أَلذِّكْرَى [الأَربَعُونَ] لانتِفَاضَةِ [ الأَرْبَعِينَ][١٢]
نزار حيدر
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
نزار حيدر
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
إِنَّ أَيَّ قيامٍ لله تعالى هو يومٌ من أَيَّامهِ عزَّ وجلَّ، وقد أُمرنا أَن نتذكَّرهُ ونحييه ونهتمَّ بهِ ونذكِّر الآخرينَ بهِ من خلال التَّدوين والنَّشر والاعلام، كما في قولهِ تعالى {وَذَكِّرْهُم بِأَيَّامِ اللَّهِ}.
ولا جدالَ أَبداً في أَنَّ إِنتفاضة صَفر عام ١٩٧٧ كانت قياماً لله تعالى ولم تكُن لأَيِّ شَيْءٍ آخرَ! ولهذا السَّبب نحن مأمورونَ دينيّاً ووطنيّاً وأَخلاقياً أَن نُذكِّر النَّاس بذلك اليوم الذي هوَ من أَيَّامِ الله تعالى!.
إِنَّهُ من أَيَّامِ الله تعالى بالأَدلَّةِ التَّاليةِ؛
فمِن علاماتِ القيامِ لله الذي أُمرنا بهِ كما في نصِّ الآية المُباركة {قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُم بِوَاحِدَةٍ ۖ أَن تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَىٰ وَفُرَادَىٰ} هي؛
١/ أَن يكونَ الهدفُ من القيامِ هو المُواجهة! مواجهة الظُّلم والطُّغيان والتعدِّي والتَّجاوز على الحُقوقِ!.
٢/ أَن يكونَ الهدفُ للاصلاحِ وليسَ للتَّخريبِ مثلاً أَو للفسادِ والشرِّ!.
٣/ أَن يصبَّ القيامُ في مصلحةِ النَّاس كأَن يحثَّهم على تحدِّي الظَّالم مثلاً أَو الظُّروف القاهرة التي تقف بوجهِ التَّنمية والتقدُّم والنُّهوض لتحقيق العدل والسَّعادة! ولا شكَّ فانَّ الديكتاتوريَّة والشموليَّة هي عوامل لا تُساعدُ على كلِّ ذلك ولهذا السَّبب فانَّ القيام ضدَّ الديكتاتوريَّة هو قيامٌ لصالح الانسان لأَنَّهُ يعلِّمهُ كيف يكون عبداً للطَّاغوتِ ليتحرَّر من أَغلالهِ بالتحدِّي والمواجهة ولذلك ليس غريباً أَبداً أَن يعتبرَ رَسُولُ الله (ص) ذلك القيام أَعظم الجهاد كما في الحديث المرويِّ عنهُ (ص) {أَفضَلُ الجِهادِ كلِمَةُ حَقٍّ عِندَ سُلطانٍ جائِرٍ} وقولهُ (ص) {سيِّدُ الشُّهدَاء حَمزةَ بنْ عبدِ المُطَّلِب يَوْمَ القِيامَةِ، ورَجُلٌ قامَ إِلى إِمامٍ جائرٍ ،فأَمرَهُ ونَهاهُ فَقَتلَهُ}.
٤/ ومِن أَهمِّ علامات القيام لله تعالى هي التَّضحية فكيفَ إِذا كانت بالرُّوحِ والدَّمِ؟! فانَّها ستكونُ أَعظم تضحية لأَعظمَ قيامٍ لله تعالى وهذا ما تعلَّمناهُ من الحُسين السِّبط (ع) عندما قالَ بلسانِ حالهِ {إِن كانَ دينُ محمَّدٍ لم يستَقِم إِلَّا بقَتلي فَيا سيُوف خُذينِي} فكانت كربلاء أَعظم قيام لله تعالى!.
٥/ كما أَنَّ واحدةً من أَعظمِ الأَهداف التي حقَّقتها الانتفاضة هي أَنَّها حمت سنَّةً من السُّنن الصَّالحة التي إِعتاد عليها النَّاس على مرِّ السِّنين وفي ذلك إِنجازٌ عظيمٌ في تاريخِ مسيرة الأَربعين التي تحوَّلت اليوم إِلى ظاهرةٍ إِنسانيَّةٍ أَبهرت القريب والبعيد وعلى مُختلفِ الأَصعدة!.
وإِذا كُنَّا نتحدَّث عن الخدمات العظيمة والجليلة التي يقدِّمها أَنصار الحُسين السِّبط (ع) للزوَّار في هذه المسيرة المليونيَّة لما تحمل من معاني الكَرم وحُسن الضِّيافة والبذل والعطاء والتَّضحية! فإلى جانبِها كذلك قِيمٌ أُخرى مهمَّةٌ جدّاً يستوحيها الزَّائرونَ من هذه المسيرةِ منها الوعي الحُسيني الذي يزداد بشَكلٍ كبيرٍ في هذا الموسمِ وكذلك الإدراك الدِّيني بالاضافةِ إِلى قيَم الصَّبر والتحمُّل والتَّعاون والإيثار وغيرِ ذَلِكَ.
ولا ينبغي هنا كَذَلِكَ أَن نغفلَ عن قيَمٍ أُخرى نستوحيها من هذهِ الذِّكرى أَلا وهيَ السَّلام والمحبَّة والتَّعايُش والتَّعارف مقابل العُنف والارهاب والكراهيَّة والتَّقاطع!.
إِن مسيرات الأَربعين التي تجوبُ شوارع عواصم وكُبريات المُدن الأَميركيَّة والأُوروبيَّة وغيرها تحملُ رسالةً مهمَّةً جدّاً وهي؛ أَنَّ الحُسين السِّبط (ع) هو رسالةُ كلَّ ضحايا الارهاب على مرِّ التَّاريخ! وأَنَّ عاشوراء هي رسالةُ الحبِّ الانساني العظيمة ضدَّ رسالة الكراهيَّة التي ينشرها الارهابيُّون [أَنظمةً وجماعات] على مرِّ التَّاريخ! وإِنَّ كربلاء هي رسالة التَّعارف والتَّعاون والتَّعايش السِّلمي في إِطار التنوُّع والتعدديَّة التي خلقها الله تعالى كما في قولهِ عزَّ مَن قائل {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا}.
٦ تشرينِ أَلثَّاني ٢٠١٧
لِلتَّواصُل؛
E-mail: nazarhaidar1@hotmail. com
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat