لا أعلم ما الذي شدني لكتابة هذه الوقفة..
غير أن يدي امتطت طبق (فطوري)، والذي هو أمام استحضاركم للمكان والزمان (طماطم، وعشرة حباتٍ من الزيتون الأخضر، وفصين جُبن كيري، وخيار)..
الشاهد في هذا الأمر (ليش)، ولماذا لا نستمتع بوجبة الإفطار حالياً؛ مُقارنةً بذات النفس والبهجة التي كُنا عشناها سابقاً؛ رغم بساطتها بذاك الزمن المُنصرم؟!
نعم، اليوم ولله الحمد والمنة عندنا خيرات الله كثيرة، ومُترفة بالوفرة، ومُترفلة من هامة الرأس إلى أخمص القدم.. بيد أن المسرة تنقصها ولا تُشكلها إلا بالوقتية واللحظة الزمنية السريعة..
فالدنيا لم تتغير، والنهار لم يتبدل، والليل لم يتشكل بهذا مكان ذاك بين أقاليم الأقطار..
أنا لا أرمي هذا الوقت بالتشاؤم والسلبية، ولكن هي وقفة تسكُنني من زمانٍ بعيدٍ، والحيرة تُتوج الإجابة بالهروب ربما!
ففي عُمر الطفولة كانت وجبة الفطور (جبن كيري، أو جبن مُثلث، ورهش أبو تنكة، وجُبن مالح، أو جُبن كرافت، وزيتون، وجام بو جحة، أو خبزة زعتر من مخبز البحراني بالفاضلية)..
وكما يعلم الجيل الحالي، وما قبله، ومن سيأتي بعده
أن إجازتنا المدرسية كانت الخميس والجمعة وإلى عهدٍ قريبٍ..
المُهم" وتفيد نشوة الاسترسال بالحديث، لخطبة (التوستماسترز) لكسر الجمود وحاجز الرهبة والخجل.."
كُنت أتعارك مع إخواني وأخواتي على مقدار (فصوص جبن الكيري، ومسحه على كامل الرغيف/ الخبزة/ القرص من نفس المخبز، أو على الخبز الأحمر الحساوي، أو الخبز الزبيري)..
وما أجمل هذه الوجبة إذا ما اقتربت من وقت افتتاح التلفزيون، (وفرار السلة والصورة قزاز، والهواش من صباح الله)، وانتظار وقت (الجناني) ــ أي الرسوم المُتحركة ــ هذا بخلاف من يُغطي وجهه عن شاشة التلفاز، (ويشتغل حوله التنحيز، والمساسر، والتغميز تارةً أُخرى)!
وما أجمل (لمّتنا) بأحضان وجبة (البريك فاست)، والتغني على معزوفة (سالي، وهايدي، وبيتر، ونحول وأمه، وزينة، والسنافر، وعدنان ولينا وعبسي، وفارس الصغير يُصبح البطل)..
ولا أنسى مكان (بطحة) العمدة للأخ الأكبر، أو من يحجز مكانه أمام الشاشة مُباشرةً لشاهد (النملية).. وأرجله مُتكأة على أطرافها من أسياد (العمودية، والمطاريش، أو من يتحنن على سيادتهم وموقعهم بالحب المقلي أو الحب الدمامي، والماي، والشربت الفينتو، وعسكريم بو كيسة على الصبار).. قبيل وقت البرنامج والتقرير الرياضي والأسبوعي لمُجريات مُباريات الدوري لكرة القدم، وباقي الألعاب لكافة المناطق..
(ياوووو)، وتعني التعجب بلهجتنا الحساوية المعظمة بالمد والجزر على شواطئ بعض أفواه وألسنة الأُسر والمناطق والقرى هُنا وهُناك..
بين تقاسيم ونبرة (أها عاد) المُعتادة للتوسل بين كل الأعمار والأمصار..
أعلم جيداً بأن النص تسيد شاهد خيالكم، وأمكنتكم، وملامحكم..
لتطاير غبار أرشيف الذاكرة، فظل كل واحدٍ منا ومنكم يكتب الأحداث، والحوارات، والنظرات لمن يعيش بيننا، ومن ارتحل عنا بآهات الرحمة والحنين..
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat