صفحة الكاتب : ابو تراب مولاي

بحث مسلسل حول إقامة الدليل على وجوب_التقليد ( 6 ) حقيقةُ علم الأصول
ابو تراب مولاي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

نود في هذه الحلقة أن نبيّن لكم حقيقة الأمر في علم الأصول - كما وعدناكم - وهل هو كما يقول عنه البعض بأنه ليس من علوم أهل البيت ؟! أم أن الحقيقة غير ما يقولون ؟؟ 
الحق إن علمَ الأصول هو مجموعة من العناصر المشتركة و القواعد العامة التي تساعد الفقيه على عملية استنتاج الأحكام الشرعية ، فمِن تلك القواعد ما يساعده على تحديد مداليل النص الشرعي ، وأنه على أي شيء يدل ؟ ومنها ما يحدد أيَّ الأدلة حُجة شرعا وأيَّها ليست حُجة ، ومنها ما يحدد كيفية معالجة حالات تعارض الأدلة الشرعية وتنافيها ، إلى غير ذلك من القواعد العامة التي لا يستغني عنها الفقيه .

لماذا علم الاصول ؟
إن علم الأصول هو الملجأ للفقيه حين يريد استنباط حكمٍ معين حيث لا يمكنه أبدا الاستغناء عنه ، فكما أن المفكر بالتفكير العام يحتاج علم المنطق كي يفكر تفكيرا صحيحا كذلك الفقيه يحتاج لعلم الأصول كي يستنتج استنتاجا صحيحا .
مثلا :
إذا أراد الفقيه أن يستنبط حكم القهقهة  هل هي مبطلة للصلاة أم لا ؟
فإنه يستدل بصحيحة زرارة عن الامام الصادق ع حيث قال : ( القهقهة لا تنقض الوضوء وتنقض الصلاة ) .
- فإن العرف العام يفهم من النقض ... البطلان .
- ثم إن زرارة ثقة وخبر الثقة حجة . وعليه فالصلاة تكون باطلة مع القهقهة .
فالفقيه هنا استعمل مع الرواية قاعدتين عامتين تستخدمان في غالب عمليات الاستنباط وهما :
أ . قاعدة حجية الظهور العُرفي . 
حيث اعتمد الفقيه في تفسير النقض بالبطلان على فهم العُرف . لأن العرف العام يرى أن معنى النقض هو البطلان .
ب . قاعدة حُجية خبر الثقة (الواحد) حيث بنى على صحة صدور الرواية عن الإمام (ع) بقول زرارة الثقة ، مع أن هناك احتمال لاشتباهه ونسيانه .
وهذان القاعدتان العامتان من قواعد أصول الفقه .
وبذلك يتبين أن الفقيه لا يستغني عن علم الأصول في عملية استنباط الحكم الشرعي .
ولا يخفى عليك .. فإن الأخباريين - الذين يشنع أتباعهم اليوم على علم الأصول -يعملون بالكثير من القواعد الأصولية كحجية الظهور وغيرها !!!!

متى علم الاصول ؟
إن تأريخ علم الأصول هو تأريخ النص الشرعي ، وذلك لأن القواعد الأصولية قد استفيدت من النصوص الشرعية ، فمثلا البراءة الشرعية قد استُفيدت من قوله تعالى ( وما كان الله ليضل قوما بعد اذ هداهم حتى يبين لهم مايتقون إن الله بكل شيء عليم ) وهكذا قاعدة الاستصحاب فإنهم استفادوها من رواية زرارة قال قلت له عليه السلام ..... إلى أن قال الإمام : ( ولا تنقض اليقين أبدا بالشك وإنما تنقضه بيقين آخر ) أو تكون تلك القواعد من نتائج العقل القطعي .
 وهكذا ترى كل القواعد الأصولية هي مُزامِنة لعصور النص الشرعي ولم تتقدم أو تتاخر عنه ..
هذا ... وقد بدأ أئمة أهل البيت ع في القرنين الثاني والثالث الهجريين بإملاء قواعد هذا العلم على تلامذتهم ، وهم بدورهم قاموا بجمع القواعد وترتيبها وتصنيفها في رسائل مستقلة ..
فمنهم المتكلم الأصولي الكبير أبو محمد هشام بن الحكم الكوفي المتوفى سنة ١٧٩ ھ وهو من أبرز تلاميذ الإمام الصادق (ع) وخواص الإمام الكاظم (ع) له كتاب "الألفاظ ومباحثها" ، ذكره بن النديم والنجاشي والطوسي .
ومنهم يونس بن عبد الرحمن وهو من أصحاب الإمام الكاظم ع ووكيل الإمام الرضا ع له كتاب "اختلاف الحديث ومسائله" ، ذكره الطوسي في الفهرست .
والكثير الكثير من أصحاب الأئمة (ع) قد كتبوا هذه القواعد بإملاء ونظر الأئمة ع ، فقد كتبوا "إبطال القياس" و "الخصوص والعموم" و " خبر الواحد والعمل به" و "حُجية الأخبار" وغير ذلك من المصنفات في علم الأصول قد ذكَرتها كتب التراجم .
بل هناك روايات تذكر هذا الأمر جلياً بأن الأئمة (ع) قد قننوا - في زمانهم - لشيعتهم أصولا وعلى الشيعة أن يفرّعوا عليها ، كما ورد عن الإمام الصادق (ع): ( إنما علينا أن نلقي إليكم الأصول وعليكم أن تفرعوا ) وسائل الشيعة ج27 ص61.
وعن الإمام الرضا (ع) : (علينا إلقاء الأصول وعليكم التفريع ) وسائل الشيعة ج27 ص62.
إذن قد أخطأ من قال بأن علم الاصول من مبتدعات القرون المتأخرة ، بل رأيتم بأن تأريخه هو تأريخ النصوص الشرعية .

مشروعية علم الاصول ؟
لقد تبيّن مما تقدم مدى مشروعية علم الأصول ، حيث تستند قواعده #كلها إلى القرآن الكريم كالبراءة الشرعية ، أو روايات أهل البيت (ع) كقاعدة الاستصحاب ، أو إمضائهم كحُجية الظهور العرفي وحُجية خبر الثقة الواحد ، أو تستند على العقل القطعي كقاعدة استحالة التكليف بغير المقدور ، وهكذا تجد الأصولي لا يبني على أي قاعدة أصولية إلا أن يقطع بمشروعيتها وحُجيتها .
ولأجل ذلك فقد أخطأ من ذهب (وهم الأخباريون وأضرابهم) إلى أنَّ علم الأصول علم سنّي والشيعة عيالٌ عليهم ..

مصادر علم الأصول :
وعليه فقد تبين بهذا وما قبله بأن مصادر علم الأصول هي نفسها مصادر علم الفقه ، والفرق هو أن علم الفقه يدرس المسائل الخاصة مسألة مسألة كبطلان الصلاة بالقهقهة و كحرمة العصير العنبي إذا غلى ، بينهما علم الأصول يدرس القواعد العامة المأخوذة من المناشئ الشرعية المقررة وهي الكتاب والسنة والعقل القطعي كقاعدتي الاستصحاب والبراءة حيث يحتاجهما الفقيه في كل الأبواب الفقهية .

هذا ولا يفوتنّك متابعة الحلقة السابعة التي سيكون محورها الجواب عن حجية الفتوى الفقهية مع أنّ بعض الفتاوى ظنية ؟؟ تابعونا لتحصلوا على الجواب الشافي .. 

 المصادر :
أجود التقريرات . السيد الخوئي .
الحلقات . الشهيد محمد باقر الصدر .
الوسائل . الحر العاملي .

لمتابعة جميع الحلقات أضغط هنا 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


ابو تراب مولاي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2017/08/06



كتابة تعليق لموضوع : بحث مسلسل حول إقامة الدليل على وجوب_التقليد ( 6 ) حقيقةُ علم الأصول
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net