صفحة الكاتب : عباس البخاتي

تسوية من نوع آخر
عباس البخاتي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

يوما بعد آخر تثبت الطبقة السياسية، ومن خلال الأداء السلبي أنها على درجة عالية من التفكير السطحي، وأنها ماضية بالبلد نحو الانحدار .

كثيرة هي المصاديق التي تؤكد ما سبق ، ولا تعد مبالغة في الوصف أن أقر بصعوبة حصر دلائل التخبط والعشوائية وإنعدام الرؤية الثاقبة لدى أغلب المسميات .

يأتي اتفاق بعض الكتل البرلمانية على شخص رئيس الوزراء في طليعة النماذج السلبية المشار إليها .

قد يفهم البعض أن هنالك تناقضا في الطرح، إلا أن الأمر ليس كذلك، إذ كيف يمكن وصف اتفاق بين كتل سياسية متباينة ايدلوجيا على مرشح لرئاسة الوزراء بأنه انحدارا في الأداء السياسي للنخب المتصدرة للمشهد السياسي في العراق ؟

إن العودة بالذاكرة إلى الأحداث السابقة انتخابيا وسياسيا كفيلة بزوال الاعتراض على الوصف الذي ذكر آنفا .

الكل يعلم كيف أن تلك الكيانات سعت جاهدة إلى أبعاد كثير من الشخصيات عن واجهة المشهد السياسي، وخططت للحيلولة دون وصول الكفاءات الوطنية للمواقع المناسبة في إدارة البلد .

إن الواقع يفرض قناعة راسخة مفادها أن تلك الكفاءات لو قيض لها إدارة الأمور لربما أصبح حال البلد أفضل مما هو عليه الآن .

من بين تلك الأسماء ولعله أبرزها هو شخص السيد رئيس الوزراء الحالي، الذي همش سابقا وابعد على أيدي من أتفق عليه لاحقا !

كما هو معروف أن الأمر تم بناء على مصالح خاصة وتدخلات خارجية، بالرغم من محاولة الجهة التي طرحت إسمه سابقا تمكينه لما تعرفه عن الرجل وهي على دراية تامة بمؤهلاته السياسية والاقتصادية، كذلك يوجد لديها تصور واسع عن حالة الوضع داخليا وخارجيا أن تم تمريره لرئاسة الوزراء .

إن الديمقراطية التي يعيشها العراق، تتطلب وعيا شعبيا يأخذ دورا مهما في رسم ملامح المشهد السياسي .

عند غياب الوعي الجماهيري، تصبح لغة الشعارات معيارا في منح الثقة وهو ما حصل فعلا، حيث سهل هذا الأمر للعديد من الجهات الوصول إلى مصدر القرار بناء على شعارات تناغم مشاعر شريحة واسعة من الشعب، لكنها بعيدة عن الواقع لاستحالة تطبيقها .

إن إثارة العواطف باتجاه طائفي أحيانا وقومي أحيانا أخرى كفيل بالحصول على تمثيل برلماني واسع، وهذا ما حدث في أغلب الممارسات الانتخابية السابقة، لكن كل ما أثير من صخب، تلاشى بعد إعلان النتائج ،كون طبيعة الحجم الانتخابي تفرض على الجميع ضرورة التفاهم مع البعض من أجل الحصول على الاستحقاق المنشود .

أمام هكذا مشهد يفترض بالرأي العام إعادة النظر في منح ثقته لهذا المسمى أو ذاك .

من غير المعقول وبعد كل ذلك الضجيج والتخوين والاتهام، وإن كان أغلبه واقعيا أن يصبح الإرهابي ومن يقال فيه ممولا لداعش حليفا استراتيجيا ورمزا يشار إليه بالبنان ويثني البعض على دوره الإيجابي في العملية السياسية ! والأدهى من ذلك حين يكون حليفه من قاتل الدواعش ويعد هذا شرفا له دون غيره .

غريبة هي أطوار السياسة التي يقال عنها فن الممكن، لكن أن تصل الأمور لهذا الحد من الوقاحة ويؤخذ الانفصالي بالاحضان ويفرش له السجاد الأحمر، بعد ان كان سارقا للنفط وعميلا لإسرائيل واحد أركان التآمر على سقوط الموصل .

بعد كل نجد أنه ليس من الإنصاف أن يقع اللوم على الطبقة السياسية التي اتخذت من الخنوع في تعاملها، بقدر ما يتحمل المجتمع مسؤوليته ودوره في إيصال من هم احرص على كرامته أولا وموارده وسيادته ثانيا .

إن ما جرى بعد الانتخابات من صورة تعكس( الوئام الشكلي ) بين خصماء الأمس، ينبئ بأن الزوبعة الإعلامية التي أثيرت حول معظم المبادرات التي أطلقت من قبل جهة محددة وأساليب الرفض التي جوبهت بها، أن هي إلا محاولة للنيل من تلك الجهة، بالرغم من أنها وضعت الهم العراقي في حساباتها ومعروف عنها تعاملها مع الشريك من موقع القوي الذي يفرض شروطه وليس موقع الضعيف الذي يستجدي الدعم من غريم الأمس بغية الحصول على منصب لا يعادل قطرة من دم الشهيد أو صرخة يتيم، فهل تم استيعاب الدرس لاستعادة الوعي بعيدا عن الولاءات التي ذبح الوطن على اعتابها ؟.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


عباس البخاتي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2018/11/25



كتابة تعليق لموضوع : تسوية من نوع آخر
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net