صفحة الكاتب : محمد كاظم خضير

التجربة الحزبية للأحزاب العراقية بعد 2003 واستراتيجية العبادي لولاية الثانية
محمد كاظم خضير

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

: قرأت تحليلية في أدبيات الأحزاب وتقويتها
تضم قائمة الأدبيات التي تتناول الأحزاب السياسية في العراق عدداً ضخماً من المجلدات والكتب، وتغطي هذه الأدبيات حقبة مديدة – جل القرن العشرين- وتمتد إلى فترة العهد الملكي (1921-1958) والعهد الجمهوري- العسكري (1958-1968) ثم فترة حكم البعث الشمولي (1968- 2003). لكن هذه الأدبيات لا تتركز على دراسة الأحزاب حصراً، فهي أساساً تعد دراسات تاريخية أو سياسية أو اقتصادية عن العراق، وتأتي دراسة الأحزاب في سياق معاينة التطور السياسي والاقتصادي والاجتماعي للبلاد. وتنحصر فائدة هذه المراجع في تقديم لوحة سياسية شاملة تشكل خلفية نشاط هذه الأحزاب. كما أنها تحوي معطيات تتعلق بمواقف الأحزاب من شتى القضايا. وهناك دراسات أخرى محددة تتعلق ببعض القادة والزعماء من مؤسسي الأحزاب، مثل حياة جعفر أبو التمن، مؤسس "الحزب الوطني" (1921) أو حياة كامل الجادرجي، زعيم "الحزب الوطني الديمقراطي"، أو يوسف سلمان يوسف (فهد) مؤسس "الحزب الشيوعي العراقي" أو حياة السيد محمد باقر الصدر، الأب الروحي لـ"حزب الدعوة الإسلامية".
تفيد هذه السير في قراءة مزدوجة لتطور الأحزاب وتطور الزعامات. وينطبق ذلك بوجه خاص على فترة العهد الملكي والعهد الجمهوري، أي حقبة الأحزاب التقليدية والأحزاب الأيديولوجية.
ثمة مجموعة دراسات أخرى عن مجموعة أحزاب مصنفة بحسب توجهها الأيديولوجي، أو الإثني: الحركات الإسلامية، التيارات القومية، الأحزاب الكردية... الخ، كما أن بعض الدراسات تتناول حزباً معيناً على سبيل التأريخ، مثال ذلك كتاب نصير الكاظمي: الحزب الشيوعي والمسألة الزراعية، حيث يقتصر الكتاب على تناول الإصلاحات الزراعية ودور الحزب الشيوعي فيها، بإزاء الأحزاب الأخرى (الوطني الديمقراطي، البعث...الخ)، أما كتاب حنا بطاطو فيقدم لوحة مفصلة عن الحزب الشيوعي، والحزب الوطني الديمقراطي، وحزب البعث منذ خمسينات القرن العشرين حتى سبعيناته.
أما الأحزاب الإسلامية الراديكالية، التي نمت خلال حقبة البعث، في ظروف العمل السري والعمل في المنفى،.
أما دراسة النخب السياسية وأنماط الزعامات فهي الجانب الأضعف، اذ لا نجد سوى كتاب بطاطو، وكتاب جبار، يتناولان البنى التنظيمية وتحولاتها. بيد أن هناك دراسات متخصصة عن النخب السياسية مثل دراسة فيب مار عن النخب السياسية في العهدين الملكي والجمهوري، أو دراسة أماصيا بارام عن النخب في عهد البعث.
. فالهيئة العليا المستقلة للانتخابات سجلت وجود أكثر من 300 كيان سياسي دخل حلبة السباق البرلماني عام 2005. وإن دراسة هذا الكم الهائل ما زالت في بدايتها الأولى، ولا تخرج عن التصنيفات العامة، ووصف الاستقطابات والمواقف من القضايا الرئيسية: كالموقف من الاحتلال، الموقف من الفيدرالية، الموقف من الدين، الموقف من المرأة، الموقف من دول الجوار... الخ. وعلى الرغم من توافر كم هائل من مطبوعات هذه الأحزاب، ووجود مواقع الكترونية لها تحمل الكثير من المعطيات، فإن الدرس والتحليل لا يزالان في بدايتهما.
بقي أن نشير إلى أن كتاب رعد الجده تشريعات الجمعيات والأحزاب السياسية العراقية هو نص وثائقي مهم يحوي كل التشريعات الخاصة بتنظيم الأحزاب منذ العهد العثماني حتى عام 2003.
أما التشريعات الجديدة فتتوافر نصوصها على موقع "الهيئة العليا المستقلة للانتخابات" كما أن كتاب الجدة عن دساتير العراق، يوفر مادة وثائقية غزيرة لكل الدساتير منذ عام 1908، وما تتضمنه من تشريعات بخصوص الانتخابات، وتقسيم الدوائر الانتخابية، وتنظيم البرلمانات، وما شاكل، مما يتصل بالحياة السياسية العامة.ويوضح الملحق (1) أهم الدراسات والأدبيات التي تناولت الأحزاب السياسية في العراق

1-موقع الجزيرة نت الاخبارية دراسات في تأريخ الاحزاب في العراق


المبحث الثاني

الشكل القانوني المنظم للأحزاب
قبل التعرف على التشريعات والقوانين الخاصة بالأحزاب التي سنت بعد عام 2003، لابد من الوقوف قليلاً على التشريعات الصادرة قبل هذا التاريخ وذلك لإعطاء صورة مقارنة عن الضوابط التشريعية والقانونية التي نظمت العمل الحزبي في العراق.
تشترك التشريعات والمراسيم الناظمة للعمل الحزبي منذ تأسيس الدولة العراقية عام 1921 وحتى سقوطها عام 2003، في قضيتين أساسيتين، الأولى، تقييد العمل الحزبي من خلال وضع ضوابط على حرية تأسيس الأحزاب وتوسيع دور السلطة في التدخل في حياتها الداخلية، والثانية، حظر وتحريم أي تنظيم سياسي قائم على أساس ديني أو طائفي أو قومي أو مناطقي. فقد اشترط قانون الجمعيات والأحزاب السياسية الصادر عام 1922 وهو أول قانون يهدف إلى تنظيم عمل الأحزاب، اشترط الحصول على إذن الحكومة لإنشاء حزب سياسي (المادة 4) وحظرت المادة ذاتها تأليف الجمعيات التالية: ذات الأغراض المنافية للقوانين والآداب العامة، والتي تبث الانشقاق بين العناصر العراقية، والتي تحاول تغيير شكل الحكومة المقرر، والجمعيات المؤسسة على أسس القوميات والمذاهب العراقية، السياسية، والجمعيات التي لا يستدل من عنوانها على غرضها والسرية التي لا تبوح بغرضها. وأعطت المادة (10) وزير الداخلية حق الإشراف والمراقبة على جميع أمور الجمعيات وإبطال رخصها المجازة. وبقي هذا القانون ساري المفعول حتى صدور المرسوم (19) عام 1954 الذي لا يختلف كثيراً عن سابقه في المحددات والضوابط التي تمنع تأسيس وتأليف جمعيات وأحزاب بعينها (المادة 3)، واستثنت المادة (5/أ) من عضوية الأحزاب الطبقات المتعلمة من طلاب المدارس والكليات والموظفين والمستخدمين في الدولة ومن تقل أعمارهم عن 18 سنة، كما نص القانون على إسقاط الجنسية عن الشيوعيين وألغت (المادة 25) الجمعيات المؤسسة قبل نفاذ هذا المرسوم. وفي عام 1960 أثناء العهد الجمهوري الأول (بعد انقلاب 1958) صدر قانون جديد للجمعيات حٍٍٍول صلاحية إجازة الأحزاب ومراقبتها من وزارة الداخلية إلى السلطة القضائية (محكمة التمييز)، وسمح لكل راشد بالاشتراك في ممارسة العمل الحزبي ومنهم الطلبة والموظفين واستثنى أفراد القوات المسلحة والسلك الدبلوماسي (المادة 2/31) لكن القانون لم يوضع قيد التطبيق. وفي عام 1970-1971 أرسى الدستور المؤقت نظام "الحزب القائد" الذي سمح بمشاركة محدودة في إطار "الجبهة الوطنية" الرسمية، كما سمح بإلغاء هذه المشاركة وفرض نظام الحزب الواحد، وفي عام 1991 صدر قانون الأحزاب السياسية رقم (30) سمح فيه لكل عراقي وعراقية بتأسيس حزب سياسي (المادة 2)، واشترط على الحزب الجديد أن لا تتعارض مبادئه مع مبادئ ثورة 17 تموز وأن لا يعارض تحقيق الوحدة ويعتز بما حققته سلطة الثورة (الحزب الحاكم). كما حظر هذا القانون تأسيس أحزاب إقليمية تخص طائفة أو عنصراً أو ديانة. إلا أن هذا القانون لم يفضِ إلى تعددية حزبية في العراق، ولم يتشكل استناداً إليه أي حزب سياسي.
أما القوانين والأوامر التي سنت بعد الاحتلال عام 2003 فتختلف عن سابقاتها في أنها لا تنطوي على أي تدخل من قبل الدولة في تشكيل الأحزاب أو في حياتها الداخلية، كما لم تحدد أي شروط لقيام أو عمل الأحزاب. وكانت هذه التشريعات تنطلق من حاجة سلطة الائتلاف المؤقت الى اقامة ديمقراطية ليبرالية على اساس اقتصاد السوق، وصديقة للولايات المتحدة، وأهم هذه الأنظمة والقوانين:
1- قانون إدارة الدولة للمرحلة الانتقالية 2003
يتألف هذا القانون من (62) مادة حاول خلالها أن يضع الأسس لسريان العملية السياسية في العراق، ورسم تقسيم السلطات بين مؤسسات الحكومة المؤلفة من الجمعية الوطنية ومجلس الرئاسة الثلاثي ومجلس الوزراء والسلطة القضائية، ورسم آليات إجراء الانتخابات النيابية وضوابط الترشيح لها، وحدد شكل الحكومة باعتماد النظام البرلماني (وليس الرئاسي) مما كان له انعكاساته على الحياة الحزبية في العراق، إذ سمح لبعض الأحزاب بإقصاء عدد كبير من الأحزاب المنافسة، ذلك لأن الأحزاب المهيمنة هي أحزاب فئوية - طائفية وقومية تقتصر العضوية فيها على المنتمين وراثياً لمذهب أو لقومية أو لمنطقة، واعتماد النظام البرلماني أعطى الأحزاب التي تمثل الطائفة الأكبر عدداً الفرصة للهيمنة على سلطات الدولة وتهميش باقي الأحزاب (التي لا تمثل فئة أو طائفة) من الحياة السياسية وصنع القرار. كما نص قانون إدارة الدولة على صون الحريات العامة والحق بحرية التعبير والاجتماع وتأليف الجمعيات والانضمام لها وحق التظاهر والإضراب واحترام مؤسسات المجتمع المدني، غير أنه حرم على أعضاء قيادات حزب البعث المنحل وأعضاء الأجهزة الأمنية في العهد السابق من الترشيح للبرلمان. وشجع هذا القانون على إقامة التحالفات بين الكتل إذ نصت المادة (35) على أن التصويت داخل الجمعية الوطنية اللازم لاتخاذ القرارات المهمة يعتمد على الأغلبية الموصوفة (أغلبية الثلثين أو أغلبية ثلاثة أرباع الجمعية) مما يجعل من العسير على أي كتلة أو حزب أن يحقق إرادته السياسية دون التحالف مع كتل أو أحزاب أخرى. إلا إنه لم يحدد ضوابط لهذه التحالفات ولم يذهب لتحريم الاتحادات القائمة على أسس طائفية وقومية وإثنية ومناطقية كما ذهبت قوانين العديد من الدول وهو ما حوَّل البرلمان إلى ساحة لصراع المصالح الضيقة.
2- قرار سلطة الائتلاف المؤقت رقم 96 لعام 2004/ القانون الانتخابي
صدر هذا الأمر عن الحاكم المدني، رئيس لسلطة الائتلاف المؤقت، بول بريمر عام 2004 وحددت الغاية من صدوره كما جاء في جزءه الأول وضع إطار قانوني لانتخابات عضوية المجلس الوطني للحكومة العراقية الانتقالية (التي سيتم تأليفها بعد انتخابات كانون الثاني/ يناير 2005)، وعرّف هذا القرار في الفقرة (5) من الباب الثاني قانون الأحزاب والكيانات السياسية بأنه القانون الذي سيحكم الاعتراف بالكيانات السياسية في العراق خلال المرحلة الانتقالية، وأبرز ما يميز القانون الانتخابي فيما يتعلق بالأحزاب السياسية، هو اعتماده على نظام التمثيل النسبي واعتبار العراق دائرة انتخابية واحدة وتحديد نظام القائمة المغلقة في الانتخابات، فقد اعتمد القانون على نظام التمثيل النسبي وليس نظام الأغلبية البسيطة، ويسمح هذا النظام بتمثيل مختلف التيارات السياسية من خلال إتاحته لجميع الكتل المتنافسة فرصة الحصول على مقعد في البرلمان بحسب نسبة الأصوات التي يحصلون عليها، ولا يضع مجالاً واسعاً لهدر الأصوات، فكل حزب طبقاً لهذا النظام يحصل على 30 ألف صوت يحوز مقعداً في البرلمان خلافاً لنظام الأغلبية البسيطة، الذي يسمح للحزب الحاصل على أكبر عدد من الأصوات حتى وإن كان الفارق صوتاً واحداً بأن يشكل أغلبية برلمانية ويحظى بكل المقاعد. ولا يشترط النظام المعمول به في العراق نسبة معينة يحصل عليها الكيان المرشح كشرط لدخول البرلمان كما هو الحال في بعض الدول التي تشترط حصول القائمة على 5 أو 10 في المئة من أصوات الناخبين، مما يعني أن ليس هناك ما يمنع الأحزاب الصغيرة من المشاركة الفعلية في العملية السياسية - على الأقل من الناحية القانونية - وهو ما يشجع على ظهور أحزاب وتجمعات سياسية جديدة وصغيرة، ومن المفترض أن يزيد من حدة تنافس الأحزاب في برامجها الانتخابية مما يساهم في تنمية وعي سياسي جماهيري. إلا أن الواقع السياسي أفرز معطيات مختلفة جداً وقد ألقى هذا النظام بأعبائه على تكوين حكومة ائتلافية أو حكومة توافق وهذا يعني غياب مبدأ المعارضة والمساءلة وبروز مبدأ جديد هو التوافق، كما أخذ قانون الانتخابات رقم (96) بنظام الدائرة الانتخابية الواحدة وكان الغرض من ذلك هو السماح للأحزاب والأقليات المتوزعة على أرض العراق بأن تمثل داخل الجمعية الوطنية، إلا أن اعتبار العراق منطقة انتخابية واحدة ساعد في ظهور قوائم قومية وطائفية ودينية، كما أن الغاية منه لم تتحقق بل ترتب عليه تمثيل غير عادل لبعض المناطق لمصلحة تضخم تمثيل محافظات ومناطق أخرى. وقد ألغي هذا النظام في الانتخابات الثانية وقسم العراق تبعاً لعدد محافظاته إلى 18 دائرة انتخابية، وكان لهذا التغيير أثره البالغ على موازين القوى بين الأحزاب ذلك لأن رهان الأحزاب الوسطية اعتمد على تحالفها مع القوى والأحزاب الكردية ودخولها مع هذه الأحزاب ضمن قائمة واحدة، وعند إعلان تعدد الدوائر الانتخابية تبعاً لمحافظات العراق قبل أيام قليلة من إجراء الانتخابات انفصم هذا التحالف وأعلنت الأحزاب الكردية أنها ستدخل الانتخابات بقائمة خاصة بها، وتركت القوى الديمقراطية الوسطية لجمهور الناخبين العرب الذين حددت هوياتهم الطائفية اتجاه أصواتهم واختاروا الأحزاب الطائفية. ونص قانون الانتخابات على مفهوم المقاعد (التعويضية)، إذ تم تخصيص (45) مقعداً للكيانات السياسية التي لا تمتلك قاعدة انتخابية متمركزة إقليمياً بل مبعثرة في البلاد بمقاعد على مستوى المحافظة لكنها وصلت إلى الحد المعين، غير أن هذا المفهوم وضع ضمن آلية لم تستفد منها إلا الكتل الكبيرة حيث اشترط نسبة (50000) صوت كحد أدنى يحصل عليه الكيان السياسي للحصول على مقعد تعويض، وبالتالي فإن معظم المقاعد التعويضية ذهبت إلى الكتل الكبيرة كما

)
توزيع المقاعد التعويضية والكيانات الفائزة وعدد المقاعد في الانتخابات الاولى التأسيسية 2005
ونصت الفقرة (1،2) من الجزء الرابع على نظام القائمة المغلقة واشترطت أن يقدم الكيان السياسي المرشح قائمة مرتبة حسب الاستحقاقات، كما حظر تغيير ترتيب المرشحين في القائمة أو تغييرهم بعد تاريخ معين تحدده الهيئة العليا للانتخابات، وكل قائمة يجب أن تحتوي على ما لا يقل عن 12 مرشحاً شرط أن يكون الاسم الثالث في القائمة امرأة. وقد كان لاعتماد القائمة المغلقة تأثيراً سلبياً على الأحزاب ذلك انها أخضعت الأسماء المرشحة ضمن القوائم لدكتاتورية رئيس القائمة الذي اختار أسماء مرشحيه ضمنها، كما أنه حدّ من فرصة الأحزاب في الحصول على أصوات الناخبين حيث خضع خيار الناخب لاسم رئيس القائمة (وهو الشخص الوحيد المعروف للناخبين) وكان ذلك على حساب البرنامج السياسي الانتخابي للحزب.
كما أن اعتماد القائمة المغلقة جعل من أي خطأ في الأداء السياسي لرئيس القائمة ينعكس على الحزب الذي يمثله مما يحدد التجاوب السياسي الشعبي مع الحزب.
3- قانون الأحزاب أو الهيئات السياسية / الأمر رقم 97
صدر هذا الأمر عن سلطة الائتلاف المؤقتة في العراق ليشكل جزءاً مكملاً للإطار القانوني للانتخابات كما جاء في قسمه الأول، اعترف الأمر في القسم الثاني، فقرة (1) بالكيانات السياسية المشكلة في العراق وعرّف الكيان السياسي بأنه أي منظمة أو أي حزب سياسي يتكون من ناخبين مؤهلين يتآزرون طواعية على أساس أفكار أو مصالح أو آراء مشتركة بهدف التعبير عن مصالحهم ونيل النفوذ وتمكين مندوبيهم من ترشيح أنفسهم شريطة استيفاء المنظمة على الشروط المطلوبة (رقم التسجيل من المفوضية العليا للانتخابات). وبذلك يكون قانون الأحزاب قد اعتبر أي كيان سياسي مصادق عليه - ما عدا الأفراد- تنظيمات سياسية قانونية يجوز لها امتلاك العقارات وإبرام العقود وعدّهم متساويين أمام القانون (القسم الثالث، فقرة 1،2،3،4)، وحّرم القانون على هذه الكيانات الارتباط مع أي قوة مسلحة أو ميليشيا أو وحدة عسكرية، كما حظر عليها الحصول على تمويل مباشر أو غير مباشر من أي ميليشيا مسلحة. (القسم الرابع فقرة 3 أ، 5)، ومع أن هذا القانون قد حدد عقوبة من يرتكب أفعالاً مخلة بالانتخابات تتمثل بالإنذار القضائي والغرامة المالية وتعليق التصديق أو سحبه، إلا أنه لم يحدد عقوبة للكيانات المرتبطة بالميليشيات كما لم يحدد الجهة التي تتولى معاقبتها، وبقيت هذه المادة غير فاعلة إذ كشفت القوائم الانتخابية عن دخول ميليشيات بأسماء منظمات سياسية إلى البرلمان*.
4- دستور العراق الدائم 2005
أعطت المادة (20) من دستور العراق الدائم لعام 2005 الحق للعراقيين في المشاركة في الشؤون العامة والتمتع بالحقوق السياسية بما فيها حق التصويت والانتخاب والترشيح.
ونصت المادة (39) من الدستور على حرية تأسيس الجمعيات والأحزاب السياسية والانضمام إليها وعدم إجبار أحد على الانضمام أو الاستمرار في عضوية أي حزب. وحددت المادة (7) شروط التعددية السياسية إذ نصت على حظر أي كيان أو نهج يتبنى العنصرية أو الإرهاب أو التكفير أو التطهير الطائفي أو يروج لها، وتستثني المادة حزب البعث العربي وما أسمته (البعث الصدامي) من أن يكون ضمن التعددية السياسية وتحت أي مسمى، ويعني تطبيق هذه المادة وبخاصة في جزئها الأول إلغاء معظم الأحزاب المهيمنة على الساحة السياسية سواء الأحزاب القومية الكردية (التي تقتصر العضوية فيها على الأكراد، أو الأحزاب الدينية سنية كانت أم شيعية، والتي تقتصر العضوية فيها على أعضاء الطائفة التي تمثلها هذه الأحزاب).
بيد أن أبرز ما يميز الدستور في ارتباطه بموضوع الأحزاب السياسية هو أنه يسعى في كثير من مواده لبناء دولة ثيوقراطية (دينية) تقوم على الحق المقدس والإرادة الإلهية التي تلغي (من الناحية العملية) قيام أي سلطة على أساس إرادة الشعب، وهو ما قد يترتب عليه بناء نظام سياسي ذي أيديولوجيا دينية جامدة تؤدي إلى شمولية تلغي الرأي الآخر واتجاهاته.

محمدفاظل مركز الأردن للدراسات الاستراتيجية الأحزاب العراقية الشكل القانوني لأحزاب السياسية في العراق

المبحث الثالث

إحصاء الأحزاب العراقية بعد 2003
1- الأحزاب السياسية في العراق منذ عام 2003: أحزاب الداخل وأحزاب الخارج استؤنفت الحياة الحزبية في العراق في إثر سقوط حكم البعث في نيسان/ أبريل 2003، وشهدت الساحة العراقية فورة سياسية اندفعت خلالها القوى والشخصيات إلى تشكيل أحزاب وتكتلات شبه حزبية حملت أسماء مختلفة لتعبر عن توق كبير لممارسة العمل السياسي. وفي ظل الفوضى والإرباك وضعف مؤسسات النشر والاتصال، اضطرت هذه التشكيلات إلى التعبير عن نفسها من خلال الشعارات والمسميات التي اكتظت بها جدران الأبنية. وقد شهدت مؤسسات الدولة السابقة تعليق يافطات تحمل عناوين لأحزاب وتنظيمات لم يألفها الشارع العراقي. وكان ظهور هذا الطوفان من الأحزاب بمنزلة رد فعل على حال الاختناق السياسي الذي خلفته عقود من سيطرة الحزب الشمولي الواحد والحرمان المطلق من فرص العمل السياسي داخل العراق منذ فشل تجربة الجبهة الوطنية أواخر السبعينات، فضلاً عن الفراغ السياسي لأي شكل من أشكال السلطة وما ترتب عليها من فوضى انطلقت معها الإرادات الفردية والجمعية لتأسيس تكتلات سياسته. كما كان لأجواء الديمقراطية والدعوة للانتخابات والامتيازات البرلمانية دافع قوي لرغبة الشخصيات في ممارسة اللعبة السياسية من خلال تكوين الأحزاب. معظم الأحزاب التي أنشئت في مرحلة ما بعد سقوط النظام الشمولي وهيمنة الحزب الواحد هي أحزاب قديمة، حاولت أن تعيد صلاتها مع أعضاءها القدامى وكسب تعاطف الجيل الجديد من عائلات أنصارها، مثل "الحزب الشيوعي العراقي"، و"حزب الدعوة"، و"الحزب الوطني الديمقراطي"، و"حزب الاستقلال" و"الحزب الاشتراكي"؛ وبعضها أحزاب فئوية دفعها الشعور بالتهديد فتشكلت في كيانات سياسية صغيرة للمطالبة بحقوق الفئات الدينية والعرقية التي تمثلها، غير أن الأحزاب التي هيمنت على المشهد السياسي في هذه المرحلة هي أحزاب ما كان يسمى "المعارضة الجديدة"15 التي تأسس أهمها خارج العراق بعد حرب الخليج الثانية عام 1991، والتي كانت جزءاً من مؤتمر لندن الذي عقد في كانون الأول/ ديسمبر 2002 وما عقبه من مؤتمرات كان أهمها مؤتمر صلاح الدين في كردستان في آذار/ مارس 2003 حيث انتخبت لجنةُ المؤتمر خمسة أحزاب هي "حزب المؤتمر الوطني"، و"حركة الوفاق الوطني"، و"المجلس الأعلى للثورة الإسلامية"، و الحزبان الكرديان "حزب الاتحاد الوطني الكردستاني" و"الحزب الديمقراطي الكردستاني"، وأصبحت تعرف فيما بعد بـ"الهيئة الخماسية" أو "مجموعة الخمسة"، وقد حاولت هذه الهيئة أن توسِّع قاعدتها بإضافة حزبين آخرين، هما "حزب الدعوة الإسلامية" و"الحزب الوطني الديمقراطي"، لما يتمتع به هذان الحزبان من تاريخ سياسي. وشكلت هذه الأحزاب السبعة الأركان الأساسية لمجلس الحكم الانتقالي في العراق، الذي شكّلته سلطة الائتلاف الموقتة (CPA)، والذي يؤشر بداية العملية السياسية وقد اصطلح على هذه المجموعة اسم "أحزاب الخارج" على الرغم من عدم دقة التسمية.
ولم يكن "لأحزاب الداخل"، سواء القديمة منها أو الجديدة التي تأسست بعد عام 2003، والتي أخذت تعرف بأحزاب (موديلات 2003) فرصة مهمة للعمل السياسي خارج نطاق المشاركة في العملية السياسية الرسمية، في حين كان لوجود بعض الأحزاب في مجلس الحكم فرصة لبسط نفوذها والسيطرة على مصادر الدعم المادية والمعنوية، وهو ما جعلها أحزاباً رئيسية، وقد اتهمت أحزاب (الداخل) أحزاب (الخارج) بالاستحواذ على كعكة السلطة وعدم دعوتها لأحزاب الداخل للمشاركة في المفاوضات التي تعقد لتقرير مستقبل العراق.
تميز المشهد الحزبي بعد عام 2003 بالسرعة في التطور، فالتشكيلات التي ظهرت كانت تعبيراً مباشراً عن محاولة الاشتراك في السلطة، فلم يكن لمعظم الأحزاب الجديدة برنامج سياسي أو قاعدة جماهيرية أو إطار تنظيمي ولجان سياسية؛ وبعض الأحزاب لم تكن تملك مقراً لها بل اتخذت من غرف الفنادق عنواناً تشير فيه إلى "مكاتبها". وكل شخص كان بإمكانه أن يجمع حوله عدداً من المؤيدين ويعلن نفسه أميناً عاماً لحزب جديد، وبعض الأحزاب شاركت في البرلمان وحصلت على مقاعد، أما أعضاء كتلتها فهم مسؤولو الحماية وأفراد من أقارب الأمين العام.
وعلى خلفية هذه التحولات ظهرت شريحة مهنية من المتعهدين والشعراء وعمال المطابع اقتصرت وظيفتهم على إقامة التظاهرات المؤيدة لحزب ما وطبع البوسترات والشعارات المعبرة عن أهدافه وشعراء شعبيون ينظمون أهازيج لزعمائه، وبعض المثقفين والمحامين امتهنوا كتابة الأنظمة الداخلية والبرامج السياسية للأحزاب لكسب رزقهم.
أما بعض الأحزاب القديمة فلم تقدم ما يوحي بأنها تعمل على تجديد نفسها وتقويم تجربتها وظلت تعاني من الانقسامات والتشتت، ولم تستطع أن تتواصل مع قواعدها الجماهيرية السابقة، ولا سيما أن أغلبها يعبر عن طبقات سياسية قديمة أو لم تعد موجودة، كما هو الحال بالنسبة إلى الحزب الوطني الديمقراطي (حزب الطبقة البرجوازية) وحزب الأمة (سعد صالح جبر) والأحزاب الناصرية والقومية وحزب الإستقلال وهي من أحزاب خمسينات القرن الماضي. ويصح هذا حتى على الأحزاب الدينية التاريخية ذات القاعدة الجماهيرية مثل حزب الدعوة الذي بقّي يراهن على أنصاره القدامى وقد انصرفت قطاعات معينة عنه: إما بترك العمل الحزبي أو بتحويل انتماءهم إلى أحزاب أخرى مثل "المجلس الأعلى للثورة الإسلامية" أو "حركة الصدر" بما يمتلكه الإثنان من مرجعية وقيادة رجال دين يجيدون استخدام الشفرة التاريخية في كسب تأييد الجماهير. في حين كانت أغلب قيادات الأحزاب التي تأسست خارج العراق غير معروفة، الأمر الذي أصبح من الصعب معه أن تجمع لها قاعدة جماهيرية في السرعة والارتجال التي تحركت خلالها العملية السياسية إلا من خلال شفرات الاتصال التاريخية مُعبّر عنها بالرموز الدينية التي أصبحت معبرة عن هوية هذه الجماعة، كما حدث بالنسبة إلى الأحزاب الإسلامية الشيعية العائدة من المنفى. وباستثناء تأثير الأحزاب الإسلامية، فقد غاب الفعل السياسي المؤثر في التكوين الجمعي للرأي العام العراقي، ولوحظ تهميش نسبي للأحزاب الأيديولوجية – التاريخية، أما الأحزاب الصغيرة فقد بدت بمنزلة تجمعات مكتبية لا يزيد عدد أعضاؤها على أعداد موظفي مكاتبها. ولم تنشأ أحزاباً جديدة بالمفهوم الحديث تعتمد على مبدأ التخصص الوظيفي والإنتماء الطوعي والمصالح المشتركة.
2- النمو الكمي للظاهرة الحزبية وأسبابها
يتضح التزايد المتسارع في عدد الأحزاب والتنظيمات السياسية التي تمارس العمل الحزبي من عدد الكتل والكيانات السياسية المسجلة في المفوضية العليا للانتخابات، التي أطلقت على نفسها مفاهيم مختلفة مابين الحزب والتجمع والحركة. وهناك ما يقارب (56) حزباً (62) تجمعاً سياسياً يضم أكثر من حزب و(4) تنظيمات أطلقت على نفسها صفة تيار و(48) اتخذت تعبير الحركة عنواناً لتنظيمها و(8) أطلقت على نفسها اسم جبهة، ولكل من هذه العناوين تنظيم هيكلي من الناحية الشكلية وتمارس عملية التنافس على السلطة، وقد بلغ عدد الكتل السياسية المسجلة في المفوضية العليا للانتخابات حتى نهاية عام 2005 (467) بينها (249) تنظيم سياسي. وكانت هذه التنويعات في التسمية نتيجة لازدحام الساحة بالتنظيمات وتشابه أسماءها فاختارت علامات لغوية فارقة دون أن تعكس طبيعة التنظيم أو تعبر عن اختلاف حقيقي في التوجه. وقليل من هذه التنظيمات فهمت الفرق بين هذه المصطلحات واختارت منها ما يعبر عن ماهيتها، كما كان لعدم قدرة الجمهور العراقي على التعاطي مع مفردة الحزب بسبب اقتران التسمية بالتجربة السابقة لنظام الحزب الشمولي سبباً آخر وراء تعدد التسميات (جبهة، تيار، حركة، تجمع، حزب). ويعبر هذا العدد الهائل من الأحزاب عن تصاعد في حجم التناقضات الاجتماعية والسياسية، كما أنها تعكس فوضى فكرية وتعددية في القناعات وتناقض في المصالح ساعد في ارتفاع حدة التوتر النسبي في النظام السياسي.

علي غالب مجلة العواصف العربية دراسات حول مستقبل العراق


المبحث الرابع


- التصنيف الأيديولوجي والسياسي للأحزاب بعد2003
أ- التوجهات الفكرية والبرنامجية
لا يمكن تقديم حصر دقيق لعدد الأحزاب والتنظيمات السياسية في العراق، وذلك لكثرة عددها وللسرعة الكبيرة التي تنبثق خلالها بعض الأحزاب أو تغلق مكاتبها وتتلاشى، والأهم غياب جهة رسمية أو مؤسسة مسؤولة عن تسجيل أو منح رخصة للأحزاب باستثناء المفوضية العليا للانتخابات التي تسجل الأحزاب لأغراض الانتخابات فقط، وبالتالي فإن الأحزاب المسجلة فيها هي تلك التي دخلت للعمل السياسي.
وتشير بعض المصادر الإعلامية غير الرسمية إلى أن عدد الأحزاب قد تجاوز المائتان، فيما رصدت إحدى المحاولات أكثر من (250) تنظيماً سياسياً بعضها يشارك في العملية الانتخابية وأكثرها لم يشارك. وبلغ عدد الكيانات السياسية المسجلة في المفوضية العليا للانتخابات في كانون الثاني/ يناير 2005 والتي تمارس بشكل أو بآخر النشاط الحزبي وتتنافس في العملية الانتخابية (167) كياناً سياسياً توزعوا بين حزب وحركة وتجمع وكتلة من أصل (226) كياناً من ضمنهم الأشخاص المستقلين، أما في الانتخابات الثانية في كانون الثاني/ ديسمبر 2005 فقد بلغ عدد الكيانات المسجلة (246) تنظيم من أصل (467)، علماً أن أكثر من (56) كياناً سياسيا ممن تنافسوا على مقاعد البرلمان في الانتخابات الأولى لم يشارك في الانتخابات الثانية ولم يسجل في قوائمها. ومن بين هذا الكم الكبير من الأحزاب تبرز مجموعة قليلة من الأحزاب الأساسية أو الرئيسية ذات التاريخ والنشاط السياسي الملحوظ على الساحة السياسية العراقية، أما العدد الأكبر فهو مجرد عناوين سياسية. ويبدو من الصعب أيضاً إيجاد إطار تصنيفي محدد لهذه الأحزاب بحسب توجهاتها، ذلك أن الكثير منها وبخاصة التجمعات التي ظهرت بعد عام 2003 لا تمارس نشاطاً سياسياً واضحاً يمكن الاستدلال من خلاله على اتجاهاتها الأيديولوجية وعدد كبير منها ليس لديه وسائل اتصال (صحف، إذاعة، محطات تلفزيون) تكشف عن توجهات هذا الحزب أو ذاك، بل إن قسماً منها وهو الأغلب ليس له مقار يمكن للباحث في هذا المجال أن يتوجه إليها ويحصل على إجابات عن أسئلته. ويضاف إلى ذلك التحولات الأيديولوجية لعناصر وقيادات هذه الكتل، فحين يقوم عدد من الشيوعيين القدامى بتأسيس حزب جديد فإن معالمه تختلط بين ديمقراطي ويساري، الأمر الذي يصعب حصره ضمن اتجاه معين. أما عناوين الأحزاب فكلها تشتمل على تعابير الديمقراطية والوطنية والعراقية مع تقديم وتأخير في هذه المفردات، بل إن المسميات تضعنا أمام مشكلة جديدة في عملية التصنيف، الأمر الذي يجعل من صعوبة البحث في الأحزاب السياسية جزء من المشهد الحزبي في عراق ما بعد عام 2003.
بيد أن المعطيات التي ظهرت على الساحة العراقية فرضت أطراً معينة للتصنيف، فهناك من حاول أن يصف الأحزاب العراقية تبعاً لتأييدها للعملية السياسية وموقفها من الاحتلال، إلى أحزاب معارضة للعملية السياسية وأحزاب مؤيدة لها، كما استدعت الاستقطابات الطائفية تصنيفاً آخر يقسمها إلى أحزاب وقوى طائفية وقوى غير طائفية. وفرضت قوة الأحزاب وهيمنتها على المشهد السياسي في العراق تصنيفاً يضعها ضمن ثلاثة اتجاهات رئيسية، الأول إسلامي والثاني قومي والثالث يضع جميع الاتجاهات الأخرى ليبرالية ويسارية واشتراكية في سلة واحدة نظراً إلى هامشيتها في المشهد.
وتكشف القراءة المكثفة للخريطة الحزبية العراقية أن الأحزاب تتوزع من ناحية اتجاهاتها إلى (5) اتجاهات أساسية: إسلامية وقومية، وقومية دينية، وأحزاب ليبرالية، ويسارية اشتراكية وماركسية، ومن شأن هذا التصنيف أن يعطي صورة أوضح من الناحيتين الكمية والنوعية عن المشهد الحزبي في العراق.
(1) الأحزاب الإسلامية
تسيدت الأحزاب الإسلامية الشيعية والسنية المشهد السياسي في الجزء العربي من العراق من ناحية القدرة على التأثير وتوجيه الفعل والرأي العام من جهة، والهيمنة على الدولة ومؤسساتها من خلال حصولها على النسبة الغالبة من الأصوات من جهة أخرى.
وأبرز ما يميز الخارطة الحزبية بعد عام 2003 هو العدد المتزايد للأحزاب الدينية/ سنية وشيعية، إذ بلغ عدد الكيانات السياسية ذات الصبغة الإسلامية في القوائم الانتخابية (38) كياناً بين تكتل وحركة وميليشيا تحولت إلى منظمات حزبية. وتتوزع الأحزاب الإسلامية إلى إسلامية سنية وأخرى شيعية وأحزاب كردية إسلامية وأخرى تركمانية إسلامية.
وتعكس هيمنة التيار الديني الإسلامي على الساحة السياسية، تحولات اجتماعية وسياسية كبيرة في العراق، إذ لم يكن لهذه التيارات مساحة للتحرك السياسي حتى بداية الثمانينات من العقد الماضي ولم تجد لها متسعا للعمل والانتشار في ظل المد اليساري (الماركسي) الذي اجتاح حتى الأماكن الدينية (المقدسة) مثل النجف وكربلاء في العقد الخامس والسادس والسابع من القرن الماضي44. إلا أن الحركة الإسلامية (الشيعية بوجه خاص) اتسعت في العراق في إثر الثورة الإسلامية في إيران عام 1979، وكان ما حققته هذه الثورة من تحول ديني في اتجاهات الناس يضاهي ما أنجزته الحركة الإسلامية في العراق منذ بدايتها في الثلاثينيات من القرن الماضي. وكانت سنوات التسعينات قد وفرت بيئة مناسبة لتجد الحركة الإسلامية مؤيديها فالظروف المعيشية الصعبة التي شهدها المجتمع إبان العقوبات الاقتصادية (الحصار الاقتصادي) إضافة إلى الإفلاس الأيديولوجي للحزب القومي الحاكم وخلو الساحة العراقية من أحزاب سياسية فاعلة ومؤسسات ديمقراطية مدنية، والحملة الإيمانية التي دعا إليها نظام حزب البعث الحاكم حينها والانهيار والتراجع الحضاري الثقافي الذي رافق سنوات الحظر الاقتصادي والذي رافقه نمو وازدهار في البنية الثقافية الدينية. ذلك أن سياسة حزب البعث قد أبقت على المنابر (مساجد وحسينيات ومعاهد دينية) التي ثقفت أجيال عديدة على القيم والرموز الدينية ونمّت المخيال الديني التاريخي قد وفَّر قاعدة جماهيرية جاهزة أمام الأحزاب الإسلامية التي استأنفت نشاطها بعد سقوط النظام السابق، واستمرت هذه المنابر التثقيفية أمام الأحزاب الإسلامية دون أن تبذل الأخيرة أي جهد، وأصبحت الاجتماعات فيها أسبوعياً لتعبئة جماهيرها من خلالها. وما حدث بعد عام 2003 هو أن هذه الأحزاب الإسلامية سواء كانت سنية أم شيعية أصبحت هي المعبر الوحيد عن هوية الطائفة التي تمثلها مما ضاعف من رصيدها الشعبي.
ويمكن تصنيف الأحزاب الإسلامية في العراق إلى صنفين:
(أ) الأحزاب الإسلامية الشيعية
بلغ عدد الكيانات السياسية المسجلة لدى المفوضية العليا للانتخابات والتي تحمل اتجاهاً إسلامياً شيعياً (33) كياناً، وتنشط في مناطق التواجد الشيعي في جنوب العراق ووسطه والمناطق ذات الأغلبية الشيعية في بغداد، وأصبحت تمثل التعبير السياسي عن هوية هذه المجموعة السكانية التي تبلغ نسبة سكانها 60 في المئة حيث بلغ عدد الأصوات التي حصلت عليها قائمة الائتلاف العراقي الموحد التي تضم 18 تنظيماً سياسياً بينها 9 تنظيمات شيعية/ إسلامية معقل الشيوعيون حتى سبعينات القرن الماضي.
ومن أبرز الأحزاب الإسلامية المصنفة على الطائفة الشيعية:
- حزب الدعوة الإسلامية: وهو من أقدم الأحزاب الإسلامية الشيعية حيث تأسس عام 1959 في النجف ويهدف إلى إقامة دولة إسلامية وتطبيق الشريعة، وقد استلم الحزب رئاسة الوزراء لدورتين انتخابيتين. تعرض الحزب إلى عدة انشقاقات منها كوادر حزب الدعوة، وحزب الدعوة تنظيم العراق، وجماعة الدعوة الإسلامية.
- المجلس الأعلى للثورة الإسلامية: تأسس في طهران عام 1982 وتكوّن في بداية تأسيسه من ائتلاف حركات وأحزاب إلا أنها انسحبت منه، يؤمن المجلس الأعلى بنموذج الحكم الإيراني ويعده نقطة انطلاق الثورة الإسلامية، ويحاول تكراره في العراق. إلى جانب محاولته مسايرة الديمقراطية45 التي ادعتها أغلب القوى في العراق، وقد أعلن مؤخراً عن تخليه عن تقليد المرجع الإيراني علي الخامنئي، واعتماد علي السيستاني المقيم في النجف مرجعاً للتقليد، وهذا تحول يوحي بالتخلي عن مبدأ حكم الفقيه.
- حزب الفضيلة الإسلامي: تأسس في العراق عام 2003، وقد انشق عن التيار الصدري ويضم النخبة المثقفة من الصدريين وينشط في البصرة جنوب العراق. ويعد آية الله اليعقوبي المرشد الروحي لحزب الفضيلة، دخل الحزب مع قائمة الائتلاف العراقي الموحد؛ ثم خرج منه في آذار/ مارس 2007.
- منظمة العمل الإسلامي: تأسست في العراق عام 1979 والمعروف عنها أنها حزب الجالية الإيرانية في العراق وقد أسسها محمد الحسيني الشيرازي، ويتزعمها حالياً محمد تقي المدرسي.
- حزب الله العراق: هو تنظيم لجماعة من المقاتلين الذين عملوا ضد النظام العراقي السابق والمعروفين بـ"جماعة الأهوار" ينشط الحزب في محافظات الجنوب وتحديداً في محافظة العمارة والبصرة، وقد اشترك الأمين العام للحزب عبد الكريم ماهود المحمداوي في تشكيلة مجلس الحكم.
- التيار الصدري: تعود بداية هذا التيار إلى التسعينات حين بدأ محمد صادق الصدر وهو الأب الروحي للحركة بتحرك استقطابي للجماهير بدأ يتسع شيئاً فشيئاً، فاستغل ملتقيات الدروس الدينية في النجف وكذلك مبادرة صلاة الجمعة وهي خطوة استثنائية في التحرك الشيعي في عراق ما قبل السقوط، وهكذا أخذت الظاهرة تحمل في نواتها خصوصية معينة تميزها عن مشروع محمد باقر الصدر في توسيع البيت الصدري وتسليك خطوط امتداد له في مختلف محافظات العراق وخصوصاً الجنوبية منها46.
عاد التيار الصدري بعد عام 2003 بزعامة مقتدى الصدر نجل محمد صادق الصدر الذي اغتيل من قبل أجهزة النظام السابق، ويعد من أكبر التنظيمات الشيعية من ناحية امتداده الجماهيري، وتعد المناطق الشيعية في بغداد وبعض مناطق الجنوب أماكن نفوذه، وهو حزب إسلامي راديكالي شعبوي يعتمد العنف المسلح.
(ب) الأحزاب الإسلامية السنية
يصعب تمييز أحزاب أو تنظيمات ذات هوية سنية بوجه عام وسنية إسلامية بوجه خاص، فباستثناء الحزب الإسلامي العراقي لا يمكن تصنيف أي من الجماعات أو التكتلات العديدة التي اتخذت صبغة إسلامية وتمارس العمل المسلح وتتخندق في حدود الطائفة السنية على أنها أحزاب أو تنظيمات سياسية، ذلك إن السنة لم يتمكنوا خلال تاريخ الحياة الحزبية في العراق من أن يشكلوا حزباً على أساس الهوية المذهبية وذلك خلافاً للطائفة الشيعية، وترتبط هذه القضية بعلاقة الطائفة بالدولة العراقية والمعروف عنها أنها ومنذ حكم الدولة العثمانية (قبل أن تتأسس كدولة) هي متمذهبة سنياً، وعلى الرغم من وجود عوامل جغرافية وديمغرافية بل وحتى طبقية تحكمت في شكل الدولة العراقية من ناحية الهيمنة العددية للطائفة السنية فيها، إلا أن هناك شعوراً تاريخياً لدى شيعة العراق بأنهم مقصوون ومعزولون عن هذه الدولة، أما السنة فلم يستطيعوا أن يفكروا إلا أنهم جزء منها وأنهم ليسوا أقلية وتقبلوا الحكومات المتعاقبة دون أن ينتظموا ضمن أحزاب سياسية ذات هوية طائفية. أما الإسلاميين السنة فقد شكلوا تاريخياً حزبين هما "الحزب الإسلامي العراقي" و"حزب التحرير" الذي وصلت تنظيماته إلى العراق أواسط الخمسينات على يد عناصر أردنية وفلسطينية، وتمكّن من إيجاد قاعدة له بين عدد من الشباب المتديّن الذي لم تنسجم طريقة الإخوان المسلمين (الحزب الإسلامي العراقي فيما بعد) مع تفكيرهم، والقضية المهمة أن عدداً من شبان الشيعة انخرطوا في هذا الحزب على الرغم من كونه سنياً في قواعده الفكرية ونزعته المذهبية وقياداته، ويرى البعض أن من هذا الحزب انبثقت أولى جماعات الإسلام السياسي الشيعي، إلا أن حزب التحرير بقي في حالة انغلاق ولم يهتم بإنشاء قواعد جماهيرية فظل معزولاً47. وقد استأنف نشاطه بعد عام 2003 (ولا توجد معلومات عن طبيعة هذا النشاط ذلك لأنه لم يشترك في العملية السياسية) إلا أنه ينشط في المناطق السنية في بغداد.
ويشترك الحزبان الإسلاميان (التحرير والحزب الإسلامي العراقي) في أن كليهما يعد امتداداً لأحزاب إسلامية عربية خارج العراق.
أما الحزب الإسلامي العراقي فقد تأسس عام 1960 وهو امتداد لحزب الإخوان المسلمين في مصر والعراق وفي عام 2003 شارك الحزب في مجلس الحكم ممثلاً عن الطائفة السنية ولم يشارك في انتخابات الجمعية المؤقتة في كانون الثاني/ يناير 2005 بعد مطالبته بتأجيلها بسبب تعرض مدينة الفلوجة إلى هجوم من القوات الأميركية والعراقية. ومؤيدوا هذا الحزب يتوزعون في مناطق التواجد السني في بغداد وسامراء والموصل، إلا أن الكثيرين يرون أن مشاركته في العملية السياسية وقبوله الإنضواء في تشكيلة مجلس الحكم أفقدته تأييد ودعم الأوساط التابعة له فكرياً وطائفياً وبخاصة في مناطق غرب العراق. يتبنى الحزب الإسلامي المفاهيم الإسلامية ويستمد مناهجه منها من ناحية الغاية والوسيلة ويسعى لتطبيق أحكام الإسلام في تنظيم شؤون المجتمع48، أما موقفه من الاحتلال فقد شهد تحولاً من المطالبة بالاتفاق على جدول زمني على إنهاءه إلى التصريح مؤخراً بأن خروج الاحتلال من العراق ليس في مصلحة العراقيين. ويدعو الحزب إلى الاعتراف بدور المقاومة العراقية التي يرى أنها دفعت الإدارة الأميركية إلى إعادة النظر في حساباتها وأهدافها، ويتحفظ ويطالب بإلغاء قانون اجتثاث البعث وحل الجيش العراقي49، شارك الحزب في الانتخابات الثانية التي جرت في كانون الأول/ ديسمبر 2005 ضمن تحالف ضم تنظيمين سنيين آخرين هما "مؤتمر أهل العراق" و"مجلس الحوار الوطني" وشكلوا جبهة التوافق العراقية التي دعت إلى إنهاء المقاطعة السنية للانتخابات والمشاركة فيها.
أما المؤتمر العام لأهل العراق الذي أسسه الدكتور المرحوم عدنان الدليمي رئيس ديوان الوقف السني سابقاً فقد تشكل في منتصف عام 2005 باسم مؤتمر أهل السنة في.
(2) التيار الوسطي
على الرغم من اتساع عدد الحركات والأحزاب التي تمثل الاتجاه الوسطي من علمانية وديمقراطية وتنظيمات قبلية، إلا أن هذا العدد لا يقابله أداء سياسي قوي ومؤثر في توجيه الأحداث وصوغ ملامح المشهد الحزبي في العراق، ذلك أن هذه التنظيمات ضعيفة بمعظمها وليس لديها رصيد شعبي أو امتداد تنظيمي أو ميليشيات مسلحة تضمن لها موقعاً مؤثراً في الخارطة السياسية العراقية50، ولم تستطع هذه القوى أن تواجه قضيتين أساسيتين، القضية الأولى: هيمنة الأحزاب الإسلامية وما تركته من استقطابات طائفية، وخصوصاً بعد أن تقاسمت مؤسسات الدولة فيما بينها، مما سمح لها بتوسيع نفوذها على حساب التيارات الوسطية. والقضية الثانية: هجرة وانقسام الطبقة الوسطى العراقية التي تمثل الركيزة الأساسية لأحزاب الوسط بوصف الأخيرة التعبير السياسي الأبرز لهذه الطبقات، والتي ذابت وتفتت بسبب اضطراب قاعدتها المعيشية وتعطيل هياكل الصناعة والتجارة الوطنية خلال عقد التسعينات من القرن الماضي، ولم تسمح التغييرات السريعة التي رافقت العملية الانتقالية بأن تأخذ الطبقات الوسطى مداها، كما حال دون تمكن التيارات الممثلة لهذه الفئات من أن تجمع صفوفها وتستقطب جماهيرها.
وما زاد من صعوبة مواجهة هذين التحديين أن هذه الأحزاب في معظمها صغيرة ومشتتة وغير قادرة على إقامة تحالفات فيما بينها وتنسيق جهودها إزاء الأحداث المتسارعة بسبب الصراعات والتناحرات بين الأطراف التي تشكل هذا التيار. فعندما اجتمعت هذه القوى في كردستان قبل الانتخابات الثانية بهدف الاتفاق على تأجيلها (وهذا مثال واحد على غياب القدرة على التنسيق) تراجعت معظم الكتل عن اتفاقها مما جعل القوى التي أصرت على التأجيل معزولة وفي موقف ضعيف51. والأمر الجدير بالملاحظة هو أنه لم يعد هناك حدود وحواجز واضحة بين الأحزاب الوسطية إذ لم تعد الخلافات بينها أيديولوجية بقدر ما هي صراع على الزعامة، والمشكلة الرئيسية التي تعاني منها الأحزاب الوسطية في المرحلة الحالية من التاريخ السياسي للعراق، هي أنها غير مصنفة على أساس الهويات (دينية أو عرقية) وهو في مقدمة العوامل التي أدت إلى انحسار دور الأحزاب العلمانية والليبرالية. ذلك أن طبيعة المرحلة ومناخ الاستقطابات الطائفية والإثنية الذي هيأت له الأحزاب الممثلة للمذاهب والقوميات، قد حتمت على أي حزب لكي يكون فاعلاً ومؤثراً في التشكيل الجمعي للرأي العام وبالتالي لديه الفرصة في الوصول إلى مراكز صنع القرار، أن يتخذ له هوية طائفية، وتمثل جبهة الحوار الوطني التي يترأسها صالح المطلق نموذجا للتنظيم السياسي الذي تحول من حزب ليبرالي ممثل لكل القوميات والمذاهب إلى حزب ذي هوية طائفية. إذ لم يتعامل الناخب في العراق مع هذا الحزب إلا بوصفه حزباً سنياً ونسبة الأصوات التي حصل عليها في الانتخابات الثانية جاءت معظمها من المحافظات السنية. وهكذا تجري عملية التصنيف للأحزاب والتنظيمات.
وتفسر بعض الزعامات السياسية غياب تأثير التيار الوسطي بأنه نتيجة التأثير الأميركي الذي فسح المجال أمام الأحزاب الطائفية المتناحرة، سواء كانت سنية أم شيعية ولم يعطِ الفرصة نفسها للأحزاب الليبرالية52، إلا أن قادة آخرين يرون بأن هناك إرادات إقليمية أيضاً تريد لنظام الحكم في العراق أن تكون له هوية طائفية مركبة تتمثل بالنخب السياسية الطائفية التي وجدت مصلحتها في نظام المحاصصة53. ويبدو واضحاً أن الانقسامات الطائفية قد انعكست حتى على التيارات الوسطية، وكانت واحدة من أسباب الانشقاقات التي تعرضت لها هذه التيارات، إذ انقسم أعضاء الحزب الليبرالي الواحد تبعاً لطوائفهم ليؤسسوا حزباً جديداً، ويطرح المشهد الحزبي نموذجين لهذا النوع من الانشقاق، الأول، ما تعرض له حزب المؤتمر الوطني الذي انشق عنه مثال الآلوسي (وهو سني) ليشكل حزب الأمة العراقية، والثاني، الحزب الوطني الديمقراطي، الذي انفصلت قياداته من الشيعة في تنظيم جديد أطلقت عليه "الحزب الوطني الديمقراطي الأول". أما أهم الأحزاب الوسطية فهي: - حركة الوفاق الوطني: تعتبر الحركة عام 1991 بداية تأسيسها في لندن، وفي عام1996 نقلت نشاطها إلى عمان ومارست العمل السياسي بوصفها حزباً معارضاً لحزب البعث في العراق وأصدرت صحيفة بغداد وإذاعة المستقبل. شاركت الحركة في تشكيلة مجلس الحكم بعد عام 2003 وأصبح زعيمها أياد علاوي أول رئيس وزراء في الحكومة الانتقالية. وقفت الحركة ضد قانون اجتثاث البعث، وهي تدعو إلى العلمانية والتعددية السياسية وحصلت قائمتها على المرتبة الثالثة في الانتخابات الأولى، ولم يحقق تحالفها مع أكثر من 15 تنظيم وحركة يسارية وعلمانية وعشائرية إلا المرتبة الرابعة في الانتخابات الثانية. تعارض الحركة قيام فيدرالية في جنوب العراق، كما تعارض انسحاب القوات متعددة الجنسيات، وللحركة فروع ومكاتب في بغداد وفي أنحاء متعددة في العراق.
- المؤتمر الوطني العراقي: تأسس في لندن عام 1992 وكان عند تأسيسه عبارة عن تجمع لأحزاب معارضة عراقية ثم تحول إلى حزب تابع لأحمد الجلبي (رئيسه) الذي تمكن من إعادة ترميم صفوف المؤتمر بعد انسحاب معظم الأحزاب المشكلة لنسيجه. شارك الحزب من خلال رئيسه في تشكيلة مجلس الحكم وتحالف مع الائتلاف العراقي الموحد (الشيعي)، وبادر إلى تأسيس (البيت الشيعي) الذي أريد منه تكتيل الأعضاء في مجلس الحكم (من الطائفة الشيعية وعددهم 13) لاتخاذ القرارات وكانت هذه النواة التي تشكل وفقها تحالف "الائتلاف العراقي"، وعلى الرغم من دعوته للعلمانية والديمقراطية، إلا أنه دخل في تحالف مع الأحزاب الشيعية الإسلامية الكبرى في قائمة واحدة خلال الانتخابات الأولى وأصبح زعيمه نائب لرئيس الوزراء في حكومة الجعفري، ثم انسحب من التحالف في الانتخابات الثانية معترضاً على قلّة المقاعد المخصصة له ولم يحصل من خروجه عن الائتلاف على أي مقعد برلماني. يعارض الحزب خروج القوات متعددة الجنسيات ويؤيد قيام فيدرالية في الجنوب وتربطه علاقة طيبة مع إيران وهو من أول الداعين إلى اجتثاث البعث. وقد حاول عند دخوله العراق بعد عام 2003 أن يستميل شيوخ العشائر.
- تجمع المستقلين الديمقراطيين: هو ليس حزباً سياسياً بالمعنى (الملموس) وإنما تيار يضم مجموعة من النخب والتكنوقراط، تأسس في بغداد بعد عام 2003، إلا أن فكرة التجمع تكوّنت قبل هذا التاريخ في لندن، دخل رئيسه عدنان الباججي في مجلس الحكم الانتقالي وكان مرشحاً قوياً لرئاسة الجمهورية في الحكومة الانتقالية، وكان يؤمل لهذا التجمع أن يكون له دوراً مهما في مستقبل العراق، انضم إلى القائمة العراقية التي يرأسها أياد علاوي بعد أن خرج من الانتخابات الأولى بدون أي مقعد برلماني، أما التجمع كتنظيم فقد تلاشى وذاب في الكتلة العراقية، يدعو التجمع إلى فصل الدين عن الدولة ويتحفظ على قانون اجتثاث البعث كما يتحفظ على إقامة فدرالية في جنوب العراق.
- الحزب الوطني الديمقراطي: هو حزب تاريخي قديم تأسس عام 1946تمتع بثقل سياسي كبير وقاعدة جماهيرية واسعة، عرف كحزب الطبقة الوسطى وأحياناً حزب الطبقة البرجوازية، كما عرف بمواقفه الوطنية والكاريزما التي تمتع بها رئيسه الأسبق كامل الجادرجي (عام 1969). أنهى الحزب نشاطه عام 1963، وبعد عام 2003 عقد من تبقى من قيادييه القدامى اجتماعا لمناقشة تعديل منهج الحزب ونظامه الداخلي تمشياً مع المرحلة. واختاروا نصير الجادرجي رئيساً للحزب وهو (نجل مؤسس الحزب)، شيوعي سابق، شارك في تشكيلة مجلس الحكم بوصفه ممثلاً عن الطائفة السنية. يصنف الحزب ضمن التيار الليبرالي إلا أن قياداته تصنفه كحزب يساري اشتراكي/ فابي وقد تعرض الحزب إلى انشقاق بسبب خلاف على الزعامة اتخذ ذريعة دخول الشيوعيين ضمن قياداته.
(3) التيار الماركسي:
رغم ان الحركة الشيوعية في العراق هي من بين اقدم الاحزاب الحديثة (1934) فانها شهدت خلال الفترة العقد السابق للاحتلال ، انحساراً متواصلاً من جراء القمع المستمر ، حيث كانت أجهزة الامن في النظام البعثي تركز على افراغ الساحة السياسية من الحزب الشيوعي والقوى اليسارية الاخرى .
ونجحت فعلاً في اجبار الحزب الشيوعي ( حشع ) الى اللجوء للعمل السري ، والمنافي القريبة والبعيدة ، ثم الى العمل المسلح في الجبال الكردية ( حركة الانصار ) ، لكن هذه الاخيرة توقفت عام 1988 – 1989 .
وبقي الحزب يعمل في المنطقة الكردية الحرة من الوجود الحكومي البعثي ( 1991 – 2003 ) بعد مشاركته في الانتفاضات المعارضة لحكم البعض خلال ربيع 1991

مجلة العلوم السياسة الأردن جامعة الزرقاء محمد نعيم قرارات في الانتخابات 2005


الفصل الثاني

العبادي واستراتيجية البقاء لولاية ثانية

الانتخابات البرلمانية العراقية 2018، وهي االنتخابات العامة الخامسة
منذ 2003 ،في ظروف محتدمة وجديدة. الانتخابات في 5/12 كما بعدها، تمحورت محركات الصراع، واشكال
التعبئة، والمناورات، ونشر المعلومات او تزييفها، والمفاوضات المعلنة او الخفية، والتحركات
العسكرية، والهجمات المسلحة، باتجاه واحد: اما ضمان والية ثانية لرئيس الوزراءحيدرالعبادي،
من زعماء حزب الدعوة الإسلامية وكتلته الانتخابية المعروفة باسم "دولة القانون"، او اجهاض مسعى
العبادي لهذا التجديد، على يد طيف متنوع من الخصوم والمنافسين على حد سواء. وتمحورت
ا..
وتكشف الصراع المحتدم عن ميول جديدة، الميل الأول ، )وهو استمرار قديم( تعمق الانقسامات
الثانية ، تنظيميا . وقد نجم عن ً وانتخابياً الطائفية واالثنية، والميل الثاني هو تشظي الكتل الطائفية-
هذين ميل ثالث لنشوء تحالفات عابرة للطوائف واالثنيات.
في هذا التقرير مسعى لتحليل التطورات المتعلقة بنشوء وتصادم هذه الميول، قبل االنتخابات
االخيرة، ابتغاء تشخيص تأثيراتها المحتملة في عملية بناء الأمة ، ما يعني استعادة السلم الاهلي ،
وارساء قواعد استقرار معقول، ومحاولة اجهاض التجديد حيدر العبادي من قبل الاكراد واستثمارها المالكي وتحالف الاكراد معه خصوصا بعد السيطرة العبادي على كركوك بخطة فرض القانون


المبحث الأول
بدايات تقسم المشهد السياسي في العراق

هذا الانتخابات2018 في اجواء محتدمة، بمكيالين متناحرين، هما تعمق خطوط االنقسام المذهبية-
االثنية، وتمزق الكتل المذهبية او االثنية داخلياً، في مفارقة جلية. يرجع هذا الى اضطراب آليات
بناء الامة ، هذا المحرك األرأس للنزاع. ينبغي هنا التنبه الى ان ثلاثية الشيعة، السنة ، االكراد، قد
تحولت، من حيث هي مقوالت تحليلية، الى قول مبتذل، مكرور، وممل.
لو نظرنا الى بناء الامة في العراق، بلمحة تاريخية وجيزة، لوجدنا ان البريطانيين ارسوا هذا البناء
عام 1921 على قاعدة اتفاق شيعي- سني اساسي، مقرونًا بترضية جانبية لالكراد، وهي حقيقة
ّ اشار اليها الملك فيصل الاول بمرارة، حين المح الى ان العراق يفتقر الى ما اسماه ية"،
"الوحدة المل
اي الوحدة الوطنية.
في العام 2003 ،اعادت الولايات المتحدة، بوصفها قوة الاحتلال )بموجب قرار االممم المتحدة
وقتذاك(، اعادة تأسيس االمة على قاعدة اتفاق شيعي- كردي، مقرونًا بترضية جانبية للقوى السنية.
في الحالة الأولى )بريطانيا 1921 )كان المجتمع العراقي ما قبل وطني (nation-Pre ،(اي مجتمع
زراعي – حرفي متشظي ومجزأ. لكن مبدأ حق تقرير المصير السائد عصر ذاك )مبدا القوميات(، والطابع
الدستوري للنظام السياسي، واقتصاد السوق المفتوح، سمحت جميعً الليبرالي- ا بقدر كبير من االندراج
والمشاركة، وساعدت على لملمة االبعاض المتنافرة في المجتمع كي تؤلف مجتمع تجانس وطني.
لكن نصف قرن، او يزيد، من الجمهوريات التسلطية العسكرية، او حكم الحزب الواحد التوتاليتاري )من
عام 1958 الى عام 2003 ،)سدّت كل منافذ المشاركة، واالندراج، ومزقت بنى التماسك الوطني. وجاء
صعود الإسلام السياسي، الذي حل محل االحزاب االيديولوجية، ليكسب هذه االنقسامات طابعًا مذهبيًا، بفعل
ايديولوجيته القائمة على الهوية الدينية، وهي هوية مذهبية بالتعريف. ومسار ايديولوجية الهوية، هو مسار
بناء وحدة الجماعة دون القومية (national- sub ،(اي بلغة سافرة: وحدة الطائفة. هذا البناء الساعي الى
"الوحدة"، هو تجزيئي من وجهة بناء االمة.
بناء الوحدة الطائفية، شأن كل مسعى توحيد، يغتذي على الخطر الخارجي، القادم بالتعريف من طوائف
اخرى منافسة، واقعًا او تخيًال. كما يغتذي على التنافس على آفاق السيطرة على السلطة، واعادة توزيع
موراد الثروة المقترنة بها )في بلد نفطي- ريعي(. من هنا استخدام فكرة "الضحية" او "الحرمان"، وتسييس
هذه الفكرة، ال باتجاه طبقات معدمة، بل باتجاه جماعات محرومة، هذا التسييس للحرمان الجمعي يرمي، من
بين ما يرمي اليه، ستر االنقسامات والتفاوتات داخل "الجماعات المحرومة". وهو ميل توحيدي جمعي برز
قبل االحتالل، وتنامى بعده، واشتد عشية اول صراع تنافسي على السلطة عبر االنتخابات عام 2018 .
ولكن ما ان تحقق هدف التجميع التوحيدي في الوصول الى السلطة، والهيمنة على مقاليد الحكم وموارد
الثروة المجتمعية )وشطرها االكبر: ريوع النفط(، حتى عادت كل عوامل التشظي االجتماعية القائمة وسط
اي جماعة، مهما كان معلمها الفارق، دينيًا او اثنيًا.


المبحث الثاني
بدايات التشظي الأحزاب
ثمة في كل جماعة، مذهبية او اثنية، انقسامات، ظاهرة او كامنة، تخفت لحظة الصراع مع الجماعات
االخرى، لكنها ال تزول، بل تتنافى وسط الجماعة، الشيعية او السنية او الكردية، انشطارات طبقية )طبقات
مالكة، موظفون، مالك ارض، فالحون معدمون، عمال، شرائح هامشية مفقرة(، وانقسامات ثقافية،
وايديولوجية، وعصبيات مدن، بل عصبيات عائلية/ قبلية ، فضال عن تنافس أحزاب وقادة. فالمجتمع
"الشيعي"، شأن أي مجتمع آخر، حافل بهذه التشظيات الناجمة عن تفاوتات مجتمع حضري )72 %سكان
مدن(. وهو حافل تشظيات نابعة من الطابع الديني للحركات الجديدة التي تقوده: االنقسام بين اهل
"الخارج"، واهل "الداخل"، المحتدم منذ صعود آية هلال محمد صادق الصدر )والد السيد مقتدى الصدر(
الحتالل موقع مرجعي في الكوفة، وانقسام اهل "الخارج"، الى ثالثة كتل رئيسية، المجلس االسالمي، حزب
الدعوة، منظمة العمل الإسلامي . ثم انقسام المرجعية بين محوري النجف- قم.
خفوت هذه االنقسامات لحظة التوحيد من اجل الوصول الى السلطة والموارد، اعقبه اندالع هذه االنقسامات
لحظة ادارة السلطة والموارد. من هنا استشراء التشظي الداخلي ليغطي المشهد. وما ينطبق على الفضاء
الشيعي، ينطبق على سائر الفضاءات الأخرى .

-------------

مركز العربية لدراسات الشرق الأدنى مراد حسين تفتت الأحزاب

المبحث الثالث
التحالفات الانتخابي من البناء إلى تقسيم
دعونا نلقي نظرة وجيزة على العوامل الفاعلة في التشظيات خالل التطورات السياسية منذ عام 2003.
اوال- ادى بناء التحالف الشيعي- الكردي المتقلقل بين عام 2003 وعام 2018 ،الى تهميش القوى السنية
والوسطية، خصوصا خلال عملية كتابة الدستور الجديد. عمل السفير االميركي، خليل زاد، على تخفيف هذا
التهميش، )2018 )ليليه الجنرال بترايوس )2008-2007 ،)عن طريق بناء تحالف اوسع ضم قوى
اجتماعية من المناطق السنية تعرف باسم "الصحوات"، القامة اطار وطني جامع، كان مهزو ًزا هو اآلخر.
كل مساعي الترميم هذه جرت وسط احتراب اهلي دام، افلحت في تهدئته، وعزل، القوى الاسلامية السنية
المسلحة )دولة العراق االسالمية(. لكن هذه العالجات، المؤقتة كما هو بيّن، انهارت تبا ًعا بفعل سياسات
اقصاء متعمدة، سارت عليها حكومة العبادي من تهميش السنة .
ثانيًا- انتهج حيدر العبادي سياسة مركزية مفرطة، تتعارض مع اطار نظام جديد فدرالي والمركزي، كما تتعارض
مع اطار حكومة ائتلافية )متعددة االحزاب(، وتوافقية )متعددة الطوائف واالثنيات(. هذه النزعة المركزية
المفرطة )ينبغي تمييزها عن المركزية المعتادة في كل النظم( تصادمت مع البنية الجديدة اللامركزية ، مثيرة
ليس فقط معارضة االكراد، بل معارضة سائر الحكومات المحلية في المحافظات )بينها 9 محافظات شيعية،
7 منها بقيادة حزب الدعوة(.
ا
ثالث - النزعة المركزية- االحتكارية تجاوزت التصادم مع الالمركزية، الى االشتباك مع قوى من المناطق ً
السنية اقصيت عن مواقع السلطة، والى التصادم مع قوى شيعية )الحركة الصدرية في مظاهرات التي اقتحمت به المتظاهرون مدنية الخضراء(.
منطق رئيس الوزراء العبادي كان غاية في التبسيط: االغلبية الشيعية تحكم باسم العراقيين، وحزب
الدعوة )ممثل اكبر كتلة برلمانية. .
رغم تنوع اشكال وصيغ وشعارات االعتراض، اال انه اتجه الى المطالبة بنظام سياسي دستوري، منفتح،
شامل للجميع، فدرالي، المركزي، وباختصار الديكتاتوري. ال تتغير هذه الحقيقة بواقع ان بعض القوى في
المناطق الكردية استخدمت لغة التخندق الطائفي في معارضتها لكتلةحيدر العبادي .
الخالصة: اذا كان نشوء الكتل الطائفية او المذهبية الكبرى قد نتج عن االنتقال الى سياسة الهوية، وما
تستدعيه من اعادة بناء االمة وتوزيع السلطة والموارد، فان مسار العمليات الفعلية في بناء االمة )2003-
2014 ،)بما فيها من اختالل واحتكار، اذكى العوامل القديمة الكامنة للنزاع داخل كل جماعة، واضاف اليها
محركات صراع جديدة. ولعل البنية الفدرالية والالمركزية للنظام السياسي اسهمت في تعميق االنقسامات
القائمة اصًال، سواء بين حركة الداخل )الصدر( وحركات الخارج )الدعوة والحكيم(، او بين جماعات
الخارج )الدعوة، الحكيم والجعفري(، او بين االتحاد الوطني الكردستاني )الطالباني(، والحزب الديمقراطي
الكردستاني )البارزاني. 5
من هنا تصادم واحتدام الميلين قبل وخلال فترة التحالفات الانتخابات : تصاعد العداء الطائفي – االثني، وتزايد االنشطارات
داخل الطوائف واالثنيات.
وكان لكل ميل عدّة ايديولوجية ودعائية جاهزة. فعلى جبهة اذكاء العداء الطائفي، توفر المالكي وحزبه على
الكثير من االدوات: "الخطر" السني )خصو ًصا بعد احتجاجات المحافظة الانبار 2012-2014 ،احتالل
الموصل- 8 حزيران 2014 على يد داعش( وحق "االغلبية" ]الشيعية[ بالحكم، "الخطر" الكردي على
وحدة العراق )المناطق المتنازع عليها، االختالف على توزيع موارد النفط، مصير قوات البيشمركة(؛
وضعف القادة الشيعة من غير حزب الدعوة، باعتبارهم "ال يفهمون السياسة" او "يشقون وحدة الطائفة"،
الخ.


1-محمد يأس مجلة العلوم السياسية الرياض

المبحث الرابع
التفتت في العملية االنتخابية
انشاء الكتل الكبرى، وانقساماتها الداخلية، تتجلى على افضل وجه في مسارات العملية االنتخابية، البرلمانية
والمحلية، على حد سواء. لكن انتخابات 2018 تقدم اجلى صورة: فالحملة ستكون ، عمو ًما، تميزت بتصعيد
التباغض الطائفي، وتنازع القوى داخل كل حقل طائفي او اثني.
ونالحظ أن عدد الاحزاب 204، المسجلة للانتخابات 2018، ان عدد الأحزاب زاد عن
اختزلت، بفعل التحالفات، الى أكثر من 200 كتلة انتخابية، في تصارع على 328 مقعدًا، ما يعكس صورة الانقسام
والتشظي، مقابل التوق الى تجاوز هذا التشظي مخافة الخسارة او التهميش. ونالحظ ما يلي:
اوًال- ان الكتلة الشيعية دخلت انتخابات 2005 التأسيسية )لكتابة الدستور( وانتخابات 2005 البرلمانية في
قائمة واحدة، الائتلاف العراقي الموحد، برعاية آية هلال السيد علي السيستاني، انقسمت في انتخابات 2010
الى كتلتين، اما في انتخابات 2018 فقد توزعت على 4 كتل: دولة القانون )حيدرالعبادي(، الحكمة )الحكيم(،
الأحرار )الصدر(، الاصلاح )الجعفري(، و8 مجموعات صغيرة منها: الفضيلة )اليعقوبي(، الدعوة-
العراق، صادقون )عصائب الحق(، منظمة بدر )هادي العامري(، الخ.
خالل عقد واحد انتقل المجال االسالمي الشيعي من جبهة واحدة الى جبهتين، الى اربع كتل و8 مجموعات
صغيرة.
ثانيًا- القوى الكردية مرت بمسار مماثل: كتلة كردستانية واحدة عام 2005 ،ثالث كتل في 2010 ،واربع
كتل في 2018 هي: الديمقراطي الكردستاني )البارزاني(، االتحاد الوطني الكردستاني )الطالباني(، كوران- الجيل الجديد
التغيير )نوشيروان( الرابطة االسالمية، التحالف الكردستاني، ف ًضال عن قوى صغيرة تمثل الشبك
وااليزيديين.
ا
تمزقً في انتخابات2014 كانت مفتتة. - الحال على جبهة القوى "السنية" اكثر.1

معهد الدراسات السياسية التركية مراد اتوراك

التقسيم في انتخابات العراقية 2018

المبحث الخامس
استراتيجية البقاء العبادي في ولاية ثانية
تبلورت استراتيجية العبادي من اجل والية ثانية بفعل عاملين: نجاحة في جذب الكتلة السنية الوسطية،
وجلب الصدر والحكيم، وشق االكراد من جانب، وقوة مواقعه في انتخابات العام 2018 بعد طرد داعش ومحاربة الفسادة
المحلية. اعتمدت هذه الاستراتيجية على ثالث ثيمات مركزية وسمت دعايته ، وحمالته االعالنية،
وموجة الشائعات التي انطلقت من دوائره المقربة.
الثيمة االولى هي تضخيم "الخطر داعش"، بتوقيت المواجهة العبادي مع "الفاسدين" ، وغيرها عمو ًما عشية تحالفات الانتخابات . واقترن التهويل بحملة على العربية السعودية وقطر، كقوى
سنية فاعلة في دعم االرهاب، وحملة تخويف من "عودة داعش" وشيك.1

1-مقالة في جريدة لندن

المبحث السادس
مواقف وتقاربات ومخاوف ما قبل الانتخابات 2018


قوة مواقع العبادي عشية قرب الانتخابات اثارت مخاوف جميع خصومه ومنافسيه من تجديد واليته مرة ثانية،
.لكن ضعف ادائه في المجالات الاقتصادية والمشاريع ،احيا بعض والمال .
اياد علاوي اعاد تأسيس حركته باسم "الوطنية" وتحرك باتجاهه الوسطي المعروف، القامة تحالف عابر
للطوائف واالثنيات، بالتعاون مع الصدر، وهو لقاء يشكل نبتة مستقبلية لنشوء قاعدة صلبة
كسياسة وسطية الطائفية.
على جبهة قوى المناطق السنية انفصل الجبوري عن النجيفي، بسبب تباين ايديولوجي، الأول يميل الى موقف
وطني- عربي، والثاني الى موقف عربي- سني. ولم يفلح الاثنان في لملمة الكتل االنتخابية الكثيرة في
المناطق السنية.
وعلى الجبهة الكردية، اتخذ البارزاني موقفا قاطعًا برفض التجديد للعبادي ، رغم ان البيت الكردي لم يكن
مرتبًا بفعل الخالفات مع الكتل الكردية بعد الإستفتاء
اخيرا بدت أطراف الائتلاف الوطني )الحكيم، الصدر، الجعفري( مستعدة اما للانقضاض على العبادي، او
الخضوع له ان حقق فو ًزا كاس ًحا. تركزت دعاوى البارزاني على دكتاتورية العبادي وخطورة سياساته
على العراقين انفسهم، فيما تمحورت دعاوى الحكيم على الفساد وغياب الخدمات وانعدام الكفاءة،
باسلوبه المخفف، غير المباشر.
لم يقتصر التحرك على السياسيين العراقيين، بل دخلت المرجعية الدينية العليا في النجف معركة االنتخابات،
على نحو موارب، مبدية، سرا وعالنية، استياءها من حكومة العبادي وضروب فشلها.

1-عبدالواحد السيسي .مجلة الأقصر لعلوم السياسية

.المبحث السابع

معركة الإزاحة بين العبادي وخصومه
المشهد الحالي المعروف آنفًا يجسد واقع التشظي الفائق للجماعات، والتبعثر الكبير للكتل. بؤرة
الصراع على تشكيل الإدارة الجديدة. منصب رئيس الجمهورية المجرد من اي صلاحيات تنفيذية،
ومحصور بصلاحيات اجرائية )تسمية رئيس الوزراء المرشح مثلا برلمان هو الآخر ًال(، ومنصب رئيس الوزراء
محصور في صالحيات اجرائية واسعة، وصالحيات تشريعية محدودة، مسألة اختيار رئيس جمهورية
ورئيس برلمان، يسيرة الحل نسبيًا )
وفقًا للدستور.1
المعضلة هذه الانتخابات تركزت في اختيار رئيس الوزراء: حيدر العبادي ، زعيم من زعماء دولة القانون ، العازم على التجديد
من كل بدّ، وخصومه ومنافسوه المصممون على منع التجديد. كان على الراغب في رئاسة الوزراء ان
يتخطى عقبتين كبريين: االولى ضمان دعم كاف من التحالف الوطني )الشيعي( الذي يضم الى جانب دولة
القانون، كتل الصدر والحكيم والجعفري، وهذا يسير بسبب وجود معارضة من الصدر- الحكيم. والثانية ان
يحظى بعد ذلك بثلثي الاصوات في البرلمان، وهذا متعذر، بسبب اعتراض القوى الكردية والسنية
والوسطية. 2


1-محمد يأس مجلة العلوم السياسية جامعة الرياض


معركة الإزاحة بين العبادي وخصومه

2-مصدرسابق
الخاتمة

أغلبية الأحزاب شكلت بعد2003للأهداف شخصية وليست خدمة العراق وأن الانتخابات ماهي إعداد لوجه السابقة وأن حصول العبادي على ولاية ثانية أمر حتمية سبب الاردة أمريكية والتخويف من وصول الحشد لسلطة


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


محمد كاظم خضير
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2018/01/27



كتابة تعليق لموضوع : التجربة الحزبية للأحزاب العراقية بعد 2003 واستراتيجية العبادي لولاية الثانية
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net