صفحة الكاتب : محمد جواد الميالي

رموز تأبى الأفول
محمد جواد الميالي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

من يتابع سير تبلور الأمور الناجحة في البلدان المتطورة من العالم، سيلاحظ أن أساسها ينبع من تطلع لمستقبل واعد دون انقطاع عن ماضي مجيد وتراث ناصع يفتخر به..

من اهم ما يرتبط بماضي أي أمة هو إحترامها لرموزها وقادتها، وسيرتهم ومراحل نضالهم ومواقفهم.. وتتمحور هذه  إلى تطبيق على أرض الواقع.

أهم هذه الأفكار التي يمكن أن نطبقها في بلدنا، هي تلك التي تكون بتماس مباشر مع المجتمع، لأن حفظ تماسكه ومراعاة أفكار ومعتقدات الناس،  أهم عوامل التطور، وما يساهم بالترابط بين المواطنين، هو الأحترام..

الأحترام يتمثل في عدة أبواب، أهمها هو تقدير الشخوص التي يتبعها حشد كبير من الناس، فيما أول خطوة في سبيل تفكيك امة ووضع العقبات حجر عثرة في تقدمها، هي بجعل الناس تبتعد عن إحترام رموز البلد، وجعلها تنجر وراء أبواق الأعلام والحركات الضالة، لتهديم مقدسات مجتمعنا، لأنهم يعلمون جيداً أن بداية تهديم أي مجتمع، تبدأ من رموزها.. مثال صارخ لذلك ما حدث في النجف، عند محاولة إحراق مرقد السيد محمد باقر الحكيم.. فلو بحثنا في تاريخ الرجل، لوجدناه بدأ حياته مجاهداً ضد النظام الدكتاتوري، وهجر من وطنه بعد عدة محاولات لأغتياله، لذلك أخذ على عاتقه تأسيس جبهة المقاومة، للتصدي للطاغية، وتخليص الامة من آفة الظلم والجور.

أفنى شبابه مجاهداً للظفر بالحرية لأبناء بلده، أملاً بتحقيق النصر، وإقامة دولة ديمقراطية في ربوع العراق أجمع.

شهد ٢٠٠٤ قدوم الحكيم إلى العراق، وكانت في أستقباله جموع غفيرة، مستبشرة فرحاً ومهللة  كأنها كانت تنتظر هذا القدوم بفارغ الصبر، حتى أنهم أستقبلوه بدموع الفرح الغامر.

لم تدم فرحة محبيه كثيراً، فسرعان ما أغتالته أيادي الإرهاب، وهو خارج من أداء صلاة الجمعة في الصحن الحيدري الشريف، كانت الجماهير المشيعة، تأتي من كل المحافظات لتحمل جثمانه الطاهر، وبهذا قد كتب عمره مناضلاً، وأنهى حياته شهيداً، ليتخلد إسمه في قلوب محبيه رمزا.. والرموز تأبى الأفول.

أصبح لضريحه رمزية خاصة تتعلق بمعنى فريد للشهادة، يتماشى مع العدد الكبير من التضحيات التي قدمها واسرته.. ليستحق آن يزوره الناس في يوم أستشهاده..

مثل هؤلاء الشهداء يجب أن يتم أحترامهم، لما لهم من أهمية ودور في تخليص العراق من عبودية الدكتاتورية، ولكن قلة الوعي في مجتمعنا، جعل بعض السذج تتبع نفراً ضالاً، له مآرب سياسية، وتمتثل له الحركات المنحرفة، لمحاولة إحراق هذا الصرح العظيم، محاولين تهديم أهم رمز للشهداء، دون أن يدركوا أنهم إنما يفتحون بابا تهديم المقدسات على مصراعيه، فهل نرجوا تقدماً وازدهاراً، ونحن لا نتصدى لمن يعمل على الاستخفاف بمقدساتنا ورموزنا؟

لو أردنا أن نصعد سلم التطور، علينا أولاً أن نحترم علمائنا، ونقدس رموزنا المضحية، ونحافظ على أرثنا التاريخي من الشهداء والعلماء، عندها سنكون في مقدمة البلدان الراقية، فأحترام الشهداء والمضحين، هو بداية التقدم.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


محمد جواد الميالي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2020/02/26



كتابة تعليق لموضوع : رموز تأبى الأفول
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net