صفحة الكاتب : علي علي

وبسبع صابونات غسلت اديه
علي علي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

    في وقت يصعب على المواطن العراقي تنفس الصعداء، وفي ظرف يحكمه سجانون لا يمكن إدراجهم في قائمة الإسلاميين، ولا الملحدين، ولا العلمانيين، فهم في قائمة الضالين خالدون فيها الى أبد الآبدين، يبقى مصير البلاد معلقا، ومصائر العباد على شفا حفرة، هم قاب قوسين أو أدنى من الانزلاق في مهاويها، حيث لا تلوح في الأفق البعيد ولا القريب معالم انفراج، بل على العكس من هذا، إذ ينذر الأفق بأعاصير لا تحمد عقباها، ستأتي على ماتبقى من أخضر ويابس، كان سياسيو الماضي قد أحرقوا جلّها، وأبقوا على فتات ليحرقها ورثتهم سياسيو الحاضر.

  وفي الأحوال كلها -أحسنها وأسوئها- يتبوأ المواطن مقعدا مهمشا، لاينوبه في بلاده العريقة الغنية أي نصيب، سواء أماديا كان أم معنويا! حضوريا أم غيابيا! نقدا أم فقدا!. فحصته دوما من خيرات بلاده نزر لايسد رمق بعوضة، فالخير كل الخير، يلتهمه الذين "يأكلون في بطونهم نارا". ولعل بيت الأبوذية الآتي يجسد نصيب العراقيين في بلادهم:

يهالمبعد بظعنك ونه ونه

انه غناي على مودك ونه ونه

ثاري التمر للغير والنوة النه

وانا عثوگك مربيهن بديه

   نعم، على هذا المنوال يتم تقسيم ريع البلاد بين الحاكم والمحكوم، فالأول له حصة الأسد، والأخير له الأجر والثواب وساء مصيرا.

 وكما يقول مثلنا: (على هالرنه طحينچ ناعم) مافتئ العراقيون ينهلون من منابع الاضطهاد أصنافا عدة، فلهم القدح المعلى في الاضطهاد الاقتصادي، وهذا مانراه جليا في المستوى المعيشي لغالبيتهم، ولهم القدح ذاته في الاضطهاد الاجتماعي، وهذا واضح في مناهج حاكميهم التي تصب في بث التخلف وكبح الطاقات الفردية، ولهم أيضا بالقدح نفسه مشارب كثيرة في الاضطهاد السياسي، حيث احتكرت القيادة أسماء معينة، وانفردت بإدارة مفاصل البلاد طوائف محددة، وتسنمت المناصب العليا أحزاب صنمية، تمسكت بتلابيت الحكم على نحو المثل القائل: (أعمى وچلّب بشباچ الكاظم).

   وباستطلاع سريع لأسباب هذا الحال وتكراره عقدا بعد عقد منذ ستينيات القرن المنصرم، يتبين لنا أن القوة والبطش كانتا سلاح الحكومات السابقة، ولاسيما حكومة البعث، وهذا أمر قد سلمنا به وآمنا وبصمنا بالعشرة على حقيقته، فما بال البلاد بعد سقوط البعث ورأسه وأزلامه وأعوانه وأدواته؟

ألم يضحَ الحكم ديمقراطيا؟

أما باتت الحكومات منتخبة؟

ألم تنحصر الكرة بين الناخب والمرشح؟

أوليست صناديق الاقتراع هي الناطق الرسمي باسم الشعب؟

أين الخلل إذن، في استمرار أحوال البلاد في التراجع والتدني؟

أرى أن الخلل يكمن فيمن أتى بحكام البلاد الحاليين، والذنب بالدرجة الأولى يقع على من أشار اليهم بإصبعه المخضب، والمسبب أيضا هو الذي وضع علامة صح أمام كتلة غير نزيهة، او شخص ليس كفئا لمنصب قيادي او رئاسي، وبالتالي فقد اجتمعوا جميعهم على إيلاء المنصب لمن لاعهدة له، وتوكيل من لا ذمة له، وتفويض من لا شرف له، فجاءت النتائج بطبيعة الحال سيئة، صب غمامها وابلا من سجيل على أم رأس الناخب، فحق عليه بيت الشعر:

إذا كان الغراب دليل قوم

                        فعيب القوم لا عيب الغراب

  اليوم، وبعد أربعة عشر عاما عجافا، ذاق فيها المواطن شر اختياره قادته في ثلاث تجارب عجاف أيضا، أمن المعقول تكرار الخطأ عينه رابعة عجفاء؟

أمن المقبول اتباع مثلنا القائل: (شين التعرفه أحسن من زين الماتعرفه)؟

هل يصح اللدغ أربع مرات من الجحر ذاته؟

إذا صحت كل هذي المعطيات، فقراءة السلام ليست على حكام العراق وساسته فقط، بل على الشعب العراقي أيضا، وليس لدي حينها غير بيت دارمي أردده:

يالتنشد على الحال الحالة هي

                        وبسبع صابونات غسلت اديه

 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


علي علي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2018/01/18



كتابة تعليق لموضوع : وبسبع صابونات غسلت اديه
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net