في صراع الحضارات وحواراتها لماذا التسامح اولا...؟
د . ماجد اسد
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
د . ماجد اسد

اذا كان التاريخ يسمح لنا بمقاربة وبمقرنات مابين محركاته العميقة أو اللا مرئيّة وبين مايحدث من وقائع فوق الارض وتخص الأرواح البشرية فأنها مقاربة ومقارنة لن تستبعد تداخل عوامل الصراع والتناحر وبين عوامل الهدنة والتسامح والحوارات العميقة وكل ما سيشكل صيرورتها في الأخير .
وإذا كانت واحدة من مهمات التاريخ تعمل على إسدال الستار على مسرح الاشتباكات بعد رصدها وتأثيراتها في الأسفار فأن شيئا ما في تاريخ الحضارات يمتد ليغادر صمته مرة بعد اخرى بلقاءات وبتصادمات تؤدي آلى تشكيلات قائمة على هذه العناصر وعلى محركاتها في الأساس .
وَإِذَا كانت النتائج التاريخية للاختلاط الحضري كما يرى احد كتاب أوربا ( إيمانويل أدلر ) في إطار الطرق الملتوية التي تبقى تعمل بصفتها ( خصبا ، خلاقا ) كما ظهر ذلك في مكتبات قرطبة وطليطلة حيث كانت العربية هي اللغة العالمية المشتركة بين مكوناتها الثلاثة الاساسية فأن هذا المبدأ يؤكد مدى اثر النصوص الكلاسية اليونانية التي ترجمها العباسيون من العالم القديم الى العالم الجديد في الفنون والفلسفة والبحوث الأكاديمية ازدهارا مالبث ان اصبح نقطة أو علامة مضيئة على طريق اللقاءات الحضارية المستقبلية .
فأن ذلك التاريخ ما كان ليتأسس بحسب المنطق وأنساقه المختلفة من غير توفر قدر معين من التسامح .. فالتاريخ ليس سلسلة تدميرات متواصلة وكأنها تبحث عن خاتمة تستبعد اَي مستوى معقول أو ضروري كحد أدنى في الحفاظ على الحياة وعلى كل فأن مشهد واقعنا الإقليمي والدولي الْيَوْمَ وانعكاساتهما على كل جزء من اجزاء العالم لا يبدو يعمل وفق هذا القدر المطلوب من إيقاف النزف والعنف حيث الخسائر تتصاعد ليس في الممتلكات والموارد بل في الأرواح وأخيرا في استبعاد المبدأ الذي ظهرت عبره الحضارات وازدهرت الا وهو مبدأ التسامح ووضع حد للنزف ومختلف أشكال العنف والتدمير وإلا فأن التاريخ سيتحول الى تاريخ نزاعات وتصفيات متبادلة وحروب متواصلة مما سيترك كراهية يصعب استبعادها أو إزاحتها عندما تترك اثارا كارثية في ذاكرة الشعوب .
انه التسامح الذي طالما وضع حدا لأية جهة ترو انها الوحيدة المسؤولة في إدارة المصائر البشرية للأمم والشعوب بعد ان برهن الزمن لد الحكماء بأستخدام العقل في إدارة مصالح الامم والمجموعات والافراد ان التسامح ليس وهنا أو ضعفا أو تنازلا عن حقوق وإنما على العكس رفعة ونسقا تتأسس عليه الحضارات بعد استبعاد التطرّف والأحادية واستذكار ان الحضارات لم تتأسس الا وفق الحوار والمصالح والمصائر المشتركة
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat