صفحة الكاتب : ابو تراب مولاي

بحث مسلسل حول إقامة الدليل على وجوب_التقليد ( 13 ) تساؤلات وإجابات حول التقليد
ابو تراب مولاي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

وردتنا بعض التساؤلات ، فبعضها قد أُجيب عنها في طيات الحديث السابق وبعضها نجيب عنها الآن :

التساؤل_الأول
متى كان التقليد ؟ وهل له أثر في كلمات علمائنا القدماء كالشيخ الطوسي والعلّامة ؟ 
الجواب : إننا إذا عرفنا معنى التقليد بأنه رجوع الجاهل إلى العالم فإننا نعرف أن هذا الأمر كان شائعاً في زمن أئمة أهل البيت (ع) وأنهم (ع) قد أرشدوا شيعتهم بالرجوع إلى أهل النظر والمعرفة من أصحابهم الذين ينظرون ويفكرون في أخبار الحلال والحرام ( كفقهاء اليوم ) .
كما في رواية  محمد بن يعقوب  في الكافي بسنده إلى عمر بن حظلة  عن الإمام جعفر الصادق (ع) : .....قال :  ينظران من كان منكم ممن قد روي حديثنا  "ونظر في حلالنا وحرامنا" وعرف أحكامنا فليرضوا به حكماً  ، فإني قد جعلته عليكم حاكماً .... الكافي .
بل إن الأئمة كانوا يأمرون أصحابهم بالجلوس للفُتيا ويشجعونهم على ذلك
كما في ترجمة أبان بن تغلب على ما رواه النجاشي : ( وقال له ابو جعفر (ع) : اجلس في مسجد المدينة ، وافتِ الناس ، فإني أحب أن يُرى في شيعتي مثلك ) . رجال النجاشي ص ١٠ .
وغير هذه الاخبار الدالة صراحة على مشروعية رجوع الشيعة الى العلماء والأخذ منهم وهو معنى التقليد بلا زيادة ولا نقيصة .

أما بخصوص ذكر علمائنا الأوائل للتقليد في مصنفاتهم ، فقد ذكره الشيخ الطوسي ( رض) وهو من مواليد القرن الرابع الهجري ، في كتابه العُدّة  ج٢ ص ٧٢٧ 
فصل ٢ تحت عنوان "في ذكر صفات المفتي والمستفتيً و بيان أحكامهما" وقد ذكر شروطاً للمفتي ، وبحث التقليد هناك .
ثم إنه قد ذكر التقليدَ العلامةُ الحلي (رض) وهو من أعلام القرن السابع الهجري في نهاية الاحكام حيث قال :
و التقلٌد هو قبول قوله المستند إلى الإجتهاد .
وهكذا نجد أن أعلام الطائفة القدماء قد بحثوا التقليد في كتبهم الأصولية كالعُدة للشيخ الطوسي أو الفقهية كالنهاية للعلامة ، وغيرها .
وبذلك يتبين أن دعوى كون التقليد لم يُبحث في المصنفات الفقهية والأصولية إلا قبل مِائتين سنة هي دعوى باطلة وكاذبة !!!

التساؤل_الثاني :
إن هناك من يشكك بحجية النظر والاجتهاد عند فقهائنا يقول أن أهل البيت (ع) قد نهو أصحابهم عنه كما في رواية محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الوشاء، عن مثنى الحناط، عن أبي بصير قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام : ترد علينا أشياء ليس نعرفها في كتاب الله ولا سنة فننظر فيها؟ فقال: لا، أما إنك إن أصبت لم تؤجر، وإن أخطأت كذبت على الله عز وجل .
والجواب
إن الرواية واضحة المعنى في كون الإمام (ع) ينهى عن الإفتاء بالرأي والقياس الرائجين عند بعض المدارس الفقهية في زمانه (ع) ، بدليل أنه (ع) يجيب عن حال الإفتاء غير المستند إلى نص عام أو خاص في الكتاب والسنة !! 
بينما الإفتاء عندنا هو النظر الذي يستند الى النصوص الشرعية والذي أكد عليه أئمة أهل البيت (ع) كما في مقبولة عمر بن حنظلة المتقدمة حيث قال الصادق (ع) : "ونظر في حلالنا وحرامنا " 
ولا يمكن الخلط بين الأمرين ، بين النظر بلا نص المنهي عنه والمحكوم عليه بالحرمة إجماعا عندنا وبين النظر في النصوص لاستنباط الحكم الشرعي والذي أكد عليه المعصومون (ع) ..
والاجتهاد عند فقهائنا من النظر الثاني والذي هو النظر في نصوص الحلال والحرام والذي شرعنه أئمة أهل البيت (ع) .. 
فالخلط بين النظرين إما سببه الجهل وإما تعمّد تضليل الناس !!!

التساؤل_الثالث :
كيف يكون الفقيه راوياً وهو يكتب في رسالته العملية مافهمه من النصوص وليس لفظ النص نفسه ؟
والجواب
إن لفظ الراوي في النصوص مطلق ويشمل من ينقل النص نفسه ومن ينقل مفاد النص ومعناه ، خصوصا اذا عرفنا أن الكثير - اذا لم يكن الأكثر - من روايات أهل البيت قد نُقلت إلينا بالمعنى حتى من قِبَلِ الرواة الأوائل ! 
فلماذا من ينقل _ من الأوائل _ أحاديث اهل البيت (ع) بالمعنى يسمى راوياً وحين ينقلها الفقيه بالمعنى أيضا لا يسمّى راوياً ؟؟؟!!!
وبذلك يتبين أن الفقيه اليوم تشمله النصوص التي وجّهت الشيعة لرواة الحديث . بل الفقيه اليوم أولى من الراوي في زمن المعصومين لأن النص الذي قدمناه عن عمر بن حنظلة يشترط في الراوي أن يكون ناظرا ! وليس كل راوٍ ناظراً ، مع أن الفقيه راوٍ وناظر وهو المقصود من النصوص لا الراوي المجرد عن النظر .

التساؤل_الرابع
ويتسائل البعض أيضاً : 
لم يكن في الأحكام الشرعية الواردة عن أهل البيت ع أحكام بصيغة الاحتياط الوجوبي ؟ فلماذا الفقهاء يأتون بفتاوى على نحو الاحتياط ؟؟!!
والجواب :
صحيح أن الاحكام الشرعية الإلزامية لا تعدو الوجوب والحرمة وليس هناك شيء ثالث ، ولكن المدّة الزمنية بين الفقيه وبين المعصوم (ع) طويلة جداً وقد فُقدت الكثير من الكتب الروائية وتغيرت الكثير من الظروف والموضوعات وطرأت الكثير من المستحدثات ، بسبب ذلك كله تكون في بعض المسائل ضبابية وعدم 

وضوح لمدركها عند الفقيه فلا بد له من أن يحتاط فيها عملا بالنصوص التي تحث على الوقوف عند الشبهات والعمل بالاحتياط كما ورد عن أمير المؤمنين علي أنه قال لكميل بن زياد: «أخوك دينك، فاحتط لدينك بما شئت» الوسائل .
وبذلك يتبيّن أن الاحتياط طريقٌ مأمورٌ به لتجنب مخالفة الوجوب أو الوقوع في الحرمة وليس هو شيء ثالث غيرهما .

التساؤل الخامس :
قلتم ان تشخيص الاعلم للعامي لا يمكن أن يكون عن طريق المصنفات ولا بد من الرجوع الى المأمونين من ذوي الخبرة ، والسؤال : كيف نعرف أهل الخبرة المأمونين ؟
والجواب :
تمكن معرفتهم عن طريق طلبتهم ، فان صاحب العلم والدين والأمانة معروف في الأوساط العلمية ولا يخفى ، فيشيع صيته علميا ودينيا بين طلبة العلوم الدينية الحقيقيين الملتزمين ، فبإمكان أي شخص ان يتعرّف على ذوي الخبرة المأمونين من خلال إرشاد من يعرفهم من طلبة العلم ويعرف التزامهم الديني وحرصهم على تطبيق الحكم الشرعي ، وهكذا كل طريق موثوق يؤدي الى معرفة ذوي الخبرة المأمونين .

انتظرونا في الحلقة الرابعة عشرة والحديث عن فضل الفقهاء .

لمتابعة بقية الحلقات أضغط هنا 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


ابو تراب مولاي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2017/08/20



كتابة تعليق لموضوع : بحث مسلسل حول إقامة الدليل على وجوب_التقليد ( 13 ) تساؤلات وإجابات حول التقليد
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net