صفحة الكاتب : صالح الطائي

ولنا في عمل المنظمات الدولية والمانحين الدوليين عبرة
صالح الطائي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
في كلمة السيد "مارتن كوبر" الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في العراق التي ألقاها بمناسبة يوم الأمم المتحدة الذي يصادف في 24 تشرين الأول/أكتوبر 2011، يتبين أن دور المنظمة الدولية في العراق اكبر مما كنا نتصور بكثير لأن بعضا من وليس كل ما قامت به المنظمة الدولية وتشكيلاتها يبدو للمنصف عظيما بكل المقاييس، وإنسانيا بمنتهى العظمة. ولغرض تكوين صورة حقيقية لهذا الجهد أنقل لكم فقرات من خطاب السيد كوبر الذي قال في بدايته: "اسمحوا لي أن أطلعكم على بعض الأرقام التي تبيِن العمل الذي نقوم به، فهذه الأرقام تمثل فقط بعضاً من الأعمال الجيدة التي قامت بها وكالات الأمم المتحدة لغاية يومنا هذا" والرجل يتحدث هنا عن بعض وليس كل ما قامت به المنظمة الدولية مشكورة من خلال مفوضياتها وبرامجها ووكالاتها ومنظماتها المختصة كل ضمن مجال اختصاصها. ففي حديثه عن دور منظمة (اليونيسيف) قال السيد كوبر: " مكنت اليونيسيف الحصول على الخدمات الصحية الأساسية لما يربو على 400000 طفل محروم وامرأة حامل في المناطق النائية. فيما يتمتع حوالي 000 300 طالب بإمكانية أفضل للحصول على تعليم ذو نوعية بما فيهم 000 200 طالب يستفيدون من إعادة تأهيل 283 مبنى مدرسي. كما قدمت اليونيسيف مساعدة إنسانية لأكثر من مليون شخص في قطاعات الصحة والتغذية والماء والصرف الصحي والتعليم في حالات الطوارئ، والحماية من خلال الاستجابات السريعة والإجراءات القائمة على أساس المنطقة." 
ولو قمنا بعمليات حسابية لمعرفة مقدار المبالغ التي تحملتها المنظمة الدولية وأنفقتها في هذا القطاع يتبين لنا الدور الفاعل الذي يقوم به المانحون الدوليون، ويكشف لنا مدى تقصيرنا عن توجيه مجرد كلمة شكر لهؤلاء الجنود المجهولين الذي لا تجمعنا بهم سوى الإنسانية،بما يؤكد أن تجاوزهم للأنانية دليل على أنهم تجاوزوا كل عقد الخلاف القومي والاثني والديني والمناطقي والفئوي ليسهموا في إغاثة إنسان بعيد عنهم آلاف الكيلومترات لمجرد انه إنسان!
 
وقال السيد كوبر في حديثه عن منجزات مفوضية الأمم المتحدة للاجئين: "قامت بإعادة تأهيل وبناء 110 7 مأوىً للنازحين الداخليين واللاجئين العائدين ووزعت ما يربو على 40000 مجموعة لأدوات الإغاثة والنظافة الصحية للأسر الضعيفة. ولغاية تاريخنا هذا أكملت المفوضية إعادة تأهيل 728 مأوى وقدمت رزم إغاثة تبلغ حوالي 5613 كما قدمت الدعم والتدريب لما يزيد على 60 منظمة غير حكومية وطنية تعمل على خدمة الأشخاص الذين تُعنى بهم المفوضية." بينما قمنا نحن أخوة هؤلاء وأهلهم رغم كل المشتركات بيننا بتهجيرهم وحرق قراهم ومنازلهم ومصانعهم وممتلكاتهم وعرضناهم لكل أنواع الظلم! فكيف ممكن المقارنة بين عملنا وعمل هؤلاء الغرباء الذين يقول السيد كوبر عنهم إن: "منظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية ومن خلال "برنامج دعم الصناعات الصغيرة" دربت ما يفوق على 7000 مستفيد عراقي في مهارات الزراعة الصناعية والتصنيع، وأعادت تأهيل أكثر من 20 مركزاً مهنياً في العراق."؟
 
وفي الوقت الذي قامت فيه المجموعات الإرهابية بتفجير شارع المتنبي لأكثر من مرة وحرقت عشرات المكتبات العامة والخاصة وأتلفت ملايين الكتب، يقول السيد كوبر أن منظمة: "اليونسكو قامت بطباعة وتوزيع 18 مليون كتاب مدرسي وجهزت 55 مدرسة ثانوية بمختبرات ومكتبات."
 
وبسبب خلافنا مع بعضنا وتشجيع بعضنا للإرهابيين لتدمير وسرقة وحرق المستشفيات والمراكز الصحية وعرقلة مشاريع الإعمار ومنع انتقال المنتجات الزراعية والأغذية بين المحافظات ومهاجمة قوافل نقل مواد الحصة التموينية وحرقها، تردى الوضع الصحي للعراقيين بشكل كبير ولاسيما بعد قيام الإرهابيين بمهاجمة وقتل خيرة الكفاءات الطبية والعلمية في البلد مما حدا بمن نجا منهم من الموت للهجرة إلى خارج العراق، لكن مقابل هذا العمل الهمجي يقول السيد كوبر أن منظمة الصحة العالمية: "قامت بتدريب أكثر من 3000 مهني عراقي مختصين في مجال الصحة لزيادة قدرة الأنظمة الصحية على ترسيخ وتبني نموذج للرعاية الصحية الأولية. وقام  برنامج الأغذية العالمي بتنفيذ برنامج تغذية مدرسية في كافة أرجاء البلاد تبلغ قيمته 17 مليون دولار بشراكة مع وزارة التربية والتعليم لضمان حصول أطفال المدارس على قدر كاف من التغذية."
 
وأخيرا بعد أن قمنا بتجفيف الأهوار وتهجير غالبية أهلها مع حيواناتهم إلى مراكز المدن القريبة بكل ما يمثله هذا العمل الهمجي من تدمير للبيئة وتخريب للمجتمع، وبعد أن نسينا أن لنا أهلا يعيشون في هذه المناطق محرومون من كل وأبسط مستلزمات الاحتياج الإنساني الضرورية نجد المنظمة الدولية تلتفت إليهم بمبادرة يستحيل أن نصنع مثلها ليقوم برنامج الأمم المتحدة للبيئة بين العامين 2004 و 2009 على ضمان حصول 25000 من سكان الأهواز على مياه صالحة للشرب.
 
وفي الوقت الذي تقوم فيه بعض البلدان العربية والإسلامية المجاورة للعراق وبعض الأغنياء العراقيين والعرب والمسلمين بالتبرع بملايين الدولارات لدعم العمل الإرهابي التخريبي في العراق طلبا لرضا الله ونصرة لهذا المذهب أو ذاك كما يزعمون نجد أن هناك في القسم الآخر من العالم من يقتطع من قوت يومه ليتبرع لمشاريع الأمم المتحدة لكي تنجح المنظمة في أداء عملها في خدمة المعذبين في الأرض دون أن ينتظر  ثوابا أخرويا أو رضا مذهبيا،وقد تحدث الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة السيد "مارتن كوبر" في ختام كلمته عن هؤلاء فقال: "وبالتأكيد، لم يكن بالإمكان لهذه المبادرات أن تتحقق دون الدعم السخي من المانحين الذي نحن في غاية الامتنان له. كما لم يكن بالإمكان القيام بتلك المبادرات دون شركائنا من المنظمات غير الحكومية الدولية والوطنية على حد سواء، التي عملت دون كلل أو ملل بالنيابة عنا في كافة أرجاء البلاد، حيث لم يكن باستطاعتنا التواجد، لضمان إيصال البرامج إلى الأماكن التي هي في أمس الحاجة إليها"
وأسأل في ختام موضوعي: أي العملين أقرب إلى روح الإسلام ورضا الله الذي نتقاتل باسمه وتحت رايات مذاهبه، عمل هؤلاء الذين ربما يكون بعضهم غير مؤمن بعقيدة سماوية، أم عمل من يدعي انه يقاتل الإنسان الآخر باسم الإسلام والدين؟

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


صالح الطائي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2011/10/25



كتابة تعليق لموضوع : ولنا في عمل المنظمات الدولية والمانحين الدوليين عبرة
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net