صفحة الكاتب : الشيخ ليث الكربلائي

المفهوم الآخر للفقر!
الشيخ ليث الكربلائي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

كلّما كان الانسان أغنى وفق المقاييس المتعارفة كان أشد فقرا وفاقةً الى الله تعالى وفق المقاييس الحقيقية وبيان ذلك: ان الفقر هو الحاجة وهي في حقيقتها نسبة بين ثلاثة أطراف (المحتاج ،المحتاج إليه ،متعلق الحاجة) والمخلوقات هي عين الفقر نظرا الى أنها بذاتها فاقدة لكل شيء وكل ما عندها من نِعَمٍ انما هو مُفَاضٌ عليها من الخارج (من قبل الله تعالى) .
وبين النعم والفقر في كفة الميزان الواقعي علاقة طردية وليس عكسية كما قد يُتوهم فكلما ازدادت النعم والعطايا الموهوبة للانسان ازداد معها فقره .
ولتتصور ذلك انظر لو منحك أحد التجار وظيفة في متجره تدِّر عليك ما يكفي لحياة كريمة ستجد نفسك وفق المقاييس العرفية في حاجة دائمة لذلك التاجر ما دام بإمكانه ابعادك عن الوظيفة في اية لحظة.. ووجه حاجتك له في الحقيقة هو حاجتك لدوام تفضله عليك بمنحك الوظيفة وهكذا كلما ازدادت اياديه ونعمه عليك ازداد فقرك وحاجتك إليه 
بعد ذلك اعتقد انه قد اتضح المغزى فإذا كان الكلام عن الله تعالى الذي هو في الواقع الواهب الحقيقي لجميع النعم التي نتمتع بها سواء النعم المادية او الكمالات النفسانية ينبغي ان يكون بأزاء ذلك فقر يوازيه طرديا ،فعلى وفق القانون المتقدم كلما ازدادت نعم الله على الانسان ازداد فقره وحاجته لله سبحانه وفي هذا يقول المرجع العظيم السيد حسين البروجردي قدس سره: "العامة يرون أن الفاقد للشيء مصداق أظهر للفقر من الواجد له والحال أن الأمر بالعكس" ولا شك انه قدس سره يعني من الواجد هنا الواجد للكمالات بالغير اما الواجد لها بالذات فهو خارج تخصصا عن محل الكلام كما لا يخفى .
وهذا المعنى للفقر هو المقصود في الحديث المروي عن النبي ص "الفقر فخري وبه أفتخر على سائر الانبياء" فليس المراد به الفقر المادي بمفهومه المتعارف لأن ما بين ايدينا من نصوص التاريخ يشير الى ان هناك من سائر الانبياء من هو اشد فقرا من جهة المال حيث لا يجد بعض الانبياء طعاما غير حشائش البيداء يقتات عليها يوما بعد آخر ،انما المقصود في الحديث انه ص افقر الناس الى الله تعالى من جهة انه أكمل الناس .
هذا المعنى من الفقر قد يستشعره الانسان وقد يغفل عنه لانشغاله بعالم المادة ولتصوره بأن ما يتنعم به من نعم لا سيما نعمة الوجود هي ملكه !! ولكن يبقى في حقيقة الامر ان مثل هذا الخيال الواسع لن يغير من الواقع شيئا .


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


الشيخ ليث الكربلائي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2019/02/04



كتابة تعليق لموضوع : المفهوم الآخر للفقر!
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net