صفحة الكاتب : لطيف عبد سالم

  • يأبه بِمَا جُبلَ عليه مِنْ يتمٍ مبكر، صاحبه جنباً إلى جنب فقرٍ مدقع، فضلاً عَنْ مَا يخالجه مِنْ شعورٍ خفي بالغربة؛ إذ قدر له أنْ يجد نفسه بعيداً عَنْ أقرانِه مِنْ أبناءِ قريته، ف يَعُدّ يقوى فِي صِبَاه - وَهو التائه وسط ليالٍ حُبلى بطعْمِ الجوعِ وَالحرمان - عَلَى مواجهةِ آثارِ رياح البسيط مِنْ عواصفِ الحياة، بعد أنْ أضنته آهات عزلته، وَأحزنته قناعته فِي افتقاره إلى مَا بوسعه أنْ يؤنس وحدته عَلَى خلفيةِ تخلي نظرائه عَنْه بفعلِ نظرتهم الدونية المتأتية مِنْ سيادةِ السيء مِنْ الأعرافِ الاجْتِماعِيَّة، وَأكثرها إذلالاً للإنْسَانِ فِي أروقةِ البيْئَة الَّتِي يعيش فِيهَا.

فِي ظلِ مَا تملكه مِنْ احساسٍ عاصف، يلزمَهُ بوجوبِ الهروب مِنْ وحشةِ وحدته، قطع عهداَ عَلَى نفسه بأنْ لا ينحني فِي زحمةِ هَذِهِ الدّنْيَا؛ لأجلِ دفنِ وحدته ومرارتها اليومية، وَالتغلبِ عَلَى مَا ألم بِه مِنْ الإحباط، وَالَّذِي ألزمه الانزواء فِي مرمى الشعور مِنْ كونِه مجرد بقايا إنسان يحمل فِي ذاتِه مَا لا يحصى مِنْ مواطنِ الشعورِ بالخشيةِ مِنْ قادمِ الأيام بسببِ فاعليةِ صدى الحكايات الَّتِي تتناسل مِنْ رحمِ أزمته، فَعمدَ جاهداً فِي الركونِ إلى ممارسةِ بعض السلوكيات الَّتِي تقوم عَلَى عرضِ مهاراتٍ مبتكرة بقصدِ ايهام مَنْ حوله بِمَا تحمله مِنْ معانٍ رمزيّة فِي امتلاكِه لقوةِ الشخصية؛ سعياً فِي محاولةِ انتشال ذاته مِنْ مستنقعِ الهزيمة.

  • أنْ أسَرَّهُ بعضهم أَنَّ كلَّ تركة عائلته لا تتعدى مأوى قديم أقرب لزريبةِ حَيَواناتٍ مِنه إلى المنزل، وَالَّذِي شُيده أباه مستخدماً الطين وَالقصب - بأسلوبِ الترجي وَالتكافل - عَلَى أَرْضٍ ليس له حق التصرف فيها أو اسْتِثْمار ما مُتَاح مِنْ منافعِها، لَمْ يكترث لِمَا طرق سمعه، وَلَمْ يحيد عَنْ مَا اختطه مِنْ مسارٍ لتنظيمِ حياته وَضمان وجوده الإنساني؛ لقناعته التامة بتعذرِ عيشه بشكلٍ آمن مِنْ دُونِ تجاوزه لِمَا تسرب إلى نفسه مِنْ المخاوفِ القسرية بكُلِّ تفاصيلها غير القابلة للاجتزاء، بَيْدَ أنَّه حين اشتد عضده شعر بالخَواءِ مِنْ ألمِ الفجيعةِ لحظة مواجهة الموت مأزوماً بِمَا ورثه عَنْ أبيه مِنْ عارٍ مَا انفك عَنْ ملاحقته بالاستنادِ إلى موجباتِ قانونِ القبائل؛ لإقرارِه بهزيمةٍ نكراء فرضها عَليه وَهنه أمام سطوة قاتل أبيه.

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


لطيف عبد سالم
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2017/08/07



كتابة تعليق لموضوع : الوَهْن
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net