رفض شيمة الغدر في الثورة الحسينية
مجاهد منعثر منشد
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
مجاهد منعثر منشد
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
قال تعالى : {وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ} [الأنفال: 58]
هذا تصريح القران الكريم وموقف الاسلام العظيم من الغدر . وهذا هو تحذيره منه وتنفيره عنه.
وكان مؤسس الحكومة العلوية , قائد الغر المحجلين ويعسوب الدين وخليفة المسلمين الامام علي بن ابي طالب ينهي قادته الذين منهم مالك الاشتر عن الغدر ,فمن كتابه للأشتر لما ولاه مصر - : فلا تغدرن بذمتك ، ولا تخيسن ( تحبسن ) بعهدك ، ولا تختلن عدوك . . . فإن صبرك على ضيق أمر ترجو انفراجه وفضل عاقبته خير من غدر تخاف تبعته .
وقال ( عليه السلام ) : وهو يخطب على المنبر بالكوفة - : أيها الناس ! لولا كراهية الغدر لكنت من أدهى الناس ، ألا إن لكل غدرة فجرة ، ولكل فجرة كفرة ، ألا وإن الغدر والفجور والخيانة في النار .
ووصف الغدر ,فقال : الغدر شيمة اللئام .
اذن من يقوم بالغدر هم اللئام , فهو خلق ذميم من أخلاق المنافقين؛ وسمة من سمات الجاهلين؛ وصفة من صفات السافلين.
ولذلك نلاحظ تخلق الامام الحسين وانصاره بالأخلاق الاسلامية التي تدل على انهم اصحاب الراية الشرعية الحقة , وعدوهم من الجيش الاموي يتخلق بالأخلاق الذميمة كالغدر , فهذا يشير الى ان العدو خارج الاطار الاسلامي تماماً.
لقد كانت الثورة الحسينية ومنذ الشرارة الاولى لها عندما ارسل ابي عبد الله الحسين سفيره مسلم بن عقيل الى الكوفة , نلاحظ رفض السفير لما يتنافى مع مبادئه , فكان باستطاعته ان يغير مجرى التاريخ من خلال غدره بعبيد الله بن زياد , اذ يروي السيد عبد الرزاق المقرم ( قدس سره ) في كتابه مقتل الحسين : أن شريك بن الأعور نزل في دار هاني بن عروة لمواصلة بينهما ولما مرض أرسل إليه ابن زياد : أني عائد لك ، فأخذ شريك يحرض مسلم بن عقيل على الفتك بابن زياد وقال له : إن غايتك وغاية شيعتك هلاكه فأقم في الخزانة حتى إذا اطمأن عندي أخرج إليه واقتله وأنا أكفيك أمره بالكوفة مع العافية . وبينا هم على هذا إذ قيل : الأمير بالباب ، فدخل مسلم الخزانة ودخل عبيد الله فلما استبطأ شريك خروج مسلم أخذ عمامته من على رأسه ، ووضعها على الأرض ثم وضعها على رأسه فعل ذلك مرارا ونادى بصوت عال يسمع مسلما :
ما الإنتظار بسلمى لا تحيوها حيوا سليمى وحيوا من يحيها
هل شربة عذبة أسقى على ظماء ولو تلفت وكانت منيتي فيها
وإن تخشيت من سلمى مراقبة فلست تأمن يوما من دواهيها
وما زال يكرره وعينه رامقة إلى الخزانة ثم صاح بصوت رفيع : إسقونيها ولو كان فيها حتفي، فالتفت عبيد الله إلى هاني وقال : إن ابن عمك يخلط في علته ؟
فقال هاني : إن شريكا يهجر منذ وقع في علته وأنه يتكلم بما لا يعلم . فلما ذهب ابن زياد وخرج مسلم قال له شريك : ما منعك منه ؟ قال : منعني خلتان :
الأولى : حديث علي ( عليه السلام ) عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : إن الإيمان قيد الفتك فلا يفتك مؤمن .
الثانية : امرأة هاني فإنها تعلقت بي وأقسمت علي بالله أن لا أفعل هذا في دارها وبكت في وجهي ، فقال هاني : يا ويلها قتلتني وقتلت نفسها ، والذي فرت منه وقعت فيه.
وعندما عطش جيش الحر الذي منع سيد الشهداء من الرجوع , نلاحظ الامام الحسين يأمر بسقي جيش الحر بن يزيد بالماء:
جاء القوم زهاء ألف فارس ، مع الحر بن يزيد التميمي حتى وقف هو وخيله مقابل الحسين في حر الظهيرة ، والحسين وأصحابه معتمون متقلدون أسيافهم .
فقال الحسين عليه السلام لفتيانه : اسقوا القوم وارووهم من الماء ، ورشفوا الخيل ترشيفا ، ففعلوا وأقبلوا يملأون القصاع والطساس من الماء ثم يدنونها من الفرس فإذا عب فيها ثلاثا أو أربعا أو خمسا عزلت عنه ، وسقي آخر ، حتى سقوها عن آخرها .
فقال علي بن الطعان المحاربي : كنت مع الحر يومئذ ، فجئت في آخر من جاء من أصحابه ، فلما رأى الحسين عليه السلام ما بي وبفرسي من العطش قال : أنخ الراوية ! والرواية عندي السقا ثم قال : يا ابن الأخ أنخ الجمل ! فأنخته ، فقال : اشرب ، فجعلت كلما شربت سال الماء من السقاء فقال الحسين : أخنث السقاء أي أعطفه فلم أدر كيف أفعل ، فقام فخنثه فشربت وسقيت فرسي.
ويقال في المقاتل أن هذا الشخص الذي سقاه الإمام الحسين عليه السلام قد ضرب الحسين عليه السلام في يوم عاشورا بحجر على جبهته . هكذا قابل الإحسان بالإجرام ( وكل إناء بالذي فيه ينضح ).
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat