صفحة الكاتب : د . ميثاق بيات الضيفي

الشخص الغارق يتشبث بقشة
د . ميثاق بيات الضيفي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

" الأزمات... ليست جوهرية ولا حتى منطقية... إنما متجذرة في فشل التواصل الإنساني !!!"

 

 لا يمكن إنقاذ شخصا وهو يصارع الغرق من خلال التشبث بقشة، غير انه من الواضح أن الشخص الذي وقع في حالة ميئوس منها سيسعى جاهدا للهرب وللخروج منها حينما يبدو له أن جميع وسائل الخلاص قد استنفدت، ولذلك فما زال الناس يأملون في العثور على فرصة للخلاص حتى لو كانت عبر التمسك بالقش، وهنا نتساءل هل هناك أي بديل انساني قادر على تصحيح الوضع؟ مع الأخذ في الاعتبار أن جميعنا اليوم اصبحنا مواطنين شرعيين في دول ذات سيادة ومواطنين فعليين في كوكب الأرض الذي يبلغ عدد سكانه أكثر من سبعة مليارات انسان وبتزايدنا زاد التأثير البشري على البيئة مصحوبًا بتغير المناخ ونضوب الموارد الطبيعية وتفاعل الكوارث والاوبئة التي اغلبها من صنع الإنسان. ولربما يمكننا تقييم عواقب التحديات والتهديدات الحاضرة والناشئة عبر انتشار خدمات الإنقاذ الحديثة والمؤسسات الدولية وما إلى ذلك لأن التغلب عليها لا يتطلب فقط مبادرات عامة وتعاونًا من دول وإنما أيضًا بناء الثقة الحقيقية بين قادة وأتباع الديانات المختلفة الذين يعتقدون بشكل مختلف في الخلاص، والسؤال هو هل يمكن أن يصبح الخلاص كفكرة دينية بديلاً فكريًا للأزمات في مواجهة كارثة حربية أو ارهابية أو بيئية أو صحية أو أزمة أخلاقية؟

يتمحور المفهوم الديني للخلاص في أن تنقذ نفسك من الموت الروحي، والخلاص هو ليس مجرد خلاصا من الموت والخطيئة بل وأيضا من أجل تجديد الحياة ومن أجل الحرية كما وإنه التبرير والقداسة والحكمة والإيمان والأمل والحب والتحرر من متطلبات الحياة المحيطة والتغلب على الزيف والرغبات والعادات السيئة وكل الامور التي يتطلب اكتمالها الحياة الأبدية, وازاء ذلك فهل من الممكن أن نتخيل أن فكرة الخلاص يسير لها أن تصبح بديلاً للأزمات المستمرة في عالمنا؟ لن نبالغ إن ذكرنا وبملء الفم أنه لا يوجد استعداد لمثل هذا الحوار !! غير انه لابد بنا من الرجوع إلى إرثنا ومواردنا الفكرية والحضارية التي يجب أن نديرها بشكل احترافي لنقدم عبرها رؤية للماضي والحاضر من أجل المستقبل، وفي الأوقات الحرجة التي يمر بها تاريخ كل دولة ستتحدد الكثير من المشاعر الإنسانية التي يتم حلها عبر الرموز التاريخية سواء كانت متعلقة بمسألة نضال الشعب أو من أجل تحقيق استقلال قراره أو لأجل حقوقه المدنية وحرياته السياسية وتلك في جوهرها جميعا تشير إلى رمز السيادة الوطنية ورمز حقوق الإنسان املا في الوصول إلى مخرج من الأزمات التي نشهدها اليوم مع مراعاة إعادة النظر في مفهوم السيادة.

وان تأملنا في صميم تلك الازمات سنجدها ليس بجوهر الإنسان ولا حتى في الإنسان ذاته فقط وإنما متجذرة في فشل التواصل الانساني نظرًا لأن الشخص كنوع متعدد وجوهر فهو ليس حقيقة مستقلة بذاتها إنما يتجلى إلى الحد الذي يحافظ فيه على التواصل ليستثمر حقوقه فيه، وازاء ذلك فهو مدعو إلى حرية الفضيلة وإذا لم تكن حريته سوى ذريعة لإرضاء الجسد فعليه إن يأخذ حذره من افعال بعضه البعض، وليس هناك شك في أنه يتم التحقق من حقيقة التواصل إذا ما تسبب الإنسان في نزاعات أفرزت عنفًا فذلك لأنه يتم التعامل معه كتعبير رسمي عن الأفكار وليس كشيء ثانوي في الفكر نفسه، وفي نهاية العقد الثاني للقرن الحادي والعشرين شبه زال واختفى الإيمان بفعالية من سياسات الدول وسيادتها لذا نتساءل ما مدى استقلال الدول الحديثة وما هي حدود قدرتها؟ وهل يمكنها وحدها ضمان سلامة المواطنين وحقوقهم وحماية الحدود وتنظيم الأنشطة الاقتصادية ومنع الأزمات المالية وحماية صحة الناس ومقاومة خطر الكوارث؟ وهل من الممكن الخروج من الفخ الاجتماعي عندما تفتقد الثقة والثقافة الانسانية والروحية والقانونية في المجتمع وينعدم النشاط المدني ويمحى كل امل في المساواة؟ فهنا تكمن المشكلة الرئيسة لخلاصنا ليست المتمثلة فقط في قشة الثقة بين انسان وأخر ولا بين نظام وأخر ولا حتى الكامنة في قشة الثقة فيما بين دولة واخرى وإنما أيضا في كل ما جرى ويجري بقش نطاق الازمات والقضايا والاوبئة ونتائج واثر الإنجازات والنكبات للافكار والفلسفات وللعلوم والتكنولوجيا والمؤدية لغرق عام.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . ميثاق بيات الضيفي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2020/04/16



كتابة تعليق لموضوع : الشخص الغارق يتشبث بقشة
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net