• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : الصراع السياسي الراهن في العراق . . سماته ومستوياته .
                          • الكاتب : كريم الوائلي .

الصراع السياسي الراهن في العراق . . سماته ومستوياته

الحريصون على الحصانة الدستورية والشراكة الوطنية الحقيقية وعلى مجمل مسار العملية السياسية انخرطوا جاهدين ومجتهدين في البحث عن مخارج تضمن وتصون المسار الصحيح للعملية السياسية ، واكثر المخارج والآراء ((تطرفا)) تلك التي تذهب الى ضرورة الاتيان بوجوه جديدة افضل تعاملا  واكثر حرصا على المشروع الوطني من اجل انتقاء وانتخاب شخوص لم يصطبغوا من بعيد او قريب بملوثات الصراع السلبي الدائر الآن الذي قمّص الوطنية العراقية بغير رداءها الناصع والسياسة بغير قميصها ، ويأتي ذلك الحرص والقلق المشروعين بعد ان  تعددت  محاور وانماط الصراع واكتسابه سمات غير مسبوقة في مفاهيم السياسة بوصفها طراز راق من المعرفة ، واول صفة اصطبغ بها الصراع السياسي  الراهن هي التسقيط الشخصي للخصم قبل تسقيطه السياسيا  في الاعلام  والملتقيات حتى اصبح الخطاب الاعلامي بمثابة قوة قهرية للي ذراع الآخر بدلا من الحوار الموضوعي ، وقد انساقت بعض وسائل  الاعلام  وراء هذا النمط بحثا عن الاثارة غير المسؤولة وكان من جراء ذلك انسحاب مهيمنات الصراع السياسي على بعض وسائل الاعلام وافقد حجج الاعلاميين في المطالبة بحق الحصول على المعلومة بوصفها واحدة من اهم مهامه ، وفي الحوارات التي تدور بين القوى المتخاصمة يتركز الجدل على المغانم الكتلوية وينسحب الصراع عليها الى داخل الكتلة الواحدة وهذا ما يفسر الانشقاقات والتصدعات التي تصيب بعض الكتل السياسية وخاصة تلك التي حازت على مناصب ومغانم عديدة في الادارة الحكومية وغالبا ما ينتهي هذا النوع من الصراع بالتردي الامني وعندئذ تتبادل الاتهامات وتستل الملفات المدخرة لمثل هذه المواقف ، كما يكتسب الصراع صفة اخرى اكثر خطورة من سابقتها ونعني بها التدخلات الخارجية وغياب الهم الوطني وهذا ما يفسر تهميش المصالح الوطنية العليا للعراق في معالجة بعض المشاكل المختلف بشأنها بين السياسيين  ، وبخلاف ما نرى ونسمع في دول العالم التي يضع سياسيها المصالح العليا لبلادهم في اول سلّم الاوليات نجد اليوم في بلادنا من يسخر مصالح بلاده لاهدافه السياسية وميوله الطائفية فيزايد على رحيل الاحتلال من العراق ويريد مقابل الموافقة على ذلك مكاسب سياسية وقد رأى العراقيون كيف يزايد بعض السياسيين على  انهاء تواجد الشركات الامنية ((مجاهدي)) خلق  من العراق ويتعاملون مع هذه القضيا بمكاييل مختلفة فيما يركض البعض الآخر من السياسيين وراء موائد وفتات مؤتمرات التآمر المعادي للعراق  ومحاولة استعارة حلول جاهزة لمشاكل العراق الداخلية من الخارج  وكذلك في المشاكل الاقليمية مثل مشكلة ميناء مبارك الكويتي ومشكلة الدعم الاقليمي للعنف والتعويضات المالية الناتجة عن حرب الكويت .                                            
 وصفة اخرى اكتسبها الصراع السياسي هي اللادستورية ابتداء من الخلاف على تعديله الى الخلاف على تطبيقه كالخلاف على مجلس السياسات الاستراتيجية والموقف من هيئتي النزاهة والمسائلة والعدالة وملفات الفساد وما يتعلق ببعض القوانين والتشريعات مثل قانون النفط والغاز والاراضي المتنازع عليها والثروات الخاصة بالاقليم والمحافظات غير المنتظمة بأقليم وصلاحيات الرئاسات  ونوابهم  وصلاحيات الحكومات المحلية ، ويتهافت بعض السياسيين على استغلال حالات الشد والجذب التي يفرزها العمل السياسي ويجهدون انفسهم من اجل احراز مكاسب سياسية معرضين الحصانة الدستورية لمؤسسات الدولة الى الخروقات ومقللين  في الوقت نفسه من هيبة الدستور والنظام وقد رأينا وسمعنا كيف يستسهل البعض تجاوز الدستور وخرقه في خضم الخلافات المستمرة ، ولعل ابرز الصراعات التي تدور اليوم ما كان لها ان تكون لو تمسكت الاطراف المتصارعة بالدستور لحين الاتفاق على تعديله ، بل ، ان تهميش الدستور واقصاءه هو الذي عمق الصراع وأشاع الفوضى وافرغ العمل السياسي من مفاعيل الثقة المتبادلة بين كل الاطراف وجرد العلاقات السياسية من الشروط الانضباطية والاجواء الوطنية ، وما نشاهده اليوم من خلافات متصلبة لهو دليل واضح على تغيب دور الدستور وتغليب طريق المساومات والمزايدات والمثال على ذلك ما يحصل  من استعصاء حول مجلس السياسات الاستراتيجة الى الحد الذي بدا فيه السياسين لا يفرقون بين دستورية المجلس الاتحادي المسكوت عنه وبين المجلس الآخر الذي افرزته التوافقات السياسية التي لا تستند الى ضابط دستوري  . 
 ولعل من اكثر سمات الصراع السياسي ترديا في العراق هي تغليب المصالح الذاتية على مصالح المواطن وهذا ما يفسر غياب الهموم الشعبية عن متداولات السياسيين ، وكان من جراء ذلك اهمال حاجات المواطن الاساسية وتركه فريسة للغلاء والفساد المالي  والادري الذي يحول دون تداول معاملات الناس في دوائر الدولة وتردي الخدمات وتلكئ انسيابية ونوعية مواد البطاقة التمويتية وتهوين حالة النزف الدموي المستمرة جراء تردي الامن وتصاعد اعداد اطفال الشوارع والمشردين والشحاذين وزيادة معدلات البطالة بين الشباب ، ثم تأتي صفة اخرى للصراع يحار المراقب في تصنيفها ووصفها وتسميتها وهي تلك التي تتعلق بأستشراء الرشوة والمحسوبية والمنسوبية وتحويل مكاتب الوزارات الى مكاتب تجارية تمرر خلالها العقود المشبوهة  اضف الى ما يحصل  في السجون من تهريب للقتلة  والمجرمين والسراق والحيلولة دون ايقاع حكم القانون بهم وكان ذلك سببا في تصاعد معدلات الجريمة ، ولا نملك من تسمية لهذه السمة من الصراع إلاّ باللأخلاقية وذلك لعمق ضررها المادي والمعنوي وخلوها من الواعز الانساني وافتقارها للقيّم الوطنية التي تتزيّن بها منظومتنا الثقافية بما تختزنه من اعراف وعقائد وسنن ، وقد اعتدنا اليوم  ان نسمع ونرى اقوال وتصريحات تبرئ القاتل والسارق والمارق وتتهم البرئ وتنال من المخلص والنزيه وتقلل من مكانة الشريف ولاسباب سياسية بأمتياز وبذلك تتحول السياسة عند البعض من علم وممارسة رفيعة وباذخة باخلاقياتها واهدافها الى وسيلة تسقيطية للخصم  وكان الخصومة لا اخلاقيات لها ، واذا كانت السياسة ، في الاصل ، قد اقترنت بحفظ كرامة الانسان وسيادة الاوطان والدفاع عن حقوق المواطنة فأن الخصومة فيها ترتقي الى مستوى هذا النمط من  الاهداف وعلى ذلك وصفت السياسة على انها ارقى العلوم وهذه هي الصفة المفقودة من السلوك السياسي في العراق اليوم فلا اهمية للعهود ولا قيمة للمواثيق ولا اعتبار للوعود وما ان يوقع السياسي على وثيقة الاتفاق حتى يتنصل عنها بعد حين فتهبط قيمة الوثيقة الى ما دون ثمن حبرها وفي واقع الحال ان الهبوط القييمي لا يشمل الوثيقة وحدها بل يتعدى ذلك الى مكانة السياسي نفسه والتجربة السياسية برمتها  ويلقي بظلال الشك والريبة على البيئة السياسية فيسقط منها  فاعل الثقة وينتج من جراء ذلك ضرر بالغ  على مصالح المواطنين وامنهم وعلى كامل المنظومة القييمية للحركة السياسية .



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=9970
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2011 / 10 / 01
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29