صفحة الكاتب : نزار حيدر

عْاشُورْاءُ السَّنَةُ الرَّابِعَةُ (١٨)
نزار حيدر

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

  لم يخترْ أَهلُ البيت (ع) قطُّ السَّيف إِلَّا عندما يُخيَّرونَ بَيْنَ الحَرْبِ والكُفرِ كما يصفُ أَميرُ المؤمنينَ (ع) ذلكَ بقولهِ {وَلَقَدْ ضَرَبْتُ أَنْفَ هذَا الاَْمْرِ وَعَيْنَهُ، وَقَلَّبْتُ ظَهْرَهُ وَبَطنَهُ، فَلَمْ أَرَ لِي إِلاَّ الْقِتَالَ أَوِ الْكُفْرَ} وبين الحَرْبِ والذِّلّة التي هي مظهرٌ من مظاهرِ الكُفرِ بأَنعُمِ الله تعالى على عبدهِ، كما يصفُ الحُسينُ السِّبط (ع) ذَلِكَ بقولهِ {أَلا وإِنَّ الدَّعيِّ بن الدَّعيِّ قد ركزَ بين اثنتَينِ بَيْنَ السلَّةِ والذِّلةِ وهيهاتَ مِنَّا الذِّلَّة يأبى اللهُ لنا ذَلِكَ ورسولُهُ والمؤمنونَ، وحجورٌ طابت وطهُرت، وأُنوفٌ حميَّةٌ ونفوسٌ أَبيَّةٌ مِن أَن نُؤثرَ طاعةَ اللِّئامِ على مصارعِ الكرامِ}.
   تأسيساً على هذه الرُّؤية الرِّساليَّة إِزاء الحَرْبِ والسَّيف، نعودُ لنُجيبَ على السُّؤالِ المتعلِّق بقصدِ الحُسين السِّبط (ع) عندما كتبَ يقول {مَن كانَ باذِلاً فِينا مُهْجَتَهُ‌، مُوَطِّناً على لِقاءِ الله نَفْسهُ فلْيَرْحَل مَعَنا، فإنِّي رَاحِلٌ مُصْبِحاً إِنْ شَاءَ اللهُ}.
   ١/ ليكونَ كلَّ شيءٍ واضحاً فلا يدَّعي أَحدٌ بأَنَّ الامام غدرَ بهِ أَو ضلَّلهُ أَو ضحَكَ عليهِ أَو أَنَّهُ أَخفى عليهِ الحقيقة! أَبداً فلقد كانَ الحُسينُ السِّبط (ع) واضحاً في كلِّ شيءٍ! ومِن بينِ هذهِ الأَشياء التي أَوضحها هو أَنَّهُ رَسمَ النِّهاية المُحتملة! بل الأَكيدة بناءً على مُعطياتٍ ومقدِّماتٍ عِدَّة.
   إِنَّ منهجيَّة الوضوح في السِّيرةِ والمسيرةِ هيَ جزءٌ من أَخلاقيَّات الانسان الرِّسالي وهيَ دليلُ الصِّدق والاستعداد للالتزامِ بالاتِّفاقِ والمواثيقِ والعُهودِ! كما في قولهِ تعالى {وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا}.
   ولقد شرحَ أَميرُ المؤمنينَ (ع) معنى العُهودِ والذِّمم عندما كتبَ للأَشترِ النَّخعي في عهدهِِ إِليهِ لمَّا ولَّاه مِصْرَ؛
   وَقَدْ جَعَلَ اللهُ عَهْدَهُ وَذِمَّتَهُ أَمْناً أَفْضَاهُ بَيْنَ الْعِبَادِ بِرَحْمَتِهِ، وَحَرِيماً يَسْكُنُونَ إِلَى مَنَعَتِهِ، يَسْتَفِيضُونَ إِلَى جِوَارِهِ، فَلاَ إِدْغَالَ، وَلاَ مُدَالَسَةَ، وَلاَ خِدَاعَ فِيهِ، وَلاَ تَعْقِدْ عَقْداً تَجُوزُ فِيهِ الْعِلَلُ، وَلاَ تُعَوِّلَنَّ عَلَى لَحْنِ القَوْل بَعْدَ التَّأْكِيدِ وَالتَّوْثِقَةِ، وَلاَ يَدْعُوَنَّكَ ضِيقُ أَمْرٍ لَزِمَكَ فِيهِ عَهْدُ اللهِ، إِلَى طَلَبِ انْفِسَاخِهِ بِغَيْرِ الْحَقِّ، فَإنَّ صَبْرَكَ عَلَى ضِيقٍ تَرْجُو انْفِرَاجَهُ وَفَضْلَ عَاقِبَتِهِ، خَيْرٌ مِنْ غَدْرٍ تَخَافُ تَبِعَتَهُ، وَأَنْ تُحِيطَ بِكَ مِنَ اللهِ فِيهِ طَلِبَةٌ، لاَتَسْتَقِيلُ فِيهَا دُنْيَاكَ وَلاَ آخِرَتَكَ.
   أُنظروا الدقَّة في القواعدِ والوصفِ! وكيفَ يحذِّرهُ (ع) من عقدٍ ترِدُ فيهِ عبارةٌ تحتمِلُ تفسيرَين لأَنَّ ذَلِكَ بمثابةِ الغشِّ ااذي يجب أَن ينآى عنهُ بنفسهِ المُصلح والقائِد والسِّياسي الحقيقيِّ المُلتزِم!.
   إِنَّ الغموضَ في نصوصِ المواثيق والاتِّفاقات والعهود هو واحِدٌ من أَخطرِ أَسبابِ مشاكلِنا المُستدامة وعلى مُختلفِ الأَصعِدةِ! الشَّخصيَّة منها والعامَّة ولذلكَ ترى الخِلافُ والاختلاف يدبُّ عندَ تفسيرِ النُّصوص التي يتعمَّد طرفٌ أَو أَكثر تدوينَها بعباراتٍ غامِضةٍ تحتملُ تفسيرَين وأَكثر وتحتملُ التَّأويل والأَوجه والتي هيَ بهذه الحالةِ كالقنابلِ الموقوتَة في نصوصِ الاتِّفاقات خاصَّةً إِذا تمَّ تدوينَها سِرّاً في الغُرَفِ المُظلمةِ بعيداً عن الرَّأي العامِّ مثلاً!.
   نقضي زمناً لتدوينِ وثيقةٍ يلفَّها الغموض! ثم نقضي زمناً مُضاعفاً نختلفُ على تفسيرِها وشرحِها! تُراقُ بسببِها الدِّماء وتُزهقُ الأَرواح وتُستباحُ الأَعراضِ!.
   إِنَّ الوضوحَ دليلُ الصِّدق والجديَّة في الالتزامِ والتَّنفيذ، والذي هوَ شرطٌ من شروطِ النَّجاحِ!. 
 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


نزار حيدر
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2017/10/12



كتابة تعليق لموضوع : عْاشُورْاءُ السَّنَةُ الرَّابِعَةُ (١٨)
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net