صفحة الكاتب : محمد كاظم خضير

أحلام عودة الدولة العثمانية تعود.هل يستمر احتلال القوات التركية لمدينةعفرين؟هل أدرك الانفصاليين الأكراد في سورية أن الإعتماد على الأمريكيين أكبر خطأ؟
محمد كاظم خضير

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

أن النظام التركي يدرك جيداً أن احتلاله لمدينة عفرين لا يمكن أن يستمر لفترة طويلة، وأن خروجه منها حتمي، نتيجة المقاومة التي لن تترك مرتزقته من الترك و(الحر) ترتاح فيها أو يهدأ لها بالاً، لكنه يصر على المناورة واللعب بورقتها، لظنه أنها سوف تكون منطلقاً للاعتداء، واحتلال مناطق أخرى في الشمال السوري، وإحياء حلم أجداده العثمانيين.
العدوان الأردوغاني على المدينة واحتلالها والعبث فيها وبممتلكات أهلها وتراثها الحضاري، قوّض كل المعادلات السابقة للتعاون مع الأطراف الدولية الساعية لحل الأزمة في سورية، وعلى رأسها روسيا وإيران، بعد عدة لقاءات في العاصمة الكازاخية آستنة، وما نتج عنها من مناطق خفض التوتر التي شكلت خطوات مهمة لإخراج الإرهابيين من بعض المناطق، وأعقب ذلك قمة في سوتشي الروسية لدفع العملية السياسية، ومنع وقوع المزيد من أحداث العنف والصراعات بهدف إحلال الأمن والاستقرار ودفع قطار المصالحة الوطنية لعدد من المناطق. النظام التركي بممارساته العدوانية هذه، جاء ليهدم كل ما تم بناءه في اللقاءات السابقة الذكر، وبالتالي فمن الطبيعي أن تتشكل مقاومة للاحتلال العثماني الجديد لإخراجه من عفرين، ومنعه من الوصول إلى أهدافه في السيطرة على مناطق أخرى يهدد بالاعتداء عليها، وإحياء فكرة ما يسمى بالمناطق الآمنة، التي هي في حقيقة الأمر ليست إلا محطات انطلاق للإرهابيين بعد اندحارهم وتقهقرهم في معظم المدن والمحافظات التي تواجدوا فيها، ليستمر نظام أردوغان بسرقة النفط والثروات والبحث عن مصادر دخل يضيفها لسرقاته ويوزعها على لصوصه ليستمروا في خدمته.‏

عفرين أو أي منطقة أخرى في الشمال لن تكون المهد الذي يحط أردوغان رحاله فيه، وسيجد نفسه أمام خسائر مادية وبشرية ومعنوية كثيرة سوف تمنع قواته من الاستقرار أو الاستمرار، فضلاً عن المعارضة الدولية التي سترفض هذا الاحتلال لكونه عمل إجرامي وغير مشروع، ويتناقض مع مبادئ ومقاصد ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي، ويتسبب بنزوح مئات الآلاف من السوريين الذين عانوا من ويلات التشرد والنهب والحرمان من الخدمات التي تساعدهم على العيش.‏

الجرائم التي يرتكبها النظام التركي في سورية تهدف إلى سياسة التطهير العرقي وتتريك عفرين وما يجاورها، وتقديم المزيد من الدعم للإرهابيين، وجمعهم تحت رايته ودفعهم للاعتداء من جديد على مؤسسات الدولة السورية والمحاولة من جديد لإسقاطها بعد إخفاقاته والأطراف المعادية الأخرى بذلك، وإذا لم ينجح بذلك ولن ينجح، فسوف يعمل لإطالة أمد الحرب التكفيرية التي تهدد أمن المنطقة والعالم

لم يغب عن بال المتابع لتطورات المشهد في عفرين أن العدوان التركي على المدينة تم بتنسيق مشبوه بين تركيا وواشنطن التي رمت بورقة الاكراد جانباً الذين دفعوا فاتورة غبائهم السياسي وتعويلهم على واشنطن التي تتلون سياستها عبر التاريخ وفقاً لمصالحها وتحرف بوصلة توجهاتها لتحقيق خبث مبتغاها .

فالتجارب أثبتت أن « الخلاف « بين واشنطن وتركيا تجاه الأكراد ليس الا فقاعة اعلامية تسعى من ورائها واشنطن لتحشيد المكون الكردي بصفها والاستفادة منهم لتحقيق أهدافها الاستعمارية عبر زرع بذرة الخلاف بينهم وبين الدولة السورية التي ساندتهم ووقفت بجانبهم خلال العدوان التركي للحفاظ على وحدة الاراضي السورية ومنع تمرير المشروع الاميركي التقسيمي في سورية والوقوف بوجه الاطماع التركية .‏

وما مستودع الذخائر الضخم الذي عثرت عليه قوات اردوغان في عفرين مؤخراً والمكون من 12 غرفة والذي يحتوي على آلاف قطع السلاح والذخيرة الاميركية ، ومن أبرزها صواريخ مضادة للطائرات والدروع والدبابات، بينها قواذف «تاو»، إضافة إلى قذائف هاون وراجمات ، الا ذريعة واهية لشرعنة العدوان التركي على عفرين وتسويق اكذوبة الدعم العسكري الاميركي للاكراد واستمرار الخلافات مع واشنطن وتبرير توجيه بوصلة العدوان التركي نحو مناطق اخرى كمنبج وغيرها .‏

فتخلي واشنطن عن الاكراد الذين ارتموا بحضنها بدا واضحاً بعد البيان الهزلي الذي عبرت عنه «قسد» المنضوية تحت العباءة الاميركية بعد احتلال تركيا لمدينة عفرين وتوعدت فيه « قسد « الأتراك بحرب شعبية طويلة الأمد والذي لم يُعِرهُ الأتراك أدنى اهتمام، زاعمين أنهم ذاهبون لاحتلال منبج والقامشلي حتى الحدود السورية ـ العراقية شرقاً ومناطق الحدود السورية ـ التركية، جنوباً.. مخترقين أيضاً حدودهم مع ما تسمى كردستان العراق.‏

وما حدث في عفرين وفقاً لمحللين ، أفضى إلى ان واشنطن اعطت الضوء الاخضر للعدوان التركي للسيطرة على مدينة عفرين التي زعمت بانها دعت الأتراك إلى الرأفة بالمدنيين وتجنّب سفك الدماء.. في حين ان الدولة السورية كانت واضحة برفضها الصريح للعدوان التركي الجائر على المدينة ، وأكدت أنّ تحريرها ليس ببعيد ، وعودتها إلى حضن الوطن من اولويات الدولة السورية وجيشها الذي يقضي على الارهاب في الغوطة الشرقية ويستكمل مسيرة انجازاته لاستعادة كافة الاراضي التي دنسها الارهاب واميركا وتركيا .‏

ورأى المحللون ان الغطاء الاميركي الذي اعطي لتركيا لاحتلال عفرين جاء خوفاً من إمكانية الخسارة الأميركية الكاملة لتركيا الأطلسية التي كان «الناتو» يستعملها كخط دفاع أمامي له قبالة روسيا في البحر الأسود والشرق الأوسط.‏

ولفت المحللون انه رغم التحذير المتكرر للاكراد من «غدر الأمريكي» ولكنهم أغلقوا آذانهم عن الأصوات التي نادتهم ونشادتهم من الدولة السورية ودول صديقة، متجاهلين جميع المعادلات الإقليمية والظروف السياسية الجديدة التي رسمتها الدولة السورية بعد انتصارات جيشها النوعية في كافة الجغرافية السورية .‏

وبدا واضحاً أن الدعم «الوهمي» الأميركي جعل الاكراد يصمّون آذانهم ويتعامون عن الوقائع والحقائق التي تفرزها المعادلات الجديدة التي رسمها الجيش السوري والتي لم تعد أمريكا متفردة فيها كما كان يحدث سابقاً، فقد برزت قوى إقليمية ودولية جديدة غيّرت موازين القوى ومنعت واشنطن من التحكم في كل شيء.‏

فشرارة مأساة عفرين أطلقتها أميركا، عندما أوهمت الأكراد بأنها ستدعمهم وبعد أن ذاقوا طعم الخذلان الأمريكي وتيقنوا بأنهم كانوا لعبة في مشروع أمريكي قذر هدفه الوحيد زعزعة المنطقة وتقسيمها إلى كونتونات صغيرة يسهل السيطرة عليها.‏

غباء الاكراد وعدم ايقانهم لخطورة تحالفهم مع واشنطن التي تخلت عنهم خلال العدوان التركي على عفرين ، جاء في وقت تستكمل فيه فصول مسرحية الخلافات بين واشنطن وأنقرة بعدما كشف العدوان التركي على عفرين تفاصيل الاتفاق المبرم بين الطرفين الاميركي والتركي لاحتلال المدينة حيث زعمت أوساط دبلوماسية أوروبية مطلعة بأن العلاقات بين تركيا والولايات المتحدة الامريكية ستشوبها « الخلافات « في حال أقدمت تركيا على ارتكاب حماقة العدوان على مدينة منبج الاستراتيجية على الحدود مع سورية ومن المتوقع أن تخوض قوات اردوغان هناك معركة شرسة جدا مع مجموعات مسلحة جيدا وبسلاح أمريكي من «قوات الحماية الكردية» .‏

ختاماً فان لعبة الخلاف التي تم الترويج لها بين واشنطن وانقرة بشأن الاكراد ، وضحت بأن الجغرافيا السياسية باتت في خدمة التسويات بين الدول الكبرى وليست في خدمة مصالح الاكراد الذين دفعوا فاتورة جهلهم في عفرين


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


محمد كاظم خضير
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2018/03/23



كتابة تعليق لموضوع : أحلام عودة الدولة العثمانية تعود.هل يستمر احتلال القوات التركية لمدينةعفرين؟هل أدرك الانفصاليين الأكراد في سورية أن الإعتماد على الأمريكيين أكبر خطأ؟
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net