صفحة الكاتب : ثامر الحجامي

النوايا الطيبة وحدها لا تكفي
ثامر الحجامي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

جاء أعرابي الى رسول الله ( صلوات الله عليه وآله ) معلنا إسلامه، معاهدا إياه على الطاعة والنصرة، طالبا أن يسمح له بالخروج للقتال والجهاد معه، وبعد الإنتصار في غزوة خيبر تقاسم المسلمون الغنائم، فرفض هذا الأعرابي أخذ نصيبه مِنها، وعندما سأله الرسول عن السبب أجاب بأنه لم يخرج من أجل الغنائم وإنما طلبا للشهادة.

رد النبي عليه قائلا : " إن تصدق مع الله يصدقك الله "، أي إن كنت صادقا مع ربك فيما تتمنى، وإتبعت أمنياتك بعمل يثبت ذلك، فإن الله سيعطيك منيتك بمشيئته، وفعلا خرج الأعرابي الى القتال مرة أخرى فقاتل وأستشهد، فأتوا به الى الرسول الأكرم فقال عنه : صدق الله فصدقه، فصلى عليه وشيعه ودعا له، بعد أن قدم مثالا واضحا على صدق النية المقترن بالعمل الصادق، فنال ما يريد.

إتفق أغلب العراقيون على شخصية رئيس مجلس الوزراء، بأنه إنسان طيب ترابي، يتمتع بشخصية محببة، بعيدة عن التكبر وأجواء الفخامة التي يوفرها منصبه، يحاول أن يكون قريبا من الطبقة الفقيرة، ويكسر الحواجز التي تمنعه من التواصل مع البسطاء، وهذا ما شهدناه عند خروجه في ساعات الفجر الأولى وهو يزور علوة الرشيد لبيع الفواكه والخضر، أو عند زيارته لمنطقة الحسينية وجلوسه منفردا في خيمة المحتجين المطالبين بتوفير الخدمات، بل إن البعض أعاب عليه تسجيله الملاحظات بنفسه في دفتر خاص به! معتبرين الأمر مخالفا للبروتوكولات الرسمية.

عبد المهدي أعطى نموذجا مخالفا، لما إعتاد العراقيون مشاهدته في مواكب المسؤولين، التي تتكون من عشرات السيارات المصفحة ومئات الحراس المدججين بالسلاح، وعشرات الأشخاص الذين يرتدون البزات الرسمية ويضعون النظارات السوداء يتلفتون يمينا وشمالا، يبعدون من يحاول الإقتراب من دولة الرئيس، الذي يعتلي المنصة محدثا الحاضرين بإنجازات وهمية، أو متبجحا بزيادة ثلاثة آلاف دينار على مبلغ الحصة التموينية، أو مدعيا أن " البعض " يحاول عرقلة مسيرته الجهادية.

غير السيد عبد المهدي من أسلوب رئيس مجلس الوزراء شعبيا وإعلاميا، وهذا ما يلاحظ من تعامله مع شرائح المجتمع المختلفة، أو من خلال خطابه الإعلامي البعيد عن التشنجات، الدقيق في ألفاظه وطرحه للقضايا العراقية، وهو بذلك يعطي برهانا عن صدق النوايا التي يتبناها عبد المهدي، في إدارته لمجلس الوزراء، محاولا إعطاء صورة مختلفة عن المراحل السابقة، بعيدا عن الشخصية الأرستقراطية التي كان يعتقد البعض أنها ستكون صفة رئيس مجلس الوزراء الجديد، سيما إنه عاش بيئة إجتماعية، وظروف حياته وعمله السياسي السابق، تجعله يتصرف كسابقيه.

كل ذلك لا يعني الشارع العراقي، الذي ينتظر يدا قوية تنتشله مما هو فيه، من مشاكل إقتصادية وبطالة في صفوف شبابه، وتدهور في مستوى الخدمات المقدمة ، وقرارات حازمة تلامس إحتياجاته المهمة، التي عجزت عن الإيفاء بها الحكومات السابقة، لاسيما في قطاع الكهرباء والخدمات، وشخصية شجاعة تحطم قلاع الفساد، تقطع أيادي المفسدين الذي نهبوا وأهدروا أموال البلاد وأفقروا العباد، لا تساوم على مصالح الوطن، وترهن ثرواته وفقا لمصالحها الحزبية، بعيدة عن الإملاءات الخارجية التي تهدد وحدة الوطن وتفرق بين أبنائه.

ما لم يتحقق أنجاز على الأرض يلامس طموح المواطن، فستبقى النوايا الطيبة حبيسة في صدور أصحابها، لا تغني ولا تسمن من جوع، وعلى عبد المهدي أن يثبت صدق نواياه، ويحولها الى مشاريع نجاح على أرض الواقع


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


ثامر الحجامي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2018/12/31



كتابة تعليق لموضوع : النوايا الطيبة وحدها لا تكفي
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net