صفحة الكاتب : رياض العبيدي

من وحي الكلمات القصار
رياض العبيدي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 مما لاشك فيه أن الخط الإسلامي خط مستقيم لا انحراف فيه وان انحرفت عنه بعض الأسماء التي قدمت نفسها قيادات إسلامية في مراحل مختلفة فذلك لا يعني أن نسمح للغير بالنظر إلى الإسلام وحكمه وقيادته للأمة من زاوية رؤيته الضيقة على الرغم من هزيمة الأمة وانكسارها بسبب من اتخذ الخطاب الإسلامي ذريعة للوصول إلى تحقيق مآربه الشخصية وبسبب من يريد عن قصد أو عن دون قصد تشويه صورة الإسلام الناصع وهنا لا نريد أن نسهب في التحديات التي تواجه الحركات الإسلامية وطبيعة قياداتها وغياب الهدف والغاية لكن وبمجرد أن نعود إلى سيرة الإمام علي (ع) وقيادته للأمة وكيف استطاع الإسلام أن يقدم الحاكم الإسلامي الأروع والنموذج الفذ للحكم الذي نباهي به الأمم على مر التاريخ فذلك كفيل بإعادة الثقة بالإسلام وما قدم للإنسانية من دستور عادل ما أن تمسكت الأمة به فلن تظل أبدا . لقد وقفت ومن خلال كتاب (الكلمات القصيرة ) للشهيد آية الله العظمى السيد محمد باقر الصدر على واحدة من جملة كلماته القصيرة الخالدة التي تعبر عن فكره الوهاج وعلمه وورعه فكانت كلمة قصيرة بمفرداتها ولكنها كبيرة وواسعة في هدفها وفلسفتها وعميقة وبليغة في دروسها ومعانيها فقد قال قدس سره : (إن ثورة الأنبياء لم تضع مستغلا جديدا في موضع مستغل سابق ولا شكلا من الطغيان بديلا عن شكل آخر لأنها في الوقت الذي حررت فيه الإنسان من الاستغلال حررته من منابع الاستغلال في نفسه وغيرت من نظرته إلى الكون والحياة )وفي ذات السياق يقول (لن تكون عملية الاستبدال الثوري على يد الأنبياء كما استبدل الإقطاعي بالرأسمالي أو الرأسمالي بالبروليتاريا أي مجرد تغيير لمواقع الاستغلال وإنما هي تصفية نهائية للاستغلال ولكل ألوان الظلم البشري )،وجدت في هذه الكلمات القصار إشارة لهذه المرحلة من عمر الشعب العراقي الذي طالما تطلع للتغيير الحقيقي وهو يعيش صراعا مريرا امتد لخمسة وثلاثين عاما مع نظام دكتاتوري مجرم وربما اغلب الشعب كان يتأمل من الحركات الإسلامية قيادة الأمة بعد الخلاص من المقبور صدام ،ولطالما رفع الشعب العراقي في زمن نظام البعث شعارات إسلامية صريحة وبقناعة مطلقة مفادها أن حكومة الإسلام هي حكومة العدل والحق والقسط لذلك كان ينتظر البديل الحقيقي للدكتاتورية . إن المؤلم في الأمر أن الشعب العراقي اليوم وبسبب انحراف بعض الزعامات التي قدمت نفسها للشعب على إنها إسلامية قد عكست الوجه المشوه للإسلام على عكس ما قدم أهل البيت الذين عكسوا للأمة الوجه المشرق والمشرف للرسالة الإسلامية كما استطاعوا أن يؤكدوا عمليا كما أشار السيد الصدر على الاستمرار المطابق بين الرسالة والحكم الواقع حيث خرج الإسلام على مستوى النظرية سليما من الانحراف وان تشوهت معالم التطبيق ،لذلك نحن ومنذ عام 2003 وتحرير العراق من نظام الدكتاتورية الصدامية وحتى يومنا هذا نعيش كشعب عراقي نوعا من الانكسار والانهزام النفسي واخص بذلك الثوار الذين حملوا مشاعل الثورات ضد البعث ونادوا لحكومة إسلامية تحقق شيئا من العدالة والحق . لقد ضرب الشهيد الصدر (قدس سره )بالإمام علي (عليه السلام )مثلا في القائد والحاكم الإسلامي الذي قدمه الإسلام نموذجا للرسالة ليقول للبشرية أن انحراف من يقدم نفسه حاكما إسلاميا هو بكل تأكيد لا يعني انحراف الإسلام الثابت فان من يخون الأمانة والقضية لا يعني أن نغير القضية بقدر ما يجب تغيير اللاعب فيها وما دعاة الإسلام اليوم إلا خونة للرسالة والأمانة التي حملتهم الأمة بها فأمامنا علي بن أبي طالب (عليه السلام )حين هاجر عن مكة واخرج قسرا عن بيته وحين عاد منتصرا فاتحا لدياره بعد عشرين عاما من الغربة والجهاد فانه عاد لذلك البيت العتيق ولم يبحث لنفسه عن قصر بل تمسك بالبيت الذي قال فيه اشهد أن لا آله إلا الله وان محمدا عبده ورسوله ،وفي هذا المجال قال السيد محمد باقر الصدر ربما قبل(٣٥)عاما وكأنه كان يريد أن يوجه خطابه للدعاة في حال تسلمهم حكم البلاد والعباد فضرب بإمامة علي وعدل علي وأخلاقية علي عليه السلام مثلا حيث قال : )ليس الحكم في مفهوم علي عليه السلام عن الإسلام ذريعة من ذرائع الثراء المحرم والجاه العريض ولا أداة للقهر والغلبة والاستيلاء ولا وسيلة من وسائل التخمة والدعة وإشباع الحظوة والأنصار )ففي مفهوم الصدر أن حكومة الإسلام هي حكومة العدل والحق والقسط فإذا قامت على أساس الجور فقدت معناها الإسلامي الذي هو كل قيمتها في نظر علي عليه السلام العظيم وكما انه يفهم علي من خلال القول التالي (افهم الأمام عليا عليه السلام انه آخر من ينبغي أن يشبع في رعيته وليس أول من يشبع الحاكم كما يريد المتأولون والمنحرفون من خصومه السياسيين ). لقد كانت تحديات الإسلامي العراقي حكم الدكتاتور وحربه ومحاولة إخماده جذوة الإسلام ولكن إرادة الله فوق إرادة الطواغيت واليوم أسفا نجد التحديات أكثر ألما وخطورة بسبب انحراف بعض قادة الحركات الإسلامية وإذا كان هناك أمل بصحوة إسلامية فاليوم هناك خيبة أمل لان هذه الحركات فشلت في أن تقدم لجمهور المسلمين في العراق قدوة صالحة مقنعة بعملها تجعلهم يحسنون الظن بهم وتطمئن لهم القلوب ،فهم اليوم ليس كما كان الشعب يعتقد بزهدهم وعدالتهم وصدق قولهم فسمة الدعوة الإسلامية بكل أشكالها ومسمياتها الصدق والوفاء والحياء والزهد فإذا استغرقت الدنيا الداعية فأصبح همه الجمع والمنع وبناء القصور وحينها يصبح حديثه باردا غثا عن الزهد ومعانيه فلن يجد أذنا تسمع بل سيجد اتهامات وتغامز له ما يبرره وهذا ما نجده اليوم من اتهام لأغلب رموز الحركات الإسلامية اللاعبة في الساحة السياسية العراقية . واختم مقالتي لمن خان الأمانة والأمة بقول الشهيد الصدر الأول (كان من مصلحة فرعون على مر التاريخ أن يغمض عيون الناس ،وأن يحول الواقع الذي يعيشه مع الناس إلى مطلق ،إلى اله ،إلى مثل أعلى لا يمكن تجاوزه ،يحاول أن يحبس وأن يضع كل الأمة في إطار نظرته هو،في إطار وجوده هو ،لكي لا يمكن لهذه الأمة أن تفتش عن مثل أعلى ينقلها من الحاضر إلى المستقبل)


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


رياض العبيدي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2018/12/04



كتابة تعليق لموضوع : من وحي الكلمات القصار
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net