صفحة الكاتب : د . عادل عبد المهدي

الاقتصاد الوطني بقيادة اصحاب الدخل المحدود (1)
د . عادل عبد المهدي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

يقود الرأسمال الاقتصاديات الرأسمالية.. وتقود ملكية الدولة الاشتراكية.. ويقود الاقتصاد الزراعي او الريعي او الصناعي او المالي او غيرهم او خليط منهم توجهات الاقتصاد ويشكل محورها لتدور حوله بقية النشاطات. أ) كان الاقتصاد الزراعي هو السائد حتى تموز 1958 وتصاعد واردات النفط.. ب) وبعده تحول لاقتصاد ريعي نفطي.. فشهدنا قانون 80 بتحديد الامتيازات النفطية، وتاميم النفط. والاصلاح الزراعي الذي دمر العلاقات المتخلفة القديمة ولم يبنِ الجديدة. فازدادت الهجرة، وأممت الصناعة الناشئة، والجزء الاهم للتجارة الخارجية والداخلية والحياة المصرفية والتعليمية والصحية، الخ.. واتسعت رقعة الحروب الداخلية والخارجية.. ت) وتحولنا لاقتصاد الحرب والتراجعات الكبرى، والتآكل المتزايد للاصول.. فكان التنازل عن نصف شط العرب، باتفاقية اذار 1975 بعد افلاس الخزينة وحرب كردستان، واندلعت الحرب مع ايران التي دمرت الراسمال البشري والاجتماعي والاقتصادي.. وتجاوزت النفقات العسكرية في منتصف الثمانينات الناتج الوطني الاجمالي.. فتراكمت الديون الخارجية والداخلية، لتأتي مغامرة الكويت والعقوبات والحصار ودينار "الرانك زيروكس" والتضخم الفلكي وانهيار مختلف القطاعات والبنى التحتية، الخ.. ث) والانتقال الى اقتصاد "مافيوي"/ريعي يعتمد كلياً على الموارد النفطية وطرق انفاقها السيئة.
ان من يفكر بالاصلاح ومحاربة الفساد دون ان يملك خلفية وفهماً لهذه الحقائق والحقائق المعاصرة، وعمقها واثارها، عليه ان يلملم اوراقه ولا يخدع نفسه والناس. فالاقتصاد معطل، والدولة التي كانت تحركه، لم تعد معطلة فقط، بل اصبحت من اهم عوامل العرقلة. فهل هناك تشخيص للقوة او القوى المحركة؟
كان من المؤمل من قوى ونخب 2003 تقديم الاجابات. لكنها انشغلت بالمواقع واهملت تصحيح المسارات. كان يمكن لموارد العقد الاخير تحقيق النتائج المطلوبة، لو كانت هناك فلسفة تشخص الجهة والقطاعات المحركة للاقتصاد. فبقيت الموازنات والمشاريع والقروض وانماط الانفاق وتشريع القوانين، وغيرها بدون ديناميكيات حقيقية، تصادم بعضها بعضاً، عاجزة عن تحقيق تراكمات ايجابية متتابعة. فتحولت الموارد لاموال سهلة وفساد ومحاصصة وهدر وصراعات ونقص خدمات وتخلف البنى التحتية. فاضيف للموروثات السلبية سلبيات جديدة، اضافة لخراب الارهاب والعنف، وهلمجرا.
1- قد يستمر عجز الدولة والقوى عن تقديم الاجابات، وقد تفرض الوقائع جواباً او ملامح جواب. فاسعار النفط انهارت، وستبقى ضعيفة بشكل يمنع كأمور اساسية: أ) البحبوحة السابقة، والاعتماد على النفط للعيش، رغم تراجع القطاعات الحقيقية.. ب) الاستمرار بسياسات التوظيف والدعم ورفع الاجور كما فعل الحاكم المدني "بريمر" برفعها 200-600 مرة في فترة الاحتلال.. او الصرف على اكثر من 9000 مشروع غير منجزة بقيمة 300 مليار دولار، ذهبت هباءاً، لتبقى القطاعات الحقيقية معطلة.
2- بالمقابل لن يوقف تراجع اسعار النفط فقرة "التخصيصات" لـ7.5 مليون موظف ومتقاعد ورعايات والتي تستهلك معظم موارد النفط، اي حوالي 4-5 مليار دولار شهرياً تدفع لاصحاب الدخل المحدود. فاذا اضفنا اقرانهم خارج الدولة، وهم 50-60% من قوة العمل، فسنكون امام قوة انفاقية تمثل الجزء الاعظم للدخل القومي المقدر في 2016 بـ 171.49 مليار دولار حسب البنك الدولي. مما يجعلهم القوة الاقتصادية الاولى والحقيقية الكبرى في البلاد. فهم المحركون للاقتصاد. يتقدمون كامر واقع على الدولة ورجال الاعمال والقطاعات الاخرى.
3- ستبقى محاولات الاستثمار والتشريعات وتوفير البيئة مطلوبة.. لكن التجربة تبين ان معظم هذه المحاولات افتراضات وغير مسيطر عليها.. بينما قطاع الدخل المحدود هو واقع يمكن حساب توجهاته، ومضمونة موارده بشكل منتظم ولحد كبير، ويصعب المس بها، ويسمح بوضع نموذج اقتصادي لاحداث اختراق جدي قد يساعد بتحريك الاقتصاد ويحول السلبي لايجابي. لهذا نتلمس اليوم تطورات محسوسة في حركة البناء والاستثمار الصغيرة والمتوسطة والمطاعم والفنادق والسلع الغذائية والاستهلاكية المنزلية وغيرها.
4- تساعدنا اوضاع كردستان بفهم الظاهرة. فالاقليم صدر للعامين المنصرمين 500-600 الف برميل/يوم، وهذه 14.29-17.14% من صادرات العراق النفطية.. وعندما لم تسدد الرواتب من واردات الاقليم او بغداد، اصابت ازمة خانقة اقتصاد الاقليم والمواطنين، محولة البحبوحة السابقة لازمة حقيقية. (للبحث صلة)


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . عادل عبد المهدي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2018/01/30



كتابة تعليق لموضوع : الاقتصاد الوطني بقيادة اصحاب الدخل المحدود (1)
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net