صفحة الكاتب : عدوية الهلالي

الظامئون
عدوية الهلالي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

في أواسط السبعينات ، اصطحبني والدي لمشاهدة مسرحية عرضتها دائرته الزراعية وجسد ادوارها عدد من موظفي الدائرة ..لاأذكر عنوان المسرحية لكني اتذكر انها كانت تتناول موضوع الجفاف ..بالرغم من صغر سني ، شعرت بما يعانيه المزارع حين تجف أرضه وتموت مواشيه ..لم أفهم بالطبع سبب ظمأ الارض الى المياه ولماذا يردد الممثلون اسم نهر الفرات وكيف قطعته أياد خارجية بهدف تجفيف اراضينا الزراعية لكني أدركت ان هناك خطر ما يتهدد بلدي ، واذا كانت كتب التربية الوطنية قد علمتنا ان أرض الوطن هي أغلى مالدينا وعلينا أن نحميها بأرواحنا من الخطر ، فالماء هو شريان الحياة على هذه الارض وبدونه يحل القحط والجفاف وهذا هو الخطر الذي كان يهددنا كما يبدو !!

الآن ، وبعد ان واجهنا كل انواع الاخطار من حروب عسكرية وحصار اقتصادي وارهاب خارجي وعنف طائفي وفساد حكومي ، لازال بانتظارنا تهديد جديد لبلد لايمكن له أن يحظى بالراحة والاستقرار ..انها ( حرب المياه) التي يتنبأ بها المحللون السياسيون والمختصون في مجال الموارد المائية ، اذ تنبأ علماء المناخ أولا ان نسبة الجفاف الذي سيواجهه العراق ستزداد ابتداءا من هذا العام ، ثم جاء دور المختصين في مجال الموارد المائية ليتحدثوا عن دور دول الجوار في التحكم بمنابع دجلة والفرات بما يقلل من حصة مياهنا منها وبالتالي تعرض اراضي العراق الى موجة من العطش ستقضي على مستقبل الزراعة والصناعة والثروة الحيوانية فيه ..

منذ أن حطت الديمقراطية واصحابها رحالهم في ديارنا ، تعلمنا كيف نخرج في تظاهرات للمطالبة بحقوقنا ، نحن ( الظامئون) الى الحرية والديمقراطية .. نعترف اننا استمتعنا طوال مايقارب عقد ونصف من السنين بحرية التظاهر ..ربما لم تتحقق مطالب أغلب تلك التظاهرات لكننا طالبنا بحقوقنا علانية كنوع من ( المسكنات ) لمعاناتنا الممتدة على مدى عقود ..اليوم ،يخرج المواطنون ليطالبوا بحقهم في مياه البلد ..انه ( الظمأ ) الحقيقي هذه المرة ..فالحرب الجديدة لن تستخدم فيها الأسلحة ولن تسيل فيها دماء لكنها ستجفف أرض بلادنا ومنابع الأمل في أرواحنا بالعيش في بلد لايتهدده خطر ما ..

في حوار تلفزيوني ، يطل علينا وزير الموارد المائية ليعترف صراحة انه عاجز عن محاسبة المتجاوزين على حصص المياه الضئيلة التي تصلنا من الخارج بسبب تحكم دول الجوار في منابع انهارنا ..وفي المحافظات الجنوبية ، تلوح في الأفق نزاعات مستقبلية وترفع قضايا ضد الحكومات المحلية ويشير الاهالي الى تدخل الاحزاب التي باتت تدس انفها في كل شأن من شؤون العراق ..أما آن لنا أن نرتاح اذن ..لقد انتهى زمن تنظيم القاعدة ..وتم وأد الفتنة الطائفية ..وهاهي داعش تحتضر ..ومحاربة الفساد تصبح من أولويات المسؤولين حتى لو كان ذلك محض شعارات ، ولكن ، كيف سيمكن التحكم في الأيدي الخارجية التي تخنق اوردة المياه وتتحكم بشرايين البلد ..وتهددنا بجفاف وقحط وانهيار اقتصادي وحاجة دائمة الى منتوجات خارجية ؟..يبدو اننا سنظل ظامئين اذن ...ليس الى المياه فقط بل الى التحرر من تحكم الاخرين واختلاق حروب لابد أن نخوضها ..ان لم يكن بالسلاح ..فبالحاجة الى الماء ..والسيادة ...


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


عدوية الهلالي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2017/12/05



كتابة تعليق لموضوع : الظامئون
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net