صفحة الكاتب : كفاح محمود كريم

هل كان الزعيم نصيرا للشعوب؟
كفاح محمود كريم

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

  بعد إعدام الدكتاتور العراقي صدام حسين بالشكل الذي أعطاه بعدا عاطفيا، لدى شارع ممزوج في تكوينه بمستويات عالية من العاطفة الجياشة إلى درجة التعاطف مع الجلاد وهو يقضي نحبه، شاعت بين شرائح واسعة ونخب سياسية عديدة خارج البلاد، حملة اعادة تصنيع تلك الشخصية بشكل تاريخي ومديات قومية وعالمية، كونها أي تلك النخب كانت محط اهتمام ورعاية الدكتاتور وخزائنه من منطلق كونه ( زعيما ) قوميا أو عالميا يتضامن مع الحركات والأحزاب المعارضة لأنظمة حكمها السياسية، حيث امتلأت بغداد منذ مطلع السبعينات من القرن الماضي بمقرات وممثليات العديد من الأحزاب والحركات السياسية العربية والإفريقية المعارضة في بلدانها لأنظمة لا تختلف قيد أنملة عن مضيفها في بغداد؟

   ولم تك عواصم الدكتاتورية السياسية في العالم اجمع، أفضل حالا أو أتعس مما كانت عليه الأحوال في بغداد آنذاك، حيث استقبلت وضمت هي الأخرى في عواصمها ودهاليزها، ممثليات ومقرات أحزاب عراقية وغير عراقية معارضة لأنظمة حكمها، مما جعل هذا السلوك ظاهرة متميزة تنفرد به أنظمة الزعيم أو القائد الضرورة أو الرئيس المطلق!.

    بعد مقتل القذافي وسقوط نظامه الشمولي وظهور تلك المشاهد البائسة لدولته التي كذب علينا جميعا، بأنه أقام فيها نظاما متفردا ومتميزا بعدالته وترف شعبه، فإذ بنا نشاهد قرى وبلدات خارج الزمن تماما وكأنها من أيام القرون الوسطى في بدائيتها وتخلفها، وأدركنا حقيقة تلك العطايا والمنح التي كان يهبها لرؤساء بعض الدول والحركات والأحزاب، لا حبا بهم وإيمانا بقضاياهم بل نزعة دكتاتورية وإعلامية، الغرض منها واضح من اجل انتشاره عالميا، ليحقق كما يتصور هو امتدادا أفقيا لدى الرأي العام الدولي؟

   وقد شهدنا خلال النصف قرن المنصرم الكثير من هذه السلوكيات والتصرفات لدى أمثال هذا النظام، سواء من خلال العطايا المالية أو حتى الدعم العسكري والأمني، ويقينا لم تك تلك المساعدات والعطايا لأجل قضايا الحركات والشعوب، إلا بالقدر الذي يستفيد منه النظام بذاته، كما كان يفعل نظام حافظ الأسد وصدام حسين وشاه ايران وغيرهم في منطقتنا الموبوءة بالدكتاتوريات، من خلال رعايتهم لكثير من حركات وأحزاب المعارضة في هذه البلدان، تحت متوارث آخر يبيح لهم فعل أي شيء وهو: عدو عدوك صديقك، أو تأتي متناسقة مع ميكافيلية الكثير منهم لبلوغ غاياتهم وإشباع رغباتهم، لا إيمانا بقضايا تلك الشعوب أو الأحزاب والحركات الا بالقدر الذي يمنحهم فيها القابا جديدة على شاكلة ( صدام نعمة السماء على الأرض ) أو ( ملك ملوك افريقيا ) وما شابه ذلك لدى الآخرين؟.

   وهذا ما شهدناه طيلة عقود من الصراعات في منطقتنا من دعم ومؤازرة أنظمة دكتاتورية مستبدة لقوى وأحزاب ديمقراطية أو حركات تحرر لشعوب مقهورة، كما فعل شاه إيران مع حركة التحرر الكوردستانية، حينما أوقف دعمه لها بمجرد ان كفة ميزان المصالح لنظامه أشرت الى بغداد وحاكمها، وكما كان يفعل نظام صدام حسين مع كثير من الأنظمة والدول والأحزاب والحركات في العالم، وبعثرة أموال طائلة لا حصر لها من ميزانية البلاد، بينما كان العراق وليبيا وسوريا واليمن وأمثالهم يعانون وحتى يومنا هذا من تخلف مريب في معظم مفاصل الحياة؟

    وبينما تستقبل الدول الديمقراطية المتحضرة معظم معارضي أنظمة الحكم في العالم، كأناس مضطهدين توفر لهم الحماية والأمن وبعض المساعدات الإنسانية التي تعينهم على العيش، تحضر عليهم أي نشاط سياسي أو عسكري أو تنظيمي على أراضيها احتراما للقوانين والاتفاقيات الدولية التي تمنع التدخل في الشؤون الداخلية لأي دولة دون تصريح أو تخويل من مجلس الأمن والأمم المتحدة، نرى العكس في هذه البلدان الشمولية التي تحول أراضيها ومؤسساتها وأموالها لغرض دعم تلك الحركات والأحزاب، خارج القانون الدولي والاتفاقيات المتعارف عليها بين دول العالم ضمن منظومة الأمم المتحدة، مما تسبب في كثير من الأحيان الى نشوب حروب قاسية بين تلك الحكومات أو حروب أهلية دفعت الشعوب ثمنا باهظا لها.

    وتبقى كثير من الأسئلة في دائرة الألم والغموض والعجب، ولعل أهمها تلك التي تسأل عن حقيقة مساعدات أنظمة الطغيان لقضية الشعوب أو الحركات المعارضة والمناهضة لأنظمتها السياسية، كما كانت تفعل أنظمة؛ القذافي وصدام حسين وحافظ الأسد ووريثه بشار وغيرهم من رموز الدكتاتورية في العالم؟

    وهل ان هذه الأنظمة لو كانت شرعية وتمتلك مؤسساتها الدستورية الحقة كما في الدول الديمقراطية المتقدمة، كانت تفعل ذات الأفعال بهذا الشكل دون ان تستأذن أو تستشير أو تستفتي رأي الشعب مباشرة أو من خلال من يمثله حقا؟

   وأخيرا؛

   هل يمكن لولي أمر أو أب شرير وقاس وظالم ومستبد مع أبنائه وأفراد أسرته، أن يكون عادلا وكريما وحنونا مع الآخرين من غير أل بيته!؟

kmkinfo@gmail.com

 
 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


كفاح محمود كريم
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2011/11/18



كتابة تعليق لموضوع : هل كان الزعيم نصيرا للشعوب؟
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net