لمن يُحبُّ أن يُدليَ بدلو رأيهِ هنا في معترك أيدي الآراء ,ومشتجر قنا الأفكار,أتساءل:- هل يجوز نقد الأخطاء النحوية والصرفية التي صارت قالباً اصطلاحياً في العلوم,ومعنىً منقولاً في الفنون؟وكذا أسماء الاعلام الملفوظة بصورةٍ خاطئة حتى صارت علماً على قائليها.
مثلاً كلمة (الكليُّ الطبيعيُّ) رأيتُ بعض أعلام اللغويين انتقد بعض علماء المذهب – قُدِّس سره – وقال مامضونه :- إنَّ من حقها أن تكون (الكليُّ الطَبَعيُّ) لأنه على وزن فعيلة ؛ذلك ان النسبة إلى ماكان على وزن (فَعِيلَة) مثل (طبيعة) هو (فَعَلَيِّ) اي (طبعيِّ).
وهو الحق,كما تقول في (حنيفة) حنفيِّ,ومنه تعلم الغلط في نسبة أبناء عشيرة ربيعة إلى عشيرتهم,فيقولون (ربيعيَّ) وهو غلط والصواب (ربَعيِّ).
والذي جرَّني إلى هذا الحديث هو قولهم في المنطق :-
محمدٌ إنسان ..............مقدمةٌ صغرى.
وكل إنسانٍ فان .......... مقدمة كبرى.
إذن.محمدٌ فان ..................... نتيجة.
والإشكال النحويُّ في قولهم (مقدمة صغرى,ومقدمةٌ كبرى).
ذلك أن (كبرى) اسم تفضيلٍ مؤنث لاسم التفضيل المذكر (أكبر),وهنا قاعدةٌ مفادها أن اسم التفضيل إذا كان مجرَّداً من الألف والاضافة,فيجب أن يكون مفرداً مذكراً دائماً,بغض النظر عن كون موصوفه في عدده ونوعه مفرداً,جمعاً,مثنى,مذكراً مؤنثا.
وهنا (كبرى) و (صغرى) مجردان من الاضافة و (ال) ووفاءً للقاعدة المذكورة يكون اسم التفضيل مفرداً مذكرا,فتقول (مقدمةٌ أصغر..مقدمةٌ أكبر) ومن هنا تعرف اللحن في قولهم (مصيبةٌ كبرى,وغايةٌ قصوى) والصحيح مصيبةٌ أكبر,وغايةٌ أقصى,وكذلك مثل قولهم :دعامة كبرى,والصواب دعامة أكبر.
ولأجله لحّنوا أبا نؤاسٍ في قوله:-
كأنَّ صغرى وكبرى من فقاقعها .... حصباء درٍّ على أرضٍ من الذهب.
وبما أن المتنبي عالمٌ باللغة بصيرٌ بطرائقها لم يغلط في أمثال هذا المورد فقال:
له هممٌ لامنتهى لكبارها *** وهمَّتُه الصغرى أجلُّ من الدهر.
لله درُّه شاعرا,فإنه مارضي أن يجعل له همةً كبيرةً واحدة,بل جعل له مجموعة هممٍ كبيرة,وهذه الهمم الكبيرة لامنتهى لحدودها,فإن قلتَ:- وما حدود هذه الهمة؟ قال: سأضرب لك مثلاً بحجم همته الصغرى,أن حجمها أجلُّ وأعظم من الدهر على مابه من كبرٍ وعظمة,فإذا علمت هذا فلن أقول لك ماحجم هممه الكبرى سوى انه لامنتهى لحدودها.
وهل يعمُّ التصحيح المنقولات العلمية,أم يشمل حتى المنقولات العرفية مما صارت اصطلاحاتٍ على بعض الذوات ولكنه اصطلاحٌ خاطيء مثل قولهم (طالبٌ حوزويٌّ) والصحيح (طالبٌ حوزيٌّ)؛ذلك ان النسبة إلى ما كان مختوماً بتاء ,هو ان تحذف التاء وجوباً,وتلحق ياء النسبة المشددة بالاسم,سواء كانت هذه التاء مربوطة ,مثل (مكة) مكيّ,أو مفصولة,مثل جوزة ,جوزيّ,ومنه قيل ابن الجوزيّ,ولم يقولوا ابن الجوزويّ,نسبةً لشجرة الجوز,أو لعل اباه كان بائعاً للجوز,أو لمكانٍ في البصرة.
وحوزة,مثل جوزة,تحذف التاء وجوبا,وتلحق ياء النسبة المشددة بالاسم,فتصير حوزيّ.
وكذلك من الاخطاء العرفية الشائعة في اللغة قولهم (البَصري) بفتح الباء,رغم أن الحكم في الكلمة (بَصرة) كما سبق,فإن النسبة اليها بصريّ,بحذف التاء وجوباً وإلحاق ياء النسبة المشددة بالكلمة,غير ان النحاة عدّوا النسبة الى البصرة شاذة,كونها (بِصريّ) بكسر الباء,ومنه تعرف الخطأ في قولهم (الحسن البَصريّ) بفتح الباء,والصحيح (الحسن البِصريّ) بكسر الباء.
تساؤلي:- المصطلحات العلمية المنقولة,كالتي مرَّت وأشباهها,وكذلك العرفية كالتي ذكرنا وأمثالها,هل يجب نقدها في البحوث العلمية المتخصصة,ام يُغفل عنها؟ افتونا مأجورين.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat