صفحة الكاتب : محمد جعفر الكيشوان الموسوي

مسألة الحجاب.. شبهاتهم وتساؤلاتنا الجزء الأول
محمد جعفر الكيشوان الموسوي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

بين الفينة والأخرى تُثار هنا وهناك مسألة حجاب المرأة المسلمة. تُنْتَضى السيوف وتُشحَذُ الهِمَم لمحاربة الحجاب ومنع لإنتشاره. وكأنه العدو اللدود الأول للمدنية والتحضر، والعائق المانع الذي يقيّد المرأة ويحول بينها وبين العلم والعمل. منّظرون كثيرون لِمُتَزعمي هذا الرأي والعاملين به. القديم الجديد فيه والذي يستوقفني أحياناً كثيرة هو إصرار هؤلاء المحترمين على أن لانص قرآني يُلزم المرأة الحجاب. مع العلم أن جلّ الذين يتبنون هذا الطرح، هم في الوقع لايؤمنون بالخالق الباريء سبحانه وتعالى. يعني انهم لايؤمنون اصلاَ بالذي أنزل القرآن على نبيه المصطفى، ومع ذلك ويطلبون الدليل هؤلاء الذين لايؤمنون بوجوده.

إدهشني طلب أحدهم لدليل قرآني ـ يعني آية تلزم المرأة الحجاب ـ. لاأدري هل أنه قرأ القرآن ولم يجد فيه آية الحجاب؟ أم أنه وجد آية الحجاب وفسرها كما فسّر آية تحريم الخمر بأن الإجتناب لايدل على التحريم، وإنما أن ندع الخمر جانباً!!!

ومامعنى أن ندع الخمر جانباَ!!!

أن يشربه مثلاَ فييما بعد. حينما يحين وقته وفي محله!!!

يؤسفني القول بأن هذا مضحك حقاَ ويناسب مجالس أولئك الذين يجتمعون ليضحكون ويسخر بعضهم من بعض. وفقاَ لتفسير هؤلاء فإن (( ياأَيٌّها الذينَ آمنوا إجتنبوا كثيراَ مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بّعْضَ الظَّنِّ إِثمُ... )). سورة الحجرات ـ آية  12 . معنى إجتنبوا ليس فيه نهي. وقس على ذلك في الخمر والصلاة في حال السكر عافاكم الله. هذه السذاجة والفهم السطحي وعدم الإلمام حتى في اللغة والمنطق لا تحتم علينا ان نرد على ذلك ردا علمياَ معمقاَ ونعرض جميع الإستدلالات وقرع الحجة بالحجة. لأنه في الواقع ليست هناك حجة البتة، ولا إشكال يستوجب دحضه. الذي قرأته وسمعت به شخصياَ لغاية كتابة هذا المقال هي أهواء ورغبات وأمنيات التي هي رأس مال المفلسين. مَن من هؤلاء السادة الذين يعترضون على الحجاب قدّم لنا يوماَ دراسة أو بحثاَ يبين فيه (إعاقة) المرأة المحجبة في المجتمع. مامعنى أن يتهم احدهم أن الحجاب حزب ديني وربما نراه غداَ يقول أن الحجاب حركة شوفينية وفاشية. أيها المحترم.. هذا ليس فكراَ كي نناقشه بموضوعية وندلي بدلونا فيه. هذا سبابٌ وشتمٌ وتحريضٌ على فئةٍ من المجتمع تحرّمه الأخلاق الحميدة ومبدأ التعايش وعقيدة أن الإنسان أخو الإنسان أحب أم كَرِه، قبل أن تحرمه القوانين ودساتير البلدان المتحضرة. بكلمة أخرى أن ذلك مُقَبَّحٌ عقلاَ قبل أن يكون مُحَرَّماَ شرعاَ. مثله مثل الكذب والخيانة وعدم الإيفاء بالعهد وغيره الكثير.

((هاأنتم هَؤلاءِ حاجَجْتُمْ فيما لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ فَلِمَ تُحَاجُّونَ فِيما لَيْسَ لَكُم بِهِ عِلْمٌ)). سورة آل عمران ـ آية 66

 نصيحتي لهؤلاء السادة المحترمين أن يخوضوا في إختصاصاتهم ويجتهدوا في تحصيل العلم ونشره. وإن كانوا أكاديمين أن يكونوا مثالاَ يٌحتذى به ويؤثر إيجاباَ في النشأ الجديد وأن يكونوا فعلاَ مجددين لامهرجين وسبّابين. جليّ لكل ذي لُب أن هؤلاء السادة يجهلون أحكام الدين كما أنهم غير قادرين على إستيعاب كل الشروحوحات المطولة ولاأقول الأبحاث والدراسات. ياسيدي يامن طلبت الدليل (بِشَرَفِك) مامعنى قوله تعالى:

((ياأيُّها النَبِيُّ قُلْ لِأَزْواجِكَ وَبَناتِكَ وَنِساءَ المُؤمنينَ يُدْنينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلابيِبِهِنَّ ذلك أدنَى أن يُعْرَفْنَ فلا يؤذَيْنَ وكانَ اللهُ غفوراَ رحيماَ)). سورة الأحزاب آية ـ 59 . ومرة أخرى أيها المحترم.. ( بِشَرَفِك) أما ترى أو تسمع أو تقرأ أن في الغرب وليس في الشرق فحسب، كيف يُعتنى بالمحجبات. عند الصعود ( في الباصات)!!! يترك الناس مسافة بينهم وبيين المرأة المحجبة إحتراماَ لشخصيتها. هل إقتنعتِ الآن أيها المحترم أم كعادتك سوف تستشهد بالشواذ وتحسبهم علينا قاعدة!!!

وهنا يبرز سؤال مهم:

لو فرضنا جدلاَ ـ وفرض المحال ليس محالاَ ـ أن لبس الحجاب ليس واجباَ وإنما مستحباَ أو سَمِّها عادة عند النساء المسلمات والمسنات المسيحيات وغيرهن. هل يكون مقبولاَ حينها عند جنابكم؟؟

سؤال يبحث عن إجابة علمية موضوعية لاتهريجية، فسلنا في جلسة سيرك ومشاهدة ألعاب بهلوانية ترفيهية.

وملاحظة مهمة.. ماقولكم في المتسولات اللائي يملأن شوارع أوربا وهن محجبات ولم أرّ منهن متبرجة حتى الفتيات منهن!!! هل يحق ويجوز لهن مالايجوز للمسلمات أم أنك سوى تناور وتتهرب وتقول: أعنيهن كذلك بلا ريب!!!!!

وإذا كنت تعنيهن بلا ريب،فلمْ نرَ أنك طالبتهن بالدليل؟؟؟

عجبتُ لطلبه الدليل وقلت:

أيها المحترم.. أنت تطلب دليلاً بوجوب الحجاب، وبين يديك كل الأدلة التي تثبت وجود الله تعالى ووحدانيته فنكرتها جميعها. أيها المحترم.. أعرابي في الصحراء وعلى فطرته التي فطراللهُ الناسَ عليها، لايحمل دكتوراه في الجيوبوليتيك ولم يكن بروفسوراَ في السايكولوجيا، ولم تكن عنده حتى شهادة ليسانس التي ينالها الناس في عصرنا بالمراسلة. يعني وأنت جالس في دارك تصبح فيلسوفاَ واكاديمياَ والسلام. أعرابي على فطرته آمن بالخالق السبحان وإستدل على وجوده ببعرة بعيره وآثار أقدام مسيره. وأنت ياأيها المحترم قد عجزت عن ذلك، ومن فوقك سماء ذات أبراج قد رفعها خالقها بدون عمد، وتقف على أرض ذات فجاج،وقد أنبتَ الله تعالى فيها من كل زوج بهيج، ليدخل السرور على نفسك وقلبك. ولكنك بدل أن تدين له بدين الحق، بدل أن تشكر سابغ نعماءه ظاهرةَ وباطنةَ، بدل أن يقشعِّرَ جلدك من خشيته. بدل هذه النعم وغيرها التي لاتعد ولاتُحصى وقفت شاهراَ سيف عدواتك لله تعالى. أيها المحترم.. أنت لم تعمل عقلك بالتفكر ولم تعجبك الرُسُل. كيف السبيل إلى إقناعك بوجوب الحجاب. إذا كان كلامك للتعجيز فليس في القرآن نقاط ضعف. القرآن (( لايَأتيهِ البَاطِلُ مِنْ بَيْنَ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ تَنْزيلٌ مِنْ حَكيمٍ حَميدٍ)). سورة فصلت آية ـ 42

الحجاب ليس نقطة ضعفنا..

على العكس تماماً. فالحجاب هو نقطة ضعف المعترضين. لقد طرحنا هنا بعض الأسئلة البسيطة تماشياَ مع طرح المعترضين على الحجاب. بمعنى أن المقام هنا هو ليس للبحث العلمي لأن السادة الذين ينتقدون الحجاب هم في الواقع بعيدون عن النهج العلمي وكلامهم يشبه السباب أحياناً: أمنعوا الحجاب، حاربوا الحجاب، الحجاب حزب ديني. بقي فقط أن يقولوا الحجاب مافيا أو شركة مساهمة. ماذا عسانا ان نجيب عن هكذا كلام ولاأقول هكذا اطروحات. للأسف كلام لايناسب العصر. أيها المحترم أفق من سباتك فالمحجبة إنسانة ومخلوقة كغيرها من النساء لاتختلف عنهن بشيء. أقسم لك أنها لاتختلف عنهن بشيء. يبدوا الكلام مضحكا لكني جاد فيما أقول ويؤسفني قول هذا. نعم.. المحجبة ليست جنّية. أفق من سباتك أيها المحترم فدور الأزياء خصصت ركناً لحجاب المرأة. مع تحفضنا لدور الأزياء. لو كان الحجاب نكرة كما يزعم هؤلاء السادة المحترمون لما إهتمت به دور الأزياء. لاداعي لذكر الأمثلة ولكن أراني مضطراَ لذكرها:

المحجبة اليوم عضوة في البرلمان في أغلب دول العالم.

المحجبة اليوم عميدة جامعة.

المحجبة اليوم مدرسة وباحثة وطبيبة ومهندسة.

المحجبة رائدة فضاء عن كنت لاتعلم أيها المحترم.

المحجبة مقدمة نشرات الأخبار ومعدة برامج وصحفية.

المحجبة قاصة وكاتبة وأديبة وشاعرة وناقدة.

المحجبة زميلة لك في هيئة التدريس. كيف تتعامل مها. تسخط عليها لحجابها. أهكذا نتعلم لِنُعَلِمَ الأجيال بعدنا. سوف لاأنتهي حتى الصباح لو اردتُ أن اعد موقع المحبة في المجتمع.

بإختصارِ شديد أقول: أن المرأة المحجبة هي جزء من المجتمع وإلغاء حجابها يعني بالضرورة إلغاء دورها وإلغاء دورها هو إعلان الحرب عليها. وهنا يأتي السؤال المشروع: لماذا؟ ثم لماذا؟؟

سنجيب عن لماذا ثم لماذا في الجزء الثاني إن شاء الله تعالى.

 

دمتم جميعاَ بخيرِ وعافية


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


محمد جعفر الكيشوان الموسوي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2020/04/13



كتابة تعليق لموضوع : مسألة الحجاب.. شبهاتهم وتساؤلاتنا الجزء الأول
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 

أحدث التعليقات إضافة (عدد : 1)


• (1) - كتب : محمد جعفر الكيشوان الموسوي ، في 2020/04/13 .

السلام عليكم
نشكر إدارة الموقع المبارك على النشر وندعو لهم وللجميع بالتوفيق ودوام العافية وتمامها والشكر عليها.
أنوه إلى أن هناك أخطاء لم انتبه إليها عند الكتابة. مثلاً: ومع ذلك يطلبون الدليل من الذي لايؤمن بوجوده. والصحيح: ويطلبون الدليل هؤلاء الذين لايؤمنون بوجوده. وكذلك عبارة يؤسفني أول هذا. والصحيح يؤسفني قول هذا. وربما هناك اخطاء بالنقر لم انتبه لها. أستميحكم العذر والعذر عند كرام القوم مقبول........نسألكم الدعاء والتوفيق لما وفق الله له محمداً وآلَ محمدٍ.
خادمكم
محمد جعفر




حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net