صفحة الكاتب : حسين فرحان

عندما تمرض الحكومات
حسين فرحان

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

من الابتلاءات العظيمة التي تبتلى بها الشعوب أن يحكمها أشخاص يعانون من أمراض تجعلهم يسلكون أودية أخرى غير التي تسلكها مجتمعاتهم .
لست أتحدث عن مرض عضوي يصيب المسؤول فأنه بطبيعة الحال من سنخ البشر الذي لايسلم من عوارض العلل في بدنه لكنه حديث عن علل النفس وأمراضها وما لها من تأثير على الاداء الوظيفي الذي ينبغي أن يكون على أتم وجه وكما هو معهود في أنظمة وقوانين الدول التي تحترم شعوبها وكما هو مفروض وبديهي في عرف العقلاء .
قضية الاداء الحكومي العراقي المتردي قضية طال أمدها وقد يطول شرحها وبيان تفاصيلها بحكم كثرة الوقائع والحوادث لكنها اتخذت نمطا واحدا هو أن ( الأداء سيء ) رغم تعدد أشكاله وألوانه .
فالطبقةالسياسية والادارية الحاكمة التي تسنمت مقاليد الحكم بعد سقوط هبل العفالقة الى يومنا هذا لم تضع حجرا على حجر بل وضعت ساقا على ساق وهي تنظر الى وطن يتآكل ويتآكل دون أن تلفت الى ذلك منشغلة بالاستاذية والالقاب والامتيازات .
النتيجة هي ( الخراب ) والداء كما شخصته المرجعية الدينية العليا في كثير من مواطن التشخيص والتحليل في خطبها هو ( الفساد ) وبينت أن السبب هو ( المحاصصة والمصالح الشخصية وغيرها من مظاهر للجشع والطمع وحب السلطة ) .. 
المسؤول العراقي الفاسد يعيش أزمات ثقة متعددة في شخصيته دعته الى أن يرتكب الحماقة تلو الاخرى فيعجل في سقوطه وهو يحسب أنه يحسن صنعا .. فشخصيته تعيش واحدة من أزمات ثلاث تتعلق بالثقة ؛
- ألازمة الاولى التي يعاني منها هي انعدام ثقته بالله تعالى فتراه متوثبا لكل مغنم غير واثق بفضل الله لا يراعي حلالا ولا حراما فيما يكتسب فيكون همه أن يشبع أناه ويبني قصوره بين خرائب الشعب هذا أن كان يعد من ملة تراعي في مكسبها الحلال والحرام فلا تجد له ثقة برزق الله ولا بنصره ولا بثوابه فترى نتاج فعله ( الفساد ) .
- ألازمة الثانية هي أزمة الثقة بالنفس وهذه الأزمة إنما برزت في هؤلاء المسؤولين والقادة نتيجة زجهم وفق قاعدة المحاصصة اللعينة التي لاتراعي كفاءة ولا خبرة ولا دراية بما يوكل اليه من مهام ومع هذه المثالب لايمكن له أن يثق بأدائه وفي ذات الوقت لاتطاوعه نفسه ترك هذا المنصب وخسارة امتيازاته فيعيش حالة المكابرة فهو بين أمرين إما أن يسير عمله باجتهاد شخصي أو أن يعطل العمل خيفة الفشل وكلا الامرين بنفس الدرجة من السوء لينتج ايضا عن هذه الأزمة ( الفساد ) .
- ألازمة الثالثة هي انعدام ثقة هؤلاء المتصدين بالآخرين سواء على المستوى السياسي أو الاجتماعي فتراهم يخالفون لمجرد المخالفة وتخالجهم مشاعر الخوف والقلق ويتقوقعون ضمن منظوماتهم السياسية التي جائت بهم فلا ترى - نتيجة ذلك - سوى رؤى ضيقة للواقع وأداء مرتبك حذر ونتيجة هذه الازمة ايضا ( الفساد ) .
لم يدرك هؤلاء أن الثقة بالله تدرأ عنهم شرور أنفسهم ( ولاتكلني الى نفسي طرفة عين أبدا ) ولم يدركوا أن الثقة بالنفس أمر ممدوح بشرط تحقق القدرة لا بالكذب والتدليس والادعاء .. ولم يدركوا أن الثقة بالآخرين مطلوبة وبما يتناسب مع حالة التعايش مع الآخر ولو بشكل نسبي لايقع معه الضرر فقد ورد عن الباقر عليه السلام (  صلاح شأن جميع الناس التعايش والتعاشر، وهو مِلْءُ مِكيال : ثلثاه فطنة ، وثلثه تغافل ).. 
لم يدرك هؤلاء أن الثقة بالله تعالى هي عين التوكل .. قال الصادق عليه السلام: «إنّ الغنى والعز يجولان، فاذا ظفرا بموضع التوكل أوطنا» .
الوضع المأساوي الذي يعيشه الشعب العراقي ماهو الا نتيجة طبيعية لصراعات قوى إقليمية وتنافس ومؤامرات غايتها النفوذ والسلطة والمال ، عمدنا الى ترك الحديث عنها وتوجهنا الى الحديث عن علل المسؤولين وأمراضهم النفسية فلو كانوا في حل منها لما مرت المؤامرات من تحت أقدامهم ولم يصبحوا أداة بيد الآخرين لهدم بلدهم .
عندما يمرض المسؤول تمرض الحكومات فيعم الفساد ، ومرض المسؤول مرض النفس لامرض الجسد .
( فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا ۖ ... ) .


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


حسين فرحان
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2018/09/13



كتابة تعليق لموضوع : عندما تمرض الحكومات
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net