صفحة الكاتب : ثائر الربيعي

سجن الإمام الكاظم ...أهون من قبول الظالم .
ثائر الربيعي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

لا السلاسل ولا القيود ولا الأغلال ولا الزنزانات السوداء تحت الأرض المنسية والتي لا يعرف منها الليل من النهار,ستمنع الفكر الحر من تحقيق مبتغاه من الوصول لهدفه,يظن الطغاة المتكبرين المفسدين في المعمورة وهو واهمين أنهم بإساليب القسوة وسطوة الحديد والنار في ترهيب الناس وقادة الفكر تحديداً بمنعهم من الإدلاء بأرائهم ورؤاهم في قول الحقيقة ,إنما الفكر يواجه بسلاح الفكر وهم عاجزين عن المواجهة فليست المنازلة مقارعة فكرية وإنما المواجهة بين مصلح يحمل على كتفيه مسؤولية الأمة وإصلاحها وجاهل يريد فرض منهج العبودية على الرعية ,(18) سنة مابين سجون عامة وخاصة كان الإمام الكاظم (ع) يتنقل فيها وهو ثابتاً على مبادئه لم يساوم ويهادن عليها وكان بإستطاعته أن يمد يده ويقبل بالواقع المرير ثم تنتهي مأساته وألمه ,رفض الإمام لأن الثوابت لا تباع ولا تشترى والمبدأ لا يجزأ عنده ,ثم كيف لعملاق الصبر مثله أن يبايع ظالم ؟ المعادلة الحقيقية هي التضحية والعيش في السجون وغياهبها المظلمة ,مع الكاظم سنتلهم درساً يدرس لكل جيل مفاده أن القائد والمصلح عندما يضحي بنفسه فأن هنالك قضية مؤمن بها وعلى مريديه أن يسيروا على خطاه ,معلنين الرفض لكل فاسد آثم مختال, لا الحياد والمراوغة سيرجع الحقوق المغتصبة من السارقين واللصوص ,حيث يعتقد طاغية زمانه أنه سينال منه ومن عزيمته ,فهناك يوم طويل أعده الله للمقاصّة من الطغاة الظالمين ، ذلك هو فحوى رسالته التي بعثها من السجن إلى هارون لما طال سجنه ،ونصّها : (إنه لن ينقضي عنّي يوم من البلاء إلّا انقضى عنك معه يوم من الرخاء حتّى نفضي جميعاً إلى يوم ليس له انقضاء يخسر فيه المبطلون ) فكان السجن بالنسبة له أفضل مكان لمناجاة الله والتفرع لعبادته ولطاعته ,وأن صفة الصبر يسخره الإنسان العارف لبلوغ مدارج الكمال ، ويتعلم فيها ويعلّم العزم الثابت والإرادة الصلبة والتصميم الراسخ على تحمّل الأزمات ، فصبر راضياً بما قضاه الله حتّى سمّي الكاظم لما تحمّل من صعاب وما كظم من غيظ عمّا فعله الظالمون به بقوله : « اللهم إنّك تعلم أنّي كنت أسألك أن تفرغني لعبادتك ، اللهم وقد فعلت ، فلك الحمد » كان عليه السلام يحيي الليل كلّه صلاة وقراءة للقرآن ودعاء ، ويصوم النهار في أكثر الأيّام ,كان أكثر ألمه وشقاؤه على المسجونين وما يتحملوه من أقسى أنواع التعذيب الجسدي والنفسي وهو يسمعهم يتصارخون ويبكون من شدة ما يقع عليهم , حتى الوساطة التي طالبوه بها محبيه رفضها لم يخطر بباله أن يظهر الإذعان والخضوع إلى السلطان الجائر كي يستدر عطفه وشفقته ،فقد قيل له  وهو في الحبس : « لو كتبت إلى فلان يكلّم فيك الرشيد ؟ فقال : حدّثني أبي عن آبائه) : أن الله عزّ وجلّ أوحى إلى داود : يا داود ، إنّه ما اعتصم عبد من عبادي بأحد من خلقي دوني ... إلّا وقطعت عنه أسباب السماء ، وأسخت الأرض من تحته (وظيفتنا الأخلاقية والشرعية أن نبين للناس أن الإمام عاش شامخاً واستشهد جبلاً أشم وهذا هو مسار الأحرار فلا يمكن أن يخلد تاريخهم إلا من خلال منجزهم الذي يزلزل الأرض تحت أقدامهم ,كان هارون يخاطب الغمام بقوله :أينما تذهبين فخراجك عائد لي , أراد من الأمام فقط أن يعطيه شرعية لحكمه حتى يقول للناس أن سلطتي منحت من أبن رسول الله موسى بن جعفر ,رفض وواجهه وليس عنده سوى الكلمة الصادقة والدعاء ,فكان الجلاد يرتعد ويخاف,فقصوره وندمانه وحاشيته ومن جاء بهم كل ذلك لم يجدي له نفعاً ,أنتهت المعركة وتحول الإمام لرمزاً يسكن القلوب والأفكار ويجول ذكره بين بلدان العالم  .


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


ثائر الربيعي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2018/04/09



كتابة تعليق لموضوع : سجن الإمام الكاظم ...أهون من قبول الظالم .
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net