صفحة الكاتب : ثامر الحجامي

العراق يدشن طريق الحرير
ثامر الحجامي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

عوامل كثيرة منعت العراق من أخذ دوره الريادي في المنطقة، أبرزها يعود الى مخلفات النظام السابق، وحجم المشاكل الكبيرة التي تركها مع دول الجوار كافة، لاسيما الجارة الشرقية إيران ودولة الكويت والحرب الشعواء التي أضطرت المنطقة برمتها، حيث أصبح العراق معزولا عن محيطه الإقليمي والدولي لسنين عديدة، ثم طبيعة النظام السياسي الجديد بعد عام 2003 ونظرة الدول المجاورة إليه.

رافق النظام السياسي الجديد مشاكل عدة منعت العراق من أخذ دوره المؤثر في المنطقة والعالم، فملامح الفشل السياسي كانت واضحة منذ البداية على الأداء الحكومي، بسبب التدافع بين الكتل السياسية، والصراع فيما بينها حول تقسيم مغانم السلطة، الأمر الذي أدى الى إستعانة الكثير من الفصائل السياسية بالأذرع الخارجية والإستقواء بها، وهو ما ولد صراعا طائفيا إمتد لسنين عدة، جعل العراق ساحة للصراع الإقليمي.

هذا الأمر جعل حالة الصراع محتدمة بين أضلاع المثلث المحيطة بالعراق، تركيا، إيران، السعودية، إضافة الى القوى الخارجية الكبرى، التي جعلت من العراق حلبة " للعبة الموت " والشعب العراقي وقودا لها، كاد أن ينتج عن هذا الصراع تغيير الطبيعة الديموغرافية للمنطقة، لولا تمكن العراق من الوقوف على قدميه بفعل قواه الشعبية، وتحقيقه الإنتصار الأبرز على الإرهاب.

خرج العراق كأنه عنقاء تحترق وتعود من جديد، أصلب عودا وأكثر تلاحما، وهو ما أنعكس على التركيبة السياسية في حكومة 2018، التي غادرت الأنماط الطائفية القديمة وإرتدت حلة وطنية، بإمكانها أن تكون مرتكزا لفرض السلام في المنطقة برمتها، وترسم خريطة سياسية وإقتصادية جديدة، إذا ما توفرت النوايا الحسنة، والطرف الجامع لكل الفرقاء المقرب لوجهات النظر ومحل ثقة الجميع.

حملت زيارة الرئيس العراقي الجديد برهم صالح الى دول المنطقة رسائل متعددة، وإن غلب عليها الطابع الإقتصادي والإستثماري، وبالتأكيد هذين العاملين؛ سيكون تأثيرهما كبير على مغادرة دول المنطقة النبرة الطائفية السابقة، وتحسن الوضع الإقتصادي في العراق، الذي يعاني من قلة فرص الاستثمار وعدم توفر الخدمات، وتهدئة الاحتجاجات التي تشهدها الساحة العراقية.

لاشك أن دول المنطقة تنظر للعراق على أنه سوق كبير، نتيجة للنمو السكاني والإقتصادي الهائل في العراق، إضافة الى موقعه الإستراتيجي الذي يجعله جسرا يربط دول المنطقة، وهذا كان واضحا في زيارة صالح لدولة الإمارات ودولة الكويت والأردن، ولأن العراق يجب أن يكون ساحة للتلاقي وليس ميدانا للصراعات، كانت هذه رسالة السيد برهم في زيارته الى الجمهورية الإسلامية الإيرانية.

إن طبيعة النظام العراقي الجديد، تفرض عليه أن يكون منفتحا على الجميع، بناء على المصالح المتبادلة بين الطرفين، ومدى إحترام الآخرين لسيادة العراق وطبيعته الإجتماعية والسياسية، وهذا ما حملته زيارة الرئيس العراقي الى المملكة العربية السعودية، فكلا البلدين يشهدان تغييرا في تعاملهما السياسي في المنطقة، والتركيبة السياسية فيهما غادرت النبرة الطائفية السابقة، إضافة الى أن العراق ربما لن يكون ممرا بريا بين السعودية وإيران فقط، وإنما ممكن أن يكون سياسيا أيضا.

يبدو أن العراق قد بدأ بتدشين طريق الحرير، راسما صورة جديدة للمنطقة، تختلف عما شهدناه بعد عام 2003، ولن يتحقق ذلك إلا بوجود حكومة قوية، تمتلك رؤية واضحة لعلاقتها بالمحيط الإقليمي، بعيدة عن صراع المحاور الدولية، يدعمها برلمان متفق على مضامين العلاقة، وتنال ثقة الشعب الراغب بقطف ثمار النجاح.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


ثامر الحجامي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2018/11/21



كتابة تعليق لموضوع : العراق يدشن طريق الحرير
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net