سمات التديّن العقلاني عند مصطفى ملكيان
يحيى غالي ياسين
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
يحيى غالي ياسين
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
يسّجل مصطفى ملكيان - كاتب ومفكر ايراني ، اصلاحي - في كتابه ( التديّن العقلاني ) اثني عشرة سمة عامة أو ميزة للتدين العقلاني ( أو التعقل الديني ) ، ويقول أن كل سمة سابقة لا تتوقف على اللاحقة ويمكن العكس حسب تسلسله الذي اختاره لها ، نذكرها بأختصار وتوضيح :
١. فلسفة شاملة : للمتدين العقلاني فلسفة واحدة لكل الحياة ، وحياته ذات معنى واحد ، فالمتدين المتعقل يطمح أن تسري ديانته في كل مرافق حياته ومفاصلها ، وعدم ممارسة الدين في أماكن وأزمنة خاصة وفي غيرها يتساوى مع اللامتدين .. وانما الحياة كلها عنده عبارة عن سجدة طويلة .
٢. طالب حقيقة : المتدين العقلاني لا يعتبر نفسه " صاحب الحقيقة " وانما يرى نفسه " طالب الحقيقة " ، فتدينه هو شروع بطلب الحقيقة وليس امتلاكها ..
٣. الممارسة النقدية : التدين لا يعني التسليم الأعمى والاستغناء عن الأدلة والبراهين ، وبنفس الوقت فإن النقد لا يعني تتبع العثرات واختلاق الهفوات ، فإذا وُجد تعارض ما فإن المتدين العقلاني يقول ثمة مرحلة أعمق يرتفع بها التعارض ..
٤. أخلاقية الكون : اخلاقية الكون تعني الاعتقاد بأن كل ذرة خير أو شرّ لن تضيع سدى في هذا الوجود . فالكون يعلم بما نقوم به ويدرك ذلك بفطرته ، وستصدر عنه ردود أفعال تناسب هذه الحسنات والسيئات مهما كانت مجهرية . وهذا الاعتقاد يخلق الطمأنينة عند صاحبه ، ومن هذا قد عرّف بعضهم الدين بأنه : الشعور بالأمن في العالم .
٥. ضبط النفس : اي عدم الاستسلام للنزوات المؤقتة الضارة وعدم الانهيار أمام الرغبات العابرة . وهذا ناتج عن حسابات عقلانية دقيقة تقول : اللذات العاجلة التي تتبعها ندامة مقيمة يجب أن تترك ، والصعاب الزائلة التي تتمخض عن يسر ونعيم دائم لا بد أن يُبادر اليها ..
٦. سيادة الذات : من خصائص المتدين العقلاني هو خروجه التدريجي من ( سيادة الآخر ) الى ( سيادة الذات ) ، فالتبعية في أول الأمر لا بد منها للآخرين ولكن عليه أن يستقل فيما بعد بقوانينه وأدلته الخاصة وأن يخرج عن التبعية السلبية أو ( الأغتراب عن الذات ) حسب ما يفهمها ماركس وهيجل .
٧. طمأنينة بلا اطمئنان : المتدين العقلاني يعلم أنّ القضايا الدينية لا تعارض العقل من جهة وأنها فرّارة ومستعصية على العقل من جهة ثانية ، فهو يعيش حالة الطمأنينة بلا اطمئنان ، طمأنينية الروح وعدم اطمئنان العقل ، وقد عبر القرآن المجيد بدقة لذلك بقوله ( الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ ) .
٨. النزعة الإنسانية : التدين العقلاني يحتم على صاحبه خدمة أبناء جلدته لاعتبارات انسانية محضة بعيدة عن اي انتماء ديني او قومي او وطني .. الخ .
٩. مصارحة الذات : فينبغي ان تكون للمتدين العقلاني نظرة واقعية لذاته ، وان تكون لديه مواجهة لروحه الحاسرة عن كل الأقنعة وبدون اي مجاملات او مغالطات ، والتأشير على نقاط القوة والضعف .
١٠. استيعاب هفوات الآخرين : تفهّم نقاط ضعف البشر من سمات التدين العقلاني ، فتفهم نواقص الاخرين تساعده على الصبر عليهم وتحمل اخطائهم .
١١. الثقة بالنفس : لا يتراجع المتدين المتعقل عن متبنياته ومبادئه ( المحققة ) حتى لو خالفه فيها كل المجتمع ، يقبض على ما يؤمن به رغم كل ما يتعرض له من ضغوط نفسية ومادية ..
١٢. تحاشي الوثنية : وأخيراً ، عدم تأليه أشياء ليست هي الله ، وعدم التصنيم ، فالنسبي عنده لا يكون مطلقاً بحال ولا ينحت منه صنماً يعبده .
انتهى ، شكراً على القراءة
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat