صفحة الكاتب : مرتضى علي الحلي

نحو وعي ثقافي وفقهي عام في حلّ المشاكل الزوجيّة والأسريّة - تعليق الزوجة ظاهرةٌ تعسّفيّةٌ ممنوعةٌ شرعاً
مرتضى علي الحلي

 إنَّ ظاهرة تعليق الزوجة من قبل زوجها بحيث يتركها ويذرها في وضع لايصدق عليها أنها زوجة أوخليّة بقصد الإضرار بها أو إجبارها على خيارات مرفوضة شرعاً هو أمرٌ مَنعَ منه الشرع الإسلامي الحكيم وأرشد إلى ضرورة تجنبه لما فيه من آثار سيّئة على الزوجة أوأولادها إن وجدوا ، فضلاً عن أثم الزوج بفعله ذلك.
لذا يمكن بيان المعالجات الفقهية لهذه الإشكاليّة بنقاط موجزة 
رفداً للوعي العام بالثقافة الفقهيّة والأخلاقيّة وضرورة التعرّف عليها
حياتيا - وهي كما يلي :
:1: على الزوج أن يدرك تماماً أنه ليس من حقه الشرعي ولا الأخلاقي تعليق الزوجة بحيث يضرّ بها نفسيّاً وسلوكيّاً  واجتماعيّاً- لما ورد في قوله تعالى من نهي إرشادي إلى حكم عقلي يدركه أي عاقل رشيد، وهو قبح الإضرار بالآخرين وممنوعيته  - قال تعالى: (( وَلَن تَسْتَطِيعُواْ أَن تَعْدِلُواْ بَيْنَ النِّسَاء وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلاَ تَمِيلُواْ كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ وَإِن تُصْلِحُواْ وَتَتَّقُواْ فَإِنَّ اللّهَ كَانَ غَفُوراً رَّحِيماً ))129، النساء. 
وإنَّ القرآن الكريم قد حرّم الإضرار بالزوجة نصاً في صورة الطلاق الرجعي واستغلال الزوج لحقه في ارجاع الزوجة بقصد الإضرار بها
، وفي كل صورة تكون مصداقاً للإضرار بالزوجة- 
ومنها هذه الصورة صورة تعليق الزوجة وعدم معاشرتها أو تسريحها بإحسان ، لما في النص القرآني من إطلاق قيمي يشمل كل الصور المُحتملة والمُفتَرضة وقوعاً .
قال تعالى: (( وَلاَ تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَاراً لَّتَعْتَدُواْ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ وَلاَ تَتَّخِذُوَاْ آيَاتِ اللّهِ هُزُواً وَاذْكُرُواْ نِعْمَتَ اللّهِ عَلَيْكُمْ وَمَا أَنزَلَ عَلَيْكُمْ مِّنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُم بِهِ وَاتَّقُواْ اللّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ )) 231، البقرة. 
وقد أفتى علمائنا :رحم اللهُ تعالى الماضين منهم وحفظ الباقين:
:بعدم جواز مُتاركة الزوجة الدائمة رأساً وجعلها كالمعلَّقَة لاهي ذات بعل:زوج: ولا هي مُطلّقة:
:المسائل المنتخبة :السيد السيستاني :ص400:مسألة 1007.

:2: إنَّ الزوجَ هو مُلزمٌ شرعاً بوجوب الإنفاق على زوجته حتى في صورة تعليقها وهجرها مادامتْ هي زوجته ولم تنشز عن طاعته شرعا. 
ومن حقها أن تُطالب بالنفقة الواجبة عليها ولها الخيار الشرعي في أن ترفع أمرها إلى الحاكم الشرعي الجامع للشرائط لينظر في أمرها ويجد لها حلاًّ لمشكلتها. 
ويرقى الأمر إمكانا إلى أن يجبرَ الحاكمُ الشرعي الزوجَ على وجوب الإنفاق عليها أو تطليقها في صورة امتناع الزوج عن الإنفاق أو التطليق- وهذا أمر مشهور عند علماء الطائفة الشيعية الحقة
ويُسمى بالطلاق البائن أي ما ليس للزوج بعده الرجوع إلى الزوجة إلاَّبعقد جديد شرعا ،أوما يُسمى بطلاق الحاكم الشرعي زوجة المُمتنع عن الطلاق وعن الإنفاق عليها .

:3: إنَّ كل إشكالية بين الزوجين ممكن حلها بصورة مُرضيّة للطرفين، ولا توجد استحالة عقليّة أو شرعيّة للخروج من مآزق وإشكاليات الحياة الزوجية .
فالزوج هو صاحب الحل أولاً وأخيرا. فإما أن يمسك بمعروف أو يُسّرح بإحسان ،وكذا الزوجة فلها حق النفقة والعيش الكريم والمعاشرة والرعاية بالمعروف -وباب الإصلاح والحوار مفتوح شرعاً وعرفاً لمعالجة أي مشكلة تقع أو يُحتمل وقوعها ،وليس من حق الزوج التعسّف باستعمال حقه وخياره في ايقاع الطلاق. 
وكذلك ليس من حق الزوجة أيضا التعسّف باستعمال حقها في حضانة أطفالها ،كأن تحول بينهم وبين والدهم ،فالزوجان معاً هم شركاء في حق الحضانة للإطفال بالسويّةوالتناوب -  ويجب أن يجري التفاهم والتوافق بينهم بخصوص إعمال هذا الحق 
وبصورة عادلة لاتضر الطرفين على حدٍّ سواء ،إذ لاضرر ولا ضرار في الإسلام الحكيم. 

:4: إنّ حلّ هذه الظاهرة المرفوضة شرعاً وعقلاً  يتحقّق من خلال بث الوعي بثقافة الحقوق والواجبات الزوجيّة ووجوب معرفتها من قبل الزوجين والالتزام بها - كي تسير العمليّة الزوجيّة على سبيل صحيح وعادل ومَرضي ، لأنّه لايمكن التعايش العشوائي زوجيّاً دونما أن يعرف كل من الزوجين ماله وما عليه. 
 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


مرتضى علي الحلي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2019/07/29



كتابة تعليق لموضوع : نحو وعي ثقافي وفقهي عام في حلّ المشاكل الزوجيّة والأسريّة - تعليق الزوجة ظاهرةٌ تعسّفيّةٌ ممنوعةٌ شرعاً
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net