صفحة الكاتب : حيدر الحد راوي

تأملات في القران الكريم ح367 سورة  الدخان الشريفة
حيدر الحد راوي

بسم الله الرحمن الرحيم

 

أَهُمْ خَيْرٌ أَمْ قَوْمُ تُبَّعٍ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ أَهْلَكْنَاهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ{37}

تستمر الآية الكريمة متضمنة سؤالا انكاريا (  أَهُمْ خَيْرٌ ) , فرعون وقومه , (  أَمْ قَوْمُ تُبَّعٍ ) , يختلف المفسرون في ان تبّع الحميري هل هو نبي او رجل صالح ؟ , الارجح انه كان رجلا صالحا اما قومه فكانوا كافرين , (  وَالَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ ) , من الامم كعاد وثمود , (  إِنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ ) , جميعهم كانوا مشركون متوغلين في المعاصي حد التجريم .    

(عن النبي صلى الله عليه وآله لا تسبوا تبعا فإنه كان قد أسلم .

وعن الصادق عليه السلام إن تبّعاً قال للأوس والخزرج كونوا هيهنا حتى يخرج هذا النبي أما أنا فلو أدركته لخدمته وخرجت معه ) . "تفسير الصافي ج4 للفيض الكاشاني" .

 

وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ{38}

تستمر الآية الكريمة نافية ان يكون الله تعالى مجده قد خلق السموات والارض وما بينهما لهوا ولعبا , في نفس الوقت تثبت صحة الحشر .  

 

مَا خَلَقْنَاهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ{39}

تؤكد الآية الكريمة (  مَا خَلَقْنَاهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ ) , ليستدل بخلقهما على قدرته و وحدانيته جل وعلا , (  وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ) , لكن كفار مكة بالخصوص وباقي الكفار بالعموم لا يعلمون ذلك لقلة نظرهم وتدبرهم وانشغالهم في الحياة الدنيا .  

 

إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ مِيقَاتُهُمْ أَجْمَعِينَ{40}

تقرر الآية الكريمة (  إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ ) , يوم القيامة , حيث يفصل الحق من الباطل , والمحق من المبطل , (  مِيقَاتُهُمْ أَجْمَعِينَ ) , موعدهم جميعا .

 

يَوْمَ لَا يُغْنِي مَوْلًى عَن مَّوْلًى شَيْئاً وَلَا هُمْ يُنصَرُونَ{41}

تستمر الآية الكريمة مبينة (  يَوْمَ لَا يُغْنِي ) , لا ينفع , (  مَوْلًى عَن مَّوْلًى شَيْئاً ) , ذو قرابة عن قرابته او ذو خلة عن خلته , (  وَلَا هُمْ يُنصَرُونَ ) , وليس لهم ناصر ايضا .    

 

إِلَّا مَن رَّحِمَ اللَّهُ إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ{42}

تستمر الآية الكريمة مستثنية (  إِلَّا مَن رَّحِمَ اللَّهُ ) , بالعفو وقبول الشفاعة , (  إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ ) , لا يفلح الكفار من الخلاص من عذابه وانتقامه , (  الرَّحِيمُ ) , لمن اراد ان يرحمه , وهو خاص بالمؤمنين .   

 

إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ{43}

تستمر الآية الكريمة مقررة (  إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ ) , وهي اخبث انواع الشجر , تنبت في تهامة .  

 

طَعَامُ الْأَثِيمِ{44}

تستمر الآية الكريمة مضيفة (  طَعَامُ الْأَثِيمِ ) , طعاما لذوي الاثيم , يرى بعض المفسرين انها نزلت في ابو جهل واصحابه .   

 

كَالْمُهْلِ يَغْلِي فِي الْبُطُونِ{45}

تستمر الآية الكريمة مضيفة (  كَالْمُهْلِ ) , المهل قيل انه الصفر المذاب , او كل ما يلقى "يمهل " في النار لأذابته , (  يَغْلِي فِي الْبُطُونِ ) , حال المهل في بطونهم . 

 

كَغَلْيِ الْحَمِيمِ{46}

تستمر الآية الكريمة مشبّهة ذلك الغليان (  كَغَلْيِ الْحَمِيمِ ) , كالماء الذي بلغ اشد الحرارة . 

 

خُذُوهُ فَاعْتِلُوهُ إِلَى سَوَاء الْجَحِيمِ{47}

تستمر الآية الكريمة وقد تضمنت امره جل وعلا لملائكة العذاب "الزبانية" (  خُذُوهُ ) , الاثيم "ابي جهل" , (  فَاعْتِلُوهُ ) , جرّوه بشدة وغلظة , او في منتهى العنف , (  إِلَى سَوَاء الْجَحِيمِ ) , الى وسط الجحيم .  

 

ثُمَّ صُبُّوا فَوْقَ رَأْسِهِ مِنْ عَذَابِ الْحَمِيمِ{48}

تستمر الآية الكريمة في اوامره جل وعلا لملائكة العذاب "الزبانية" (  ثُمَّ صُبُّوا فَوْقَ رَأْسِهِ مِنْ عَذَابِ الْحَمِيمِ ) , من ذلك الماء الذي بلغ منتهى درجات الحرارة , فيصب عليه ولا يفارقه ابدا .  

 

ذُقْ إِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ{49}

تستمر الآية الكريمة مضيفة المزيد من التنكيل (  ذُقْ ) , ايها الاثيم "ابي جهل" هذا العذاب , (  إِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ ) , يطرح المفسرون عدة اراء حول النص المبارك , نختار منها :    

  1. استهزاء به وسخرية منه , وزيادة في التنكيل .
  2. مما يروى ان ابي جهل كان يقول :
  • "أنا العزيز الكريم" , فيعير بذلك في النار .
  • مما يروي ايضا أن أبا جهل قال لرسول الله صلى الله عليه وآله ما بين جبليها أعز ولا أكرم مني .

 

إِنَّ هَذَا مَا كُنتُم بِهِ تَمْتَرُونَ{50}

تقرر الآية الكريمة (  إِنَّ هَذَا ) , العذاب او المنزلة في الجحيم , (  مَا كُنتُم بِهِ تَمْتَرُونَ ) , ما كنتم تشكون وتمارون فيه .  

 

إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقَامٍ أَمِينٍ{51}

تنتقل الآية الكريمة الى الطرف المقابل فتقرر (  إِنَّ الْمُتَّقِينَ ) , من اتقى الله تعالى وعمل بطاعته , (  فِي مَقَامٍ أَمِينٍ ) , يأمن اصحابه من الخوف او الضر او الانتقال منه .   

 

فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ{52}

تستمر الآية الكريمة مضيفة (  فِي جَنَّاتٍ ) , بساتين , (  وَعُيُونٍ ) , انهار .  

 

يَلْبَسُونَ مِن سُندُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُّتَقَابِلِينَ{53}

تستمر الآية الكريمة مبينة حال اصحاب ذلك المقام (  يَلْبَسُونَ مِن سُندُسٍ ) , السندس الرقيق من الحرير , (  وَإِسْتَبْرَقٍ ) , الاستبرق ما غلظ من الحرير , (  مُّتَقَابِلِينَ ) , بيانا لتقابلهم وعدم افتراق بعضهم عن بعض , او ان لا يرى قفا بعضهم , بل هم في حالة تقابل دائم .   

 

كَذَلِكَ وَزَوَّجْنَاهُم بِحُورٍ عِينٍ{54}

تبين الآية الكريمة (  كَذَلِكَ ) , الاجر والثواب والنعيم , (  وَزَوَّجْنَاهُم بِحُورٍ عِينٍ ) , بمعنى المزاوجة او الاقتران , والحور هي المرأة البيضاء واسعة العينين .    

 

يَدْعُونَ فِيهَا بِكُلِّ فَاكِهَةٍ آمِنِينَ{55}

تضيف الآية الكريمة (  يَدْعُونَ فِيهَا ) , يطلبون من الخدم وهم الغلمان , (  بِكُلِّ فَاكِهَةٍ ) , من كل انواع الفاكهة , (  آمِنِينَ ) , من عدة نواح :

  1. آمنين من انقطاعها او نفادها .
  2. آمنين من كل ضرر قد يكون فيها , كما هو الحال في فاكهة الدنيا , حيث تكمن اخطار الجراثيم او بقايا المواد الكيميائية "مبيدات الحشرات" التي ترش عليها .
  3. آمنين من ان تكون هذه الفاكهة قد عبثت بها الحيوانات او الطيور او الحشرات , كما هو الحال في فاكهة الدنيا .
  4. آمنين من ان تكون هذه الفاكهة غير ناضجة .  
  5. الاكثار من بعض الفاكهة قد يسبب بعضا من المشاكل الصحية.
  6. بعض الفاكهة لا تخلو من منغصات كالشرقة مثلا.
  7. لكثير من الفاكهة مخلفات قد تكون ضارة , او رفع تلك المخلفات يحتاج الى جهد.

 

لَا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولَى وَوَقَاهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ{56}

تبين الآية الكريمة (  لَا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولَى ) , ينفي النص المبارك تعرضهم للموت مرة اخرى , بل الحياة فيها دائمة , (  وَوَقَاهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ ) , جنبهم الله جل جلاله عذاب الجحيم .   

 

فَضْلاً مِّن رَّبِّكَ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ{57}

تستمر الآية الكريمة مضيفة (  فَضْلاً مِّن رَّبِّكَ ) , تفضلا منه جل وعلا عليهم , (  ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ) , حيث لا فوز يضاهيه ابدا , حيث انه يضمن الفوز بكل المطالب , كما ويضمن ايضا الخلاص من كل المكاره .   

 

فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ{58}

تبين الآية الكريمة مقررة (  فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ ) , سهلناه "القرآن" , (  بِلِسَانِكَ ) , بلغتك , (  لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ ) , يفهمونه , ويتعظون به , ويتذكروا به ما اغفلوا وفاتتهم تذكرته .     

 

فَارْتَقِبْ إِنَّهُم مُّرْتَقِبُونَ{59}

ختاما للسورة الشريفة تعود الآية الكريمة الى مطلعها مخاطبة النبي الكريم محمد "ص واله" (  فَارْتَقِبْ ) , وهو مضمون الآية الكريمة (  فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاء بِدُخَانٍ مُّبِينٍ{10} ) , انتظر هلاكهم وما سيحل بهم ذلك اليوم , (  إِنَّهُم مُّرْتَقِبُونَ ) , انهم منتظرون هلاكهم فيه .    


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


حيدر الحد راوي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2017/12/20



كتابة تعليق لموضوع : تأملات في القران الكريم ح367 سورة  الدخان الشريفة
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net