صفحة الكاتب : علي جابر الفتلاوي

وقفة مع الاستاذ سلام كاظم فرج وكتابه (مدارات ايديولوجية) ( 1 )
علي جابر الفتلاوي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

لم يحصل لي شرف التعرف على الاستاذ سلام كاظم فرج سابقا ، واول  مشاهدتي له في اجتماع عقد في مركز شباب السدة ، لتقييم رواية  ( عزباء الحي )  للاستاذ محمد حسين ، شاهدته جالسا ، قرأت في قسمات وجهه وسحناته ، ونظرات عينيه  ، جديته وانشداده القوي  لما يسمع  ،  واهتمامه  الكبير  بالرواية  ،  كذلك  مشاركته  في النقد والحوار ، مشاركته كانت فنية بحته ، تختلف عن مشاركتي انا لاني لست ناقدا ، ولا اديبا ،رغم تخصصي في اللغة العربية،لكني متذوق واستمتع بالمنجز الفني  والطرح الموضوعي والواقعي، في مختلف المواضيع وفنون المعرفة ، السياسية منها  والفكر الاسلامي،الحديث منه خاصة ،السلام مع الاستاذ سلام في هذه الجلسة كان عاديا ولا خصوصية فيه ، لاننا لم نتعرف بعد  ،  حتى اني لم احفظ اسمه  ،  وهنا اعتبر نفسي مقصرا،لكن العتب في ذلك على التقدم في السن، والمتاعب التي   حشرتني في زمرة النسائين  ،  وحالة النسيان هذه تحرجني مع الوجوه التي التقي بها  ،  والتي احترمها واحبها ، والتقيت به مرة اخرى وهذه المرة عن قرب ، اذ زار مجلس قضاء المسيب ليعرض مظلومية لحقت بابنه الخريج  ، الذي طلب التعيين في مديرية التربية ، وهذا حق له ولكل خريج يبحث  عن فرصة عمل  ، وبالمناسبة نأمل  ان يكون التعيين  في جميع الوزارت  والدوائر  حسب  الضوابط  ،  وبعيدا عن  الوساطات ،  او الانحياز المناطقي او المذهبي او الحزبي  ،  وكانت طريقة طرح المظلومية  من  قبل الاستاذ سلام فيها مقبولية ،اذ كان الطرح لائقا وبعيدا عن  التشنج  ،  فتقربت منه  اكثر لكني لم اجرؤ ان اسأل عن تفاصيل حياته،لاني  من النوع المتحرج في السؤال عن الامور الشخصية حتى لو  كان الشخص المسؤول عنه غير موجود امامي ،  ولا  ادري  ان كانت هذه الصفة مثلبة او حسنة في شخصيتي .
واللقاء الاخر مع الاستاذ سلام كان بواسطة الاخ العزيز  ( جواد كاظم محسن ) ،  اذ دعاني للحضور في حفل توقيع كتابه ( مدارات ايديولوجية ) في قاعة المؤتمرات في المسيب في 19 تشرين الثاني  2011  ، في الساعة الثالثة عصرا  ،  وللاسف  كنت مرتبطاً بموعد اخر ساعة 4،عليه قررت الحضور في بداية الحفل على ان اغادر قبل الساعة الرابعة لاوفق بين الالتزامين  ،  وقد  اخبرت الاخ الاستاذ سلام  بذلك  وتفهم الموقف مشكورا وكذلك الاساتذة الحضور ،  وقبل بداية الحفل اهدى لي الاستاذ سلام نسخة من مؤلفه ، وشكرته على هديته التي اعتبرها هدية ثمينة بالنسبة أليّ ، وفرصة للتعرف على استاذ سلام اكثر،وللتعرف عليه عن قرب،من خلال ما يطرح من رؤى وافكار ، بصراحة سررت بهدية الاستاذ سلام واتمنى له التوفيق .
وبعد تسلمي لكتابه باشرت بقراءته  ،  ومن  خلاله  تعرفت اكثر على حياته ومعاناته فوجدته ضحية من ضحايا الارهاب البعثي الدموي ، وهو ينتمي الى اليسار ، وعندنا في العراق عندما نقول على اليسار ، نحسبه على الحزب الشيوعي ،  اذ كان مجاهدو الشعب العراقي ومناضلوه،عندما يعتقلون من نظام صدام المقبور ، يساقون اما بتهمة الانتماء للحزب الشيوعي ، او الانتماء لحزب الدعوة الاسلامية  حسب  معطيات  كل شخصية ، وحسب معلوماتي ان اعضاء الحزب الشيوعي ،  اكثرهم قد اعطوا التعهد للسلطات البعثية بعدم ممارسة العمل السياسي، والاستاذ سلام منهم ، وهذا ما  صرح به هو في كتابه الموسوم ( مدارات ايديولوجية ) ، وقسم منهم صدقوا صدام  ورجاله  فكشفوا عن تنظيماتهم الحزبية،وكونوا الجبهة الوطنية في حينها ، لكن صدام ونظامه لا عهد لهم ولا مواثيق ، فغدر بهم ، رغم ان الحزب الشيوعي باجرائه هذا قد  حافظ على حياة الكثير من اتباعه، اما القسم الاخر ممن هم اكثر صبرا وصمودا من رفاقهم الاخرين ، فقد رفضوا التعاون مع صدام ، او تصديقه ، وقد رفضوا كشف تنظيماتهم الحزبية ، وواصلوا النضال ، ولم يكن امامهم الا خيارين  ،  اما الخروج من  العراق والسفر الى بلد خارجي ، او ان يختفي عن انظار السلطات البعثية الظالمة  ، وهذا ما فعله الاستاذ المرحوم عباس هاشم جلوب  ، اذ اختفى داخل العراق  ،  رغم  مضايقة سلطات الامن لذويه وخاصة للسيدة زوجته الاخت ام رياض المرأة  العفيفة  الصابرة المجاهدة الشجاعة حفظها الله تعالى ورعاها واطال  في عمرها  ،  فلقد  كانت  شمعة تحترق لتنير الدرب للاخرين  ،  والاستاذ سلام حسب ما فهمت من خلال سيرته  في كتابه ( مدارات ايديولوجية ) هو من اليسار ، وترك  العمل  السياسي  منذ  امد  ليس بالقريب  ، لكن هذا الرجل اصبح وثيقة يُعتمد عليها في تدوين الاحداث ونقل الحقائق والوقائع ، في كثير من مفاصل  الحياة  العراقية  خاصة  فترة  الحكم  البعثي  العبثي  ويعتبر معبئاً بالخبرات من خلال تجاربه المريرة التي  مرّ  بها  في  حياته  ،  وازداد اعجابي واعتزازي وفرحي بالاستاذ سلام اكثر عندما عرفت انه زوج الاديبة الاخت سنية عبد عون رشو ( ام هشام وغدير ) كما هو كناها  في  كتابه  هذا  ،  حفظها  الله وزوجها واولادهم من كل سوء ومكروه ومتعهم الله تعالى بالخير والتوفيق ، وفرحتي هذه ليست متأتية كوني اعرف الاخت سنية،بل اني لا اعرفها ولم ارها في حياتي انما فرحتي من باب ان اديباً متزوج من اديبة ، هذا هو مصدر فرحي لانني اعتبر ان من مستلزمات  الزواج  السعيد  والناجح  ،  هو ان  يكون  الزوجان  متقاربين في الثقافة والمستوى العلمي والثقافي وان يكون لهما اهتمامات مشتركة  ،  فان التقارب في هذه المواصفات  تساعد  الزوجين  في ان  يفهم الواحد  الاخر ، اذن ففرحتي لكل زوجين يتصفان بهذه المواصفات، لانها من مستلزمات نجاح الزواج عندنا في العراق خاصة لذا اعتبر الزواج غير موفق في حالة وجود تباين بين الزوجين في هذه المستويات .
 والان وقفتي مع كتاب الاستاذ سلام (مدارات ايديولوجية )،ووقفتي معه او بالاحرى مروري عليه ليست بعنوان كوني ناقدا او اديبا ، اذ اني لست اديبا ولا ناقدا ، بل اني امرّعليه باعتباري قارئ يتفاعل مع ما يقرأ ، وتكون له انطباعات شخصية عما  يقرأ  ورأيي ليس قيميا ، لاني ليس من يقيّم الاستاذ سلام  ،  بل ساعبر  له  عن  انطباعات شخصية ، واستميحه عذرا بأن يقبلها مني كأخ له وصديق جديد احترمه واقدره  اول ملاحظاتي اوانطباعاتي حول عنوان الكتاب،ان عنوان الكتاب يشيرالى اتجاه وفحوى الكتاب في اتجاه اخر، العنوان يسحبك الى النظرية والفلسفة واتجاهات الفكر ، وواقع الكتاب حوار قوامه  سؤال وجواب،وآراء  مقتضبة  ورؤى  عامة  في  الادب عموما   وفي  النقد  والشعر  والقصة والرواية خصوصا ، وان لم تخلو الاجوبة من مداخلات في  السياسة  والثقافة العامة  ،  مع اشارات الى تأريخ العراق السياسي  ،  وكل  هذه المداخلات  والاجوبة  لا ترقى  لدرجة  البحث  الايديولوجي  ،   وان   كانت  بعض الاسئلة هادفة وعميقة وذات توجه ايديولوجي، الكتاب  بمجمله في  دواخله  لا يوحي   الى انه كتاب ايديولوجي  ، لان الايديولوجية هي التسلسل في بسط النظرية مع  بسط القاعدة  الفكرية  والفلسفية  التي  يستند عليها  الباحث  او الكاتب  الايديولوجي  فأين الايديولوجية في كتاب يغلب عليه الطابع الادبي القائم  على الحوارأي سؤال  وجواب  انا اتفق مع الاستاذ محمد زريويل المغربي،عندما قال للاستاذ سلام في حواريته معه في صفحة 99  :
 (( العنوان ليس عتبة فحسب ، بل هو المحور الاساسي  الذي  يسمي  النص  ويحدد هويته،وحوله تدور الدلالات وتتلاحق به ، هو بمثابة الرأس من الجسد ، بهذا المعنى لا يأتي العنوان مجانيا او اعتباطيا ، بل له وعيه وطقوسه ، ولعبه ومكره )) ، اما الاستاذ سلام فقد اجاب الاستاذ محمد زريويل بعبارات لا تفي بالغرض من جملتها :
(( كان العنوان متناصا مع مذكرات رجل ثوري .. فجاء قبل ان اكتب حرفا واحداً)) واقول للاستاذ سلام ان الايديولوجية ليس من لوازمها الثورية ،وانا افهم من جوابك  انك تفهم ان الايديولوجي هو الثوري ، وان الثوري هو الايديولوجي ، لكني ارى ان   الايدلوجية شئ ، والثورية شئ اخر،وهذا لا يعني ان ليس هناك من الايدلوجيين وهم ثوريون ، ولكن ليس شرطا ان يكون الايديولوجي ثوريا او بالعكس  ،  مع  الاعتذار للاستاذ سلام  ،  فهذا  هو رأيي  المتواضع ،  وساتطرق لاحقا ان سنحت لي الفرصة وفي وقفات اخرى الى بطن الكتاب ، واقصد الى بعض  اسئلته  واجوبته  مع  التحية للقراء الكرام وللاستاذ سلام ولجميع اصدقائه ومحبيه .
 
        علي جابر الفتلاوي
        A_fatlawy@yahoo.com
 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


علي جابر الفتلاوي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2011/11/25



كتابة تعليق لموضوع : وقفة مع الاستاذ سلام كاظم فرج وكتابه (مدارات ايديولوجية) ( 1 )
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 

أحدث التعليقات إضافة (عدد : 2)


• (1) - كتب : ام اطوار ، في 2020/06/07 .

مقال رائع من ناقدا وكاتبا يستحق اللقب اكثر من ذلك وفعلا استاذي الفاضل التوافق بين الزوجين ضروري لكن هناك من هنا بنفس الطبقه الدراسيه لكن غير متوافقين للاسف والكثير في زمننا هذا ...نسأل الله تعالى السعادة لك و للكاتب وزوجته الاديبة وفق الله الجميع



• (2) - كتب : سلام كاظم فرج ، في 2011/11/26 .

الاستاذ القدير علي جابر الفتلاوي..
تحية لك ولموقع كتابات في الميزان الذي نكن له كل التقدير والاحترام ونتابع مسيرته باهتمام واعتزاز.. وشكرا لملاحظاتك القيمة التي شرفتني بها.. واتفق معك ان الكتاب لم يرق لكي يكون بحثا في الايدلوجيا لكن العنوان كان يؤشر الى الخوض في هامش الايدلوجيات المعروفة .. الاسلامية والماركسية واللبرالية. وما جاورها من فاشيات كالنازية والبعثية الصدامية..
وفي معرض ردي على الاخ زريويل كنت اتحدث عن عنوان احد نصوصي وليس عن عنوان كتابنا هذا. والنص كان عنوانه مازال هناك عالم لنكسبه.. وهو يتناص مع مذكرات رجل ثوري. واتفق معك ان الايدلوجي لا يعني الثوري. ولا علاقة جامعة بينهما. .. والكتاب على العموم لم يكن منحازا لايدلوجية ما بقدر التعريف ببعض مسارات بعض منها..
اتقدم لك بالتحية والشكر والامتنان وانتظر سلسلة مقالتكم استاذنا الكريم .. لعلها تكون مشجعة على تبادل الرؤى والافكار ..
لقد شرفتني بحضورك الحفل وقبولك هديتي فالف شكر..




حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net