صعصعة بن صوحان العبدي
د . عبد الهادي الطهمازي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
د . عبد الهادي الطهمازي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
صعصعة بن صوحان العبدي، شقيق زيد ابن صوحان، أسلم على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله، ولم يره لصغر سنه.
ولد صعصعة في دارين قرب القطيف، ثم انتقل مع قومه عبد القيس فسكن الكوفة، وكانت خطتهم تقع غرب المسجد الجامع في الكوفة، باتجاه ما يعرف اليوم بمسجد السهلة، وابتنى هناك دارا ومسجدا لا زال يحمل اسمه حتى اليوم.
نشأ صعصعة نشأت طيبة كريمة، فأهله من علية بني عبد القيس من ربيعة، وتعلم فنون القول والأدب حتى صار من أبلغ الخطباء العرب المشهورين، بجزالة اللفظ، وفصاحة الكلمة، وقوة الحجة، حتى صار يضرب به المثل في الخطابة.
ثم هو من كبار سادات عبد القيس وخيرة رجالاتها، خطيباً شاعراً، فصيحاً، عاقلاً، فطناً، شجاعاً، وقائداً كبيراً، ومن أشدِّ الناس حباً وولاءً وطاعة لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام.
قال الإمام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام: ((ما كان مع أمير المؤمنين من أصحابه من يعرف حقه إلا صعصعة وأصحابه)).
شهد صعصعة مشاهد أمير المؤمنين عليه السلام كلها، الجمل، وصفين، والنهروان، مقاتلاً وحاملاً رايته، وله في تلك المواقف بطولات لم يعرف التاريخ لها مثيلا في الثبات على المبدأ، والبصيرة في القضية، ورجاحة الرأي في المشورة.
اختاره أمير المؤمنين عليه السلام رسولا الى الخوارج حين نزلوا حروراء لينظر ما يريدون، فجاءهم صعصعة، فقالوا له: أرأيت لو كان عليٌّ معنا في موضعنا أتكون معه؟ قال: نعم.
قالوا: فأنت إذن مقلد علياً دينك، إرجع فلا دين لك!
فقال لهم صعصعة: ويلكم، ألا أقلد من قلد الله فأحسن التقليد، فاضطلع بأمر الله صديقاً، أو لم يكن رسول الله صلى الله عليه وآله إذا اشتدَّت الحرب قدَّمه في لهواتها فيطأ صماخها بأخمصه، ويخمد لهبها بحدِّه، مكدوداً في ذات الله، عنه يَعبُرُ رسول الله والمسلمون؟ فأنى تصرفون، وأين تذهبون، والى من ترغبون، وعمن تصدفون؟!
تعرض صعصعة ابن صوحان الى الكثير من الأذى والاضطهاد والنفي والتغريب على يدي السلطات الأموية الغاشمة في الكوفة، فكان من جملة الصلحاء الأخيار الذين نفوا الى الشام بسبب مواقفهم المبدئية من عمال الخليفة الثالث واستهتارهم بالمقدسات، لا سيما الوليد بن عقبة الذي كان يصلي بالناس سكرانا.
ثم انبرى بالرد على المغيرة بن شعبة عامل معاوية على الكوفة حين كان يجهر بسب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام، ولم يكن موقفه بأقل شجاعة وحدَّة من زياد بن سمية رغم جبروته وطغيانه.
فأمر زياد بقطع عطائه وهدم داره، لكن إخوانه المؤمنين مشى بعضهم الى بعض، فجمعوا له سبعين ألفاً، فأعاد بناء داره، فلما رأى زياد ذلك، نفاه الى جزيرة أوال (البحرين حاليا)، فبقي فيها حتى مات سنة ستين للهجرة، وقبره علم يزار في قرية يقال لها المالكية.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصادر
الاستيعاب لابن عبد البر
أسد الغابة لابن الأثير
الاختصاص للشيخ المفيد
شرح الأخبار للقاضي نعمان
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat