صفحة الكاتب : علي علي

الوقت في حساباتنا
علي علي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

"ثلاث لايمكن استعادتها: رصاصة أطلقتها وكلمة قلتها وأياما عشتها".

   كم من الحكم والأمثال في تاريخنا تحثنا على استغلال الوقت وعدم التفريط به، لاسيما فيما يسجل سبقا في صالح الأعمال، ويعود بالخير لنا ولبني جنسنا، فلطالما سمعنا أقوالا مثل: الوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك. وقول آخر: لاتؤجل عمل اليوم الى الغد. أو كما قال شاعر:

لاتدع فعل الصالحات الى غد  

  لعل غدا يأتي وأنت فقيد

كذلك كان لأهلينا أمثلة بلهجتهم الدارجة حيث قالوا: الما حصد بأول صباته يبس زرعه والوكت فاته. وعلى هذا فقد سخّر الإنسان في الدول المتحضرة، كل لحظة من يومه لخدمة نفسه والإنسانية، بالمشاركة الفاعلة في المجتمع بالعطاء والإنتاج، وتأدية دوره كل حسب مامطلوب منه، وبات الاهتمام بالوقت سمة يتسم بها الإنسان الواعي والمتحضر.

في عراقنا اليوم -كما هو بالأمس- لا يولي مسؤولوه ومتقلدو المناصب الحساسة، والتي في تماس مع يوميات المواطن أية أهمية للوقت، بل هم يتخذونه شفيعا لتبرير التقصير والإهمال الذي بات سمة من سمات أغلبهم، لاسيما في الجوانب الخدمية والجانب الأمني، وأكبر شاهد على كلامي هذا هو الشارع العراقي.

  فلو قلبنا الجانب الخدمي نرى ان الإهمال فيه على قدم وساق، ولم يبقِ القائمون على مؤسسات الدولة الخدمية عذرا، يسوغ لهم ما أوصلوا البلد الى ماهو عليه. أما الجانب الأمني فقلما يمر يوم من دون أحداث عنف، تتناوب شدتها مع مزاج المنفذين والممولين والمخططين والمستفيدين والمحرضين، الذين بدورهم مرتبطون بوشائج وروابط متينة، يغذيهم حبل سري واحد، مع بعض الكتل والأحزاب والشخصيات التي هبطت على العراق والعراقيين مع أمطار نيسان 2003. ورغم كل هذا يتجاهل أغلب عناصر الوزارات الأمنية -قادة ومنتسبون- عامل الوقت، ويمررونه من دون إيجاد الحلول الناجعة لإيقاف نزيف الدم.. وبات الحديث عنه أقل بكثير عن القيمة الحقيقية لقطرة دم تراق من جسد عراقي (على باب الله) يكد على عياله من مال الله الحلال، او امرأة لها من الأطفال من ينتظر حنانها وحليبها وعطفها، او تلميذ ينظر اليه أبواه كشمعة تنير لهم دارهم، يبارونه في كل مايملكون من مال وحب وحنان وكما نقول: (كل شبر نذر).

   كل هذا يحدث بعد ان شارفنا على إنهاء عقد ونصف العقد من تاريخ زوال حكم نظام صدام، وأصبحت (مرگتنا على زياگنا) وولى زمان الحزب الواحد، وحلت محله التعددية والحرية، واتخذت الانتخابات فيه جانب الشفافية والمصداقية -كما يدعون-. أفبعد كل هذا يبقى عنصر الوقت مهمشا بل ملغيا في أغلب جوانب حياتنا نحن العراقيين.

لقد بات العرق -وهذا مايؤسف- اليوم أكثر بلد لايعير شعبه -فضلا عن مسؤوليه وقادة مؤسساته- أهمية للوقت، ولعل من المفارقات أن أكثر بلد يقتني شعبه الساعات اليدوية باهظة الثمن هو العراق. اما ساحات البلد التي تم نصب ساعات فيها فهي كثر، ومعظمها عاطلة عن العمل او مهملة بلا صيانة. في الوقت الذي لو رجعنا فيه الى القرن التاسع عشر، وعلى قدم العمران في بلد كان محتلا من قبل العثمانيين، نجد ساعة القشلة شاخصة على نهر دجلة في سراي الدولة، وكانت بغداد بأكملها تعتمد في توقيتاتها عليها.

أليس الأولى بكم ياقادة البلد وصناع القرار وأولي أمر هذا الشعب، ان تضعوا للوقت حسابا تحققون من خلاله منجزا يسجل لحسابكم ويفيدكم يوم الحساب؟!

aliali6212g@gmail.com


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


علي علي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2018/01/28



كتابة تعليق لموضوع : الوقت في حساباتنا
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net