صفحة الكاتب : د . الشيخ عماد الكاظمي

أيَّ الراياتِ سَتُرْفَع للحسين .
د . الشيخ عماد الكاظمي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

  بسم الله الرحمن الرحيم                
    إنَّ للحقِّ دعواتٌ وصرخاتٌ ولنْ تُخْمَدْ، وللحقِّ راياتٌ وأعوادٌ ولن تَفْنَدْ، وللحقِّ دولةٌ في الآفاقِ تَتَمَدَّدْ، نَعَمْ إنَّ الصراعَ بينَ الحقِّ والباطلِ أزليٌّ سرمديٌّ، نَعَمْ إنَّ الصراعَ بينهما دمويٌّ مقيتٌ، نَعَمْ إنَّ الصراعَ بينهما لا يعرفُ القرابةَ والرحم، وترى النصرّ الآنيَّ في أغلبِ أحوالهِ للباطلِ وأتباعه، فَتَرى الحقَّ مصروعًا بينَ يدي الباطِل، تنزفُ دِمَاؤُهْ، وتُقَطَّعُ أَعْظَاؤُهْ، وَيُلاحَقُ أَتْبَاعُهْ، ولكِنْ كَمْ تدومُ لَذَّةُ النصرِ ونشوتُهُ لَوْ قُلنا إِنَّهٌ ﭐنتصارٌ؟ 
ومَتَى سينتهي نزفُ دمِ القتيلِ أو الذبيح؟ 
ومَتَى سَتُبْلَى أجسادُهُ وأعضاؤُهُ المقطعةُ؟ 
وهَلْ سَيَبْقَى لَهُ ذِكْرٌ ورايةٌ تدلُّ عليهِ؟ فهذهِ هي لَذَّةُ الباطلِ وأتباعِهِ المزعومَة، وهذهِ هِيَ سكرةُ الغلبةِ المهزومَة.
وَلَكِنْ على مدى مسيرةِ الإنسانيةِ وصراعاتِها، قد تأكَّد أنَّ ما تقدَّمِ من نشوةٍ إنْ هِيَ إلا سكرةُ خمرِ الدماء، الذي يُذْهِبُ بالعقلِ فيجعلَ صاحبَهُ قتيلَ شهوتِهِ، فَيُقَادُ إليها ﭐنقيادًا، فَيُمَزَّقُ صفحاتِ إنسانيتِهِ وهُوَ لا يَعْلَمْ، ويقتلُ روحَهُ وهُوَ لا يَفْهَمْ، ويرمي بعقلِهِ سهامٌ وهُوَ لا يَنْدَمْ .. ولَكِنْ إنْ أفاقَ من سكرتِهِ فسيرى فناءَه، ولا أمانَ له، وحينها يأخُذَ لثأرِهِ الزمانُ والمكانْ، ولَنا في الطفِّ عُنْوَانٌ وَعُنْوَانْ، بَلْ لنا في عاشوراءَ سجودٌ للزمانِ وفي كُلِّ مَكَانْ، نَعَمْ ففي كُلِّ مكانٍ سَتُرْفَعُ رايةُ القتيلِ الذي نَزَفَتْ دِمَاؤُهُ يومًا، وَقُطِّعَتْ أشلاؤُهُ، ولُوْحِقَ أَهْلُهُ وَأَتْبَاُعهُ؛ لأنَّهُ صرخَ بوجهِ الباطِلِ وأسيادِه: واللهِ لا أُعْطِيْكُمْ بيدي إعطاءَ الذليل، ولا أَفِرُّ فِرارَ العبيد .. وقفَ ونادَى الباطلَ وأتباعَهُ بكُلِّ جرأةٍ وكبرياء: الناسُ عبيدُ الدنيا، والدينُ لَعِقٌ على ألسنتِهِمْ، يحوطونَهُ ما دَرَّتْ معائِشُهُمْ، فإذا مُحِّصُوا بالبلاءِ قَلَّ الديَّانونَ .. ووقفَ أمامَ الحقِّ وأوليائِهِ ليحدِّثَهُمْ قصةَ الخلودِ والإباءْ، وليعلِّمَهُمْ دروسَ يومِ عاشوراءْ، فقالَ بصوتِ السماءِ وأهلِها: خُطَّ الموتُ على وُلْدِ آدمَ مَخَطَّ القلادَةِ على جِيْدِ الفتاة .. فكانَ الموتُ هُوَ نشيدُهُ ولحنُهُ، وكانَ اللقاءَ بريقَ سنانِهِ، ووقفَ أمامَ الدنيا كُلِّها، ينادي مَنْ في الأصلابِ والأرحامِ، نداءَ الكرامةِ والإسلام: مَنْ لَحِقَ بنا ﭐسْتُشْهِدَ، ومَنْ لَمْ يلحقْ بنا لَمْ يُدْرِكِ الفتحَ .. فكانت الدعوةُ للشهادةِ والفتحِ، فهذهِ هِيَ دعوةُ حُسَيْنِ الخلودِ، وهذهِ هَيِ دعوةُ حُسَيْنِ الحَقِّ، الشهادةُ والفتحُ، والخلودُ والإباءُ، والكرامةُ والعطاءُ، فَهَلْ رايتُهُ التي نرفَعُها اليومَ تدعو لذاك؟ 
وهَلْ عَلِمْنَا أيَّ رايةٍ سنرفَعُها فوقَ القباب؟ 
وهَلْ عَرِفْنا معنى لباسَ السوادِ الذي لبسناه؟ 
ومعنى الوشاحَ الذي توشَّحَتْ به الجُدران؟ 
سنرفَعُ راياتٍ تذكِّرُنَا وتدعُونَا إلى الشهادةِ والفتحِ .. ونرفعُ راياتٍ تدعُونا إلى بذلِ النفوسِ والدماء ِلأجلِ المقدسات .. ونرفعُ رايةٍ تُحَطِّمُ في قلوبِنا حُبَّ اللذاتِ والشهوات .. ولكِنْ يبقى للحُزْنِ معناهُ .. فإذا علمنا ما سنرفَعُ فسنعلنُ للدنيا أنَّ الحَقَّ غالبٌ غيرُ مغلوبٍ، وخالِدٌ غيرُ مخذولٍ، وكانَ الحسينُ عنوانَه، ورايتُهُ تدعو لإعلانه.      
 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . الشيخ عماد الكاظمي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2017/09/22



كتابة تعليق لموضوع : أيَّ الراياتِ سَتُرْفَع للحسين .
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net