خطباء حلّيون (الحلقة الثالثة) الشَّيخ محمَّد الشّهيِّب الحلِّي
د . سعد الحداد
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
د . سعد الحداد
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
الشَّيخ محمَّد ابن الشَّيخ عبد الحسين ابن الشَّيخ شهاب الدين (شهيّب) بن عبيد بن أَحمد بن حسن الكلابيّ.
ولد في محلة الطَّاق في الحلَّة في النِّصف الثاني من القرن التاسع عشر الميلادي, نشأَ في أُسرة عريقة جمعت بين الأَدب ومهنة الخطابة , فوالده الخطيب الشَّيخ عبد الحسين, وعمّه الخطيب الشَّيخ محمَّد رضا, وجده الخطيب الشَّيخ شهاب الدين (شهيّب), كلّهم خطباءٌ بارزونَ في عصورهم . وقد سار على نهجهم في الخطابة .
وكان رحمه الله ( وعظَ الناسَ , وتحدَّثَ اليهم عن السِّيرة النبويّة الشَّريفة, وأَيام الراشدين, وعن كثير من أَحوال الأَمويينَ والعباسيينَ , وعن نسبِ الرَّسول الكريم ( صلَّى الله عليه وآله ) وماروي عن آبائه الطاهرين , وروى الكثير من خطب الإمام عليّ (ع) متخلِّصاً من ذلك كلّه الى رثاء الحسين (ع)).
ارتقى المنبر الحسيني قرابة الثمانين عاماً , وقد وصفه الشَّيخ اليعقوبي بـ(خطيب الفيحاء) . ونعته السيد الخطيب قاسم الموسوي بــ(الشَّيخ الفاضل والخطيب المفوَّه الشَّيخ محمَّد آل الشَّيخ عبد الحسين خطيب الفيحاء).
وكان شاعراً مقلّا , وله ديوانُ شعرٍ بحكم المفقود اليوم . وقد تفجّرَت شاعريته على الخصوص في أَثناء حجِّه سنة 1332 للهجرة , حين كان يرسل البرقيات شعراً , ويتلقَّى في الغالب أَجوبتها شعراً.
وله مع السيد محمَّد القزوينيّ صحبة ومراسلات شعرية من الشام وغيرها , ومن مراسلاتهما أَن ارسل السيد القزوينيّ للشيخ برقية من الدَّير يقول فيها :
في (الدَّير) شوقي تَجددْ
لذي المَعالي محمَّد
فكادَ لابنِ أَخيه
شَوقاً فؤاديَ يَنقَدْ
فأَجابه السيد محمَّد القزوينيّ :
مَدَدتُ الطَّرفَ نحوَ الشامِ شَوقاً
وزادَ لِذكرها شّغّفي وحبِّي
غَداةَ (محمَّد) قد حلَّ فيها
( وماحبُّ الديارِ شّغفنَ قلبي)
ومن شعره ماكتبه الى أَبي المعزِّ السيد محمَّد القزوينيّ عند توجّهه من الحلَّة الى بغداد :
الى الجَوادينِ رَحلنا وفي
عزِّهمَا لُذنَا بكهفينِ
إنْ فازَ مَنْ لاذَ بكهفٍ فقد
لُذنَا بكهفينِ مَنيعينِ
فأجابه السيِّد القزوينيّ:
فزتَ بأَلطافِ الإمامينِ
مُستَمطِراً لِلُطفِ غيثينِ
مَنْ أَمَّ بابَ الجودِ نالَ المُنى
فكيفَ منْ قد أَمَّ بابينِ؟
يقول ولده الدكتور البصير: تزوَّج أَبي أَربع نساء, أَولاهنَّ والدتي التي أَعقبت منه عشرة أطفال ذكوراً وإناثاً. ولم يبقَ منهم الآن سوى ثلاثة, أَنا أَكبرهم. وعندما وضعت أُمي طفلها العاشر وكانت أَسنَّت وذوت نضرتها تزوَّج امرأة شابة لم تعش معه سوى أَعوام قليلة. فلمَّا توفيت تزوَّج شقيقتها وكانت في الثانية عشرة من عمرها ولم تعش معه سوى أعوام قليلة . وقد رزق من كل منها طفلة توفيت احداهما ومازالت الاخرى على قيد الحياة, وهي أُمّ عدد لابأَس به من البنين والبنات . وعندما توفيت زوجة أَبي الثالثة تزوَّج امراته الرابعة التي رزق منها أَربعة بنين وأَربع بنات ..... ).
ذهبَ بصرُ الشيخ محمَّد وعيلَ صبرهُ , بسبب وفاة ولده الخطيب الشَّيخ حسين الشهيّب الذي توفي سنة 1370هـ/1950م بالسكتة القلبية، فحمل نعشه الى النجف ودفن فيها، وجزع أَبوه لفقده جزعاً شديداً .
وتوفي الشَّيخ محمَّد سنة 1382ه الموافق في 13/ تموز/ 1962م. وقد جاوز المئة في الحساب الهجري وأكمل الثامنة والتسعين في الحساب الميلادي. وأُقيم له مجلس عزاء وحفل تأبين , وممن رثاه ابن عمِّه الخطيب الشَّيخ عبد الشهيد بن الشَّيخ محمَّد رضا بن الشَّيخ شهيِّب ومطلعها :
قُمْ نادِ في نادي الفطاحلْ
لكمُ العزاءُ بخير راحلْ
ومن أَشهر أَولاده الدكتور محمَّد مهدي البصير المتوفى سنة 1974م .
من مصادر دراسته:
البابليات 4/180, السياسيون المنفيون الى هنجام 64- 66, طروس الإنشاء 101و109, معجم خطباء الحلَّة للكاتب (خ).
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat