صفحة الكاتب : علي علي

الولاء والانتماء
علي علي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

  الانتماء والولاء.. مفردتان لايُتعِب اللسانَ لفظُهما حتى وإن تكرر آلاف المرات، وقد جبل الانسان بفطرته عليهما، إذ يقول علماء الاجتماع ان لكل منا -وإن لم نشعر- حاجة للانتماء والولاء الى جهة معينة في مراحل حياتنا جميعها، بدرجة تحددها ضوابط ومقاسات تختلف من شخص لآخر. وتدفعنا لهذا الولاء غرائز عدة، تنمو وتكبر معنا وتتشعب بازدياد متطلبات حياتنا. فأول انتماء كان لحظة ولادتنا، إذ سعينا الى أثداء أمهاتنا من دون إدراك، وقد قال جل وعلا: "وهديناه النجدين". فسجلنا بذاك أول ولاء، ثم أعقبه ولاء في طفولتنا، وثالث في مدارسنا، وحين دخلنا معترك الحياة العملية كان بانتظارنا ولاء رابع، فمن كان منا عمله وظيفيا فرض الولاء وجوده بين الرأس والمرؤوس، وفي ميادين العمل الاخرى بين العامل ورب العمل، وفي كل ما تقدم يكون الولاء بحدود العمل وسياقاته ليس أكثر، وبانتهاء ساعات الدوام او ساعات العمل، تذهب كل الأطراف الى اهتماماتها من دون تأثير شخص على آخر.

  ومن المؤكد أن الانسان السوي منا يضع لهاتين الخصلتين ضوابط تدخل في بلورتها التزامات اجتماعية وأخلاقية ودينية، فضلا عن البيئية والظرفية. وقبل كل هذه الانتماءات والولاءات وبعدها وخلالها.. هناك سقف كبير يجمع الكل اينما كانوا، ذاك هو سقف الوطن، وهو فرض على كل من يدعي الإنتماء له بدءًا من أكبر رأس فيه، وصولا الى أبسط مواطن.

  الانتماء في عراقنا صنفان؛ الأول انتماء الى الدولة، وهذا تحدده اربعة ثوابت هي "هوية الأحوال المدنية، شهادة الجنسية، البطاقة التموينية وبطاقة تأييد السكن". أما الصنف الثاني فهو انتماء الى أرض العراق ومائه وسمائه وماضيه ومستقبله، وهو الولاء بعينه، إذ يسمو الى مافوق المحددات، فلا تحده مستمسكات او صور او طوابع، ولاتقيده صورة قيد. والأخير هذا يحتم على الذين يشعرون به إبداء المواقف الفعلية علنا، بل والتفاخر بها أمام الملأ. فبالولاء فقط يتمكن العراق من مواجهة أعدائه المتربصين للإيقاع به، وبالولاء فقط يضع يده على الجرح النازف الذي شارك فيه أعداء الداخل قبل الخارج، فالولاء أولا.. والولاء ثانيا.. والولاء ثالثا وعاشرا... ولايخفى على الجميع كم هي مظلومة هذه القيمة عند نسبة لايستهان بها من العراقيين. وقد سجلت لنا أحداث "ثلمة" في هيكل الولاء الصلد، كان أبطالها شخصيات من رؤساء بعض العشائر وأبنائها، ووجوه قبائل عريقة كان لها في سفر التاريخ ملاحم مشرفة ومواقف وطنية، لاتغطيها غرابيل شرذمة من أحفادهم، شذوا عن سلوك أجدادهم، وشطوا عن نهجهم المتبع خلال قرون ممتدة في عمق تاريخ العراق، فغيروا مجرى الولاء باتجاه سقيم رغم انتمائهم السليم.

 الدور اليوم لرؤساء العشائر وشيوخها وعلية القوم، في تفعيل روح الولاء "خالصة" للعراق، وعليهم تقع مسؤولية بعثها ثانية في جسد أبنائهم، ممن غرر بهم وسط طيش من الظنون، وسفه من المعتقدات، وشحن من الداخل والخارج من منطلق طائفي عقيم، ومن دون هذا الولاء الخالص لن يتقدم العراق خطوة واحدة، بل سيتقدم عليه شراذم آخرون في قادم الزمان.

aliali6212g@gmail.com


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


علي علي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2020/03/21



كتابة تعليق لموضوع : الولاء والانتماء
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net