صفحة الكاتب : مصطفى الهادي

إثنان وثمانون إنجيلاً ، أين ذهبت؟ هل الأناجيل أربعة فقط؟
مصطفى الهادي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 يعلم البعض وحسب ما ورد في الإناجيل أن للسيد المسيح إثنا عشر تلميذا ــ حواريا ــ أرسلهم للتبليغ برسالته قبل رحيله (هؤلاء الإثنا عشر أرسلهم يسوع).(1) وكذلك قام بتعيين سبعين رسولا ارسلهم إلى العالم للتبشير برسالته. فإذا كان هؤلاء الإثنان والثمانون قد وزعهم السيد المسيح إلى كافة أنحاء العالم ، أليس من المنطقي ان يكون لدى كل واحد منهم نسخة من الانجيل كتبها باشراف السيد المسيح (ع) لكي يعتمد عليها في نشر دعوة المسيح؟ . 
اليس هذا منطقي. وإلا ، هل ارسل السيد المسيح هؤلاء الرسل إلى للتبليغ في كافة أنحاء العالم من دون مرجع يرجعون إليه يُعلّمونه للناس ويعتمدون عليه في نشر الدعوة .

فمن غير المنطقي أن ينحصر عدد الأناجيل في أربعة من تلاميذ السيد المسيح لا بل من غير المنطقي أن لا يكون لكل حواري إنجيلا خاص به ، فعندما طلب منهم الاستعداد للسفر طلب منهم ان يشتروا سيوفا ، ومن لم يملك ثمن سيف عليه ان يبيع ثوبه ويشتري سيفا.(2) أليس من المنطقي جدا أنه كما امرهم ان يحملوا السيوف يأمرهم كذلك ان يحملوا معهم نسخة من الإنجيل؟ فهل أمرهم أن ينشروا رسالته بالسيف أو بالكتاب المقدس؟

وكذلك نقرأ في الإنجيل في نصوص واضحة أن السيد المسيح حرص جدا على إرسال الرسل السبعين ومن قبلهم التلاميذ الإثنا عشر إلى كافة أنحاء العالم لتبليغ رسالته كما نقرأ : (وبعد ذلك عين الرب سبعين آخرين أيضا، وأرسلهم اثنين اثنين ..إلى كل مدينة وموضع ها أنا أرسلكم مثل حملان بين ذئاب الذي يسمع منكم يسمع مني، والذي يرذلكم يرذلني، والذي يرذلني يرذل الذي أرسلني).(3) وقول السيد المسيح (الذي يسمع منكم يسمع مني) يدل على أنه اعطاهم شيئا مكتوبا يقرأونه على الناس ، وإلا كيف سيؤمن الناس بسفير لا يحمل معهُ شهادة سفارته ؟

فليس من المنطقي أن من بين إثنين وثمانين رسولا وحواريا يكتب فقط لأربعة منهم وهي الاناجيل الموجودة حاليا.فأين ذهبت عشرات الأناجيل وما هي قصة اختفاء الأناجيل الأخرى؟ هذا إذا قرأنا أن هناك وصية للرسل الذين ارسلهم المسيح بأن يتم التبليغ اولا بالإنجيل كما نقرأ (وينبغي أن يكرز أولا بالإنجيل في جميع الأمم).(4)

وهناك ما يؤكد أن الإنجيل كان مكتوبا كما نقرا قول يوحنا : (وآيات أخر كثيرة لم تكتب في هذا الكتاب). (5) فهذه شهادة من يوحنا بأنهم كتبوا الكتاب ولكنهم قصّروا في أداء الأمانة حيث لم يكتبوا كل ما قاله السيد المسيح. ولذلك نرى فيلبس عندما يبدأ بالكلام في المنطقة التي يصل لها للتبليغ يقرأ من الكتاب الذي معه كما يقول : (ففتح فيلبس فاه وابتدأ من هذا الكتاب فبشر بيسوع). (6) أي انه مكتوب في أول الكتاب (نبوة يسوع المسيح).وفيلبس هنا حرص جدا على تطبيق وصية سيده بأن يبدأ اولا بالتبشير بالانجيل.

ولذلك نرى التشدد في العقوبات لمن يزيد أو ينقص في الكتاب كما يقول : (كل من يسمع أقوال نبوة هذا الكتاب: إن كان أحد يزيد على هذا ــ أو يحذف ــ يزيد الله عليه الضربات المكتوبة في هذا الكتاب).(7) هذه الشواهد تخبرنا بأن هناك كتب مكتوبة رافقتها تحذيرات لمن يقوم بالتحريف ، فأين هي هذه الكتب؟

لدى مراجعة ما كتبه المسيحييون حول تبرير ذلك وجدنا أن شخصا واحدا قام بإلغاء عشرات الأناجيل واختار منها أربعة فقط هي الأناجيل الحالية. وهذا الشخص هو (القس جيروم). (8) الذي رفعهُ المسيحيون إلى مصاف الأنبياء واعتبروه قديسا لكي تتخذ ترجماته فيما بعد طابعا قدسيا.

هذا القسيس عندما كلّفوه بمهمة ترجمة الأناجيل (9) تصرف بما يُمليه عليه ذوقه وإنحيازه وليس ضميره ، فمن بين عدد لا يُحصى من أنواع الأناجيل، ترجم أربعة منها إلى اللاتينية حيث زعم أنها الأكثر اتفاقا وتشابها فيما بينها واقل اختلافا من بقية الانجيل. وهذه الأناجيل الأربعة التي اختارها القس جيروم وضعوها مع اكوام الأناجيل الأخرى فقفزت ليلا فوق الطاولة فتم اختيارها لتكون أشهر كتب المسيحية المقدسة إلى هذا اليوم. واما عشرات الأناجيل الأخرى فقد تم اتلافها واصدار مرسوم بابوي بتحريم قراءة ما تبقى منها.

ولا زلنا إلى هذا اليوم نقرأ انه تم العثور على إنجيل هنا وآخر هناك ولكن بمجرد الإعلان عن اكتشافه يختفي كأن الأرض ابتلعتهُ ، وهذا يدل على أن عملية ملاحقة بقية الأناجيل لا تزال جارية إلى هذا اليوم.وخير دليل على ذلك هو مظلومية برنابا وإنجيله والذي ربما بمعجزة من الله بقى هذا الإنجيل ليكون شاهدا للكثير مما قاله السيد المسيح (ع) وهذا الإنجيل ترتعب المسيحية خوفا عند ذكره لأنه حرص على ذكر حقيقة النبي القادم بعد المسيح بإسمه وصفاته ، ونفى عملية صلب السيد المسيح ، ونفى ربوبية او بنوة المسيح، واقرّ الختان ، وحرم كل الموبقات.

فهو الإنجيل الأقرب إلى العقل وهو الوحيد الذي لم تختلف نصوصه في كل الاناجيل التي تم العثور عليها والمنسوبة إلى برنابا ، بعكس الأناجيل الأربعة المتداولة والتي لا يشبه بعضها بعضا حيث جاءت نسيج مشوّه من أقوال السيد المسيح وافعاله ، ثم ما يُدرينا لعل بين تلكم الاناجيل التي تم إعدامها أناجيل صحيحة مثل إنجيل برنابا لم تعجب القوم فتم اتلافها، وقد أجمعت الكتب المقدسة الثلاث على أن رجال الدين لا يتورعون عن فعل ذلك من أجل مصالحهم ، فتقول:

(اليوم كله يحرفون كلامي. عليّ كل أفكارهم بالشر. ارتدوا وغدروا مثل آبائهم. انحرفوا كقوس مخطئة. قد حرفتم كلام الإله الحي رب الجنود إلهنا. قد كان فريقٌ منهم يسمعون كلام الله ثم يُحرفونهُ من بعد ما عقلوهُ .. فويلٌ للذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هذا من عند الله ليشتروا به ثمنا قليلا فويلٌ لهم مما كتبت أيديهم وويلٌلهم مما يكسبون).(10)

المصادر: 
1- إنجيل متى 10: 5.
2- إنجيل لوقا 22: 36 ( فقال لهم: من ليس له سيف فليبع ثوبه ويشتر سيفا). 
3- إنجيل لوقا 10: 2ـ 16.
4- إنجيل مرقس 13: 10.
5- إنجيل يوحنا 20: 30.
6- سفر أعمال الرسل 8: 35.
7- سفر رؤيا يوحنا اللاهوتي 22: 18 ــ 19.
8- يُعرف بأسماء كثيرة منها : القديس إيرونيموس أو القديس إيرينيموس ولكنه اشتهر بالقديس جيروم . وُلد حوالي عام 342 م. من أسرة رومانية. يعني تقريبا جاء بعد رحيل المسيح بأكثر من ثلث قرن ، ثم يقوم بتقييم الاناجيل والغاء ما يروق له. ثم اقرّ فقط (إنجيل متى ولوقا ويوحنا ومرقص).
9- كلفه البابا داماسوس أسقف روما (383 م) لإعداد ترجمة لاتينية رسمية يعتمد عليها ولا زال مسيحيو العالم يعتمدون على ترجمته مع أن الاصول ضاعت. 
10- سفر المزامير 56: 5 .سفر المزامير 78: 57. سفر إرميا 23: 36.و. سورة البقرة 2:75-79).


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


مصطفى الهادي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2019/04/25



كتابة تعليق لموضوع : إثنان وثمانون إنجيلاً ، أين ذهبت؟ هل الأناجيل أربعة فقط؟
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net