صفحة الكاتب : هادي جلو مرعي

إستراتيجية وطنية لمكافحة الحزن
هادي جلو مرعي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

لو كنت مستطيعا لفعلت الكثير مثل كثيرين في هذا الوطن يكذبون ليل نهار، أو مثل من يدعي انه سيغير كل شيء بين ليلة وضحاها، ويجعل الأمور تتسق، والحياة تسير، والناس تمضي على الطريق القويم، وانه سيطبق القوانين، ويكرس جهوده لبناء دولة القانون والعدل الإلهي، والمؤسسات التشريعية والتنفيذية، ثم لايحدث شيء كمثل الذين يكذبون منذ ٢٠٠٣ والى اليوم، وقد أحالونا الى كائنات بشرية عاجزة كسولة مترددة يطبعها الفشل، ولاتهتدي الى طريق يؤدي بها الى السلامة والكرامة.

الحزن ثقافة عراقية خالصة، لكنها ثقافة سلبية خطرة للغاية فهي تسكر الناس، ونحن في الواقع لسنا بحاجة الى المخدرات، ولا الى المسكرات مادام الذين يحكموننا تحالفوا مع الذين يحكمون بإسم الرب، وكرسوا فينا ثقافة الحزن التي تعودناها، فإذا إنتقدها أحد صار كافرا كريها منبوذا، ويمكن ان يقتل، أو يسحل، ولاتقوم له قائمة بعدها فقد تجرأ وإنتقد ثقافة الحزن السلبية المدمرة.

العراقيون حزينون على الدوام، ليس لأنهم حكم عليهم بالحرب والحصار والموت والمقابر الجماعية والبلاوي التي لاتنتهي، والتي تأتي مع كل حاكم ظالم فاسد متجبر، فحاكم يقتل، وآخر يسرق، وثالث يضيع الحقوق وينهب أموال الشعب، ولكن ايضا لأن ثقافة ترسخت عبر الأجيال إن هذا الشعب يجب أن يكون حزينا، وكأن الفرح حرام، والبهجة إجرام، والسعادة مجرد اوهام، ولايمكن لعراقي أن يشم رائحة الجنة إلا إذا تلطخ بالهموم والغموم، وعاش حياة المكلوم المحروم، وعليه أن يظل جائعا للحزن متعطشا لمواسم الفجائع لكي يتنفس الألم، وكأن الحزن وحده هو المنجى، ولم يتعلم إن الحزن المقدس لاينفعه حين يسرق، وحين يقتل، وحين يزني، وحين يكذب، وحين يفتري، وحين يمارس الرذيلة، وحين يعتدي على حقوق الناس ويلوذ بالطائفة والعشيرة ليحمي نفسه، أو ليتسلط على المستضعفين.

عبر تاريخ الظلم هناك من يمارسه، وهناك من ينتفع منه، وهناك من يتأذى منه.الظلم كما الحزن تجارة فيها الرابح، وفيها الخاسر، وفيها المستفيد المبرر الذي تغيب المظالم عن عينه طالما كان منتفعا مستفيدا من ظلم الحاكم، ولائذا بظله مغتنيا بماله الذي هو مال الشعب المظلوم..الحزن تجارة لاتبور لأن هناك، وعلى الدوام منتفعين منها ورابحين، ولايهتمون لعذابات الناس.

نحتاج إستراتيجية لمحاربة الحزن لكنها غير مضمونة العواقب مادام هناك اباطرة وكهنة وشركات ومؤسسات تقوم على هذه التجارة، ومادام هناك ملايين الذين يثورون على من ينتقد ضياعهم، بينما ينتخبون من يسرق اموالهم، ثم ينفق على مجالس حزنهم من ماله الحرام فيأكلون، ويتضرعون الى الخالق أن يسدد خطاه، ويهديه الى الخير..


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


هادي جلو مرعي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2019/05/19



كتابة تعليق لموضوع : إستراتيجية وطنية لمكافحة الحزن
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net