صفحة الكاتب : سجاد العسكري

بناء ... في ظل الانحراف السياسي ؟ الامام الصادق "ع" انموذجا.
سجاد العسكري

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

من المعروف بعد شهادة امير المؤمنين علي بن ابي طالب ع توالت على الامة الاسلامية احداث كثيرة واسباب عدة افرزت حكومتين الاولى الحكم الاموي ,والثانية الحكم العباسي التي قامت على مخلفات الاموين لكن لكل حكم ما يميزه , رغم اشتراكهم في الكثير من السنن المتوارثة فيما بينهم , وخصوصا ان الحكمين اسسا لمبداء (الحكم عقيم) , بالاضافة الى الانحرافات السياسية , والاجتماعية التي نخرت جسد الامة الاسلامية, حتى هذا اليوم نعيش على مخلفات اثارها الانحرافية ؛ لكن مابين الانحرافيين بزغ نور من ال محمد واسس , وانشاء للبناء في شتى المجالات , والى هذه اللحظة نعيش في ظلاله , المشكلة تكمن في انحرافات سياسية اموية عباسية ؟!! فالحكم الاموي , والعباسي تميز : بالابتعاد عن تطبيق الشريعة الغراء, انتشار الظلم, والابتعاد عن العدل السياسي والاجتماعي , اجحاف في حقوق العامة وفي نفس الوقت التزلف لذوي النفوذ , والوجوه المعروفة , ظهور العصبية القبلية , اسراف الانفاق من اموال العامة و انغماس بالشهوات, على مجالس اللهو, والترف, والغناء , والاحكام كانت حسب رغبات وميول الحاكم وهو من يحي ويميت !! حتى بات من يصدر الاحكام و ادارة شوؤن الحكم؛ الغلمان والنساء والندماء ؟!! وتوزيع الهبات والهدايا والجوائز على من يشغل الحكام , عن ادارة سدة الحكم , فمن يسهر اليل بطوله كل يوم الى ارتفاع الشمس في كبد السماء , من اجل شهواتهم من اموال وحقوق العامة اليس انحراف ؟!! اذن متى ومن يدير الحكم ؟ ما اشبه اليوم بالبارحة؟!! مابين سقوط الحكم الاموي وبداية الحكم العباسي , استثمر الامام الصادق عليه السلام هذا الحدث من اجل خدمة الهدف , فشرع الامام بعبقريته المسددة ان ينجو من حكم مذبحة عاشوراء , وترويض حكم عرف بالقسوة , وخصوصا مع العلويين, بالرغم من قيام دولة بني العباس والتعاطف والالتفاف حولها من الناس تحت دعوة (الرضا من ال محمد), فستطاع الامام ع ان ينشيء مؤسسة تعليمية متكاملة المنهج والرؤيا ولها رسالة واضحة المعالم , بظروف قاسية كانت حقا مثال للاقتداء وينهل منها الكثيرين وفي مقدمتهم ائمة المذاهب ,مالك بن انس , وابا حنيفة النعمان, واشتهر له قول (لولا السنتان لهلك النعمان), فقد تبنت هذه المؤسسة بقيادة الامام الصادق عليه السلام لنظرية (الطرح النظري والتطبيق العملي لبناء الجماعة الصالحة) , وقد نجحت هذه النظرية من خلال انتشار العلوم الاسلامية من تفسير وفقه وحديث وعلم الكلام والجدل والانساب واللغة والشعر والادب والكيمياء والتاريخ والنجوم... وقد تميزت هذه المؤسسة بمميزات لبناء الفرد والمجتمع المثالي منها:
- انها عرفت بالانفتاح واحتوائها على العناصر الموالية والغير موالية فكانت تضم مختلف طلاب المعرفة والعلم من مختلف الاتجاهات.
- التركيز على التخصص في مجال العلمي او الثقافي وماله من دور كبير في تطوير المسيرة العلمية والمعرفية , - لم تقتصر على مجال او حقل واحد كالفقة والكلام بل ضمت مختلف العلوم والمعرفة كالكيمياء ,والرياضيات , الفلك والطب , وعلم الحيوان والنبات ...
- وتميزت بالكتابة والتاليف في شتى العلوم حتى برزت مصنفات عرفت بالاصول الاربعمائة.
- وقد تميزت بمنهج فكري وعلمي وثقافي عقائدي رصين ,وبناء الفرد الصالح لقيادة المجموعة الصالحة .
- وعرفت هذه المؤسسة بتخريج الفقهاء والمجتهدين عن طريق الاستنباط الصحيح للحكم الشرعي ومحاربة الاجتهاد بالرأي.
- التركيز على الانتماء الفكري والروحي للنبي واهل البيت سلام الله عليهم , هو الذي يعطي الرفعة والعزة للامة.
وهذه اهم ماتميز به بناء الامام الصادق عليه السلام لهذه المؤسسة , بالاضافة الى ابتعاد جعفر بن محمد ع عن الصراع السياسي العلني للانحرافات الحكام, والفكر السياسي والاجتماعي السائد انذاك , وواجهها عبر بناء المجموعة الصالحة والواعية ونشرها للتبليغ , وتفتيت اسس هذه الانحرافات الظالمة والجائرة , لقد بلغ صيت الامام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام كل مكان وبيت واصبحت تهوى اليه القلوب لحل المشاكل الفكرية والعقائدية والسياسية ...لكن العباسين حين شعروا بالتفاف الناس حول الصادق ع فعمدوا الى تاسيس ودعم بعض الشخصيات التي تحمل علم ما ؛ وزجهم للمواجهة احيانا , واخرى في فرض تاسيس الفرق والمذهب واجبار الناس على الالتفاف حوله ودعمهم ماديا ومعنويا , وكذلك على اشغال المسلمين بالقضايا العقائدية وتفرقتهم وابعادهم عن الشؤون السياسية , لذا نلاحظ في تلك الفترة برزت الفرق ومذاهب وكثرت النوادي بالمناظرات والجدل , وهدف الحكم العباسي هو عزل الامام الصادق ع خصوصا وائمة اهل البيت ع عموما , ابعادهم عن الحياة السياسية, وابعاد الناس عن الاخذ منهم في معالم الدين الاسلامي , ولكن هيهات هيهات لهم ذلك , ومانزال ننعم بظل فكر وعلم وعقائد واخلاق القائد ,الامام الصادق عليه السلام , وهو ماضمن سلامة الخط الاسلامي على المدى البعيد , ومازال الاخرون يخوضون مع حكم الاموي العباسي ويعيشون لأحيائها بالرغم من الانحرافات السياسية والفكرية التي لم نكسب منها الا الاهات والويلات والخنوع .

 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


سجاد العسكري
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2018/07/11



كتابة تعليق لموضوع : بناء ... في ظل الانحراف السياسي ؟ الامام الصادق "ع" انموذجا.
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net