• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : أُسس و مبادئ ألمنتدى ألفكريّ – ألقسم آلرّابع .
                          • الكاتب : عزيز الخزرجي .

أُسس و مبادئ ألمنتدى ألفكريّ – ألقسم آلرّابع

ألمَنْهجُ آلأمّ في مَعْرِفَةِ سُنّة أهلُ ألبيت(ع): 

 
لم أقصد من دعوتي للمُثقّفين و آلباحثينَ لتفعيل مبادئ ألمُنتدى ألفكري سوى كونها مساهمة منهجيّةً مُتطوّرةً لتحكيم و نشر ألفكر ألأسلاميّ و آلتعريف بأصول ألمبادئ ألأنسانيّة ألرّفيعة ألتي غابتْ أو كادتْ عنْ أفقِ ألمرجعيّة ألتقليدية(1) و آلشخصيّة ألأسلاميّة و آلمجتمع ألأنسانيّ برمّته حتّى تفككتْ ألعلاقات ألأنسانيّة و نزعتْ ألرّحمة و آلثقة من قلوب ألناس و إنضمرتْ آلأخلاق آلكريمة في سلوكهم , و كان عنوان "ألمنهج ألأمّ" هو آلأسم ألدّقيق و ألمُسمّى ألأنسبْ ألّذي لمْ أرَ بديلاً أمثلَ منه بعد تجربة إمتدتْ لنصف قرن  .. ليكون نادياً لتوعية ألأمّة و تدارس عقيدتها و قضاياها لتخليصها من محنها و مآسيها آلّتي إبتليتْ بها و آلأنسانيّة على كلّ صعيد .. هذا أولاً, ثمّ توجيهها نحو خط ألهداية ألمُطرّزة بآلمحبة و آلعشق و آلسعادة بمنهجيّة و أخلاقيّة و روحيّةً على أساس توحيد آلله تعالى طبقاً لمبادئ ألقرآن و أهل بيت ألرّسول(ص)  و تجارب و رؤى آلعاشقين للحقّ ثانياً.
 
و قد جاءتْ حصيلة آلمنهج بآلذّات؛ بعد دراسات مُوسّعة لمسار ألفلسفة و آلفكرِ ألأنسانيّ منذ عهد آلأغريق .. حين وجدتُ أنّ هناك فراغٌ كبير و فترةً مُمّتدّة طال أمدها .. لم أجد فيها بين مناهج آلحركات ألفكريّة و آلسّياسيّة – بما فيها آلأسلاميّة – منهجاً أو كتاباً أو حركةً أو حتّى تفسيراً متطوّراً للقرآن ألذي أصيب هو آلآخر بمحنة قاسيّة(2) – إلّا شذرات مُتفرقّة - واكبتْ تأريخ تطوّر ألفكر ألأنساني لتُجدّد بآلمقارنة معها فكر أهل ألبيت(ع) ألّذي تغيّر للأسف هو آلآخر ألكثير من ملامحه و أسسه ألأصيلة .. في مُحاولة منّا لإعادة طرح ذلك آلكنز ألفكريّ بشكلٍ أمينٍ يتناغم مع مُتطلّبات ألعصر منْ خلالِ حقيقةِ ألأسلام ألّتي تجسّدتْ عمليّاً في شخصيّةِ  و مواقف ألرّسول(ص) و وصيّه و أهل بيتهِ(ع) و منْ شايعهم بشكل خاص مع آلأخذ بنظر ألأعتبار ألدّراسات ألأنسانيّة و آلفلسفيّة آلأخرى كقرين و كاشف لنهج أهل البيت(ع), فأي فكر لا يُمكن أن يُسجل موقفاً رياديّاً ما لم يتمّ مقارنته و قياسه و عرضه بجانب آلأفكار ألأخرى, و هو بمثابة ألكشف ألعقلي لصحة أو خطأ أي فكرٍ إنسانّي, و لعل التعامل التجزيئي و آلمحدود مع الفكر و الرسالة ألأسلامية كان هو آلسبب في تحجيمه و تطبيقه عملياً عبر آلحكم في آلدولة آلأسلاميّة, فحين يكون موقف آلخليفة عمر بن الخطاب من آلفكر ألأنساني موقفاً رافضاً و حدّياً لكلّ نتاج فكري كما تنقل آلأخبار لنا ذلك؛ فماذا يُمكنك أن تتوقع من مصير للرسالة ألأسلامية, حيث ينقل لنا آلـتأريخ بأن قائد آلجيش ألأسلاميّ بعد فتح بلاد فارس وقف مبهوتاً أمام ألمكتبة ألمركزية للأمبراطورية ألفارسيّة, و كانت تضم كتباً نفيسية و نسخاً من آلألواح و ألتوراة و آلأنجيل و غيرها من آلكتب ألعلميّة؛ فأرسل آلقائد رسالة إلى آلخليفة عمر بن آلخطاب يطلب منه تحديد ألموقف منها, فجاءَه آلجواب ألتالي من خليفة ألمسلمين:[آلكتب إمّا أن تكون موافقه لرأينا أو مُخالفة, فأنْ كانت مُخالفة فلا حاجة لنا فيها, و إنْ كانتْ موافقه فيكفينا كتاب الله, و لذلك لا فائدة منها في آلحالتين, فعليك بحرقها, و آلسلام], و للباحث أنْ يتصوّر مدى آلمحنة ألّتي تعرضّنا لها بفقدنا لذلك آلكنز ألكبير و أبعادها ألمأساويّة في كلّ آلتأريخ ألأسلاميّ و في مسيرة  ألمُسلمين ألحضاريّة و آلمدنيّة!؟
 
لذلك كّله حاولتُ جاهداً - و كنتُ مُوفّقاً و آلحمد لله - بإظهار هذا آلمنهج ألقويم – ألمنهج ألأمّ - كأساسٍ للمُنتدى ألفكريّ, آملاً من آلمُثقّفين ألأعزّاء ألّذين هُم ألمُحرّك و آلوقود ألذي لا ينضب .. دراستها و إعمالها في آلوسط ألعراقي و آلعربيّ خصوصاً ألّذي يُعاني ألفقر ألفكريّ و آلثّقافي بكلّ معانيه, و قد تمّ تفعيله – أيّ ألمنتدى ألفكري - بعون الله في بعض ألمراكز ألمُنتشرة في آلعراق و آلعالم عبر جلسات إسبوعية أو نصف شهريّة أو دوريّة مفتوحة و مُتواصلة يُمكن أنْ تَتْبَعها مؤتمرات سنويّة, نأمل ألتّعاون على إنتشارها و تكرارها و توسيعها في كلّ ألأمصار و آلمدن إنْ شاء آلله.
 
إنّ هذا آلمنهج ألّذي لا بديلَ عنهُ بإعتقادي – على آلأقلّ في آلوقت ألحاضر - يحتاج إلى تواصل ألمُؤلّفات و آلأطروحات ضمن آلمبادئ و آلأسس ألواضحة ألتي وردتْ فيه .. حيناً بعد آخر, و تبادل آلمعلومات و آلنّتاج ألفكريّ بإنتظامٍ بين أهل آلمُنتديات ألفكريّة من خلال شبكة ألأنترنيت أو آلوسائل ألمُتيسرة .. كي نَنْشُر و نُعَمّم من خلالها ألمفاهيم ألفكريّة – ألأنسانيّة ألأصيلة من خلال آلباحثين و آلمثقفين في أوسع مدىً مُمكن بين  ألبشريّة .. و هو منهج واضح و أمين و شفاف على ألمبادئ ألأنسانيّة ألتي جاء بها آلقرآن ألكريم و آلعترة ألطاهرة و ما توصّل إليه آلفكر آلأنساني ألحديث, و آلله من وراء ألقصد و آلحمد لله على أوّله و آخره. 
 
في آلقسم ألثّالث من أصولِ ألمُنتدى آلفكريّ – كما إطّلعتم - أثْبَتْنا من خلال "ألمنهج ألأمّ في تفسير ألقرآن" إلى أنّ آلتّوحيد إذا لم يكن ألأصل و آلرّوح ألتي تُفسّر  مباني ألسّور و آلآيات و كُنه و معاني ألمُصطلحات فأنّنا سنخطئ ألهدف في آلرّسالة ألأسلاميّة من آلأساس و من أوّل ألطريق .. و بآلتالي سنبقى نجهل أسرار ألوجود و خلق ألأنسان و فلسفة آلعشق ألتي تدور حولها أفكار و مكنون آلكائنات – و بآلتالي إستمرار تسلط آلظالمين علينا, ألذين يجهلون أسرار ألوجود حتى من المدعين للأسلام, فكثيراً ما نرى إختلاط المبدء آلأسلاميّ مع هوى آلنفوس بسبب إنقطاعهم عن آلأصل(توحيد آلله), فتتّجه ألفتاوى و ألقرارات ألسياسية و آلأقتصادية و آلقضائية صوب آلمصالح ألضّيقة و آلحزبية و آلقوميّة و آلعشائريّة!
 
 بيد إنّ آلتوحيد على أهمّيته في مسلك ألعرفاء و آلصّالحين؛ لا يعدو مع كلّ ذلك؛ أنْ يكونَ سوى آلمرحلة آلرّابعة في  أسفارِ آلأنسان في آلوجود! حيث يتطلّب من آلمسافر عبور سبعةُ محطّاتٍ في مُدن ألوصال للدّخول في وادي ألعشق ألنّهائي(3) لتحقيق آلكمال ألّذي معهُ يكون آلأنسان قائداً إلاهيّاً عادلاً.
 
كما أنّ بلوغ آخر ألمدى .. بعد ألمحطّات ألسّبعة لا تتحقّق ما لمْ نتّخذ حقيقة منهج أهل آلبيت(ع) كأسلم و أسرع و أ أْمن طريقٍ شرعيّ لنيل ألغاية بآلنسبة للمهاجر في سبيل ألخلق لرضا آلله تعالى(4), لأنّ سفينتهم – سفينة أهل ألبيت(ع)(5)؛ هي وحدها سفينة آلنّجاة ألّتي لا تُقهر أمام آلمحن و آلعواصف و آلطوفان و آلتيارات ألفكريّة ألماديّة ألأخرى ألمنحرفة, و آلتي تنوّعتْ مسالكها و مناهجها و جاذبيّة زبرجها, فطريقهم – طريق أهل آلبيتْ(ع) هو طريق ألسّعادة و ألمحبّة و آلعشق ألّذي وحدهُ يُثبّتُ أسمائنا في صفحة ألعاشقين ألخالدين في آلكون, و هو آلمنجي للنّاس ألمُوالين يوم آلقيامة من بين جميع آلطرق و آلمذاهب ألأخرى مع إحترامنا لها(6), لأنّ أيّة عقيدة إنسانيّة مهما تسامتْ و برزتْ كآلكونفشستية و آلبوذية و آلزرادشتيّة و آلمانوية أو ألمسيحيّة أو أليهوديّة أو آلفلسفات ألأخرى كآلديكارتيّة و آلشوبنهاوريّة و غيرها فإنّها لا تُحقق مقاصد آلأنسان و غايته كاملةَ؛ إنْ لم تُرافقها مصاديق عمليّة مُقدّسة تشدّ قلب آلأنسان عاطفيّاً بإتجاه ألحقّ  و آلخير كبرهانٍ و وفاءٍ للمواقف و آلتضحيات ألعظيمة ألّتي جسّدها أهل البيت(ع) و على رأسهم ألأمام ألحسين(ع) كأصلٍ مُحرّك و فعّال يُغذيّ قلب ألأنسان و تُحرّك عواطفه و سعيهُ لخدمة ألبشريّة, و لا أعتقد أنّ جميع آلتيارات و آلمذاهب و آلديانات تمتلك شخصيّات نموذجيّة كآلأمام عليّ (ع) أو ألأمام ألحسين(ع) ألذي جسّد بكل و جوده و ما يملك ذلك آلعشق ألألهي ألخالد لتبقى ألمؤشر آلأكبر لهداية آلبشريّة إلى يوم ألقيامة .. و كتعبير على قداسة و طهارة نهج أهل البيتْ(ع) ألذين كافحوا آلظلم و آلأستغلال ليكون أرقى نظامٍ للمجتمع ألأنسانيّ  لو أراد أنْ يعيش حُرّاً و مُعزّزاً و كريماً !؟
 
و آلعشق – عشق أهل  بيت ألنبوة(ع) في آلحقيقة ليس هو آلهدف ألنهائي ألمقصود بحدّ ذاته كما يتصوّر ذلك أكثريّة ألمسلمين بما فيهم "ألشيعة" – و إنْ كان ذلك آلعشق لهُ حرارةٌ خاصّة و محلّ مُقدّس في قلب كلّ إنسانٍ سليم ألفطرة لكونه يشتمل على أجر ألرّسالة ألأسلاميّة كلّها بشرطها و شروطهار(7) – لكنهُ ليس آلهدف آلمقصود على أيّ حال؛ بل آلأصل و آلفلسفة ألصحيحة للتعامل مع خطّ أهل البيتْ(ع) و فهم قضيّة آلأمام آلحسين(ع) بآلذات هي؛ معرفة نهجهُ و أخلاقهُ و أسباب شهادته و آلسعيّ لتطبيق مبادئه لتحقيق ألوصال مع آلمعشوق ألحقيقيّ في نهاية ألمطاف(8), فهم – أهل ألبيت - ألوسيلة و رضا آلمعشوق – ألله - هو آلغاية, و هذا يستلزم ألوعيّ و آلصّبر لنيل ألمعارف و آلعلوم و تحمّل أذى آلمُقرّبين و مُداراة آلأهل و صلة ألرّحم و آلناس ليُبارك ألله في حركتنا و سعينا في أسفارنا آلعظمى لتحقيق ألكمال و آلرّقيّ و آلسعادة .. و آلّتي تتطلب قبل كلّ شيئ آلأحاطة ألكاملة بمعنى و فلسفة ألوجود لمعرفة ألجّمال و آلكمال, و هي آلمرحلة ألتي تسبق ألتوحيد للأنتقال إلى ألمدن ألثلاثة ألأخرى ألمتبقية في آلمحطات ألسّبعة ألتي أشرنا لها في آلهامش.
 
إنّ آلأدباء و آلشعراء و آلفلاسفة لم يُثمّنوا فضيلةً أو صفَةً كآلعشق(9) كونهُ هو آلغناء و آلغذاء ألرّوحيّ و نغمة ألسكر و لحن حركةِ ألوجود فينا, فقلب ألأنسان هو مُسْتَقرّ ألعشق .. و من خلال ذلك آلشوق ألأنسانيّ وحدهُ يندفع ليتلاقى و يتآخى ألفكر ألهنديّ و آلأيرانيّ و آلعربيّ و آلشرقيّ و آلغربيّ في نقطة واحدة تتوحّد فيها أفعال ألأنسان بإتجاه ألوصول إلى منبع آلخير ألأصلي .. يعني دار ألسّلام و آلمحبة و آلعشق ألأبديّ ألخالد.
 
إنّ آلخصوصيّة ألمُشتركة بين آلشّرقيّ و آلغربيّ .. ألمُسلم و غير ألمُسلم؛ هو هذا آلفكر ألأساسيّ ألذي يجمعهم .. من خلال آلعشق و ألمحبة ألّتي تنتهي و تتلاشى فيها جميع ألفوارق ألطبقيّة و آلعلميّة و آلنَّسبيّة و آلوضيفيّة ليتعشّق آلجميع مع آلجّمال ألأزليّ في هذا آلوجود, و هذا هو آلأصل ألذي نُحاول إشاعته بين بني آلبشر ألذين يُعانون آلكثير من آلضياع و آلبؤس و آلقهر بسبب إبتعادهم عن خط أهل ألبيت(ع).
 
جميع ألعرفاء في آلأرض يتغنّونَ بشوقِ ألّلقاء مع آلحقّ ألحبيب من خلال خدمة عباده و إنْ إختلفتْ و تباينتْ طرقهم و أساليبهم لتتحطم آلحدود و آلحواجز و آلألقاب و آلمسميات ألتي عمّقها ألمستعمرون و آلمتسلطون لتحقيق أهوائهم و أهدافهم و مطامعهم!
 
فقد يكون هناك إختلافٌ في آلتّفاصيل و آلّلحن و آلّلغة و طريقة ألبيان في كيفيّة ألوصف و آلدّلالات .. هكذا شاء الله و جَعَلَ  آلبشر .. إلّا أنّهم جميعاً يُنشدون آلوصال مع آلمعشوق .. و لذلك يتّحدون بشكلٍ طبيعيّ في نهاية ألمطاف كقطراتِ آلماء ألّتي تُكوّن ألبحار و آلمُحيطات بعد إتصال بعضها بآلبعض .. ألكلّ يبحث عن ألأصل و يشكو وصال آلمعشوق عبر تسبيحه و سعيه ألمُتواصل في هذا آلوجود, و ما من شيئ إلّا يُسبّح بحمده و لكن لا تفقهون تسبيحهم!
 
إنّ منهج أهل آلبيت(ع) هو آلأطار ألجّامع ألأمين و آلأسرع ألذي يتوحدّ من خلاله آلمسالك ألمختلفة ليكون ألناس جميعاً أمّة واحدة في سعيها نحو آلهدف ألمُوحدّ ألذي أشرنا له .. فيما لو قدرنا على عرضه – عرض ألغايّة من منهجهم – بشكلٍ سليم بعيداً عن أهواء و مقاصد آلذين إتّخذوه وسيلةً لأغراضهم الشخصية و آلنفسية و الحزبيّة و آلطائفيّة, بل جعله آلبعض وسيلةً لضرب ألآخرين و إتهامهم بآلأنحراف و آلكفر و آلضلال و ما إلى ذلك للتّشفي و إطفاء غيظه.
 
و أستطيع الجزم بأنّ آلمسلمين و حتّى ألكثير من آلشيعة(10) ألذين يدّعون مُوالتهم و حُبّهم لأهل آلبيت(ع) لم يُوفّقوا  تماماً كغيرهم لأداء رسالتهم بعرض و  تجسيد حقيقة منهجهم – بإستثناء آلقليل(11) –  عبر كلامهم .. فعلهم .. تقريرهم – و لذلك غرقتْ سُفن آلمسلمين بسبب مكائد ألأعداء و سبقهم في آلمجال ألتكنولوجي و آلمدني - في بحر آلجاهليات ألجديدة بعد ما فَقَدوا ذلك آلثقل ألأصل في ألرّسالة آلأسلاميّة؛ ممّا عرّضها للتشويه و آلتّبدل ليغدو آلأسلام ألحقيقيّ غريباً حتّى في ديار ألمسلمين بعد ما ترك آلناس و مرجعيّاتهم؛ تمسّكهم و إعمالهم ألواضح و آلشفاف لأهمّ ألأصول و آلمبادئ في آلثّقلين؛ آلأكبر – ألقرآن ألكريم و كذا آلثقل آلأصغر - أهل البيت(ع), فصاروا لا من آلذين يعرفون أسرار آلوجود و حقيقة الأنسان و لا من آلذين إنصهروا و آمنوا بتيار العولمة الغربيّة ألجديدة على وجه رغم إستفادتهم من جميع ألأمكانيات التي يُصنّعها أهل العولمة؛ كآلكومبيوتر و السيارة و الطيارة و حتى القلم و اللباس و العُملة ألنقديةالتي يتعاملون بها لتأمين خبز بطونهم! 
 
إن بعض ألمرجعيّات ألدينية و آلمُدّعين للأسلام .. و أقولها للأسف ألشديد – إتّخذتْ عباد الله خولاً و ماله دولاً فذلّتْ لهم ألرّقاب و أطاعهم ألخلق أشباه ألكلاب و نازعوا آلحقّ و أهلهُ فتمثّلوا بآلأئمة ألمعصومين ألصّالحين ألصّادقين و هم من آلجّهال ألملاعين, فسُئلوا عنْ ما لا يعلمون, فأنفوا أنْ يعترفوا بأنهم لا يعلمون, لضيق أفقهم ألفكريّ فعارضوا أصل ألدّين بآرائهم, و ضلّوا فأضلّوا .. إلى أنْ تمّ غزونا في عقر دارنا و نحنُ للغُزاة شاكرين.
 
إنّ آلثورة ألفكرّية ألّتي نحن بصددها في آلسّنة ألنّبويّة و خطّ أهل آلبيت(ع) يجب أن يُعجّل بها في بلاد ألمسلمين من قبل آلعُرفاء ألصالحين و آلمُثقفين آلواعين, حيث إسْتُغلّ آلدّين قروناً خصوصاً من قبل ألمُتلبّسين به أسوء إستغلال و لا يزال لأجل مآربهم و أهدافهم ألمحدودة ألتي لم تتجاوز إطارَ بطونهم و كياناتهم و حوزاتهم و خصوصياتهم ألحزبيّة و آلعشائريّة ممّا سبّب تقويض آلدّين و دعوة آلمُتديّنين ألمخلصين ألذي لم يُريدوا علواً و لا فساداً في آلأرض – لكون الأسلام محفوفٌ بآلمسلمين – فآلبعض إستغلّ و ما زالَ نسبه, و آخر مقالاته, أو إنتمائه, أو علمه, أو شهداؤه, أو تظاهره بآلتّقوى و آلورع و  آلصّلاح و رسالته لإثبات مرجعيّتة و ما إلى ذلك من آلغلوّ و آلتّزوير و آلتفاني  ألخادع في بعض ألدّعوات لخط أهل ألبيت(ع), و هنا نترك ألعلمانيّين و آلديمقراطيين و أصحاب آلشورى ألذين إزدوجت آرائهم و أصولهم و تعقّدتْ نفوسهم بخلطهم للحقّ مع آلباطل(ألشّورى مع آلولاية) بمعنى ألظالم مع آلمظلوم, و كذا أصحاب ألنّظريات ألوضعيّة فأمرهم معروف و أهدافهم مُعلنة لذا لا نتعرّض لها, و لذلك كلّه إستشرى آلفساد في آلأمة حتّى نخرتْ ألمجتمع ألأسلامي من آلأساس, و من أسوء و أقسى ما رأيته في آلمدّعين للتشيّع لخطّ أهل ألبيت(ع)؛ هو إستئثار ألأقليّة "ألرّوحانيّة" فيهم بأموال ألمسلمين(ألخمس و آلزكاة و آلأوقاف و آلتّبرعات) و إستحمار ألأمّة بعد ما مثّلوا أهل آلبيت(ع) بأسوء صورةٍ أمام آلعالم بمواقفهم, و قد إستفحل هذا آلأمر و توضحّ جليّاً حين أبتْ بعضها بعد علمها بآلأنحراف و آلفساد إجراء تغيّرات أساسيّة في منهجها طبقاً لحركة ألتّجديد ألّتي نادى بها آلمصلحون ألعظماء كآلأمام ألخميني(قده) و آلفيلسوف ألفقيه محمد باقر آلصدر(قده) و تلامذتهم رغم تقديمهم أنفسهم شهداء في هذا آلمسير جهاراً نهاراً أمامَ كلّ آلعالمين!؟
 
إنّ أؤلئك آلعظام ألّذين لا تلد آلأمة بمثلهم إلاّ إستثناءاً في كلّ قرنٍ؛ دعوا إلى ضرورة بلْ وجوب تحويل ألقيادة ألمرجعيّة ألتقليديّة من مُؤسسة بالية لا فاعليّة لها في آلوسط ألأجتماعي إلى مؤسسةٍ و نظامٍ إجتماعيّ يُنظم شؤون ألأمّة و يسهر على حماية ألمال ألعام و آلمنابع ألطبيعة و قضاياها آلمصيريّة لنشر ألعدالة و آلفكر آلأسلامي ليس في آلعراق فقط؛ بل في كلّ آلعالم للحفاظ على كرامة آلناس و حريتهم و حقوقهم ألتي تعرضت إلى الحيف من قبل آلمستكبرين, لكنها – أيّ ألمرجعيّة ألتقليديّة - أبتْ بلْ و حاربتْ تلك آلتوجهات(12) بما إدّخرتها من آلمال ألمكنوز في بنوك أوربا و أمريكا و آلنفوذ ألمُمتد بين عوام ألشيعة ألبسطاء .. بدعوى خوفها من آلنظام ألحاكم و من مكائد ألمُتربصين بحوزتهم ألباليّة فكرياً و علمياً, بيد إنّ آلخسائر ألّتي تكبّدتها آلأمة بسبب تلك آلمواقف ألمُتخاذلة تُعادل أضعاف أضعاف ما كسبتها هي لنفسها – و يكاد يكون لا شيئ – بآلمعادلة مع تلك آلخسائر ألمادّية ألكبرى ألتي لحقت بآلأمّة و آلدّماء ألطاهرة ألتي أريقت على أرض آلرافدين و آلبلاد ألأسلاميّة ألأخرى, خصوصاً خسارتنا للمفكريين ألاسلاميين أمثال ألفيلسوف مُحمّد باقر ألصّدر و أخته آلعلوية ألعالمة بنت آلهدى!
 
أمّأ لجوء بعض ألمُعمّمين ألمحسوبين على بعض "مراجع ألشيعة" إلى أوربا و أمريكا بدعوى آلتبليغ للأسلام, فهي محنةٌ قاسيّة أخرى؛ إنْ لم تكنْ ألأكبر .. على قلب مولاتنا آلزّهراء(ع) لتصطف هذه ألفئة بجانب "آلمرجعيّة ألتقليديّة" ضد خطّ آلقيادة ألمرجعيّة ألمُتصدية للنيابة آلعامة لصاحب الأمر(عج) و هي تقود أشجع حكومة عرفتها آلبشريّة بمعاداتها لأقطاب آلأستكبار ألعالمي, إنّه من آلمؤسف جدّاً على هؤلاء ألذين إتّخذوا آليهود و آلنّصارى أعداء آلنيابة الحقيقية لصاحب آلأمر(عج) - بطانةً من دون آلله و هُم يحسبون أنّهم يُحسنون صنعاً, فظاهرهم (لسانهم) عبر فضائياتهم ألتي جعلتها آلشّركات أليهوديّة بإختيارهم؛ يدعو لأهل ألبيت(ع) .. أمّا باطنهم(قلبهم) و محور حركتهم و وجودهم فمع آلكفر و آلأنحراف(ألدّولار). 
 
إنّ آلحديث ألصّحيح ألمُسمّى حديث "إبن ألّلتبية" تُؤكّد مصداقيّة ما قدّمنا لهُ بشكلٍ دقيقٍ: و هو ما رواه "أبو حُميد ألسّاعدي" قال: [إستعمَل رسول الله - صلى الله عليه و آله و سلّم - رجلاً من بني أسد يُقال له: ابن اللُّتْبية - قال عمرو و إبن أبي عمر: على آلصدقة - فلمَّا قَدِم، قال: (هذا لكم، و هذا لي أُهْدِي لي) فقام رسول الله - صلى الله عليه و آله و سلّم - على المنبر، فحَمِد الله و أثْنَى عليه، ثم قال: [ما بال آلعامل نَبعثه فيأتي، فيقول: هذا لك و هذا لي، فهلاَّ جلَس في بيت أبيه و أُمِّه، فيَنظر أيُهْدى له أم لا؟ و آلذي نفسي بيده، لا يأتي بشيء إلاَّ جاء به يوم ألقيامة يحمله على رقبته، إن كان بعيرًا له رُغاء، أو بقرة لها خُوار، أو شاة تَيْعَر]، ثم رفَع يديه؛ حتى رأَيْنا عُفْرتَى إبطَيه و قال: [أ لا هل بلَّغْت؟!] ثلاثًا(13), وهذا آلحديث يُبَيّن.. إنّ ما أخذه آلجابي أو آلعامل(ألموظف) من مال ألمُسلمين أو آلشعب مُحَرّمٌ و يُعَدّ من آلغلول(14) .. فكيف آلحال إذا كان آلآخذ(ألسّارق) هو آلفقيه ألّذي يُمثّل كلّ آلرّسالة آلأسلاميّة في زمن آلغيبة آلكبرى ألذي وُكّل فيه أمر آلأسلام و آلمسلمين  من قِبَلِ ألأمام ألحُجّة إلى آلفقيه ألعادل ألشّجاع ألمُتصدّي لأمورِ ألمُسلمين؟
 تسويغ ألمُفتين ألحرام للسّلاطين:
 و لذلك فإنّنا نقول بناءاً على ما تَقَدّم  لبعض ألـ"مُفتين" و "آلفُقهاء" أو "ألعلماء" ألّذين أباحوا لأنفسهم و للمُتحكّم أو منْ يرتبط بهم من ذويهم .. ألتّهوك في مال ألأمة .. نقول لهم؛ 
بأيّ دليلٍ أبحتمْ ذلك؟
 
 و لماذا تُخسروا أنفسكم آخرتكم ليربح آلحاكمون دنياهم!؟
 
هل أنتمْ بحقّ تُمثّلونَ قيادة آلأسلام و آلمسلمين في ألـ"حوادث ألواقعـة" ألتي كلّفكم بها ألأمام آلثاني عشر(عج)!؟
 أنّ واقع آلحال ينفي ذلك من آلجذور, و آلشاهد هو موقف و تصرّف ألأمام عليّ(ع) مع آلمسلمين و مع بيت ألمال خصوصاً خلال فترة خلافته و هو حاكم على آلمسلمين جميعاً .. إنّه آلدليل ألعمليّ بعدم جواز تصرّف أيّاً كان و تحت أيّ مسمّى أو عنوان بأموال ألمسلمين إلّا في موارده ألخاصّة ألتي تلتقي فيها مصلحة جميع آلمسلمين و آلأنسانيّة بلا إستثناء – و لا ندري بأيّ حقّ يتصرف بعض آلمراجع بآلأموال لزوجاتهم و أبنائهم و أحفادهم و أصهارهم, و لا نُريد آلخوض في تفاصيل ألتلاعب بتلك آلحقوق و آلمال آلعام  لحاشية بعض ألمراجع و ذويهم شرقاً و غرباً للأسف .. في لندن و أمريكا عدوتا ألبشريّة خصوصاً أو في آلعراق و غيرها .. و أظنّ أن جميع ألمثقفين ألمُتطلعين على علمٍ بما جرى و يجري من هدرٍ لأموال آلمسلمين و إقتصادهم و طاقاتهم للأسف!؟
 
كذلك في آلجانب ألأجتماعي؛ فأنّ موقف أهل آلبيت(ع) و بآلأخصّ ألأمام ألحسين(ع) هي آلأخرى تُدين مواقف و تعاطي أكثر آلفقهاء ألتّقليديين و حاشيتهم ألّذين حجّروا مبادئ ألقرآن و خطّ أهل ألبيت(ع)؛ ليستمروا بآلعيش مع آلأموات بحسب تعبير ألأمام ألفيلسوف محمد باقر ألصدر(قدس)(15) .. إلى آلحدّ ألّذي كاد أنْ يموتَ تماماً لولا نهضة آلأمام ألخميني(قده) و آلأمام ألصّدر(قده) ألفكرية .. آلثورية لتطبيق ألأسلام بعد 1400عام من جديد!
 
و آلغريب أن بعض ألذين أشيع عنهم من قبل حاشيتهم بأنّهم فقهاء و مراجع في آلأسلام؛ أجازوا تلك آلتصرّفات ألغير شرعيّة بأموال ألمسلمين و تسطيح مبادئ ألقرآن و أهل البيت(ع) حسب مقاسات بالية مُدّلاً على ذلك بمقولة ما أنزل الله بها من سلطان و لا نصّ من آلنصوص, حيث يقولون و كما سمعتُ ذلك بنفسي: [ يتصرف ألفقيه بآلأموال لشؤونه آلخاصّة كلٌّ حسب شأنه و مقامه]!؟
 
بيد أن حديث "إبن اللتبية" و موقف ألرّسول(ص) من إدّعائه .. رغم كونهِ كانَ صادقاً في دعواه بـ "ألهدايا" و كذلك أقوال ألأئمّة(ع) و تصرفاتهم بأموال آلمسلمين في مواردها ألشّرعيّة تُنفي تلك آلأدّعاآت و آلتصرفات ألّتي لا أساس لها من آلصّحة عقلاً و نصّاً.
 
كما إنّ موقف و محنة ألأمام ألفيلسوف ألشهيد محمّد باقر ألصّدر(قدس) لدليل معاصر آخر على زيف ألمراجع ألتقليديين؛ حين أهدى له أحد مُقلّديه ألأثرياء من آلكويت بيتاً تعهّد بشراءه له في آلنّجف ألأشرف شخصيّاً لكنّه رفض ذلك قائلاً لهُ: [لو كنتُ جالساً في بيتي(بآلمناسبة لم يكن يمتلك بيتاً شخصيّاً) و لو لم أكن ألبس هذه ألعمامة كدلالة على نسبيّ و علميّ؛ فهلْ كنتَ تهدي لي آلبيت؟ أجاب ذلك آلمُقَلِّد ألصّادق: لا, قال آلأمام ألشّهيد ألمظلوم؛ إذن لا أستحقّ ذلك! و يُمكنك توزيع ثمنهُ بين طلّاب ألحوزة ألعلميّة فهم أحوج لذلك].
 
هذا هو آلتّعامل ألصادق ألشّفّاف من قِبل آلصّادقين مع مبادئ ألقرآن و أهل ألبيت(ع) حيث لم يستغلّها لنفسه أو لعائلته أو ذويه رغم إنّه كان أحوج ما يكون و عائلته للبيت و هو يُمثل آلزعامة ألحقيقيّة للفكر و آلعلم و آلمرجعية .. بل أراد آلأسلام لخدمة أهل الأسلام, و لم يكتفي بذلك بل ضحّى بدمه ألشّريف في سبيل شرف ألأسلام و خلاص ألمسلمين و إنقاذهم, و طالما كان يُردّد مع نفسه في أيّامه ألأخيرة حَسْبَ ما نقل لنا أحد تلامذته هذا آلبيت من آلشعر:
 
لا يسلم آلشّرف ألرّفيع من آلأذي .. حتّى يُراق على جوانبه ألدّم
 
و قد ألقم آلوفد ألبعثيّ ألّذي أرسله صدام في وقتها إلى آلنجف برئاسة زيد حيدر لأستمالته؛ أحجاراً, حين أرادوا أنْ يتّهموهُ بآلطفيلية و آلأتكالية بعد ما عجزوا عن إستمالته و ثنيه عن طريق ألحق حين عرضوا عليه ألأموال و آلمناصب .. أو حتّى مُجرّد كسب رضاه بإصدار بيان مُقتضب يُدين آلأمام ألخميني(قدس) - بقولهم للأمام ألفيلسوف: من أين تُؤمّن مصدر رزقك و رزق عيالك و أنت لا تعمل في مهنة شريفة كما هو حال كلّ ألناس؟
 
أجابهم: إنّني أعيش من مورد ألرّزق ألّذي يأتيني من بيع مؤلفاتي.
 
و لم يكنْ أمام رئيس ألوفد إلّا أن يعترف بسموّ و رفعة و عظمة آلأمام آلفيلسوف ألكبير أبو جعفر(قدس) بآلقول: [ و آلله حيف أنْ تُدفن تحت هذه ألأرض].
 
هكذا يعيش ألعاشقون ألعظماء .. و هكذا ينطقون بمنطق آلله تعالى .. و ستبقى مواقفهم و كلامهم و سيرتهم منهجاً و عنواناً لكلّ ألعلماء ألمُخلصين و آلمُثقّفين ألذين يُريدون نشر ألمحبّة و آلعشق و آلخير في آلأمّة ألأسلاميّة و في ألعالم.
 
كما أنّ آلأمام ألخُمينيّ(قدس) قد ضرب مثلاً رائعاً و كبيراً في تمثيله لقيادة خط أهل آلبيت(ع) حين إمتلك دولةً بحالها و مالها بعد غربته ألطويلة في أرض الله؛ فبعد إنتصارالثورة الاسلامية في إيران عام1979م و تسلمه لزعامة الأمة ألأسلامية و آلأنسانيّة؛ لكنه لم يختلف في حياته و معيشته عن حياة و معيشة  فقراء ألأمّة إلى آلحدّ ألّذي عاش بقيّة عمره و هو آلمالك لخزائن ألريّ و مُلك كسرى في غرفة في مسجدٍ من مساجد طهران(16), و لم  يترك من بعد رحيله حتى بيتاً أو مالاً لزوجته أو أبناءه ألمظلومين ليلقى ربّه بقلبٍ آمن مُطمئن!
 
 و ليس هذا فقط بلْ لم يستلم أبناءه و أحفاده أيّ منصبٍ في آلدّولة ألأسلاميّة سوى مسؤولية ألتبليغ لنشر ألأسلام و هكذا هو آليوم خليفته ألأمام ألسيد علي ألخامنئي دام ظلّه و رئيس و أعضاء حكومة آلأسلام حيث أنّهم يعيشون و همّهم ألأكبر هو خدمة آلشعب و آلقضايا آلأسلامية, بينما نرى للأسف بعض ألمراجع بآلمقابل و في حين لم يستلموا ألحكم حتىّ في مدينةً واحدة لكنّهم و ذويهم تصرّفوا بأموال المسلمين(ألخمس و آلزكاة) حتىّ إمتلكوا آلعقارات و آلأرصدة و تصرّفوا مع ذويهم بها لشؤونهم ألخاصّة, بحيث وصل آلأمر ببعضهم لئن يستئجر طائرة مَدَنيّة خاصّة للسّفر إلى أوربا لأجراء عمليّة جراحيّة بسيطة كان يُمكن إجرائها حتىّ في آلعراق أو إيران أو آلهند بينما كان آلناس من حوله يموتون جوعاً و مرضاً في وقتها!
 
إنّ منهج أهل ألبيت(ع) لا يبقى له معنىً و لا أثراً و لا مصداقاً في ألأمّة؛ إذا تمّ آلتّعاطي معه على أساس ما ذكرنا خصوصاً في مسألة ألتّصرف بألأموال و آلحقوق خصوصاً من قبل ألمتصدّين و بعض ألمرجعيّات ألدينيّة ألّتي يُفترض بها أنْ تُمثل هذا آلخط ألرّباني(17) –  فشرع أهل ألبيت (ع) لا يُجيز ألتّصرف بحقوق ألناس و عواطفهم لأنفسهم و لذويهم -  لتهيئة وسائل ألرّفاه و آلبذخ و آلسفرات و الجولات ألخاصّة و آلعامّة و شراء ألفلّات و آلعقارات و آلمشاركة برؤوس تلك آلأموال ألكبيرة في أسهم ألشركات أليهودية في أسواق ألعملات و آلبورصات في لندن و نيويورك و سويسرا بينما آلعالم آلأسلاميّ يئن من وطأة مخططات و ضربات أصحاب تلك آلشركات ألتي تُصَنّع ألطائرات و آلصواريخ بتلك آلأموال ألمُساهمة لضرب معاقل ألمسلمين و دولتها الأسلاميّة ألمُباركة.
 
فهل هناك فرقٌ كبير في هذا آلجانب بين أفعال شيوخ ألوهّابيّة في دول ألخليج ألّذين يستثمرون أموالهم في أسهم ألشركات ألعالميّة و بين أمثال أؤلئك آلمراجع ألطفيليين ألّذين تلبّسوا بزيّ و قداسة أهل  آلبيت(ع) في آلظاهر و هم يفعلون نفس ألشيئ لأستحمار آلناس و إستنزاف طاقاتهم و تدمير بلاد ألمسلمين؟
 
لا أعتقد بوجود فوارق كبرى سوى في آلمُسمّيات و آلعنوان آلظاهري .. لأنّ آلفعل هو نفسه!؟
 
ما تقدّم هو ليس كلّ ما نريد بيانهُ في حقيقة منهج آلعترة آلطاهرة و آلمُدّعين بتمثيلها آليوم, حيث لا يُمثّلها بصدقٍ إلّا من سار على خطى آلأمام ألصّدر ألفيلسوف و خطى الأمام ألخميني و تلامذتهم قدّس الله أسرارهم .. و ما آلمقدمة ألواضحة ألآنفة و آلتي لا تقبل آلشّك و آلتّبرير؛ سوى حقائق عمليّة نُعرضها على آلمُتطلعين و آلباحثين كمعالم لتشخيص ألقيادة ألحقيقيّة ألّتي تُمثّل هذا آلخط  ألمُقدس ألّذي بات هو آلأمل ألوحيد للمستضعفين في آلأرض ألتي إمتلأت ظلماً و جوراً في آلشّرق و آلغرب .. لخلاصها من ظُلم و تسلط  ألبنوك و ألشّركات ألعالميّة ألكبرى ألّتي تُسَيّر آليوم إقتصاد ألعالم و حكومات ألدّول ألـ (193) بإستثناء ألجّمهوريّة ألأسلاميّة بقيادتها ألشّجاعة ألّتي تُمثّل ألنّيابة ألحقّة لأمام ألعصر(عج)!
 
 إنّ مُجَرّد إصدار رسالة عمليّة تكرّرتْ فحواها على مدى آلقرون لا تُمثل كلّ آلأمانة ألألهية التي تركها الله سبحانه و تعالى و أهل بيته(ع) في أعناق ألأنسانيّة(18) خصوصاً في عُنق وليّ ألفقيه في عصر آلغيبة ألكبرى, هذا لو سلمنا براءة ألفقية ألتقليديّ ألمُتصدّي "صاحب ألرّسالة"؛ من سوء إستغلال أموال ألنّاس و حقوقهم و طاقاتهم(19) كما فصلنا آلكلام فيه آنفاً!؟ 
 
إنّ آلتوقيع ألمشهور(20) ألّذي وَرَدَ نصّاً من قبل صاحب ألزّمان(عج) يُبيّن بوضوح بأنّ "آلحوادث ألواقعة" تتعدّى أحكام ألصّوم و آلصلاة و آلعبادات ألشخصيّة لكونها – أيّ ألعبادات – قد تمّ بيانها مفصّلاً من قبل آلله تعالى إجمالاً في آلقرآن و تفصيلاً من قبل آلرّسول(ص) ثمّ آلأئمة ألأطهار(ع) قبل 1400 عام .. و هي أموراً قدْ وقعتْ و توضحتْ أحكامها في آلماضي, و "آلحوادث ألواقعة" إشارة مُجملة تُفيد ألمُستقبل – أيّ تلك آلتي لم تقعْ فيما بعد, و تشمل جميع ألمسائل ألمُستحدثة في آلمجال ألأقتصادي و آلأجتماعي و آلسياسيّ و آلعلميّ و آلتربوي و آلفني و آلتكنولوجي و آلمعماري و ما إلى ذلك من آلأمور ألتي تخضع لتطور ألفكر ألأنسانيّ, و تلك هي  آلحوادث ألواقعة ألّتي على آلفقيه ألنّظر فيها و تحديدها نفياً أو إيجاباً بما يتناسب مع أصل ألنّصوص و تقرير ألثّقلين(كتاب الله و عترة آلرّسول صلّ الله عليه و آله و سلّم) مع آلأخذ بنظر ألأعتبار ألتّطورات ألتي رافقتْ و تُرافق ألبشريّة على كلّ صعيد.
 
لكننا نرى و على آلرغم من وضوح هذا ألأمر لأهل ألحوزة ألدّينية ألتقليديّة إلّا أنّهم تجاهلوا هذا آلأصل  و تركوه؛ بينما يُمثل في آلحقيقة أساس ألثّقل و ساحة آلأجتهاد ألتي أشار لها صاحب آلعصر و آلزّمان(عج), ممّا يعني عدم تمسّكهم و إعمالهم لمبادئ أهل ألبيت(ع) بلْ و مُحاولة منهم من باب تحصيل حاصل؛ حرِف مسارهم و نهجهم جهلاً أو تجاهلاً .. بما يتناسب و مصالحهم ألضّيقة, و هذا لعمري من أكبر ألجّرائم ألّتي تُرتكب بحقّ أهل ألبيت(ع) ألذين ما زالوا مظلومين من آلسنة أولاً و من آلشيعة ثانياً على آلسّواء تقريباً.
 
إنّ آلأمام ألمُنْتَظِر(عج) – و ليس ألمُنتَظَر - ينتظرنا ساعةً بعد أخرى لنُكَثّف عملنا و نضاعف سعينا لتفعيل ألفكر ألذي بنى أساسه هو و أجداده ألطاهرين ألشهداء .. على آلأقلّ في بلاد ألمُسلمين خصوصاً في أرض ألرّسالات ألسّماويّة كآلعراق و آلسّعودية و بلاد ألشّام .. مُستلهمين دروس آلثّورة آلأسلاميّة ألمُباركة من نهج ألأمام ألخُمينيّ ألعظيم و آلفيلسوف ألمظلوم محمّد باقر ألصدر(قدس) و تلامذتهم آلمُخلصين ألّذين ذابوا في آلأمام آلخميني كما ذاب هو في آلأسلام(21), للتمهيد إلى آلظهور ألكبير لتأسيس ألدولة آلعالميّة ألعادلة إنْ شاء آلله.  
 
و نختُم كلامنا في آلقسم ألرّابع بآيات من آلذكر ألحكيم:
 
[و لا تزر وازرة وزر أخرى و إنْ تدع مُثقلةٌ إلى حملها لا يُحمل منهُ شيئاً و لو كان ذا قربى, إنّما تُنذر آلذين يخشون ربهم بآلغيب و أقاموا آلصلاة و منْ تزكّى فإنّما يتزكّى لنفسه و إلى آلله ألمصير, و ما يستوى آلأعمى و آلبصير, و لا آلظّلمات و لا آلنّور, و لا آلظّل و لا آلحرور, و ما يستوي آلأحياء و لا آلأمواتُ إنّ آلله يُسمعُ منْ يشاءُ و ما أنتَ بِمُسمعٍ منْ في آلقبور] صدق الله آلعليّ آلعظيم(22).
[لقد أرسلنا رسلنا بآلبينات و أنزلنا معهم ألكتاب و آلميزان ليقوم آلناس بآلقسط و أنزلنا آلحديد فيه بأس شديد و منافع للناس و ليعلم آلله من ينصره و رسله بآلغيب إن آلله قويّ عزيز](23)
و لا حول و لا قوّة إلّا بآلله ألعليّ ألعظيم.   
 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) نعني بـ "آلمرجعيّة ألتقليدية"؛ تلك آلمرجعيّة ألعرفيّة ألتي إبتعدتْ عن خط ألتوحيد ألعمليّ كأصلٍ في آلنّظريّة ألأسلاميّة ليكون مُرتكزاً لنظام ألحكم في آلدّولة ألأسلاميّة .. هذا آلواقع جعل حتّى ألعلمانيّين خلال آلعقود ألتي سبقتْ إنتصار ألثورة ألأسلاميّة في إيران عام1979م لأنْ يَعيبوا على تلك "آلمرجعيّة ألدينيّة" و حاشيتها؛ رفضها ألمشاركة ألسّياسية و آلتنحيّ بعيداً عن قضايا آلشأن ألعام, و آلمُفارقة ألمُجحفة من قبل ألعلمانيين و معهم ألسّلفيين, هي أنّهم و بعد إنتصار ألأسلام في إيران بقيادة ألمرجعيّة ألدينيّة ألتي مثّلتْ بحقّ خط ألأسلام ألأصيل و آلنيابة ألعامة لصاحب آلعصر و آلزمان ألأمام ألمهدي(عج) – نراهم – أيّ ألعلمانيّون و معهم ألمعاندون من خط السلفيّة الوهابية – قد أعلنوا مُعاداة آلثورة ألأسلاميّة بقيادة(ولي ألفقيه) و أنكروا عليها ألتدخل في آلسياسة أو و مُعاداتها لفلك ألأمبريالية ألعالميّة, في مُحاولةٍ لتشويش أذهان المسلمين بعدم طهارة تلك المرجعية, و أنّ آلأسلاميين بقيادة ولاية ألفقيه ليس لهم مأرب سوى آلسلطة, و أنّ حديثهم عن ألدين ما هو إلّا وسيلةً للحكم, و لا يُخفى على آلمثقفين ألواعيين بأن هذا آلهجوم إنّما جاء بسبب إفلاس العلمانيين و آلسلفيين ألذي إبتدعوا أطروحات وضعية كـ "آلديمقراطية" من قبل ألعلمانيين أو "ألشورى" من قبل ألسلفيين ألذين أراق أجدادهم دماء أهل ألبيت(ع) و غصبوا حقّ الله و آلرّسول و آلوصي في آلخلافة من بعد الرسول(ص) بأمرٍ من الله تعالى! و ما تعلموا من تجربة آلـشّورى ألتي دمرّت ألنّظرية ألأسلاميّة ألأصيلة بعد ما خلّفوا لنا تأريخاً مليئاً بآلمظالم و القتل و الذبح و آلفتن بسبب ألمذاهب ألأسلاميّة ألتي لم أقرأ نصّاً لمؤسيسها بكونهم شكّلوا مذهباً .. فآلحقيقة ألتي ما تزال خافية على إخواننا أهل ألسنة بجانب بدعة آلسقيفة هي أن السلاطين ألّذين كانوا إمتداداً لخطّ ألسقيفة هم آلذين أسّسوا و أعلنوا عن تلك المذاهب كندٍّ أمام خط أهل البيت(ع) للأستمرار بسلطتهم على الناس بغير حقّ!
(2) للاطلاع على محنة ألقرآن راجع ألقسم آلثالث من آلمنتدى ألفكري.  
(3) ألمحطات ألسبعة هي: ألطلب, ألعشق, ألمعرفة, ألتوحيد, ألأستغناء, ألحيرة, ألفقر و آلفناء, و قد فصلنا الحديث فيها عبر سلسلة حلقات "أسفارٌ في أسرار ألوجود" فيُرجى ممّن يُريد معرفة ألمزيد من آلتفاصيل مراجعة آلجزء ألأوّل و آلثّاني و آلثّالث و آلرّابع في هذا آلبحث آلجديد ألجميل.
(4) يتطلّب دراسة آلأسفار لمعرفة تفاصيل هذه ألحقيقة, حيث لا أوافق ما ذهب إليه ألمُفسّرون بتعبيرهم؛ كون حركة ألمؤمن و سعيهُ و عملهُ في آلدّنيا هي لله تعالى! أو قولهم بكون آلمؤمن خادماً لربّه كما شاعَ في أوساط آلمؤمنين للأسف؛ لكون آلله تعالى غنّيٌّ عن ألعالمين, و لو إجتمع آلجّن و آلأنس على أنْ ينفعُوه أو يضرّوره تعالى بشئ ما إستطاعوا, و إنّما حركة آلأنسان ألمؤمن ألعارف ألعامل تكون من خلال ألخدمات ألّتي يُقدّمها لعباد الله في آلأرض من خلال  ألأعمار و آلبناء و آلفكر آلجديد .. و ليس للأنسان إلّا ما سعى!؟ و ساحة ألعمل بين عباد الله و مدى آلمنفعة  ألتي يُوصلها آلعامل لأخيه ألأنسان؛ هو آلمحكّ ألّذي من خلاله يتكوّن و يتنامى رصيد آلعبد عند الله جلّ و علا, لِيُثيبه آلباري على ما قدّم, و تلك هي آلعبادة ألحقيقيّة و لها أربعة مستوياتٍ في مدارج ألسالكين ألعارفين, و كما وَرَدَ في نهج ألبلاغة؛ [روى عن آلشيخ ألصّدوق كما ورد في نهج ألبلاغة ألذي جمعه الشريف ألرضيّ بإسناده عن ألأمام ألصّادق جعفر بن محمد عليه ألسلام قال؛ قال عليّ عليه آلسلام: [أنّ قوماً عبدوا الله رغبةً فتلك عبادة ألتّجار ، و إنّ قوماً عبدوا الله رهبةً فتلك عبادة ألعبيد ، و إنّ قوماً عبدوا الله شكراً فتلك عبادة ألأحرار], ألوسائل, مقدمة ألعبادات ، باب ما يجوز قصده من غايات ألنّية, ألجزء 1 ص 10. 
(5) قال رسول الله(ص): [مثل أهل بيتي فيكم كسفينة نوح من ركبها نجا و من تخلّف عنها هلك].
(6) في أمالي آلمفيد؛ 132 بسند متواتر عن آلرسول(ص)؛[ لتفرقن هذه ألأمّة على ثلاث و سبعين فرقة, و آلذي نفسي بيده, إنّ آلفرق كلّها ضالّة إلّا منْ تبعني و كان من شيعتي]. و قد تواتر نقل هذا الحديث بصيغ مقاربة في أكثر مصادر ألفريقين.
(7) قال تعالى: [قل لا أسألكم عليه أجراً إلّا آلمودّة في آلقربى](ألشورى / 23).
(8) للأسف تصوّر بعض الشيعة إنّ ضرب "القامات" و شق الجيوب و تدميم الجسم في مواسم خاصّة كعاشوراء هو آلتعبير و آلتصديق ألحقيقي و آلعيني لذلك آلعشق!؟
لكنهم ما عرفوا بأنّ تلك العادات ألبالية ليس فقط لم تعد تجدي نفعاً .. بل أصبحت محلّ إستنكار و تقزز لأكثرية الناس في هذا العصر, لكونها لا تخدم الرسالة الاسلامية .. هذا إذا سلمنا بعدم إيصال ألضرر من خلال إعمالها لجسم الأنسان و روحه .. خصوصاً للأطفال و آلنساء, فآلبديل ألأفضل عن ذلك هو تفعيل تلك المناسبات لوعي رسالة أهل البيتْ(ع) و معرفة طرق تطبيقها و إعمالها لخلاص المجتمع الأنساني من آلذل و التبعية و الشهوات و أمراض النفس شاعتْ بين شرائح كبيرة في المجتمع الأنساني.
(9) يجب آلقول بأنّ عشق آلكائنات بإتجاه ألخالق قد عبّر عنهُ آلقرآن ألكريم بجملة واضحة و صريحة لجميع الناس .. حيث إستجمعت كلّ أبعاد ألعشق, و هي؛ [يُسبّح لله ما في آلسموات و آلأرض ألملك ألقدوس ألعزيز الحكيم](ألجمعة / 1), و كذلك؛ [و إنْ من شيئ إلا يُسبّح بحمده و لكن لا تفقهون تسبيحهم](ألاسراء / 44). و كذلك؛ [أ لم ترَ أنّ الله يُسبّح لهُ منْ في آلسموات و آلأرض و آلطير صافّات](ألنور / 41). هذه آلآيات بكلّ وضوح و شفافيّة لم تستثني شيئاً أو موجوداً إلّا  بآلتسبيح لله, بمعنى؛ عشق الله تعالى, و آلعشق درجات و مراتب بيّناها في حلقات آلأسفار؛ (أسفارٌ في أسرار ألوجود) بآلتفصيل.
(10) لكيّ ينال المسلم درجة ألتشيع بحيث يُقال عنه "شيعيّ" عليه أنْ يُطبّق حديث آلأمام ألباقر(ع) لجابر ألجعفي رحمة الله عليه, حيث لخصّ فيه آلأمام(ع) صفات ألمُدّعي بآلأنتساب إلى هذا آلخط بآلنحو ألتالي: 
[عن الإمام الباقر (عليه السلام) في محاورة له مع جابر الجعفي: "يا جابر !.. أيكتفي من ينتحل التشيّع أن يقول بحبنا أهل البيت ؟!.. فو الله ما شيعتنا إلا من اتقى الله وأطاعه، وما كانوا يُعرفون يا جابر إلا بالتواضع والتخشع والأمانة، وكثرة ذكر الله، والصوم، والصلاة، والبرّ بالوالدين، و التعهد للجيران من الفقراء و أهل المسكنة، و الغارمين، و الأيتام، و صدق الحديث، و تلاوة القرآن، و كفّ الألسن عن الناس إلّا من خير، و كانوا أمناء عشائرهم في آلأشياء"]. 
"فإتّقوا الله و اعملوا لما عند الله ، ليس بين الله و بين أحد قرابة، أحب العباد إلى الله عزّ وجلّ و أكرمهم عليه أتقاهم و أعملهم بطاعته". 
"يا جابر!.. فو الله ما يُتقرّب إلى الله تبارك و تعالى إلّا بالطاعة، و ما معنا براءة من النار، و لا على الله لأحد من حجّة، من كان لله مُطيعاً فهو لنا وليُّ، و من كان لله عاصيا فهو لنا عدوّ، و لا تنال ولايتنا إلاّ بالعمل و الورع".
(11) هذا آلقليل؛ هم قومٌ من بلاد فارس, حيث أشار لهم ألرّسول آلكريم(ص) في مواطن كثيرة حتى في كتب السنة قبل الشيعة, ككتاب الملامح و الفتن و كتاب صحيح البخاري و صحيح مسلم و غيرها, و أشهرها رواية من خلال تفسيره للآيات ألأولى من سورة ألجمعة ..(... و آخرين منهم لمّا يلحقوا بهم و هو آلعزيز ألحكيم)! حيث ورد آلتفسيرين بطرق مختلفة عن رسول الله بقولين؛ ألأول: [حين سئل الرسول عن آلقوم ألذين يأتون من بعدنا .. من هم يا رسول الله, قال(ص) و هو يربت على كتف ســلمان ألمحمدي(ألفارسي)؛ قومٌ من هذا] و في آلقول ألثاني؛ [ و هو يربت على كتف سلمان ألمُحمديّ؛ رجلٌ من هذا](لعلها إشارة إلى آلأمام ألخميني(قده) ألذي قدّم آلأسلام للأمام 500عام على آلأقل, فآلصحوة آلاسلامية المُمتدة اليوم في البلاد العربية و الأسلامية ما هي إلا نتيجة تلك آلنهضة ألأسلامية ألكبيرة.
(12) حين إنتفض آلأمام ألفيلسوف محمد باقر ألصدر(قدس) تعرّض إلى مُضايقات و إنتقادات شدية من قبل المرجعية ألتقليديّة في آلنجف ألأشرف بسبب خوفها, و إتهموه بأنّه يُريد آلرئاسة و تشتيت ألمرجعية, و إتهموه بآلبساطة و السذاجة في فكره, و عدم قدرته على فهم ألأمور, بل إعتبروا إعلانه بآلوقوف بوجه البعثيين ألظالمين و إسقاط نظامه خطأ كبيراً, حتّى غدا وحيداً مع أخته العلويّة بنت الهدى في ساحة الصراع الدموي مع أوحش نظام عرفته البشريّة, كما إنّ إبن و مُمثّل ألمرجعية آلتقليديّة ألّذي إجتمعتُ به في آلمدينة ألمنوّرة في آلسعودية موسم الحجّ عام 1984م (ألسيد حجّة آلأسلام و آلمسلمين ...) قد أبدى تذمّره و سخطه على قيادة ألثّورة ألأسلاميّة ألتي كانتْ تخوض في وقتها حرباً دفاعيّة عن ثورتها ضد آلنظام ألبعثي ألّذي هجم على دولة آلأسلام في إيران نيابةً عن آلصهيونيّة و آلمستكبرين في آلعالم, منتقداً بشدّة مواقف قائد ألثورة ألأسلاميّة ألأمام ألخميني(قده) بينما ترك آلحديث عن آلظالمين و آلمستكبرين ألذي سببّوا ألدمار و كل آلمفاسد في آلأمّة ألأسلاميّة عبر حكوماتها الدكتاتورية المستبدة!
(13) مصادر ألحديث كثيرة في آلفريقين و نكتفي بذكر بعضها؛ مجمع ألزوائد – للهيثمي, ج5 / رقم 252. و رواه ألبخاري – برواية جابر بن عبد الله ألأنصاري. و ذكره إبن كُثير في تفسيره في آلجزء ألثاني صفحة 132. و في خلاصة الدرجة – للمحدث ألألباني, ألمصدر؛ إرواء ألغليل, ح 2622. و في فتح ألباري – لأبن حجر ألعسقلاني, صفحة 175 رقم 13.
(14) ألغلول هو؛ ما أُخِذَ أو سُرق من بيت آلمال.
(15) للتفاصيل حول موقف ألأمام آلفيلسوف محمّد باقر الصدر(قدس) من آلمرجعيّة ألتقليدية ألعرفية؛ راجع كتابه ألموسوم بـ : (ألمحنة) و هي عبارة عن مُحاضرتين ألقيتا على طلبة ألبحث ألخارج في آلنجف ألأشرف.
(16) عاش آلأمام الخميني(قده) و عائلته في غرفتين من غرف مسجد جمكران في شمال طهران, حيث إستخدم إحدى تلك الغرفتين لأستقبال الضيوف و المسؤولين في الدولة, أما الثانية فكانت لسكنى عائلته المتواضعة, هكذا كان جدّه ألأمام علي(ع) حيث عاش في بيته المحاذي لمسجد الكوفة و سار آلخميني العظيم على نفس ألنهج العلوي ألمحمدي, حيث لم يسافر حتى لزيارة قبر آلسيدة المعصومة للنزهة و لا مرّة واحدة. . هكذا يعيش العظماء و يموت العظماء و لا يهمهم سوى آلحق!
(17) عن آلرسول (ص): [مثل آلعالم في آلأمّة كمثل ألرأس من آلجسد؛ إذا فسد آلرأس فسد آلجسد].
و ورد في حديث آخر بنفس ألمعنى: [مكان آلعالم في آلأمّة مكان ألرأس من آلجسد, إذا صلح آلرأس صلح آلجسد و إذا فسد آلرأس فسد آلجسد].
كما ورد بتعبير آخر: [ألمؤمن من أهل ألأيمان بمنزلة آلرأس من آلجسد, يألم ألمؤمن لأهل ألأيمان كما يألم آلجسد لما في آلرأس].
و لعل شكوى آلرّسول(ص) ألدّائم بقوله: [شيّبتني سورة هود و صالح] هو مصداق على حساسيّة و عظمة آلمسؤولية ألّتي في أعناق من يتحمّلون ألتّصديّ لشؤون آلأمة و هداية آلأمّة, فحين سُئل عن سبب ذلك و هو آلرّسول ألمبعوث من قبل ربّ آلعاملين؛ أجاب(ص): [و إستقم كما أمرتْ و من تاب معك](حيث وجبَ عليه الباري تعالى هداية ألأمّة و إستقامتهم, لهذا كان يتألم من تصرّفات بعض الصحابة و غلظتهم و معاكستهم للرّسول أحياناً و لأهل ألبيت(ع)!
و أتعجب للكتل آلسياسية في العراق و في العالم آلعربي كيف إنهم يفعلون آلمستحيل في سبيل آلوصول لسدّة ألحكم و آلمسؤولية و هم يعلمون بوجود ألأتقى و آلأعلم منهم, كلّ ذلك لجهلهم بحقيقة الأنسان و معنى المسؤولية و هوى آلرئاسة و شهواتها و ملذاتها, لهذا على آلمثقفين أن يُدركوا بأنّ أيّ كتلةٍ أو رئيس يسعى للصعود على أكتاف ألفقراء و حقوقهم و عبر آلمناورات و آلتكتلات ألسياسية؛ هم أسوء خلق الله حتّى و إنْ إدّعوا ما إدّعو, و لنا في تجربة ألتّحالفات ألعراقية بعد سقوط آلنظام ألبعثي الوحشي عام 2003م شواخصَ بارزة في آلكثير من آلذين تصدّوا لمسؤولية آلحكم في آلعمليّة آلسياسية و كانوا سبباً لتفريق شمل و وحدة الأمة و آلطائفة و قيادتها آلحكيمة بتكتلاتهم؛ بسبب نشوة الرئاسة و هوى آلتسلط ألذي عشعش في صدورهم  بعيداً عن منهج أهل البيت(ع) و من يُمثلهم على أرض ألواقع – أيّ بدون أمر وليّ آلفقيه ألمُتصدي للنيابة ألعامة لصاحب ألعصر و آلزمان(عج) في هذا آلعصر ألذي هو بمثابة صمّام ألأمان لحفظ آلمسيرة من آلأنحراف!
(18) قال تعالى في محكم كتابه الكريم في سورة ألأحزاب / 72 ؛[ إنّا عرضنا آلأمانة على آلسمواتِ و آلأرض و آلجبال فأبيّن أنْ يحملنها و أشفقن منها و حَمَلَها آلأنسان إنّه كان ظلوماً جَهولاً], و لا يستطيع الحامل لهذه الأمانة أن يكون فاعلاً إيجابيّاً؛ ما لم يكن إنساناً كاملاً, لهذا فأنّ آلمرجع ألحقيقي لا بُدّ و أنْ يكون إنساناً كاملاً قبل كلّ شيئ, و آلحال أن الكمال لا يجتمع في قلبٍ إختلط فيه حقوق آلناس مع نفس حاملها!
(19) حقوق ألنّاس على مَرْجِع ألدّين كثيرة؛ و تتعلّق بجميع مناحي ألحياة ألسياسية و آلأقتصادية و آلأداريّة و آلماليّة و آلأجتماعيّة ككل, و لا مجال للتّوسع فيه هنا.
(20) ألتّوقيع ألمشهور ألّذي رواه ألشيخ أبو إسحاق بن يعقوب ألكُلينيّ عن ألأمام ألحُجّة (عج) : [قال : سألت مُحمّد بن عثمان ألعمري أنْ يُوصل لي كتاباً قدْ سألتُ فيه عن مسائل أشكلتْ عليّ ، فَوَرَدَ آلتوقيع بخطّ مولانا صاحب ألزّمان (عج) : أمّا ما سألت عنهُ أرْشَدكَ آلله و ثبّتكَ ... ـ إلى أنْ قال ـ و أمّا آلحوادث ألواقعة فإرجِعوا فيها إلى رُوّاة حديثنا فإنّهم حجّتي عليكم و أنا حُجّة الله](وسائل ألشيعة, ج18 , باب 11, من صفات ألقاضي, ح9).
(21) قال آلشهيد آلفيلسوف مُحمّد باقر ألصّدر(قدس) لمُقلّديه بعد إنتصار آلثورة ألأسلاميّة قُبيل إعتقاله آلأخير ثمّ إستشهاده؛ [ذوبوا في آلأمام ألخُمينيّ كما ذاب هو في آلأسلام].  
(22) سورة فاطر / 18 و 19 و 20 و 21 و 22.
(23) سورة ألحديد / 25.



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=9802
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2011 / 09 / 25
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 18