صفحة الكاتب : ثامر الحجامي

أيقونة النصر .. رنا العجيلي
ثامر الحجامي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

وترجلت من مركبتها العسكرية، لترفع على الرؤوس تطاول العلياء، مصحوبة بنحيب أطفالها اليتامى، ودمعة تحرق عيون الأصدقاء، سار الجميع خلفها بصمت خجلا، فكيف لفارسة مثل رنا أن ترتقي مراتب الشهادة ونحن أحياء، لكن الكرامة تعرف أهلها، وشرف الكرام أن يموتوا مخضبين بالدماء.

أم عجنتها السنين تربي أطفالها الخمسة، تعمل على توفير لقمة العيش الرغيد لهم، في زمن صعب شح فيه الحال وعجزت فيه الرجال، لكنها كانت تحرص على إسعادهم وتلبية طلباتهم، تجول فيهم بين الحدائق والأسواق، من اجل أن لايشعروا بضنك العيش، والابتسامة مرسومة على وجهها من اجلهم.

رنا التي خبرت الصعاب، وعاشت في بيت مؤجر، في بلد النفط والثروات التي سرقها الفاسدون، ووقفوا يتفرجون على وطنهم يعيث فيه الإرهاب، يمزق أشلائه يقتل أهله ويسبي نساءه، فتجردت سيفها كالخنساء، مصاحبة رجال الحشد الشعبي في معاركهم المقدسة، تشاركهم الحرب الضروس، تنقل الحقيقة بعين الصحفي وبلاغة الكاتب، تاركة خلفها المطبلين، من أصحاب دعوات المساواة بين الرجل والمرأة، ولسان حالها ساووني إن إستطعتم.

لم تكن تريد أن تكون كسائر النساء، تتباهى بالموضة والعطور، و لم تؤثر الجلوس في المكاتب تلملم الأوراق وتداعب الأقلام، وتتلقف الأخبار من هنا أو هناك، بل أرادت أن تصنع الحدث وتكون شريكة في صنع التاريخ، فكانت مراسلة حربية مع لواء الطفوف، في مهنة قليل من النساء جربنها، لكنها نهلت من ماء الفرات الشجاعة، واغترفت من فيض دجلة العزة والإباء.

وإختتمت عروس الصحافة حياتها، في أجمل صورة وأبهى حلة، ملفوفة بعلم الزفاف، وأروع صور الفداء والتضحية، مقدمة أقصى ما يمكن للإنسان أن يقدمه، دفاعا عن وطنه وحياض أرضه، راسمة دور المرأة العراقية، حين حانت لحظة كتابة التاريخ، واشتدت الخطوب على هذه الأمة، مسجلة أسمها في سجل الخالدين، كأول مراسلة حربية تستشهد في سبيل الوطن ومهنة الصحافة.

لن نندبها ولن نبكي عليها رغم الألم، ولكنها ستبقى مشعلا يروي قصة نساء، لم يؤثرن الجلوس في بيوتهن متنعمات لاهيات، بل كن مجاهدات للأبطال ملهمات، ارتقين سلم المجد، وكن أيقونة النصر.

 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


ثامر الحجامي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2017/11/21



كتابة تعليق لموضوع : أيقونة النصر .. رنا العجيلي
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net