صفحة الكاتب : ابو فاطمة العذاري

وقفة بين يدي السيدة سمانة - العارفة -
ابو فاطمة العذاري

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 روي عن الهادي (عليه السلام) أنه قال:
( أمي عارفة بحقّي وهي من أهل الجنة، لا يقربها شيطان مارد، ولا ينالها كيد جبّار عنيد، وهي مكلوءة بعين الله التي لا تنام، ولا تختلف عن أمهات الصدّيقين والصالحين) ( كتاب دلائل الإمامة ) يا لها من رواية جليلة صدرت من الهادي ( ع ) بحق امه السيدة النبيلة ويستفاد منها أن السيدة سمانة كانت على درجة كبيرة من الإيمان والإخلاص والمزايا الحميدة والأخلاق العالية و يفهم من هذا الحديث تقواها العالية كما هو الحال بالنسبة إلى سائر أمهات الأئمة (صلوات الله عليهم أجمعين). ومن الإشارات المهمة الواردة في هذه الرواية أمور منها:
أولا: الإشارة إلى مسالة مهمة وهي معرفة حق الإمام (ع) التي لا ينالها إلا الاوحدي من الخلق وهذه وغيرها من المزايا التي لا تقل بصاحبها درجة عن درجات الصديقين والصالحين والهادي (ع) يشهد لها بهذا الفضل ((اُمّي عارفة بحقّي )) وهي عبارة مجملة تختصر فيها أعمق المضامين فقد ورد في الدعاء (( اللهم عرفني نفسك فانك ان لم تعرفني نفسك لم اعرف رسولك, اللهم عرفني رسولك فان لم تعرفني رسولك لم اعرف حجتك, اللهم عرفني حجتك فان لم تعرفني حجتك ضللت عن ديني )) .
ومعرفتهم (ع) الحقيقية من الأسرار المحجوبة عن معظم الخلق الا القليل من أهل التقوى العالية كما نرى قد ورد في الحديث النبوي الشريف:
« يا علي لا يعرف الله إلا أنا وأنت ولا يعرفني إلا الله وأنت و لا يعرفك إلا الله وأنا » أننا لا نستطيع أن نعرف منزلة الإمام ومكانته الحقيقية ويمكننا فقط بمقدار استطاعتنا والأمر متوقف على كثير من  المقدمات التي تتهيأ للفرد منها طهارة النفس ونقاوة القلب و الأعمال الصالحة .
ثانيا : ثم أشار الإمام (ع) إلى مزية أخرى مهمة جدا فقد قال ((وهي من أهل الجنة )) فالسيدة سمانة مستحقة لدخول الجنة ويكفيها في ذلك كله قوله تعالى عن أهل الجنة :
( رضي الله عنهم ورضوا عنه ) – المائدة 119-.
وقد قال تعالى :
(( وَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتَ مِن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلاَ يُظْلَمُونَ نَقِيرًا  )) وقال تعالى :
((وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ تَجْرِي مِن تَحْتِهِمُ الأَنْهَارُ وَقَالُواْ الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدَانَا اللّهُ لَقَدْ جَاءتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ وَنُودُواْ أَن تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ {الأعراف/43}  )) قال تعالى :

((أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُّسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلًا {الفرقان/24} )) وقال تعالى :
((وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ    ))
ثالثا: ثم أشار الإمام إلى منزلة رفيعة لامه السيدة سمانة حين قال (( لا يقربها شيطان مارد، ولا ينالها كيد جبّار عنيد )) ومن هنا كانت ورعة عن الذنوب مصونة عن المعاصي إلى درجة أن الشيطان لا يقربها لأنها بعيدة قلبيا وروحيا ونفسيا عن التفكير بأي معصية ولو طرفة عين ويمكن لنا الاستفادة من هذا النص أنها معصومة بمستوى من مستويات العصمة الثانوية بطبيعة الحال.
رابعا: ومن ثم قال الهادي (ع)
((  وهي مكلوءة بعين الله التي لا تنام )) فهي محفوظة بعين الله تعالى ومن ثم يمكن لنا أن نفهم الحفظ الإلهي الواقع عليها على عدة جوانب منها :
أولا: حفظها قبل أن تصل لزوجها الإمام الجواد (ع) و وصولها إليه سالمة مصانة لم يمسسها احد وقد حصل ذلك فعلا كما اقره التاريخ .
ثانيا: محفوظة من بعد وصولها للبيت العلوي الطاهر وهذا حصل رغم الصعوبات التي حصلت على أسرة زوجها الإمام الجواد الذي لاقى ألوان الصعوبات من قبل أعداء أهل البيت ( ع ) .
وهي محفوظة من بعد شهادة الإمام الجواد حيث استمرت أشكال الظلم على أهل البيت (ع) من قبل طواغيت العصر كما نقله التاريخ.
ثالثا: إن الحفظ الإلهي الحاصل لها إنما هو معنوي من حيث توفيقها وتسديدها في عدم الوقوع في المعاصي .
وهذا ناتج من استحقاقها من حيث أنها تلك السيدة التي كانت تمتلك ورعا كبيرا وتقوى عالية مما أهلها لان تنال هذا التوفيق الإلهي الذي لا يناله إلا ذو حظ عظيم.
رابعا: يمكن أن نقدم اطرحوه قابلة للنفي والإثبات وهي:
أن الإمام قال ((  وهي مكلوءة بعين الله التي لا تنام )) ويمكن أن نفهم - وهو الثابت - انه ليس لله عين باعتبار انه جل جلاله منزه عن الجسمانيات ومن هنا يكون المعصوم تعبير مجازي عن عين الله تعالى.
فقد ذكر الكليني في (أصول الكافي) قال الإمام محمد الباقر:
(( نحن وجه الله ونحن عين الله في خلقه ويده المبسوطة بالرحمة على عباده )) وورد عن أبي عبد الله عليه السلام قال : 
(( إن أمير المؤمنين عليه السلام قال : أنا علم الله ، وأنا قلب الله الواعي ، ولسان الله الناطق ، وعين الله ، وجنب الله ، وأنا يد الله )) فليس لله عين ولا يد ولا وجه وليس أي شيء جسماني وإنما يكون المعصوم تعبير مجازي عن رقابة الله ورحمته وإرادته التي انصهرت فيها روح المعصوم.
حيث قال مولانا أمير المؤمنين صلوات الله عليه:
( ما رأيت شيئا إلا ورأيت الله قبله وبعده ومعه  ( و إذا كانت السيدة سمانة مكلوءة بعين الله التي لا تنام فإنها إنما حفظت إيمانها من خلال المعصوم وبالتالي فالمعصوم حافظ لها ويرعاها من أي خطر مادي ومعنوي .
وهو أمر متاح للمؤمن الذي يصل لمرتبة عالية ومقام سامي يؤهله لشيء من هذا القبيل فقد ورد في الحديث:
(اتقوا فراسة المؤمن فإنه ينظر بنور الله )  وفي رواية أخرى:( بعين الله( المهم هذا مجرد اطرحوه نقدمها للقارئ العزيز.
خامسا : ثم إن الهادي وصفها وصفا الهادي (ع ) مهما حين قال (( ولا تختلف عن أمهات الصدّيقين والصالحين )) وفي تاريخ الرسالات الإلهية نجد أن أمهات الصديقين والصالحين إنما هن من الصديقات والصالحات ومن اللواتي شهد المؤرخون بمواقفهن الكبيرة في مساندة أولادهن من الصالحين والصديقين.
والسيدة سمانة إنما هي أم لذلك للصديق والصالح العظيم وهو ولدها الهادي (ع).
والشيء المركز في هذا النص الشريف المروي عن الإمام الهادي (ع) انه شهادة مهمة وجليلة في الإشادة بهذه السيدة الجليلة سمانة سلام الله عليها
 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


ابو فاطمة العذاري
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2010/10/27



كتابة تعليق لموضوع : وقفة بين يدي السيدة سمانة - العارفة -
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 

أحدث التعليقات إضافة (عدد : 3)


• (1) - كتب : العراقي من : العراق ، بعنوان : الى يحيى بن بجر في 2010/10/29 .

نسيت ان تكمل لنا حديث الرسول صلوات الله وعليه وآله وسلم
لاعطين الراية غدا لشخص يحبه الله ورسوله

هل اعطاه لسيدك معاوية
وماذا فعل الرجل حينما اعطاه الراية
ان هذا الشخص اقتلع باب خيبر الذي يحركه اربعين شخصا
هل تعرف من هذا الشخص ولا تقل لي ان الحديث ضعيف متنا وسندا كعادتكم فهو مذكور في بخاريكم الذي جمعه ( من والده كان مجوسيا )
ومن الذي قتل سيدك يوم الخندق حينما نادى جبرائيل عليه السلام
لا سيف الا علي لا سيف الا ذو الفقار
اما عنوان تعليقك وتعليقك كله فهو خارج الموضوع فهو بعثي شوفيني 



• (2) - كتب : ابن خلدون من : سوريا ، بعنوان : محب غال في 2010/10/29 .

يقول جعفر الصادق اذا جائكم حديثنا فاعرضوه على كتاب الله فما وافق كتاب الله فخذوه وما عارض كتاب الله فاتركوه
فلطالما لايعرف الله الا النبي وعلي ولا يعرف النبي الا علي والله ولا يعرف علي الا الله والنبي فلا ادري لماذا تجشم النبي كل هذا العناء من اجل رسالته لطالما لن يعرف الله الا النبي وعلي ... حديثك هذا مثل الحديث الي سمعناه مرارا وتكرارا ان امير المؤمنين عندما ولد خرج من رحم امه يقرا سؤرة المؤمنون وهذه الحادثة قبل نبوة الرسول بسبع سنين وتحاولون ان تجدوا لها مخرجا لكن ابتعدتم عن قول جعفر لانها مخالفة صريحة للقران الكريم حيث يقول الله ماكنت تدري مالكتاب ولا الايمان لكن علي يعرف الكتاب قبل نزوله بسبع سنوات .. الرجاء احترمو عقولكم
وصدق الرسول ياعلي يهلك فيك اثنان يا علي يهلك فيك اثنان محب غال ومبغض قال



• (3) - كتب : عبد الزهرة جلال من : بغداد ، بعنوان : جزيتم خيرا في 2010/10/27 .

جزاكم الله كل خير عن امامكم صلوات الله عليه وسلم




حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net