهُ اللّهِ ) , (إِنَّ اللّهَ وَاسِعٌ ) , الله واسع الرحمة والفضل , (عَلِيمٌ ) , عليم بعباده , لا يفوته مثقال ذرة . 
وَقَالُواْ اتَّخَذَ اللّهُ وَلَداً سُبْحَانَهُ بَل لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ كُلٌّ لَّهُ قَانِتُونَ{116}
زعم اليهود , ان الله اتخذ ولدا ( عزيرا ), وزعم النصارى كذلك , ان الله اتخذ عيسى ابنا له , وزعموا ان الملائكة بنات الله , تعالى الله عن علوا كبيرا , فيجيبهم الحق تعالى , ان السموات والارض هما ملك مطلق له , وكل من في السموات والارض هم ملكه ايضا وعبيده , بما فيهم الملائكة (ع) وعزير (ع) وعيسى (ع) . 
بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَإِذَا قَضَى أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ{117}
الله خلق السموات والارض على غير أنموذج قد سبق , انما امره اذا اراد ايجاد وخلق شيئا يقول له (كُن فَيَكُونُ ) .
في هذه الايات الكريمة , وقفات كثيرة للمتأمل , فيختار ما يشاء منها , لعل ابرز ما فيها هي التأمل في ملك الله عز وجل , وقدرته , وسعة رحمته وفضله , وايجاده السموات والارض وما فيهما من العدم , فكانت سماء ذات ابراج , وارض ذات فجاج , وما خفى من خلقه كان اعظم ! .



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=9756
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2011 / 09 / 23
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 18