مساعي التمويه في المدونات البحثية (1)
علي حسين الخباز
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
علي حسين الخباز
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
تعد تهيئة التمويه بصورة متقنة اعتمادا على ذكر بعض الحقائق التأريخية المقتبسة من بطون الكتب، وخاصة تلك التي يكون موردها انسانيا عالميا، لا يمس المعتقد التأريخي الإسلامي، ويكون منهلاً مهماً لفهم الإشكالية المعروضة، فيرى الرواة أن ظاهرة الإرهاب أسست على يد حركة دينية سياسية أنشأها يهوذا الجليلي في الفترة عامي 73 ـ 66 قبل الميلاد، وأطلق عليها اسم السيكارى، وهم يمثلون الاتجاه الاصولي السياسي لليهودية، ومنهم مجموعة من اليهود المتطرفين دينيا.
وقد تشكلت هذه الحركة من تنظيم سري جاء في طائفة الزيلوت كان تفكيرهم يقوم على اخفاء سيوفهم تحت أرديتهم، ثم يندسون وسط زحام الاحتفالات، ويعملون سيوفهم كيفا اتفق، كانوا يخربون البيوت، ويشعلون النار في المكتبات العامة، ويسممون مصادر المياه، ويحرقون الوثائق من أجل ترويع الرومان، وجميع من لا يدين بديانتهم.
ثم يستدرج الرواة في موضوع الإرهاب الى الثورة الفرنسية، هو من حكم فرنسا بارهاب، وحجته ان الوطن في خطر، وهو من اتبع مبدأ الغاية تبرر الوسيلة واعدم 336 مواطنا فرنسيا الى ان اسقطوا حكمة، وأعدم هو ومؤيدوه، واعتبروا هذا اليوم هو نقطة تحول فرنسا ووضع حد للارهاب.
وورد في دراسات المركز الإعلامي أن الإرهاب عمل عنفوي يستهدف ارضاخ الانسان رغم أنفه، فرض معادلة مغايرة بمنطق القوة، تجذير الخوف وزرع القلق وتنوع الجريمة الى إرهاب ذات ميول قومية وعرقية وجرائم منظمة ومنها: برعاية الدول كحروب هولندا أو محاكم التفتيش في اسبانيا، وهي محكمة كاثوليكية نشطت في القرنين الخامس عشر والسادس عشر مهمتها معاقبة الهنود والمسلمين المتحولين.
وكانت هناك عدة محاكم منها: محاكم التفتيش الاسبانية والبرتغالية والرومانية الى ان تبنتها احدى لجان الفاتيكان، وتعد حروباً للسيطرة على كل الكائنات الحية من رجال ونساء وأطفال وحتى الحيوانات لم تسلم منهم واحراق الممتلكات المادية ما عدا المعادن النفيسة من ذهب وفضة ونحاس وحديد.
وكان يدعم هذه التكليفات تهديدات بعقوبات سماوية لمن يخالفها، وكانت حروب المسيحية ضد البربر المتمردين وبعدها الحروب الصليبية لاستعادة فلسطين وحروب الكنيستين هذه كلها وقائع تاريخية صارحتنا الأمم بما ارتكبت تواريخها من إرهاب، بينما نحن ما زلنا ندرج تلك الوقائع من اجل تمويه الحقائق.
لقد ذكر المؤرخون أن الخلافات ظهرت بين أصحاب رسول الله(ص) حول فهمهم للعقيدة الإسلامية ذاتها، او ما يتصل بالبناء الاجتماعى والسياسي، وهكذا هو التمويه يكون، صارحوا العالم مثلما صارحكم العالم بكشف مرتكزات الإرهاب عنده، فبعد وفاة النبي (ص) مباشرة والنبي بعد لم يدفن، جسد مسجى اقتسموا الغنيمة، وهم يعرفون حقيقة العقيدة وغدير خم قريب عنهم، لكن المطامع غلبتهم فحشدوا مجموعة من الارهابيين للهجوم على دار فاطمة الزهراء (عليها السلام)، منهم خالد بن الوليد وزياد بن لبيد الانصاري وعبد الرحمن بن عوف واسيد بن حضير، وسلمة بن سلامة بن وقش ومحمد بن سلمة وثابت بن قيس بن شماس الخزرجي وسلمة بن اسلم والمغيرة بن شعبة وسالم مولى أبي حذيفة رهط من الارهابيين زحفوا على دار الزهراء (عليها سلام الله) وهموا بحرق الدار قالوا له: إن في الدار فاطمة، قال: وإن..!
كانت هناك جذور إرهاب واضحة الرؤيا لا يمكن لأحد أن ينكرها أو يلغيها من دائرة الوجود، جذور إرهابية خطيرة في العهد الراشدي، لا أدري لماذا لا ندرس تاريخنا مثلما يدرس الناس تواريخهم؟ لماذا نخشى على الجناة من الذين وصفوا أسس الإرهاب في الإسلام؟ الى متى نبقى محتارين في التمويه نموه في المدونات التأريخية، تمويه في المدونات البحثية، لنربي أجيال الغد على هذه التمويهات من اجل ان تصبح بمنزلة الحقائق عندهم؟ والى متى يبقى الرواة يقفزون على الاحداث..!
يقول عباس محمود العقاد: أتمنى لو تمسح هذه الصفحات الإرهابية من سجل خالد بن الوليد، حيث استقبله قوم مالك بن نويرة وجيشه ووصلوا معهم سوية، فما ان انتهت الصلاة باغتوهم وكشفوهم وأخذوهم الى خالد بن الوليد وكان في جيش خالد عبد الله بن عمر، وأبو قتادة الانصاري، دافعا عن مالك دفاعا مستميتا وعن قومه، وشهدا لهما بالإسلام وأداء الصلاة إلا أن خالدا لم يصغِ الى شهادتهما ولا الى شهادة مالك عن نفسه ضد اتهامه بالكفر، حتى انه طلب من خالد ان يرسله الى الخليفة ليحكم بأمرهم، ولكن دون جدوى فقال مالك: انا مسلم واشهد بالشهادتين، فقتله واغتصب زوجته، وطبخ راس مالك طعام ليلته، وغضب عليه عمر بن الخطاب غضبا شديدا وقال للخليفة انه زنى فارجمه، وانه قتل مسلما فاقتله، رفض الخليفة وقال: هذا رجل تأول فأخطأ..!
وعندما تسلم عمر بن الخطاب الخلافة عزل خالد بن الوليد وهو يواجه الروم.. لماذا لا نكون صريحين مثل العالم ونكشف عن الجذر الإرهابي، هاجم الكاتب السعودي محمد علي الهرفي الأستاذ الكاتب احمد الجميعة الذي كتب في مجلة الرياض موضوعا بعنوان (الإرهاب لا دين له ولا وطن) بحث فيه جذور الإرهاب وكان جوابا على انعقاد المؤتمر الدولي لمكافحة الإرهاب، راح يبحث في جذر الإرهاب فهو يؤمن بأن الفكر التكفيري لم يظهر الى الوجود بغتة، بل له جذر سوابق في التأريخ الإسلامي، واعتبر ما تسمى بحروب الردة في مطلع العهد الراشدي هو اول بيان رسمي يعلن ميلاد ايديولوجيا التكفير، وهذا يعني ان من صدر امر اهل الردة، قام وقاتل من اتهمهم بالكفر ظلما وعدوانا، كانوا أبرياء جنت عليهم الخلافة حسب كلام أبي جميعة، وحسب حكم عمر بن الخطاب نفسه ضد خالد بن الوليد.
القاعدة تقول: من كفر مسلما فقد كفر، وذهب للاعتراض نحو تمويه التأريخ بأحاديث موضوعة عن المبشرين بالجنة، وأغلبهم تشملهم تهمة التكفير التي اشاعوها بين الناس، يقول بعض المموهين: إن دوافع العدالة بتوزيع الموارد وتقاسم المصالح والنفوذ كانت حاضرة في الاغتيال السياسي الذي تعرض له الخليفة الراشدي الثالث، بينما التأريخ يؤكد وجود اختلاسات كبيرة، نفذ عهد اقاربه بالمناصب الكبرى وبامتيازات أخرى، تغلغلوا في الحكم حيث توافرت لهم المؤهلات الظرفية السياسية لترتقي البيوت المعادية للرسول (ص) الى يوم فتح مكة.
وللنظر في هذا التمويه الخطير يقول ابن تيمية (نحن لا ننكر انه كان يواليهم ويعطيهم أموالاً كثيرة، فإذا أخطأ لا ذنب عليه؛ لأنه مورد من موارد الاجتهاد، وأما طرده لأبي ذر الغفاري تلك قضية لوحدها لا احد يكشف النقاب عنها، وقد وصلت مراحل التمويه الى تعديل سمعة مروان بن الحكم، والوليد بن عقبة، من الفسق الى العدول.
يرى بعض علماء المسلمين ومن أبناء النهج العام، كان أقارب الخليفة الذين جعل بأيديهم شؤون إدارة الخلافة ومفاتيح بيت المال، لاشك انه غلط والخطأ خطأ أيا كان فاعله. أما محاولة التمويهات غير المعقولة والتي لابد لنا من الانصاف، والدين لا يطالبنا بعدم الاعتراف بخطأ الصحابة فابتكروا تعليلات وحوادث تبريرية ورموزا خيالية وضعوها للتمويه.
وبعد ما عوتب معاوية على ارهابه بقتل حجر وأصحابه لم يجد مبررا، فقال: دعوني وحجرا حتى نلتقي عند الله، وهناك من تجرأ ليخطئ الامام علياً (عليه السلام) بتمويه مصنوع باعتباره شغل معاوية عن الجهاد، والإمام علي (عليه السلام) هو الخليفة الشرعي والذي ينبغي ان يطاع وهو الذي يأمر بالغزو، ويعين قادته ووجهته.. هذا مثل من أمثال التمويه..!
تمرد معاوية على الخليفة الشرعي بعد ان عزله عن الامر، واي جهاد لمعاوية وهو الذي قام بتوقيع معاهدة ذليلة يدفع بموجبها 100 ألف دينار سنويا للروم مقابل امتناعهم عن غزو الشام، حتى وصل امر التمويه الى تبرير قتل الحسين (عليه السلام) في كربلاء، التمويه هو منهج تدويني واضح المعالم يبحث في المزالق التاريخية ليرتق فتوق الجناة، يقلب المعادلة بتخرصات وظنون وأوهام تتمدد على الواقع التأريخي، لابد من يقظة تقينا شرور التمويه.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat