صفحة الكاتب : اسعد عبدالله عبدعلي

عندما تتحول الديمقراطية الى دكتاتورية
اسعد عبدالله عبدعلي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

عمت الاضطرابات عموم محافظات الجنوب والوسط بسبب تردي الخدمات, فالكهرباء لا تصل الى البيوت مع ان الحرارة لا تطاق وحصل العراق على صدارة دول العالم بحرارة الجو, والماء غير صالح للشرب, والبطالة تضرب بقوة في محافظات الجنوب والوسط, وبعد كل هذا يطلب من الناس السكوت والطاعة وإلا أصبحوا في عداد الغوغائيين (كما أطلقها الطاغية صدام على الثوار في الوسط والجنوب عشيت هزيمة حرب الكويت), فها هي قنوات أحزاب السلطة تطلق كلمة المندسين ضد المتظاهرين, وتحلل قتل كل من يخرج عليها رافضا ظلمها الذي صار عمر 15 عام!

انه نظام حكم يقال عنه ديمقراطي, فإذا به يحول الحياة في العراق الى جحيم لا يطاق, ولو خيرت أي عراقي بين البقاء في العراق أو الحصول على لجوء في كندا أو حتى زمبابوي فانه سيوافق على الفور, فحتى العيش تحت الاحتلال الإسرائيلي اقل ضرار من العيش تحت حكم الأحزاب العراقية, وهذا من عجائب الدهر.

نحتاج لنوع من الوضوح والمكاشفة لنفهم ما يجري في العراق والكلام هنا عن أسباب الغليان الشعبي ألان, ولتفسير لغز ما يجري في بلد العجائب, منذ ان سطت الأحزاب على الحكم في العراق, بعد خلع طاغية بغداد.

 

● سر انقطاع الكهرباء الدائم

الكهرباء تحولت لمعطلة لا حل لها على الرغم من صرف مليارات المليارات من الدنانير منذ عام 2003, كان هنالك إرادة ترغب بدوام المشكلة, فهي فتحت باب الثراء الكبير جدا لطبقة عفنة تأكل المال الحرام وتعمق جرح الوطن, ومن ضمن المستفيدين سلسلة تضمن جهات خارجية وتجار عراقيين وشخصيات سياسية وموظفين فاسدين وكل هذا تحت خيمة الرغبة الأمريكية بان لا تحل مشاكل الشعب العراقي, فتلتقي رغبات الأحزاب بالمال الحرام مع الإرادة الأمريكية والرضا الصهيوني عن ما يحدث للشعب العراقي, وهكذا تستمر أزمة الكهرباء الى موعد غير محدد قد يكون خمسين سنة قادمة هذا إذا استمر هذا النظام في الحكم , النظام المبني على قيادات الواقع العراقي الحالي وأحزابه التي فاحت رائحتها العفنة لتصل الى موانئ موريتانيا وحدود هضبة التبت.

 

● منهج صدام بالحكم وإعادة إنتاجه

السر في قطع الكهرباء ليس لقلة الإنتاج بل يعود لطريقة الحكم, والتي يمكن تلخيصها بمقولة (جوع كلبك يتبعك), وكان قد استخدمها صدام كأساس في حكمه, فجعل الحياة لا تطاق, مما جعل المواطن في دوامة الهم والعسر, وعندها لن يفكر في مزاحمة نظام الحكم, كذلك عمدت أحزاب السلطة ومنذ 2003 الى سحق الشعب العراقي عبر نشر الفوضى والدمار! وإهمال البلد فلا أعمار ولا نظام صحي ولا خطط للإسكان, فتحول العراق الى جحيم لا يطاق, أصبح هم المواطن في كيفية الاستمرار بالعيش فقط, وتحولت الكهرباء الى أداة لإذلال الشعب العراقي, عبر منع وصولها للناس, فيصبح المواطن في دوامة التفكير الدائم في كيفية الحصول على الكهرباء, وفي طريقة الحصول على المال للدفع للمولدات الأهلية, ولا يجد الا شتم الأحزاب والحكومة والبرلمان, كتفريغ ما بداخله من عدم رضا عنهم, وتعبير عن سخطه على طريقة حكمهم, وخيبة أمله من غياب العدل في عراق أحزاب السوء والطبقة السياسية القذرة.

 

● نظام دكتاتوري بلباس ديمقراطي

نعم ان نظام الحكم الحالي يسلك سلوك الدكتاتورية, وهذا الطبقة السياسية التصقت بمراكز الدولة الحساسة, فلا يمكن إزالة الوجوه العفنة, ولا ينتج الا سفلة وفاسدين وشواذ, وقانون الانتخابات فصل على مقاساتهم, فهو يحمي وجودهم ويعطيهم الحق بالتواجد الدائم, والدين جمدوه ليجعلوا منه مظلة لحمايتهم وحفظ كياناتهم, وهذا هو بالضبط ما يفعله الطغاة.

إذن لم يبق لنا من النظام الديمقراطي الا اسمه, وأصبح من العسير قلع أحزاب السوء العراقية, لان قانون الانتخابات سوف يجبنها الخروج من أي انتخابات ستجري, ليست رؤية تشاؤمية بل هي حقيقة يجب الإفصاح عنها كنوع من التشخيص عسى ان يكون هنالك حل مستقبلي.

 

● مصادرة حق التظاهر

مع ارتفاع درجات الحرارة وانعدام الكهرباء, لم تجد الناس من فعل الا التظاهر كنوع من السخط على الإدارة الفاشلة للدولة, من قبل أحزاب سرطانية لا هم لها الا مكاسبها الخاصة, فتاتي الحكومة والأحزاب لتصادر هذا الحق, وتشوه صورة التظاهرات وتدعي ان مندسين سلبوا ونهبوا, ويصبح حديث قنوات الأحزاب فقط عن المندسين, كما فعلها صدام بالأمس حيث أطلق على الثوار كلمة الغوغائيين, حتى تناسى الإعلام الثورة وتحول الحديث فقط عن التخريب والغوغائيين.

كذلك اليوم مع ارتفاع وتيرة التظاهرات, والقسوة التي استخدمها النظام القمعي في العراق, حتى راح ضحيتها عشرات القتلى والجرحى, فإذا بالحكومة تدعي وجود مندسين! ثم يصبح حديث قنوات الأحزاب فقط عن المندسين, ولقد تابعت قنوات المسار والفرات والبينة وكل حديثها فقط عن المندسين, مع تهميش كامل للتظاهرات.

مع حملة اعتقالات كبيرة للناشطين والمتظاهرين, تحت تعتيم شديد, فألاهم حماية عروش الظالمين, هكذا يتم مصادرة حق التظاهر في دولة الديمقراطية المشوهة.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


اسعد عبدالله عبدعلي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2018/07/16



كتابة تعليق لموضوع : عندما تتحول الديمقراطية الى دكتاتورية
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net