صفحة الكاتب : خضير العواد

بثقافة الاعتذار نبني مجتمعاً سعيداً
خضير العواد

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

إن الله سبحانه وتعالى أرسل الرسل والأنبياء وأنزل إليهم الشرائع السماوية حتى تنشر مابين البشر الأخلاق الحميدة والصفات الكريمة وينتج منها علاقات طيبة تكون قاعدة متينة لتأسيس مجتمعاً سعيداً في الدنيا وينعم بالجنان في الآخرة ، فهذه المجتمعات السعيدة لا تتكون حتى يرتبط أبنائها بعضهم ببعض بعلاقات طيبة مملوءة حب واحترام ومودة ، وإذا شاب هذه العلاقة بعض الركود من خلال الخطأ أو سوء الفهم يدفعنا الشارع المقدس الى الاعتذار والاعتراف بالذنب حتى تصفى القلوب وتنظف من الآثار السلبية للأخطاء والتجاوز على الحقوق قال أمير المؤمنين عليه السلام (شافع المذنب إقراره وتوبته اعتذاره)، لأن عملية الإصلاح بدون الاعتراف بالخطأ والتجاوز تبقي القلوب مكدرة مملوءة بالأوساخ والآثار السلبية مما ينتج عن علاقات ترتبط بروابط ضعيفة فلا تصمد أمام اصغر الأخطاء واقلها فتنفجر القلوب ثانيةً نتيجة احتضانها لتلك الآثار السلبية السابقة كالجمر عندما يغطيه الرماد بأضعف ريح يخرج ويشب أعظم النيران مما ينتج عن مجتمع متفكك تنتشر ما بين ابنائه التباغض وسوء الفهم و العداء وهذه جميعاً تؤدي الى التعاسة في الدنيا والجحيم في الآخرة ، وهذا ما تعيشه أغلب المجتمعات الإسلامية اليوم عندما تركت أو شطبت من ثقافتها فن الاعتذار ، وقد تناسوا أن الاعتذار فن لا يحسنه إلا المؤمنين الشجعان ولا يفهمه إلا أصحاب العقول والأخلاق المحمدية الأصيلة ، لأن عملية الاعتذار هي مجابهة حقيقية ما بين الغرائز وهوى النفس من جهة  والعقل من جهة أخرى فإذا أنتصر بها العقل كان الإقرار بالذنب فتقوم الشجاعة بتقديم الاعتذار وإذا انتصرت بها الغرائز وهوى النفس كان الجبن الذي ينكر الذنب أو الخطأ فيكون الإصرار ، قال أمير المؤمنين عليه السلام (الإقرار اعتذار ، الإنكار إصرار) ، فالمجتمعات التي تفتش عن السعادة عليها أن تتقن فن الاعتذار لأنه المكنسة التي تكنس جميع القاذورات والأوساخ التي تسبب الأمراض التي تعاني منها المجتمعات التعيسة كالحسد والبغض والضغينة وعدم قضاء الحوائج وعدم الثقة بالآخرين وغيرها من الأمراض المستعصية ، فبدون ثقافة الاعتذار تتهاوي أقدس العلاقات الإنسانية إن كانت العلاقات ما بين أعضاء الاسرة الواحدة كالعلاقة الزوجية أو العلاقة الأبوية أو العلاقة الأخوية او العلاقات التي تربط ما بين أبناء المجتمع الواحد وتصبح هذه العلاقات هشة تأخذها عواصف الأزمات يميناً وشمالا حتى تنتهي بهم الى حفرة القبر التي يندم بها من صعبة عليه كلمة الاعتذار أو كلمة أسف التي لو قالها في الدنيا لأصبحت شمعة تنير له القبر وتوسعه وتجعله روضة من رياض الجنة  قال الله سبحانه وتعالى ( وإذا قيل له أتق الله أخذته العزة بالإثم فحسبه جهنم ولبئس المهاد ) (سورة البقرة آية 206) ، فثقافة الاعتذار قاعدة تقوم عليها سعادة الدارين وبدونها تصبح الدنيا موحشة بل أسوء من الغابة ينهش القوي فيها الضعيف وهذا ما نعيشه اليوم ، فشجعوا على ثقافة الاعتذار لكي نفوز بسعادة الدارين . 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


خضير العواد
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2018/06/27



كتابة تعليق لموضوع : بثقافة الاعتذار نبني مجتمعاً سعيداً
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net